مجلة الرسالة/العدد 707/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 707/البريد الأدبي
(لا غير) أيضاً:
إلى الأستاذ الكبير محمد إسعاف النشاشبي
تحية وإجلالاً.
إن النقطة الأساسية في ملاحظتي حول (لا غير) هي بيان علة التلحيق وأنها ليست كما ذكرتم أولاً. وقد جاء في ردكم الأخير ما يشعر بتأييدكم لما ذهبت إليه، وبذلك تم البحث في هذه النقطة كما هو تام في خصوص صحة تلك العبارة (لا غير) لدى المحققين، وأحسب أنني قد أشرت إلى ما في عبارة (التاج) التي نقلتموها بقولي: (كما جنح إليها كثير من المحققين) الخ.
أما فيما يتعلق بالاستشهاد بما جاء في تلك (الجريدة) إزاء الرد على ابن هشام فإنني لا زلت غير مطمئن إليه لأن ابن هشام قد لحن جميع عبارات المولدين التي انتظمت (لا غير) بحجة أنها لم تسمع عن العرب، ومن ضمن هذه العبارات ما شملته (الجريدة) فالاستشهاد بها ضده استشهاد بما هو منتقد وخطأ في نظره، وهذا ما لا تسمح به قوانين البحث التي تحظر الاستدلال بموضع النزاع، ومن أجل هذا أرى أن الرد عليه لا يكون بهذا الوضع، على أن الاستدلال بكلام أئمة اللغة من المولدين موضع نزاع بين العلماء، والجمهور على عدم جوازه كما هو مبسوط في الخزانة للبغدادي وغيرها من كتب هذا الفن.
والسؤال عن الفاء في (فلم تقنع) فجوابه أن الفاء واقعة في موضعها والتحريف فيما بعدها حيث انقلبت النون ميماً والصواب (فلن تقنع) بالنون كما هو مرسوم في الأصل المحفوظ ولا أدري أكان هذا التحريف وقت الكتابة أم كان وقت التصفيف بالمطبعة ومثل هذا فإن جواب الشرط قد يقترن بالفاء، ولو لم يكن من نوع ما أشار إليه ابن مالك بقوله:
واقرن بفا حتما جوابا لو جعل ... شرطاً لأن أو غيرها لم ينجعل
وممن نص على جواز دخولها على الجواب المنفي بلم أبو علي أحمد بن جعفر الدينوري كما نقله عنه غير واحد من النجاة.
وأما السؤال عن صحة هذا التعبير: (فيا حبذا لو أن الأستاذ الخ. . .) فجوابه أنني لم أهت إلى ما يمنع من صحة هذا التركيب بعدما صرح النحاة بأن لو تكون مصدرية كما في قوله تعالى: (ودوا لو تدهنوا فيدهنون) وبعد ما ذكروا أن المخصوص يحذف كما في قول مداد بن هماس الطائي:
ألا حبذا لولا الحياء وربما ... منحت الهوى ما ليس بالمتقارب
وأظن أن مبالغتكم في التحدي بقولكم: (وعن ورود مثل هذا التركيب (فيما حبذا لو أن الأمر كذا وكذا) في كلام قديم أو مولد متقدم أو متأخر) مما ساعدت على الإجابة بما يأتي:
جاء في مقال الأستاذ الكبير محمد كرد على الذي نشرته الرسالة في عدد 92 تحت عنوان: (الدرر الكامنة) ما نصه: وحبذا لم شفع الناشر. وجاء في قصيدة رواية المصاهرة للأستاذ غنيم التي نشرتها الرسالة أيضاً في عدد 301:
هذا كلام واضح صريح ... يا حبذا لو أنه صحيح
إن الأوان هذه الأيام ... يا حبذا لو صحت الأحلام
وفي الختام أشكر لحضرتكم الاعتناء بتلك الملاحظة والرد عليها حياكم الله وبياكم والسلام عليكم ورحمة الله.
(طرابلس الغرب)
عبد الرحمن الفلهود
علية ابنة المهدي في طيرناباز:
اذكرني المقال الذي دبجه الأستاذ الفاضل شكري محمود أحمد بشأن طيزناباذ وما قيل فيها (الرسالة ذات الرقم 702) بأبيات صاحبة الفن علية ابنة المهدي التي تعتذر فيها إلى أخيها الرشيد - رجل الدنيا وواجدها في ذلك الزمان وكان قد انتهى إليه أقامت في تلك المدينة أياماً بعد انصرافها من الحج فغضب. فقالت:
أي ذبن أذنبته أي ذنب ... أي ذنب لولا رجائي لربي
بمقامي بطيرناباذ يوماً ... بعده ليلة على غير شرب
ثم باكرتها عقاراً شمولاً ... فتن النساك الحليم وتصبي
قهوة قرقفاً يراهاً جهولاً ... ذات حلم فراجة كل كرب قالوا: وصنعت في ذلك لحناً، فلما سمع الرشيد الشعر واللحن رضى عنها.
