مجلة الرسالة/العدد 5/طرائف من شعر الشباب
مجلة الرسالة/العدد 5/طرائف من شعر الشباب
مناجاة غدير
للأستاذ محمود الخفيف
شاق نفسي الجلوس فوق حرير ... من نسيج الربيع ينطق حسنا
كنت قبل الشروق عند غدير ... يملأ النفس من أغانيه لحنا
كل ما في الوجود حلو جميل ... يبعث البشر في الفؤاد نديا
ونسيم الصبح عذب بليل ... باعث في الربوع نشراً ذكيا
ساد حولي السكون لولا غدير ... عبقري الخيال سامي البيان
ثائر هادئ معنى صبور ... رائق الحس مستفيض المعاني
زاده الصبح والسكون رواء ... وكساه الربيع ظلا ظليلا
وحباه الشباب منه مضاء ... فترى الماء دافقاً سلسبيلا
يا غدير الصباح هيجت قلبي ... أنت للنفس رحمة وعذاب
لست أدري وقد تملكت لبي ... أترنمت أم عراك انتحاب؟
يا غدير الصباح لحنك عذب ... باعث في الفؤاد شتى المعاني
يا غدير الصباح هل أنت صب ... تعرف البعد في الهوى والتداني؟
أي معنى أردت أن فؤادي ... حركته لما تقول شجون
ويح نفسي لقد ملكت ودادي ... فعرفت الخشوع كيف يكون
هيه يا أيها الغدير فأني ... أن ترنمت أو بكيت سميع
يا غدير الصباح افصح وزدني ... أن قلبي بما تقول ولوع
أن ترنمت يا غدير فحسبي ... من دواعي السرور ذاك الغناء
وإذا ما بكيت حركت قلبي ... فبقلبي لكل باك رثاء
لست يا أيها الغدير بشاك ... كيف تشكو ولست تعرف ظلما!
لست يا أيها الغدير بباك ... كيف تبكي؟ أأنت تعرف هما؟
لم تجرب شماتة من عدو ... أو تحمل إساءة من صديق
أو تقاس البعاد بعد دنو ... أو تعان الظنون بعد وثوق لم تسهد بجفوة من حبيب ... أو تعذب بغيرة وارتياب
أو تفاجأ بفتنة من رقيب ... أو تروع بنبوة من صحاب
لم تصادف تفاخراً من دعي ... أو تبادر بغلظة من جليس
أو تشاهد تطاولا من غبي ... أو تجرع إهانة من خسيس
لم تخف يا غدير قط عذاباً ... أو تذق يا غدير للحزن طعما
أو تقابل لدى الحياة صعابا ... كيف هذا ولست تعرف وهما؟
أنت يا أيها الغدير طروب ... ناعم البال لست تزهب رزءا
مطمئن إلى الحياة لعوب ... لست تدري عن المنية شيئا
يا غدير الصباح زدني غناء ... وأملأ القلب من غنائك وحيا
كل لحن سواك عاد هباء ... يا غديرا لقد وعيتك وعيا