انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 576/سجعة الكروان. . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 576/سجعة الكروان. . .

ملاحظات: بتاريخ: 17 - 07 - 1944



للدكتور عزيز فهمي

هاتف في السَّحرْ ... بارعٌ مُقتدِرْ

صادحٌ مُطنِبٌ ... ساجع مُختِصرْ

مطربٌ هزّني ... لحنُه المبتكَرْ

لم يزل هاتفاً ... في ليالي القمر

عاده وجْدُه ... ودعتني الذَّكَر

فاحتسبْتُ الهوى ... والصبا المحتَضِر

ودعوت المنى ... والشباب النَّضِر

بين همس الرُّبى ... وخريرِ النَّهَرَْ

ودبيب المُنى ... وحفيفِ الشجرْ

وهبوب الصَّبا ... واعتراض الدُّبُرْ

طاب لي مجلسي ... وحلا لي السهرْ

جَنَّةٌ عندَها ... يعذبُ المُستقرْ

دوحهُا حافِلٌ ... بِشَهِيّ الثَّمَرْ

روضها عابقٌ ... وَرْدُهُ والزَّهَرْ

ماءها سَلْسَلٌ ... وِرْدُهُ والصَّدَرْ

جنّةٌ حفّها ... نخلها المُشْتجِرْ

بينما يستوى ... قائماً ينأطِرْ

ليلةٌ في الزمن ... لم يشبها كدر

ليلةٌ فَذّةٌ ... من هِبات العُمُرْ

فَتزَوَّدْ بها ... لِلَيال أُخَرْ

يا غلام اسقنا ... هاتِها وابتَدِرْ

هاتها مُرةَّ ... حُلْوَةَ المختَبَرْ

في كؤوس ذهب ... وأوانٍ حُمُرْ هاتها رَطبةً ... في دمى تَسْتعرْ

هاتها وابتدر ... لم أعُدْ اصطَبِرْ

هاكَها هاكَها ... يا نديمي اعتبر

عانسٌ زانها ... ثوبها والخَفَرْ

من عقيق العنْب ... دَمُها المُنهْمَرِْ

فتنةٌ للنظرْ ... من رآها سكرْ

وزرها هَيّنٌ ... ذنبها مُغتَفرْ

خمرة عُتِّقَتْ ... من قديم العُصُر

أُمّها بابلٌ ... وأبوها مُضَرْ

قهوةُ صُهْرِجتْ ... في أقاصي الُحفَرْ

دسها كاهن ... قبل عهد الحَضر

لم يذق مثلها ... قيصرٌ ذو سُرَرُْ

يا طيورَ الرُّبى ... روضكم مُزدْهرْ

كلُّكم نائحٌ ... ويحكم! ما الخبر؟

حسبكم حَسبكم ... بعض هذا الخور!

شاعر ناقمٌ ... ومُغَنٍّ ضجِرْ

كلكم عازفٌ ... فوق هذا الوترْ

كلكم ريشةٌ ... في مهبّ الغِيَرْ

كلكم هدّه ... دَهْرُه فانكسر

كلكم مُوجَعٌ ... مُشتْك مُفتقِرْ

عاشقٌ مُذْنفٌ ... قد براه الَحوَرْ

وأخٌ يائسٌ ... من ضحايا القَدَرْ

لم يَعُدْ صادحٌ ... في ليالي السمر!