مجلة الرسالة/العدد 499/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 499/البريد الأدبي
الرقص الخليع
أكتب هذه الكلمة على أثر مشاهدتي لفلم جديد من أفلامنا المصرية، أجمع النقّاد الفنيون على استحسانه، وفاتهم جميعاً أن يشيروا إلى ما أقحم فيه من الرقصات الخليعة التي انتقصت من قدره، وما كان أغناه عنها. وإنني لأعلم إذْ أكتب هذه الكلمة، أنّ وزارة الشؤون الاجتماعية تحاول أن تطهر الفن من الخلاعة التي تسيء إليه، ولكنني أريد أن أسّجل ظاهرة مؤلمة، لشَدّ ما ترمض قلب كل وطني مخلص: تلك هي مجاراة أرباب الفن لشهوات سفلة القوم. وما يجب على الفنان أن ينزل بفنه إلى هذا المستوى الوضيع، فيقدم للعامة ما تتطلَّب ولو كان في ذلك ما ينتقض من قيمته؛ وإنما يجب عليه أن يرفع العامة إلى المستوى الرفيع، فيسمو بهم إلى قمة الفن، ولو كان في ذلك تضحية منه ببعض الشهرة العاجلة والربح الوفير
. . . إنهم يسيئون إلى الفنّ بهذه الرقصات الفاضحة التي لا يصحبها غير فوره الشهوة وطغيان الجسد، إذ ما كان الرقص أداة لإرضاء الشهوة، وما كانت الراقصة أمتوعةً لكل حيواني متهتك. فهلاّ عمل اهل الفنّ - دون تدخلٍ من رجال الحكم - على القضاء التام على الرقص الخليع الذي لا أثر فيه لمعنى الفن؟
(مصر الجديدة)
زكريا إبراهيم
خط المصاحف وقواعد الإملاء
من العقبات التي تعترض المعلمين في مدارس التعليم الأولي - حين يقومون بتعليم القرآن الكريم لتلاميذهم - اختلاف خط المصاحف التي بأيدي هؤلاء التلاميذ، مع ما تعلموه من قواعد القراءة والكتابة، ويؤدي هذا الاختلاف دائماً إلى اللحن والتحريف في الآيات القرآنية، بالرغم من الجهد الكبير الذي ينفقه المعلم في الإرشاد والتصحيح، ولكن هذا الجهد يذهب عبثاً، حين يقرأ التلميذ لنفسه، وحين يستذكر دروسه، وهو بعيد عن معلمه. ولاشك أن عقلية الطفل لا تتسع لإدراك اصطلاحات الضبط التي تختلف عما انطبع في ذهنه من قواعد الإملاء. وتظهر الصعوبة في صورة أوضح حين نعرف أن تحفيظ القرآن في الأيام الخوالي كان بطريقة التلقين، وكان التلاميذ ينقطعون لدراسته واستذكاره، فلا يشتغلون بغيره من العلوم، إلا بعد إتمام حفظه وتجويده. أما اليوم فالقرآن يدرس في المدارس الأولية مع كثير من مبادئ العلوم الحديثة، وزمنه محدود، والتلاميذ يحفظون بالقراءة في المصاحف لا بالتلقين، والزمن المخصص لا يكفي للمراجعة ودراسة مواضع الاختلاف بين خط المصاحف والكتب
ولا أستطيع أن افهم السبب في سكوت وزارة المعارف على هذا، وعدم قيامها بطبع مصاحف تتفق في الرسم مع قواعد الكتابة المعروفة. ولو فعلت ليسرت للناشئين الحفظ مع القصد في الزمن والجهد. على أنى لا ادري سر جمودنا وتعصبنا للخط الذي كتبت به المصاحف، وهو لم ينزل مع القرآن من السماء! اللهم إلا إذا كان القدم يكسب الخطأ صفة الخلود!