قلت: هذا الاعتذار أفظع من الذنب. . . ولكنها شفاعة الشعر والفن.
وفي أخبار هذه (العلية) الظريفة، مما رواه أبو الفرج في أغانيه، هذه الحكاية اللطيفة:
قال أخوها إبراهيم بين المهدي - وهو مثلها صاحب فن - ما خجلت قط خجلتي من علية أختي؛ دخلت عليها يوماً عائداً فقلت: كيف أنت يا أختي جُعلت فداءك، وكيف حالك وجسمك؟ فقالت: بخير والحمد لله. ووقعت عيني على جارية كانت تذب عنها، فتشاغلت بالنظر إليها فأجبتني وطال جلوسي، ثم استحييت من علية فأقبلت عليها فقلت: كيف أنت يا أختي جعلت فداءك، وكيف حالك وجسمك؟ فرفعت رأسها إلى حاضنة لها وقالت: أليس هذا قد مضى وأجبنا عنه؟
قال إبراهيم: فخجلت خجلاً ما خجلت مثله قط وقمت وانصرفت.
ورجعة إلى طيرناباذ نسأل فيها الأستاذ الفاضل بعد السماح:
هل الأطلال التي ما تزال ماثلة للعيان في تلك المدينة المندثرة هي القباب التي ذكروها فقالوا: (لم يبق بطيرناباذ إلا قباب يسمونها قباب أبي نواس).
هذا وللأستاذ أفضل الحمد
(نابلس)
قدوي عبد الفتاح طوفان
1 - إلى الأستاذ عباس خضر:
استوقفتني بعض التعقيبات التي نشرها الأستاذ في العددين 699، 702 من الرسالة الغراء، فليسمح لي بهذا التعليق المتواضع:
1 - لا أستطيع أن أوافق الأستاذ على رأيه في (رؤيا لم تقص) في قصة: (قطر الندى) للأستاذ العريان، فهو يرى بعض النقص في هذا الموضع ويسأل كيف عرف المؤلف تمام رؤيا لم يقصه رائيها.
ونحن نعرف أن للقصة أصلاً تاريخياً، ولعل ذلك هو الذي دفع إلى هذا التساؤل، ولكني أحب أن أقول إن مؤلف القصص التاريخي لا يقف عادة موقف المؤرخ المحقق، وإنما له حقه - كأديب فنان - في أن يخلق بعض الحوادث الخيالية لكي يتم لقصته ما يريد من التأثير ما دامت الغاية فنية، وليست تحقيقية.
ونحن لن نسأل سؤال الأستاذ قبل أن نسأل أسئلة كثيرة أخرى من قبيله: كيف رأى دانتي صنوف العذاب في جحيمه؛ وكيف رأى شوقي قرية الجن في قصة المجنون؟ وكيف يعرف توفيق الحكيم حوادث قصصه ومعظمها خيالي؟؟
ومع إننا جميعاً نعرف أن أدباء المهجر لا يعبئون بقواعد اللغة كما يقول الأستاذ، إلا إنني لا أصدق بمثل هذه السهولة أن الكاتب يخطئ هذين الخطأين الواضحين الفاضحين، وأرجح أنه أراد في الأولى (مجيعون) على صيغة اسم الفاعل من (أجاع) وأن في الثانية خطأ مطبعياً لا نستطيع أن نجزم بعد وجوده لأنه خطأ مطبعي بسيط منتظر، ولو أنه خطأ لغوي كبير غير منتظر.
وإلى الأستاذ سلامي وتقديري.
2 - إلى الأستاذ محمود شاكر:
رأيتك أيها الأستاذ الفاضل تورد هذا البيت هكذا:
فقالت من أي الناس أنت؟ ومن تكنْ؟ ... فإنك راعي صِرمة لا يزينها
بعلامة استفهام بعد (ومن تكن)
وأغلب ظني أن (من) هنا شرطية وليست استفهامية، والدليل على ذلك هذا الجزم في الفعل المضارع، فإنه لا محل له هنا في حالة الاستفهام، وهذا هو رأيي الضعيف والسلام.
محمد أحمد عيد