مجلة الرسالة/العدد 522/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 522/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 05 - 07 - 1943



من شاعر إلى شاعر

تناولت أمس بالبريد مجموعة (زهر وخمر) للشاعر الساحر علي محمود طه فصار عندي من مجموعاته الخمس اثنتان: الملاح التائه وزهر وخمر. أما ليالي الملاح التائه، وأرواح وأشباح فستصلني بالبريد حالما يقع نظر أخي الشاعر على هذه الكلمة، فأنا أحبه وأحب شعره، ولن أكلف نفسي مشقة إفهام خصومه لماذا أحب شعره ولماذا أحبه، فإذا كان شعره لا يستطيع أن يضع في عيون أولئك الخصوم نوراً، وفي أنوفهم عطوراً، وفي قلوبهم فلن يستطيع لساني

فيا خصوم علي محمود طه؛ ستموتون ويبقى هو حياً. فغراب الموت البشع يقعقع في سطوركم، وعروس الحياة الجميلة تحلم في قصائده

ألا تعرفون حكاية الضفدع والحباحب؟ إذن فاسمعوها: رأى ضفدع يوماً حباحباً يلمع على حافة غدير، فخرج إليه قذراً ساخطاً وراح يبصق عليه. فقال الحباحب: (ماذا فعلت بك؟ من أين جاءك هذا الغضب؟) فأجابه الضفدع: وأنت من أين جاءك هذا اللمعان؟)

على أن ما يعزيني ويطربني ويملأ نفسي رجاء أن الإقبال على شعر علي محمود طه كبير، وفي هذا دليل كاف على أن الشعور بالجمال مطرد النمو في مصر كما هو في لبنان

فيا أخي الشاعر علي محمود طه! أنا أقطن أجمل بقعة في الأرض: ورائي شيخ الجبال، وأمامي وحولي أروع وأعذب ما مهرت به الطبيعة بلداً من بلاد الله: شاطئ كشعرك ذهب وفضة: فضة حين أتركه في الصباح إلى المدينة، وذهب حين أعود إليه في المساء، وخليج كله فتنة كشعرك في (الجندول) أو في (كليوباترا) (فاتنة الدنيا وحسناء الزمان)، ورواب كشعرك شماء وادعة، وسماء. . . سماء كأنها شعرك: جمال وحب وإلهام، وجو كله كشعرك غناء؛ وماذا أقول بعد؟ في هذه البقعة الطيبة في هذا الإطار الساحر قرأت شعرك أو قل تغنيت به وأحببتك. ويقيني أنك ستجيء يوماً إلينا، فأصعد بك إلى الشيخ صنين وننحدر معاً إلى الروابي فالخليج فشاطئ الذهب والفضة. ويقيني أيضاً أن هذا الشاطئ سيظفر منك بأغنية أشجى من أغنية لا مرتين في شاطئ سرنته، أو (سرنت) على قافية (برلنت) إلياس أبو شبكة

تصويبات شعرية في كتاب السلوك للمقريزي

يقوم الدكتور محمد مصطفى زيادة بنشر كتاب (السلوك في دول الملوك المقريزي) نشراً علمياً مضبوطاً بالغاً غاية الجودة في التحقيق والتعليق. وحبذا لو نشرت كتبنا وتراثنا الأدبي العلمي بمثل هذه الدقة والتوفر على الضبط وحسن الإخراج، حتى لو بعث المؤلف نفسه ما تمنى أن يخرج كتابه على خير من هذه الصورة. غير أنني لاحظت في الكتابين الأول والثاني من الجزء الثاني بعض هفوات في الشعر المروي أرجو أن يتسع لها صدر الناشر الفاضل لما أسمع عن رحابة صدره وحسن قبوله جاء في القسم الأول من الجزء الثاني ص 263 س 16 هذا البيت:

يا قاضياً شاد أحكامه ... على تقى من الله وأقوى أساس

والبيت مكسور، وبحره السريع. وكلمة (من) في الشطر الثاني زائدة والفعل (شاد) بكسر الشطر الأول. ولعل الرواية الصحيحة التي يستقيم بها الوزن هي:

