مجلة الرسالة/العدد 630/من رسالة إلى صديق

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 630/من رسالة إلى صديق

مجلة الرسالة - العدد 630
من رسالة إلى صديق
ملاحظات: بتاريخ: 30 - 07 - 1945



ساعات بين الكتب

(للأستاذ العقاد)

للأستاذ حسين الغنام

عندما زرت أخي الأستاذ الأديب محمد محمد يوسف وهو مريض، لم يمنعه مرضه أن يسألني عن الكتب الجديدة ما ظهر منها وما قرأته، فلما آنست فيه قدرة على قراءة بعد مرضه أرسلت إليه كتاب العقاد مع رسالة جاء فيها عن هذا الكتاب الجديد ما يلي: -

تذكر يا أخي الدراسة المطولة التي كتبتها عن رسالة العقاد (مجمع الأحياء)، عندما قرأتها لك، وتذكر الجزء الذي نشرته منها في مجلة (الرسالة) وقلت فيه: (كان فرحي بظهور هذا الكتاب فرحاً عظيماً، لأن إعادة طبعه كانت رغبة، بل أمنية، اشتهيتها منذ بضعة عشر عاماً، وظهوره في طبعته الثالثة يسد نقصاً في المكتبة المصرية)

وهذه الأمنية وهذا الكلام ينطبقان على كتاب العقاد الجديد وهو الجزء الثاني من (ساعات بين الكتب)، حتى لقد هممت - كما تعلم - مرات عديدة أن أكتب إلى العقاد ليجمع تلك المقالات وينشرها في كتاب، في زمن كادت تنعدم المقالة فيه، إلا بعض مقالات للعقاد نفسه، وللزيات، ولطه حسين، وآخرين قليلين

والذي طالع الجزء الأول من كتاب العقاد (ساعات بين الكتب)، طالع فيه جديداً، ولاشك في الأدب العربي، حتى أن الكثيرين من الكتاب أخذوا يقلدونه، ولكنهم عادوا فانصرفوا عنه يائسين!

وهذه الدراسات التي جمعها العقاد مما نشر في البلاغ الأسبوعي والضياء، والدستور، وطبعها في كتاب، فصارت أشبه بالجامعة التي تفرقت كلياتها ثم اجتمعت في بقعة واحدة!.

وفي الحق أن مقالات العقاد، أو كتبه، هي مدارس أو كليات قائمة بذاتها، ففي كل مقالة منها، وفي كل رأي له، درس جديد. . .

وكتابة العقاد تمتاز بميزات كثيرة، أولها:

1 - الثقافات الواسعة المهضومة على تعددها، مع استقلال الرأ 2 - التركيز والإلمام بالموضوع من أطرافه

3 - نفاذ البصيرة وإشاعات الذكاء العبقري

4 - قوة التركيب ومتانة الأسلوب وحلاوته

هذه هي الخصائص الأولى في كتابات العقاد، وهذا ما يطالع القارئ في هذا الكتاب، وهذا ما سوف يطالعك عند قراءته!

وإذا كان لي أمنية أخرى، فهي طبع المقالات العديدة المتفرقة للعقاد، في الرسالة وغيرها من المجلات، ثم تدريس هذه المقالات المستقلة لطلبة الجامعتين المصريتين، فإن فيها فناً أدبياً قائماً بذاته، ولا نظن أحداً يستطيع أن يجاري العقاد فيه. . .