مجلة الرسالة/العدد 561/منشأ عقيدة اليزيدية وتطورها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 561/منشأ عقيدة اليزيدية وتطورها

ملاحظات: بتاريخ: 03 - 04 - 1944



للأستاذ سعيد الديوه جي

(تتمة)

(ج) الاعتقاد بيزيد وعدي

ولليزيدية آلهة أخرى غير الآلهة السبعة الذين ذكرناهم؛ فهم يؤلهون (يزيد بن معاوية) ويعتقدون أن معاوية تزوج من امرأة ولدت إلههم (يزيد) وهذا نتج عن الغلو في حب يزيد كما مر الكلام عن هذا، ولكننا لا نجد عملاً لهذه الإله في الدنيا والآخرة سوى أنه تسلم السناجق (الأعلام) السبعة من سليمان الحكيم وسلمها للأمة لليزيدية، وهذه السناجق محفوظة عندهم. وفي مصحف رش يسميه (يزيد البربري) في موضع واحد

والإله الثاني هو (الشيخ عدي) ويسمونه (الشيخ عادي) وتأليهه كان من نتيجة المغالاة في حبه حتى صار إلهاً يعبد. ويدعون أنه ذهب إلى مكة مع (الشيخ عبد القادر الكيلاني) ومكث هناك أربع سنين ظهر لهم خلالها (طاووس ملك) وادعى أنه (الشيخ عدي) علمهم بعض الأمور الدينية وحذرهم إذا جاء غيره وادعى أنه (الشيخ عدي) أن يرفضوه. فلما رجع الشيخ عدي رفضوه ورذلوه فمات حزيناً

ثم ظهر لهم (طاووس ملك) وأخبرهم بحقيقة الأمر فندموا على ما فعلوا ودفنوه في زاويته (بجبل لالش) وجعلوا قبره حجاً لهم

وبعضهم يدعى أن (عدياً) وزيراً لله أو مشيراً أو هو مشارك له أو أن حكم السماء بيد الله وحكم الأرض بيد (الشيخ عدي). وربما كان ما يملكه (عدي) أكثر مما يملكه الله جل وعلا، ومن ذلك أن الله زار الشيخ (عدياً) في (لالش)؛ فقام بحق ضيافته خير قيام. ثم زار (الشيخ عدي) الله في السماء فذهب هو وأتباعه ومزيدوه؛ ولما حلوا في السماء لم يكن عند الله علف لخيولهم، فأمر الشيخ أتباعه أن يذهبوا إلى بيادره في (لالش) ويأتوا منها بالعلف، ففعلوا وسقط التبن في السماء، فكان منه (المجرة)، ويسمونها (درب التبانة) إلى غير ذلك من الحكايات. وبينما يدعون أن (الشيخ عدياً) هو مشارك لله في الحكم لا نجد له تصرفاً في هذا العالم أو نفوذاً أو سلطة سوى: أنه في الآخرة يضع الأمة اليزيدية في طب ويحملهم على رأسه ويدخل بهم الجنة، بينما تعاني بقية الطوائف أهوال الموقف والحساب. وزيارة قبره فرض على كل يزيدي. وجبل (لالش) الذي به قبره أفضل من مكة والقدس. وزمن حجهم إلى هذا الجبل وزيارة قبر (الشيخ عدي) هو من اليوم الخامس عشر من شهر أيلول إلى اليوم العشرين منه. ومن تمكن من زيارته ولم يزره فهو كافر

3 - ويعتقد اليزيدية أنه سيظهر نبي من العجم في آخر الزمان ينسخ الأديان جميعها ويؤيد عقائد اليزيدية. وهذه العقيدة تسربت إليهم من إحدى فرق الخوارج وهم (اليزيدية) أتباع (يزيد بن أبي أنيسة الخارجي) فإنه كان يدعى هذا