وبعد، فهل لمعالي وزير المعارف أن يضع هذه المسألة مع ما اعتزم أن يعالجه من مشكلات العلم، وشؤون التعليم؟
ليته بفعل، فيكسب ثواب العاملين، وحسن ثواب المخلصين
(المنصورة)
علي عبد الله
كلمة حرة للتاريخ
ذكر الدكتور زكي مبارك في مقاله المنشور في العددن497 تحت عنوان (حافظ إبراهيم) أنه:
(في شهر سبتمبر سنة 1911 أغارت إيطاليا على طرابلس - وهي يومئذ ولاية تركية - فنهض المصريون لمعاونة طرابلس بالطب والشعر والمال والرجال. . . وبفضل تلك الحرب أنشئت جمعية الهلال الأحمر المصري، وكان لقلم الشيخ علي يوسف تأثير في إنشاء تلك الجمعية، وهي لا تزال من كبريات جمعياتنا الخيرية
والحقيقة أن الشيخ علي يوسف هو مؤسسها الأول. وكنت أتمنى أن أذكر أشياء كثيرة عن هذه الجمعية لولا أن هذا لم يحن وقته. وفي 15 فبراير سنة 1940 افتتح رسمياً مستشفى هذه الجمعية بشارع الملكة نازلي بحضور صاحب الجلالة الملك ووقف صاحب السعادة علي باشا إبراهيم وقال:
(مولاي! يرجع تاريخ إنشاء جمعية الهلال الأحمر إلى الحرب الطرابلسية عام 1911 وقد أسسها المرحوم السيد علي يوسف باشا ونخبة من كرماء الأمة المصرية لإسداء المعونة الطبية والمادية لجرحى الطرابلسيين ومنكوبي الحرب منهم. . .) الخ
عطية شلبي
بحكمدراية بوليس مصر
إجابة
السليط بالفتح: الزيت أو الزيت الجيّد، أرى أنّ منه ما يقال له (سلطة) بفتحتين
يستعمل الفعل (صمد) في بعض الصحف وفي أنباء الحرب بغير معناه، وأظن أن المراد (صمل) أي أشتد وثبت. صمد وصمد له وإليه: قصد، والصمد - بفتحتين - الذي يُصمد إليه في الحوائج أي يُقصد، والله الصمد (عن الحسن) الذي أُصمدت إليه الأمور فلا يقضي فيها غيره ولا يقضى دونه
ألمها - في عبارة السائل الفاضل - الثغر النقي، قال الأعشى:
ومهاً ترفّ غُروبُهُ ... يسقى المتيّم ذا الحرارةْ
وأنشد الجوهري للأعشى:
وتبسم عن مهاً شبم غريّ ... إذا تعطى المقبَّل يستزيد
(وحيد)
القراءات والتصحيف
اطلعت على ما دار حول القراءات في الأعداد الأخيرة من مجلة الرسالة، فرأيت ما يتعلق بالتصحيف لم يوف حقه من التمحيص، فأقول بإيجاز: إن ما عزاه الحافظ السيوطي في المزهر (2 - 230) إلى بعض المجامع من أن حماد بن الزبرقان صحف (إياه) إلى (أباه) و (في عزة) إلى (في غرة) و (شأن يغنيه) إلى (شأن يعنيه) هو غير الصواب، لأن الأولى هي قراءة الحسن البصري وابن السميفع، والثانية قراءة الكسائي، والثالثة قراءة ابن محيصن والزهري
وحماد بن الزبرقان ظنين لا قيمة لما ينفرد به، وشواذه مدونة في كتاب ابن خالويه، بل يستقصيها أبو حيان في البحر. وما صح سندة من الشواذ يصلح لتفسير القراءات المشهورة، وما لم يصح سنده منها يكون من قبيل وهم الراوي وكذبه، وهؤلاء ما كانوا ينفون القراءة المتواترة في تلك الألفاظ حتى يظن بهم التصحيف
والحافظ السيوطي رحمه الله على كثرة مؤلفاته كثيراً ما يشط قلمه عن الصواب. وقد ألف شرح الشاطبية في القراءات السبع مع اعترافه بأنه لم يتلق علم القراءات عن شيخ. فمثله إذا نقل عن مجموعة مجهولة ما يتعلق بالقراءة سقط نقله من رتبة الاعتداد به.
