مجلة الرسالة/العدد 59/من طرائف الشعر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 59/من طرائف الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 08 - 1934



إلى شبان المسلمين

للشاعر الحاج محمد الهراوي

قل للشباب المسلمين تحيةً ... من سلم ثبت إيمانه

ويزيده في الله حُسنَ عقيدة ... ما جَّره الإلحادُ من خسرانه

الغربُ مجلبة الخسار جميعهِ ... والشرقُ مفتتنٌ به عن شَانه

متودَدٌ، والغربُ لم يأبه له ... لا في مودته ولا شناَنه

ماذا من الغربيِّ في إحسانه ... والشر غلاَّ بٌ على إحسانه

ما زال يرمي الشرقَ من نيرانه ... حتى تردَّى في لظَى نيرانه

في كل يوم معقدٌ لِلجَانه ... والمشكلاتُ تئزُّ تحت لجانه

لو أخلص الغربيُّ في نيَّاته ... ما ثَارت النيرانُ من بركانه

ما باله، والعدل من ألحانه ... تبكي العدالةُ في صدَى ألحانه

لو يحفظُ الشرقيُّ طابعَ قومه ... لم يطوِهِ الغربيُّ في سلطانه

أو كان يزهدُ في الحياةِ لعزِّه ... ما هان بعد العزِّ في أوطانه

أو كان متبعاً لآي كتابه ... لَمضَي، وهذا الدهرُ طوعَ بنانه

لكن سَبَتْهُ حضارةُ غربيةٌ ... ألقى إلى مضمارِها بعنانه

أين الغزاةُ الفاتحون وأين ما ... فتحت سيوفُ الله من بُلدانه

أين السراةُ الخيِّرون وأين ما ... شادوا لدينِ اللِه من بُنيانه

أين البيوتُ العامراتُ بأهلها ... سل كلَّ بيتٍ دالَ من سكانه

والأزهرُ المعمورُ أين مكانُه؟ ... سل عنه: أين، وأنت فوقَ مكانه

فرِحوا وهم يبنون كلياته ... فليفرحوا بالطوب تحت دهانه

من يوم أن نقلوه عن جُدرانه ... قد طار سر الله عن جدرانه

فأسأل عن الأحياءِ من علمائه ... والفتيةِ الأطهار من شبانه

المتَّقينَ اللَه حقَّ تقُاتِه ... الحافظِين لدينِهم وكياَنه

العالِميِن بشرعة وكتَابِه ... العامِلين بروحه وبَيَانه خرجوا وحتى الزي لم يبقوا لَه ... ظِلاَّ لجبته ولا قفطانه

مولاي يا ملكَ البلادِ وذخرَها ... وملاذَ هذا الدينِ عند هوانه

مصرٌ بأزهرها القديمِ كما بدا ... بالطابع الموروث منذ زمانه

فأعِدْ إليه عهدَه وأستَبْقِهِ ... تدفعْ به الإلحادَ في عُدوانه

أدعو شبابَ الشرق من أجناسه ... وعلى اختلاف الشرق في أديانه

أدعو لجامعةٍ تضمُّ شَتاتَهُ ... من صينِهِ الأقصى إلى تطوانه

إن لم يكن في الدين جامعة له ... كبرى، ففي آلامه ولسانِهِ

ما بالُنا والغربُ غربٌ دائماً ... في ظِلَّهِ نمضي وتحت ضمانه

فخذوا سبيل الدين فَهْوَ كفيلكم ... ليردَّ سيلَ الغرب عن طُغيانه

والدين للدّنيا وللأخرى معاً ... وسعادة الدارَيْنِ في قرآنِهِ