انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 628/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 628/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 628
البريد الأدبي
[[../[القصص|[القصص]] ←
ملاحظات: بتاريخ: 16 - 07 - 1945



معجم الأدباء وهل هو لياقوت

سماه ياقوت في مقدمته إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، ولكن أبن خلكان يسميه إرشاد الألباب إلى معرفة الأدباء، ويقول بأنه يقع في أربعة مجلدات كبار.

بقي من هذا الكتاب نسخة من جزئيه الأول والثاني رديئة الخط يرجع تاريخ نسخها إلى القرن السابع عشر حصل عليها من الهند الأرشيديكون بارنس، كبير الشمامسة في بومباي، وبعد موته اشتراها من ورثته المستر و. هـ. جي الوراق وهذا باعها إلى مكتبة بوريل في إكسفورد سنة 1882 فوضعها تحت رقم 723 وخطوطات بوريل.

قام بنشر هذين الجزأين المستشرق (دافيد صامويل مرجليوث) بمساعدة إبراهيم اليازجي وقسطاكي الحمصي وجرجي زيدان، فتم طبع الجزء الأول سنة 1907، والجزء الثاني سنة 1909 على نفقة تذكار جيب بمطبعة هندية بالقاهرة وهذان الجزءان يشتملان على تراجم مشاهير الأدباء من القرن الرابع بعد الهجرة إلى أيام المؤلف أثبت سيرهم على سياق حروف المعجم من حرف الألف إلى حرف الجيم.

هذا ما صح عندي من تأليف ياقوت؛ وأما باقي أجزاء الكتاب من الثالث حتى السابع التي نشرها مرجليوث فهي دخيلة على ياقوت لم يعمل فيها فكره وهذا ظاهر بين وأول حجة أستطيع أن أتمسك بها هي أن كتاب ياقوت أربعة مجلدات كما ذكر ابن خلكان في وفياته فإذا بطبعة مرجليوث تبلغ سبعة مجلدات، ولقد حرص من تمم الكتاب ونسبه إلى ياقوت أن ينقل من الكتب التي نقلت عن ياقوت ككتاب الوافي بالوفيات وفوات الوفيات وبغية الوعاة وغيرها.

ويسوءني بل ويسوء الأدب أن ينشر الكتاب وينسب إلى ياقوت ثم يعاد طبعه في القاهرة سنة 1938 في عشرين جزءاً دون أن يشار إلى أن معظم الكتاب دخيل على ياقوت.

ويجدر بي أن أشير هنا إلى أن ما وجد من كتاب ياقوت ينتهي في الصفحة 214 من الجزء السابع من طبعة سنة 1938 وهي آخر حرف الجيم.

ومن البديهي أن الواضع الذي يرغب في أن ينسب قصيدة إلى شاعر أو مقالة إلى كاتب يعمد إلى فهم روح ذاك الشاعر أو ذاك الكاتب باطلاعه على قصائده وكتاباته، فكيف بمن أراد أن ينسب تأليفاً أو يدخل مصنفاً.

نظر صاحبنا نظرة مقلوبة، وهذه النظرة كانت جميلة عواقبها لتفضح أمره وترجع الحق إلى نصابه. عمد إلى كتب التراجم وشغله النسخ فأعماه عن فهم روح ياقوت أو تتبع أخباره، عمد إلى فوات الوفيات وبغية الوعاة واليتيمة ونسي كتابه معجم البلدان، أو قل أمله تصفح هذا الكتاب الضخم فرغب عنه لزهده فيه، فكان هذا الكتاب خير برهان أزاح الستار عن الخمسة أجزاء الدخيلة.

1 - أما البراهين فكثيرة، ذكر ياقوت في معجم البلدان كثيراً من الكتاب والمؤلفين فقال بأنه ذكر تراجمهم في معجم الأدباء ومن جملتهم عين القضاة عبد الله بن محمد، وأبو بكر الأدفوي، وأسعد بن علي النحوي، وابنه محمد النساد، ولكنا إذا رجعنا إلى معجم الأدباء نراه خلواً من تراجم هؤلاء.

