مجلة الرسالة/العدد 643/في إرشاد الأريب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 643/في إرشاد الأريب

ملاحظات: بتاريخ: 29 - 10 - 1945



إلى معرفة الاديب

للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

- 14 -

  • ج 13 ص 30:

غنينا بلا دنيا عن الخلق كلهم ... وإن ما الغنى إلا عن الشيء لا به

وجاء في الشرح: أن مخففة من إن، اسمها محذوف والجملة بعدها خبر مفيدة للحصر.

قلت: وليس الغنى إلا عن الشيء لا به.

وقائل الشعر هو علي بن الحسن القهستاني، قال ياقوت: كان يميل إلى علوم الأوائل، ويدمن النظر في الفلسفة، فقدح في دينه، ومقت لذلك. . .

  • ج 1 ص 256: كان (إبراهيم بن محمد نفطويه) عالماً بالعربية واللغة والحديث، أخذ عن ثعلب والمبرد. قال المرزباني في المقتبس: وكان يخضب بالوسمة. وكان من طهارة الأخلاق وحسن المجالسة والصدق فيما يرويه على حال، ما شاهدت عليها أحداً ممن لقيناه.

قلت: في (الصحاح): الوسمة بكسر السين العظلم يختضب به، وتسكينها لغة. وفي (التاج): قال الأزهري كلام العرب الوسمة بكسر السين. قاله الفراء وغيره من النحويين.

في (الكامل): قيل لأعرابي: ألا تخضب بالوسمة؟ فقال: لم ذاك؟ فقال: لتصبو إليك النساء. فقال: أما نساؤنا فما يردن منا بديلا، وأما غيرهن، فما نلتمس صبوتهن. . .

  • ج 11 ص 41:

أقلوا عليّ اللوم فيها فإنني ... تخيرتها منهم زُبَيريّة قَلْباً

أحب بني العوْام طراً لحبها ... ومن حبها أحببت أخوالها كلباً

وجاء في الشرح: ولها قلب كقلوب آل الزبير طهارة وحفاظ عهد.

قلت: في الأساس: رجل قلب محض واسط وامرأة

قلب وقلبة قلب عقيلة أقوام ذوي حسب=ترمى المقانب عنها والأراجيل

وفي النهاية: كان على قرشياً قلباً أي خالصاً من صميم قريش. وفي اللسان: يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع، وإن شئت ثنيت وجمعت. قال سيبويه: وقالوا هذا عربي قلب وقلباً على الصفة والمصدر، والصفة أكثر.

الشعر هو لخالد بن يزيد بن معاوية في امرأته رملة بنت الزبير ابن العوام. وهو مقطوعة روى المبرد منها ثلاثة أبيات (منها هذان البيتان) ثم قال: وزيد فيها:

فإن تسلمي أسلم وأن تتنصري ... يعلق رجال بين أعينهم صلباً

فيروى أن عبد الملك ذكر له هذا البيت، فقال له يا خالد، أتروي هذا البيت؟ فقال: يا أمير المؤمنين، على قائله لعنة الله. . .

ورواية الكامل (فلا تكثروا فيها الملام) (ومن أجلها أحببت)

  • ج 18 ص 18: أبو جعفر القاضي الزوزني البحاثي ذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قال: هو أحد الفضلاء المعروفين، والشعراء المفلقين، صاحب التصانيف العجيبة المفيدة جداً وهزلا، والفائق أهل عصره ظرفا وفضلا، المحترم بين الأئمة والكبار لفضله مرة، وللتوقي من حماة لسانه وعقارب هجائه ثانية. ولقد رزق من الهجاء في النظم والنثر طريقة لم يسبق إليها، وما ترك أحداً من الكبراء والأئمة والفقهاء وسائر الأصناف من الناس إلا هجاه. . . ومما حكاه لي (رحمه الله) أنه قال: ما وقع بصري قط على شخص إلا تصور في قلبي هجاؤه قبل أن أكلمه وأجربه أو أخبر حاله. . .