4 - واليزيدية يقرءون القرآن، ولكنهم لا يصومون ولا يصلون ولا يرون أنفسهم مكلفين بهذه القيود؛ فهم يصومون ثلاثة أيام من الصباح إلى المساء من شهر كانون الأول الشرقي. جاء في مصحف رش: (أما الصوم والصلاة فإن الله لا يشابههما لكن يريد الخير وفعل الصدقة)، وهم يعتقدون أن الشيخ (عدياً) أفضل من محمد ومن سائر الأنبياء؛ بل هو وزير لله أو شريكه - كما مر - وهذه العقائد مشابهة لعقائد (البابكية) الذين يزعمون أن (شرون) أفضل من (محمد) ومن سائر الأنبياء. وقد بنوا في جبلهم مساجد للمسلمين يؤذن فيها المسلمون وهم يعلمون أولادهم القرآن. لا يصلون في السر ولا يصومون شهر رمضان

5 - الحلول: مذهب الحلول وتناسخ الأرواح قديم اعتنقه كثير من الأقوام الوثنية، وكان منتشراً في فارس بكثرة. واليزيدية يعتقدون به. وقد جاء في الفصل الثاني من كتابهم (الجلوة): (لا أسمح لأحد بأن يسكن في هذه الدنيا أكثر من الزمن الذي حددته له وإن شئت أرسلته مرة أخرى ثانياً وثالثاً إلى هذا العالم أو إلى غيره بتناسخ الأرواح)

وهم يعتقدون أن روح (منصور الحلاج) حلت في أخته. وذلك أنه بعد أن قتله الخليفة (المقتدر) وأحرق جثته ورماها في النهر جاءت أخته لتملأ جرتها فدخلت الروح فيها. ولما شربت أخته حلت روحه بها فحملت وولدت ولداً كان أخاها وابنها. ولما رمى رأس (منصور الحلاج) في النهر سمع له صوت كالهدير، ولهذا فإن اليزيدية لا يشربون الماء من الأكواز الضيقة الأفواه، لأن صوت الماء أثناء خروجه منها يشبه هدير الماء عند رمى رأس منصور الحلاج في النهر

ومنصور الحلاج فارسي رحل إلى بغداد وأظهر الزهد والعبادة، والناس في أمره مختلفون؛ فمنهم من ادعى كفره ومنهم من رأى أن لكلامه ظاهراً وباطناً

وقد ثبت كفره في مجلس عقده الخليفة وحوكم واعترف بذلك، فحكم عليه بالإعدام. وأثناء تنفيذ الإعدام صرح بأن روحه ستحل في غيره ولذلك يدعى أتباعه بأنه لم يمت وأن روحه تنتقل بالتناسخ. وانتقلت هذه الفكرة من أتباع منصور الحلاج) إلى اليزيدية

6 - ويعتقدون أن الله خلق جهنم على عهد آدم الأول في الوقت الذي ولد ابنه (إبريق شعوتا) وابتلى الله هذا الولد بالدمامل الكثيرة في جميع جسده فأخذ يبكي ويجمع دموعه سبع سنين حتى امتلأ الإبريق فصبه على نار جهنم وطفأها وخلص الأمة (اليزيدية). وهذه العقيدة مبنية على أساس العقيدة المسيحية وهي أن (المسيح) تحمل آلام الصلب ليكفر عن خطيئة البشر. وكذا (إبريق شعوثا) تحمل آلام الدمامل ليطفئ نار جهنم ويخلص اليزيدية منها

وهم يعمدون أولادهم كالمسيحين، ويختنونهم كالمسلمين، ويسجدون للشمس والقمر كالوثنيين وغير ذلك

هذه هي أهم عقائد اليزيدية وقفنا عليها من الكتب الإسلامية ومن كتابيهم المقدسين (الحلوة) و (مصحف رش). ولهم معتقدات أخرى كثيرة مبنية على أساطير وخرافات أكثرها إسرائيلية سنعرض لها في بحث آخر

(الموصل)

سعيد الديوه جي