مجلة الرسالة/العدد 548/من أزهار الشر
مجلة الرسالة/العدد 548/من أزهار الشر
لشارل بودلير
الشرفة
يا نبع ذكرياتي، يا أحب الحبيبات
أنت يا كل لذاتي، أنت يا من لك حياتي
ستذكرين يوماً جمال مداعباتي
وعذوبة مثوانا وسحر الليالي
يا نبع ذكرياتي يا أحب الحبيبات
والليالي الساطعة بسعير المجامر
وأمسياتنا في الشرفة في ظلام تغشاه غمائم وردية
فكم كان في نهدك من عذوبة! وكم كان في قلبك من حنان
وقد تبادلنا عهوداً لا تزول مع الزمن
في الليالي الساطعة بسعير المجامر
كم كانت الشمس جميلة في الآصال الدافئة!
وكم كان الفضاء عميقاً والقلب قديراً
وكنت حين أميل إليك يا ملكة المعبودات
إخال أنني أشم رائحة دمائك العاطرة
كم كانت الشمس جميلة في الآصال الدافئة
حين كان الليل يرخى سدوله بيننا كحجاب
كانت عيناي تتمثلان عينيك في الظلام
وكنت أحتسي أنفاسك فيا لها من عذوبة! ويا لها من سم!
وكانت قدماك ترقدان على يديَّ الأليفتين
حين كان الليل يرخى سدوله بيننا كحجاب
أنا أعرف فن إحياء اللحظات الهانئة
وكيف أبعث زماني الغابر الجاثم بين ساقيك فما الجدوى من البحث عن محاسنك الفاترة
في جسد غير جسدك المحبوب، وفؤاد سوى فؤادك الوديع
أنا أعرف فن إحياء اللحظات الهانئة
هذه العهود، وهذه العطور وهذه القبل الخالدة
هل تعود مرة أخرى من أعماق هاوية، حزم علينا سير غورها
كما تعود الشمس، إلى الأشراف فتية
بعد أن تطهرت في أغوار اللجج العميقة
إيه أيتها العهود! إيه أيتها العطور! إيه أيتها القبل الخالدة ترجمة
عثمان علي علي