وجاء في الشرح: (حماة) جمع حمة وهي الحية أو إبرتها التي تلدغ بها.

قلت: حمات بضم الحاء وبالتاء المطولة جمع كثبة. وفي طبعة (القاموس): (حماة) مثل قضاة الهاء أو بالتاء المقصرة. وهو خطأ.

والحمة هي السم كما جاء باللسان. وفي الأساس فوعة السم وسورته. وفي اللسان: قال بعضهم الإبرة التي تضرب بها الحية والعقرب والزنبور ونحو ذلك أو تلدغ بها. وفي (أدب الكتاب) لابن قتيبة:. . . حمة العقرب والزنبور يذهب الناس إلى أنها شوكة العقرب وشوكة الزنبور التي يلسعان بها وذلك غلط؛ إنما الحمة سمها وضرها. وفي (النهاية): ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة لأن السم منها يخرج.

  • ج 1 ص 123:

يا حيائي ممن أحب إذا ما ... قلت بعد الفراق إني حييتُ لو صدقت الهوى حبيباً على الصحة ... لما نأى لكنتُ أموت

قلت: (إذا ما قال) (لو صدقتَ الهوى) (لكنتَ تموت) كما روى الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) ج 6 ص 38 ومثله ما رواه الخطيب وياقوت:

غابوا فصار الجسم من بعدهم ... ما تنظر العين له فيّا

بأي وجه أتلقاهُم ... إذا رأوني بعدهم حيا؟

يا خجلتي منهم ومن قولهم ... ما ضرك الفقد لنا شيا!

  • ج 9 ص 152:. . . وكان (أبو الحسن بن محمد العسقلاني) يلقب بالمجيد ذي الفضيلتين، أحد البلغاء الفصحاء الشعراء، له رسائل مدونة مشهورة، قيل: إن القاضي الفاضل عبد الرحيم بن البيساني منها استمد، وبها اعتد، وأظنه كتب في ديوان الرسائل للمستنصر صاحب مصر، لأن في رسائله جوابات إلى الفساسيري. . .

قلت: البساسيري بالباء كما ضبط في (الوفيات) قال ابن خلكان: أبو الحارث أرسلان بن عبد الله البساسيري التركي وهو الذي خرج على الإمام القائم بأمر الله ببغداد، وكان قد قدمه على جميع الأتراك وقلده الأمور بأسرها، وخطب له على منابر العراق وخورستان، فعظم أمره، وهابته الملوك ثم خرج على الإمام القائم وأخرجه من بغداد، وخطب للمستنصر العبيدي صاحب مصر، فراح الإمام القائم إلى أمير العرب محي الدين أبي الحارث صاحب الحديثة وعانة، فآواه وقام بجميع ما يحتاج إليه مدة سنة كاملة حتى جاء طغرلبك السلجوقي، وقاتل البساسيري وقتله، وعاد القائم إلى بغداد، وكان دخوله إليها في مثل اليوم الذي خرج منها بعد حول كامل، وكان هذا من غرائب الاتفاق.

وقال ابن خلكان في سيرة المستنصر: وجرى في أيامه ما لم يجر في أيام أحد من أهل بيته. . . منها قضية البساسيري فأنه لما عظم أمره ببغداد قطع خطبة القائم وخطب للمستنصر وذلك في سنة (450) ودعي له على منابرها مدة سنة. ومنها أنه ثار في أيامه على بن محمد الصليحي وملك بلاد اليمن، ودعي للمستنصر على منابرها. ومنها أنه أقام في الأمر ستين سنة، وهذا أمر لم يبلغه أحد من أهل بيته ولا من بني العباس. ومنها أنه حدث في أيامه الغلاء العظيم الذي ما عهد مثله منذ زمان يوسف، وأقام سبع سنين، وأكل الناس بعضهم بعضا حتى قيل: إنه بيع رغيف واحد بخمسين ديناراً. وكان المستنصر في هذه الشدة يركب وحده وكل من معه من الخواص مترجلين ليس لهم دواب يركبونها، وكانوا إذا مشوا يتساقطون في الطرقات من الجوع. وآخر الأمر توجهت أم المستنصر وبناته إلى بغداد من فرط الجوع وذلك في سنة (462) وتفرق أهل مصر في البلاد وتشتتوا، ولم يزل هذا الأمر على شدته حتى تحرك بدر الجمالي من عكا، وجاء إلى مصر، وتولى تدبير الأمور فانصلحت.