2 - جاء في أول نسخة خطية قديمة لكتاب الألفاظ الكتابية ترجمة مختصرة لمؤلف الكتاب عبد الرحمن الهمذاني نقلاً عن معجم الأدباء ونرى أن لا أثر في معجم الأدباء لهذه الترجمة

3 - وأبلغ برهان ساطع ومضحك في الوقت ذاته هو أن ياقوت ذكر في معجم البلدان ج4 ص 125 قصيدة لأبي العيناء في ديربا شهرا من رواية الشابشتي ولكنه أردفها بقوله: إن صح - أي شعر أبي العيناء - فهو عندي غريب لأن أبا العيناء قليل الشعر جداً لم يصح عندي له شيء من الشعر البتة، وفي معجم الأدباء نرى للأبي العيناء تسع قطع من الشعر، ولا يخفى أن ياقوتاً ألف محجم الأدباء قبل تأليفه معجم البلدان، وهذا تناقض لا يمكن أن يصدر عن مثل ياقوت.

4 - قال ياقوت في مقدمة معجم الأدباء أنه جمع فيه من غلب عليه النثر والتأليف وأما من غلب عليه الشعر ولم يشتهر بكتابة الكتب وتأليفها فقد ذكره في معجم الشعراء، وإننا لنرى خمسة الأجزاء الأخيرة كثيراً من الشعراء والشاعرات الذين لم نعرف عنهم بضع قطع وليس لهم في عالم النثر والتأليف ذكر، وهذا تناقض في الكتاب نفسه.

والآن أستطيع أن أقول للكاتب السيد محمد فهمي عبد اللطيف الذي ركن إلى رأيه المؤرخ ياقوت في كيفية ضبط لفظ لقب (المبرد) في الصفحة 916 من السنة الخامسة من سني هذه المجلة، أستطيع أن أقول له الآن إنه أجهد نفسه في غير طائل لأن الضبط الذي وجده في كتاب ياقوت لم يجر ياقوت فيه قلمه وإنما نقل إلى الكتاب حديثاً في جملة ما نقل إليه من كتاب بغية الوعاة للسيوطي.

(حلب)

آملة

جاء الإشكال من الإشكال

أشكل شطر ذاك البيت في (إرشاد الأريب) بهذه الصورة:

حالي بحمدِ اللهِ حالٌ جيِّدهْ

فجاء الإشكال من الشكل أو من الإشكال، وما كان لي أن يشكل علي. والحق مع الأستاذ الفاضل الشيخ أحمد يوسف نجاتي في الذي قاله في الرسالة الغراء 626 في هذا الوقت

محمد أسعاف النشاشيبي

تحية إلى (الرسالة) وكتابها

أثلج منا القلوب، وأبهج النفوس، أن نرى (الرسالة) المجيدة في أعدادها الأخيرة تفسح صدرها كله لأبحاث قيمة تمت إلى مأساة سوريا الشقيقة، ومأساة لبنان من قبلها، حتى أن الرسالة كانت أوسع الصحف والمجلات المصرية طراً للدفاع عن حقوقها واستنكار اعتداءات فرنسا الشنيعة بين الآونة والأخرى على استقلالنا، على الرغم من أن هذه المجلة أدبية قبل كل شيء، ونحن لا ندخر وسعاً في الثناء على موقف الصحافة المصرية بالإجمال، اليومية منها والأسبوعية، لما تلقاه بلادنا من عطف وحب ودفاع عنها، فأحر بنا أن نخص (الرسالة الأدبية) بثنائنا وشكرنا وتحيتنا الخالصة أن تهتم لنا هذا الاهتمام البالغ، وتعنى بأنبائنا هذه العناية، فلقد كنا - والحق يقال - نتهافت على أعدادها الأخيرة لنرضي - قبل كل شيء - عاطفتنا الوطنية الثائرة؛ ولكن لم يكن ليغرب عن أذهاننا أن هذه المجلة العزيزة تمي إلى تحقيق هدف سام يخيل إلينا أن الأدب العربي قصر حتى الآن في السير إليه وأقصد به (الأدب القومي العربي). فالرسالة تشعرنا اليوم أنها تقصد إلى إيقاظ هذه النزعة القومية العليا في الأدب العربي، فتزيد إلى صفاته لوناً جديداً يميزه كل الميزة ويبرز خصائصه إلى حد بعيد، وبذلك تحقق هدفين في آن واحد: تشاركنا عواطفنا ووطنيتنا، وتساعد على خلق الروح القومية في الأدب العربي الحديث الذي يفتقر - ولا شك - لمثل هذه الروح. فشكراً لك أيتها (الرسالة)، وتحيتنا لكتابك الأفاضل

(بيروت)

سهيل إدريس