يا قاضيا شيد أحكامه ... على تقى الله وأقوى أساس

وذكر الدكتور زيادة في هامش صفحة 29 (أن الموشحات يلتزم فيها اللفظ العربي الصحيح) وهذا كلام جرى فيه الناشر على رأي غير المحققين من الأدباء. وللمغفور له العالم الثبت الشيخ حسين والي كلام في هذا الموضوع من مخطوط له نفيس اسمه (عصا موسى) وهو تحت يدي الآن. ولعل الله يوفق أقارب الشيخ الجليل وهم من أفاضل العلماء لطبع هذا المخطوط

وفي القسم الثاني من السلوك ج 2 ص 441 س 13 هذا المصراع

واردعه ردع كل مفسد وهو مصراع مكسور، لأن المخمسة التي هو منها من بحر الرجز، فهنا كلمة ناقصة ولعلها (باغٍ) أو عاتٍ أو ما إليهما فيكون المصراع هكذا: واردعه ردع كل باغ مفسد

وفي صفحة 476 سطر 7 من هذا القسم خمسة أبيات وردت كأنها قصيدة واحدة، والواقع أن فيها قافيتين، فالبيتان الأولان قافيتهما الياء والثلاثة الأخر قافيتها الشين، وليست الهاء في الخمسة الأبيات قافية. والبيت الأول منها هو هذا:

يا ملكا أصبح في نشوة ... من نشوة الظالم في نشيه

وعلى كلٍ، فالأول من السريع ولأربعة الباقية من بحر الكامل وإيراد الأبيات الخمسة على هذه الصورة فيه هذه الأخطاء:

1 - الهمزة في أول البيت زائدة في الطبع أو النسخ

2 - البيت الأول بعد حذف الهمزة وزنه السريع

3 - البيت الأول من بحر والأربعة الباقية من بحر آخر؛ ولكن إيرادها على هذه الصورة يوهم أنها كلها من بحر واحد

4 - البيتان الأولان من قافية والثلاثة الباقية من قافية أخرى. وأرجو أن لا يفوت الدكتور الفاضل تصويب هذا الشعر وتصحيحه في الجزء القادم خدمة للعلم واعترافاً بالحق وصوناً لجهده العظيم أن يرمى بالتهاون في التحقيق

محمد عبد الغني حسن

إلى الأستاذ العقاد

يدل رأيكم عن الرواية والشعر في مقاليكم الأخيرين على أنكم ترون الفن الروائي لا يقوم - كالشعر - على الإنشاء والابتكار، وهذا رأي جديد، والعهد بالفن عامة أنه يرجع إلى قوة الخلق والابتكار، أو إلى الخيال الإبداعي، لا فرق في ذلك بين قصة وقصيدة، أو صورة وسيمفونية. وبتلك النظرة يعالج بها فلاسفة الفن وعلماء الجمال فصل الخلق أو الإبداع الفني فيستشهدون بأنواع الفنون على السواء ومنها الرواية والقصة. فكيف لا تعدون التركيب الروائي وتصوير الشخوص وتحليلها من الإنشاء والابتكار؟ بل كيف فاتكم أن رواية كالأرض الطيبة أو الفندق الكبير وكلتاهما من تأليف امرأة - لا تقل منزلتها عن أية منزلة شعرية؟!

حافظ. . .

إلى الأستاذ الدكتور محمد مصطفى

قرأنا على صفحات الرسالة مقالاتكم الرائعة (عن ليلى والمجنون) وقد كانت كلمة طيبة وتعبيراً جميلاً وتصويرا ساميا، وكنا نأمل أن نقرأها حتى انتهاء القصة؛ غير أنكم انقطعتم عن الكتابة. فنرجو أن تعاودوا النشر وأن تجمعوها متى انتهت في كتاب، والله يوفقكم.

(جنين - فلسطين)

ابن الطاهر