قلت: (انصلح) في كلام المتأخرين في الشعر والنثر كثيرة. أصلح الله الحال والأفعال والأقوال. . .!

  • ج 9 ص 175: وكتب (الحسن بن محمد العسقلاني) إلى صارم الدولة بن معروف: أطال الله بقاء الحضرة الصارمية يجري القدر على حسب أهويتها، ويعقد الظفر بعزائم ألويتها، وتحلى بذكرها ترائب الأيام العاطلة، وتنجز بكرمها عدات الحظوظ المماطلة.

قلت: الأهوية جمع الهواء، واليقين أن العسقلاني لا يريد هذا المعنى بل يقصد الهوى (المقصور)؛ ومن معانيه (مراد النفس) وهذا يجمع على الأهواء. وهو السجع، وكم أضل، وكم له من صريع. . .

  • ج 15 ص 217:

تلاحظ عن سحر، وتسجر عن دجى ... وتسفر عن صبح، وتبسم عن عقد

وجاء في الشرح: وشعرها المسجر ليل، وشعر مسجر: مسترسل.

قلت: (وتسحر عن دجى) استعمل تسحر استعماله تسفر، والسحر قبيل الصبح آخر الليل، في الأساس: وإنما سمي السحر استعارة لأنه وقت أدبار الليل وإقبال النهار فهو متنفس الصبح. في التاج: السحر بفتح فسكون وقد يحرك، ويضم: الرئة. وقيل هو كل ما تعلق بالحلقوم من قلب وكبد ورئة.

  • ج 16 ص 84: ومن كلام الجاحظ: أحذر من تأمن كأنك حذر ممن تخاف.

وجاء في الشرح: (في الأصل فإنك).

قلت: الأصل صحيح.

  • ج 12 ص 248: قال أبو مروان بن حيان. . . وكان (ابن حزم) يحمل علمه هذا (في مذهب أصحاب الظاهر) ويجادل من خالفه فيه. . . فلم يك يلطف صدعه بما عنده بتعريض، ولا يرقه بتدريج، بل يصك به معارضه صك الجندل، وينشقه متلقعه إنشاق الخردل. . .

وجاء في الشرح: المتلقع الذي يرمي بالكلام رمياً.

قلت: (وينشقه متعقبه) وتلقع فعل لازم، وتعقب متعد. في اللسان: واستعقبت الرجل وتعقبته إذا طلبت عورته وعثرته. وفي الأساس: وتعقبت ما صنع فلان: تتبعته، ولم أجد عن قولك متعقبا أي متفحصاً يعني أنه من السداد والصحة بحيث لا يحتاج إلى تعقب.

قال ابن خلكان: قال أبو العباس بن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف الثقفي شقيقين. قال صاعد بن أحمد الجياني في كتاب أخبار الحكماء - كما روى ياقوت -: أخبرني ابنه الفضل أن مبلغ تآليفه في الفقه والحديث والأصول والنحل والملل وغير ذلك من التأريخ والنسب وكتب الأدب والرد على المعارض نحو (400) مجلد، تشمل على قريب من ثمانين ألف ورقة، وهذا شيء ما علمناه لأحد ممن كان في دولة الإسلام قبله إلا لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري. ولأبي محمد ابن حزم بعد هذا نصيب وافر من علم النحو واللغة وقسم صالح من قرض الشعر، وصناعة الخطابة.