مجلة الرسالة/العدد 677/في خطبة للنشاشيى:
مجلة الرسالة/العدد 677/في خطبة للنشاشيى:
كتاب أحمد شاكر الكرمي
كان وعد في (الرسالة) في المقالة (الفيلسوف أمين الريحاني) - رحمه الله عليه - أن ينشر كتاب النابغ الناقد مازني الشام وعقاده، المأسوف على آدابه وشبابه الأستاذ (أحمد شاكر الكرمي) صاحب صحيفة (الميزان).
و (كتاب أحمد) هو في خطبة للنشاشيي اسمها (كلمة موجزة في سير العلم وسيرتنا معه) قالها منذ أربع وثلاثين سنة في الحزب الكبرى الأولى، في كلية صلاح الدين الأيوبي، في بيت المقدس.
وهذا هو الكتاب:
سيدي الأديب الجليل:
وصلتني (كلمتك الموجزة) فكنت أتمثلك وأنا أتلو سطورها، مدرهاً من فحول الجاهلية قهر تصاريف الأيام، وحظى بنعمة الخلود، وقام يقرع مسمع الدهر بآيات العلم والعرفان في عصر العلم والنور.
إني مدين لرسالتك بنشوة السرور التي خامرت قلبي في زمن لا يبعث كل ما فيه إلا على الحزن والأسى، فقد أطربني حقاً وجود أديب بين ظهرانينا يجلو أسرار العلم الحديث ومعجزاته في هذه الحلة العربية القشيبة في زمن استعجم فيه أبناء الضاد، وكادوا يضيعون آخر الذخائر وأثمن النفائس التي ورثهم إياها أسلافهم الأبرار.
وإني لأرجو أن تدفعك غيرتك على هذه اللغة المجيدة التي قلّ أنصارها إلى الإكثار من هذه الآثار التي تعتز بها دولة الأدب، وتهتز لها أعطاف البلاغة. والسلام عليك مكن أخ مخلص يجلب منزلتك، ويكبر أدبك وبيانك.
دمشق الشام في 18 آذار 1922
أحمد شاكر الكرمي
وهذه شذرة من الخطبة التي شرفها وأعلى قدر منشيها اسم النبي محمد فيها.
(ثم أتى على العالم من بعد ما اجتلى من الحكمة الإغريقية والعلم الإغريقي الذي اجتلاه حين من الدهر كربت تضمحل فيه الآثار هذه الحكمة. وتنطفئ من سمائها أنوار درارىء طالما هدت السارين، وأرشدت الضالين. (وبينما العسر إذ دارت مياسير) وبينا العالم يرتقب هادية وقد تطاول ليل ضلاله وحيرته صات صائت في فلاة لم تعتد الناس أن تسمع فيها للخير دعاء. فأرهفت لأسماع ما يقول الصوت أذنه: فإذا هو يوقظ الهاجد في عماه، وينبه الغافل من كراه، وينادي إلى الحق وصراط مستقيم. وذلك الصائت هو سيدنا وزعيمنا وإمامنا ومصلحنا. وقرة أعيننا، ومهوى أفئدتنا؛ شرف العرب بل المشارقة بل قطين الأرض قاطبة. موحد أهواء أهل (الجزيرة) المتشتتة. والمؤلف بين قلوبهم المتفرقة، ونازع ما في صدورهم من غل. والكادح الجاهد في إعزاز مكانتهم وأعلاه كلمتهم، وتمليكهم الدنيا. مهدم عروش الطغاة والجبابرة من الأكاسرة والقياصرة. محرر الشرق من الغرب. مخرج هرقل من سوريا. وطارد كل طارئ أوربي من كل قطر أسيوي أو أفريقي ذو الخلق العظيم والكتاب الكريم شائد الوحدة العربية وصفوة النوع الإنساني، وأكبر معاني الكون (محمد بن عبد الله) فتبدلت الأرض في ذلك الوقت غير الأرض، وارتدت من الخير بجلبات كانت قد نضته، ورحبت وأهلت بما قلته من الحكمة واجتوته، وغدا آباؤنا إلى طلل العلم الدارس والمدنية الطامسة. فشادوا في مكانه صرحاً لهما ممرداً).
ذلكم ما أملى على، فكتبته، ورويته. ولم يزد على الكلام وكاتبه حرفاً.
السهمي