انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 504/لماذا لا أثق

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 504/لماذا لا أثق

ملاحظات: بتاريخ: 01 - 03 - 1943



بأقوال النحاة ولا اللغويين

للأب أنستاس ماري الكرملي

(تتمة ما نشر في العدد الماضي)

القسم الرابع

فعلول (المفعول الأول)

قال السيد مرتضى بعد مادة (ص ر ق) وقبل رسم (ص ر ف ق) - وهو غريب - ما يأتي، ونحن نذكره بحذافيره على طوله لما فيه من الفائدة الجزيلة:

(الصعفوق، بالفتح: اللئيم من الرجال. قاله الليث. وصعفوق: بلدة باليمامة، فيها قناة يجري منها نهر كبير، لهم فيها وقعة، ويقال: صعفوقة بالهاء، وليس في الكلام فعلول سواه. قال الحسين بن إبراهيم النطيري في كتابه دستور اللغة: فعلول في لسان العرب مضمون، إلا حرفاً واحداً، وهو صعفوق، لموضع في اليمامة.

وأما خرنوب بالفتح، فضعيف. قال الصاغاني: وأما الفصيح فيضم خاؤه، أو يشد راؤه مع حذف النون، كما في العباب. وقال شيخنا: لا يفتح خرنوب، إلا إذا كان مضعفاً، وحذفت منه النون، فقيل خرنوب، أما ما دامت فيه النون، فإنه غير مسموع. قال: وأما برغوث الذي حكى فيه الخليل التثليث في الكتاب الذي ألفه فيه، فلا يثبت، ولا يلتفت إليه، وأما عصفور الذي حكى فيه الشيخ الشهاب القسطلاني عن ابن رشيق، فهو أيضاً غير ثابت، ولا موافق عليه. والله أعلم. اهـ.

(قلت (أي الشارح): وقال ابن برى: رأيت بخط أبي سهل الهروي على حاشية كتاب: جاء على فعلول: صعفوق وصعقول، لضرب من الكمأة، وبعكوكة الوادي، لجانبه. قال أبن يرى: أما بعكوكة الوادي، وبعكوكة الشسر، فذكرها السيرافي وغيره بالضم لا غير، أعني بضم الباء. وأما الصعقول، لضرب من الكمأة فليس بمعروف، ولو كان معروفاً لذكره أبو حنيفة في كتاب النبات، وأظنه نبطياً أو عجمياً). أهـ.

(قلت (أي الشارح): ولا يلزم من عدم ذكر أبى حنيفة إياه في كتابه أن لا يكون من ك العرب، فإن من حفظ حجة على من لم يحفظ. فتأمل ذلك. والصعافقة جمع صعفوق: خول لبنى مروان، أنزلهم اليمامة. ومروان بن أبي حفصة منهم، قاله الليث. قال: ولم يجئ في الكلام فعلول إلا صعفوق وحرف آخر. ويقال لهم: بنو صعفوق، وآل صعفوق. قال العجاج:

من آل صعفوق وأتباع أخر، من طائعين لا ينالون الغمر قال الأزهري: ويضم صاده ونصه: كل ما جاء على فعلول، فهو مضموم الأول، مثل: زنبور، وبهلول، وعمروس، وما أشبه ذلك، إلا حرفاً جاء نادراً، وهو بنو صعفوق، بالضم. انتهى - وقال الصاغاني: صعفوق ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة، وهو وزن نادر، سموا لأنهم سكنوا قرية باليمامة تسمى صعفوق، كما تقدم. وقيل: الصعافقة: قوم كان آبائهم عبيداً فاستغربوا. وقيل: هم قوم من بقايا الأمم الخالية ضلت أنسابهم. ويقال: مسكنهم بالحجاز. وقال الليث: الصعافقة: القوم يشهدون السوق للتجارة بلا رأس مال عندهم، ولا نقد عندهم، فإذا اشترى التجار شيئاً، دخلوا معهم فيه. ومنه حديث الشعبي: ما جاءك عن أصحاب محمد، ودعى ما يقول هؤلاء الصعافقة. أراد أن هؤلاء ليس عندهم قفة ولا علم بمنزلة أولئك التجار الذين ليس لهم رؤوس أموال. الواحد: صعفق صعفقي صعفوق، بالفتح. واقتصر الجوهري على الأولين، والجمع صعافيق أيضاً.

قال أبو النجم:

يوم قدرنا والعزيز من قدر، ... وآبت الخيل وقضَّيْن الوطر

من الصعافيق وادركنا المِئر

أراد بالصعافيق أنهم ضعفاء، ليست لهم شجاعة، ولا سلاح، ولا قوة على قتالنا) أ. هـ آخر كلام التاج بنصه على فيه من الطول

رأى الألوسي في الصعافيق

ونزيد على ما تقدم، أننا كنا سألنا في سنة 1895 أستاذنا الكبير، محمود شكري الألوسي، عن هؤلاء القوم أصلهم، لأنه كان واقفاً أتم الوقوف على ما يتعلق بأخبار العرب وقدمائهم، وما يتصل بهم. فقال لي: (إنهم يونانيو الأصل، أتى بهم عبيد أسرى في صدر الإسلام، ثم بيعوا، فوضعوا في قرية من اليمامة عرفت باسمهم؛ ثم اتخذوا خولاً، ومن اليمامة انبثوا في سائر العرب، فأسلموا، فاندمجوا بأهالي تلك الربوع، ولم يبق منهم باق) انتهى.