(أبو أمية)
في رسالة عمر
للأستاذ زكي غانم كلمة بعدد الرسالة (491) يرى فيها أن رسالة عمر في القضاء قد أصابها تحريف في كتاب المنتخب للسنة الرابعة الثانوية، وفي كتاب شرح النصوص الذي اعتمد على المنتخب. وهو وضع كلمة (غير) مكان كلمة (عند) في العبارة الآتية: (فما ظنك بثواب غير الله - عز وجل - في عاجل رزقه وخزائن رحمته؟) وقال الأستاذ: (ولا وجه للنص محرفاً، وقوله: (في عاجل رزقه وخزائن رحمته) وصف لثواب الله لا ثواب غيره)
ولا أوافق الأستاذ على هذا الرأي؛ بل أرى أن كلمة (غير) هي المناسبة هنا، ولا يؤدي المعنى المراد بغيرها.
ومما يوضح رأيي أن عمر يقول قبل ذلك: (فمن صحت نيته وأقبل على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله. فما ظنك. . . الخ)
فعمر يدعو إلى مراقبة الله، وموافقة السر للعلن؛ وبنفّر من الرياء، والتظاهر للناس بغير ما تنطوي عليه النفس تقرباً إليهم، وطعماً في ثنائهم، ورغبة في ثوابهم. فالمعنى الذي يرمي إليه عمر: أن ثواب غير الله حقير إذا قيس إلى ثوابه؛ فلا يجدر بمؤمن أن يؤثره عليه. ولذلك صح ارتباط الفقرتين، فكانت اللاحقة تعليلاً لمعنى السابقة، وموازنة بين ثواب الناس وثواب الله، وتحقيراً لما يرجوه المرائي عند الخلق بجانب ما يأمله المحسن عند الخالق، وبالقياس إلى رزق الله الذي يفيضه على من يراقبه، وخيره الذي يدخره لمن صحت نيته وأقبل على نفسه.
ومما يوضح ذلك أن الحرف (في) هنا (في عاجل. . .) إنما جاء للموازنة والمقارنة؛ كما في قوله تعالى: (فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل) بعد قوله: (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) (سورة التوبة: 28)
ولما قرأت هذه الرسالة قديماً التوى على معنى هذه الفقرة، إذ لم أتبين موقع هذا الحرف (في) من العبارة؛ ولعل هذا هو السبب في اعتراض الأستاذ؛ ولكني رأيت في الكتب التي تعنى بحروف المعاني أن (في) يستعمل للمفاضلة، فاستقر المعنى عندي.
قال ابن هشام في باب حروف الجر من التوضيح أن المقايسة من معاني (في) وقال في المعنى: (الثامن (أي من معاني في) المقايسة، وهي الداخلة بين مفضول سابق، وفاضل لاحق، وقد استشهد في كلا الكتابين بالآية الكريمة: (فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل)
وبهذا يزول اللبس الذي حدا بالأستاذ أن يجعل الظرف (في عاجل) وصفاً لصواب الله لا ثواب غيره. فإنه في موضع الحال من (ثواب غير الله) أي: فما ظنك بثواب غير الله مقيساً إلى ثواب الله. ومرجع الضمير في (رزقه، رحمته) هو الله
المتولي قاسم
المتهمة
هذا هو عنوان الفلم الجديد الذي أنتجته شركة لوتس فلم ووضع قصته الأستاذ حسن عبد الوهاب وقام بعمل حواره الأستاذ يوسف جوهر، وهو من إخراج الأستاذ بركات. وقد قامت بالدور الأول فيه الممثلة السينمائية المعروفة آسيا بالاشتراك مع مجموعة كبيرة من الممثلين والممثلات. وموضوع الرواية يدور حول امرأة كانت تعيش مع زوجها وابنها عيشة سعيدة هادئة، ولكن الأيام سخرت منها وانتزعتها من حياتها إلى حياة أخرى شقية تعسة. وقد استطاع المخرج بركات أن يظهر الموضوع في صورة واضحة قوية. وبالرغم من أن هذا الفلم من النوع الدرامي العنيف فإنه لا يخلو من طرائف تبعث الضحك في وسط هذه العاصفة الهوجاء. وقد استطاع كل ممثل أن يؤدي دوره على خير وجه
نكتفي الآن بهذه الكلمة ونتمنى للسيدة آسيا كل تقدم ونجاح.
عبد الفتاح متولي غبن