رأينا الخاص بنا

وعليه فيكون هذا الاسم يوناني الأصل، وهو بفتح الأول ومنحوت من قولهم أي ظاهر وواضح وصاف، أي تكلم جهاراً في مجلس أو نادٍ، أو تكلم كلاماً جهورياً، لأن الحرف بتمامه وذلك بأن هؤلاء القوم كانوا يتكلون ببراعة ومهارة بين أيدي الناس، ترغيباً في البضاعة والتجارة أو في أي مهنة يزاولونها أو يتخذونها. واليونانيون - حتى عوامهم معروفون بالتشدق. ولما كان هذا الاسم يونانياً، واشتهر بالفتح قبل ان تضبط قواعد اللغة ضبطاً محكماً بالأقيسة والقواعد، لم يكن قتل هذا اللفظ سهلاً، فاشتهر بين الناطقين بالضاد، وفشا فشوا غريباً في جميع طبقات الناس، ولما جاء أرباب القواعد، لم تصادف لها مزدرعاً طيباً فبقى اللفظ على علاته، ولهذا قد يقاس هذا الحرف أيضاً على القواعد الشائعة، ولا مانع من ذلك.

فلا جرم أن الفتح هو الأصح، لقدمه في اللغة، ولتمكنه فيها ولا سبيل إلى إنكاره، لاستحكامه في الأنفس وفي الدواوين اللغوية والتاريخية منذ أقدم الأزمنة، أي منذ نأنأة الإسلام. وأما ضبطه بالضم فيكون من باب إجراء أحكام القياس.

إذن يجوز الضبطان ويبقى الفتح هو الأعلى، وأصح المثال الأمثل الذي يقاس عليه ما يأتي من الحروف على نحوه.

ما جاء من الألفاظ على صعفوق بالفتح

وأما أن هناك غير صعفوق من الألفاظ فمما لا شهة فيهولا يمكن أن ينكر، من ذلك: الصعقول، وقد مر الكلام عليها، فهي الحرف الثاني

والثالث: ترفوق

والرابع: طرخون

والخامس: برشوم، لضرب من التمر أو النخل

والسادس: قربوس، على لغة ذكرها التاج

والسابع: بعكوك وقد مر ذكرها والثامن: كرموص

والتاسع: صندوق على لغة ذكرها الشارح

والعاشر: كندوج

والحادي عشر: سنطور وهو من كلام المولدين

والثاني عشر: برغوث. على لغة وإن أنكرها بعضهم

والثالث عشر: خرنوب، وإن أنكرها بعضهم، وهي لغة مشهورة

والرابع عشر: عمروس، علم رجل. قال في القاموس: (وفتحه من لحن المحدثين)، ثم زاد الشارح: (وتحريفهم لغرابة بناء فعلول، سوى صعفوق، وهو نادر، قاله الصاغاني

15 - حمدون (القاموس واللغويين)

16 - سعدون (التاج)

17 - ذرنوق في قولهم: الزرنوقان، بالضم، ويفتح (القاموس) وزاد في التاج بعد قوله: ويفتح (حكاه اللحياني رواه عنه كراع. قال: ولا نظير له إلا بنو صعفوق: خول باليمامة. وقال ابن جني: الزرنوق بفتح الزاي. فعنول، وهو غريب. ويقال الزرنوق بضمها) أ. هـ.

18 - خلدون ومنه ابن خلدون، وجميع من ترجم له ضبطه بفتح الأول، ولم يضبطه أحد بضمه وهو أشهر من أن يذكر

19 - سمهوط. قال ياقوت: (بفتح أوله وسكون ثانيه ويقال بالدال المهملة مكان الطاء: قرية كبيرة على شاطئ النيل بالصعيد، دون فرشوط. والله أعلم.

20 - سحنون. كذا ضبطه جميع من ترجم لمن اشتهر بهذا الاسم. من ذلك عبد السلام بن سعيد بن حميد التنوخي الملقب بسحنون. ومحمد بن سحنون التنوخي

21 - عبدون. ومنه عبد المجيد بن عبدون. الفهري، من أبناء المائة السادسة.

22 - عبدوس. ومنه محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن عبدوس من أبناء المائة الثالثة. وعبدوس بن زيد، طبيب من أبناء المائة الرابعة

23 - دستور. جاء في التاج في ماجدة (دستر). وفي الأساس: الوزير: الدستور. قال شيخنا: وأصله الفتح، وإنما ضم لما عرب، ليلحق بأوزان العرب، فليس الفتح فيه خطأ محضاً، كما زعمه الحريري، وولعت العامة في إطلاقه على معنى الإذن). أ. هـ

24 - عصفور. قال في كشف الطرة ص233: (عصفور في لغة حكاها ابن رشيق، والمشهور فيه الضم) أهـ.

25 - شمعون بالشين المعجمة والميم والعين المهملة. هكذا ضبطه صاحب القاموس

26 - سمغون، مثل السابق، إلا أنه بالغين المعجمة ذكره أيضاً القاموس

27 - سنهور، بالسين المهملة (القاموس والتاج وياقوت)

28 - شنهور كالسابقة، لكنها بالشين المعجمة (التاج)

29 - بركون (القاموس وياقوت)

30 - جوع برقوع. قال الشارح: (كعصفور وصعفوق جاء الأخير نادراً ندرة صعفوق). أ. هـ

الخلاصة:

ليس فعلول من الأوزان النادرة، وقد ذكرنا من الشواهد على كثرتها وهي ثلاثون. ولو أمعنا في البحث لصعفناها، وربما مراراً، لكنا اجتزأنا بهذا القدر إثباتاً لما ذكرناه، من أن هذه القاعدة، وهي ليس لفعلول سوى حرفين، غير صحيح البتة، فيجب نقضها وتذريتها في الهواء هباء منثوراً!

الأب أنستاس ماري الكرملي

من أعضاء مجمع فؤاد الأول للغة العربية