مجلة الرسالة/العدد 489/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 489/البريد الأدبي
إلى الأستاذ مندور
كتب الأستاذ محمد مندور تعقيباً، على كلمتي المنشورة بالعدد 486 من الرسالة، فراعني ما في تعقيبه من انحراف عن جادة الحق؛ ووقع في نفسي أن أبين له ما انساق إليه من تعسف واجتلاب للنقد. فقد التجأ الكاتب إلى أساليب ملتوية معقدة، يبرر بها نفسه، وينفي عنه الخطأ، كأنما عز عليه أن يسلم بخطاه؛ وهو لو أنصف لعلم أن ليس مما يحط من قدره أن يخطئ، وإنما يحط منه أن يصر على خطأه ويكابر فيه. ولا ريب أن الأستاذ يعرف المثل اللاتيني القائل: إن من طبيعة الإنسان أن يخطئ: والخطأ كثيراً ما يكون طريق الصواب كما يقول ليبنتز
بيد أن الأستاذ مندور - وقد أغرم بالسوفسطائية - شاء ألا ينهج نهج الميغاريين الذين نزعوا منزع السوفسطائيين، فكانوا في جدلهم لا يرمون إلى معرفة الحق والتوصل إليه، وإنما يهتم الواحد منهم بشيء واحد فقط؛ هو أن يجمل خصمه ينقطع. ومن أجل هذا رأيناه يتصدى للرد على كل معترض عليه، ولا يتوخى الحق في هذا الرد، وإنما يهتم بأن ينفي عنه الخطأ، مهما كان في ذلك من التجني على الحق!
لقد قلنا له أن قوله (عثرت به) بمعنى ملاقاته اتفاقاً، ليس تعبيراً عربياً صحيحاً، إذ الصواب أن يقال: (عثرت عليه). فعاد الأستاذ يقول: (فأما عن (عثرت به) فقد قلت أن المعنى الذي أريد التعبير عنه هو العثور بالشيء أي ملاقاته اتفاقاً، ولم أرد (العثور عليه) أي الاطلاع الذي يدل على علم ومعرفة وبحث وجهبذة لا أدعيها). ولو إنه كلف نفسه عناء البحث في المعاجم اللغوية، لما اضطرنا إلى العودة إلى هذا الموضوع مرة أخرى. . . ولكنه يطلق أحكامه إطلاقاً، ولا يستقصي المصادر ليتحقق مما يقول، بل يكتفي بأن يقول في جرأة غريبة: (والذي يدهشني هو تفضل هؤلاء العلماء بلفت نظري إلى مختار الصحاح ودوائر المعارف وتراكيب اللغة الإنجليزية، وهذه كلها مراجع ما كنت أحلم بوجودها). فنحن لم نرتجل أحكامنا ارتجالاً، ولم نطلق أقوالنا اعتباطاً، بل استقصينا المراجع استقصاء شاملاً، ثم أعلنا من بعد نتيجة بحثنا واستقصائنا. وإذا كنا قد أشفقنا على الأستاذ مندور، فكفيناه مؤونة البحث، وعرضنا عليه النتيجة التي توصلنا إليها دون أن نحشد له أقوال أصحاب المعاجم ورجال اللغة، فما ذلك إلا لأننا نعلم علم الواثق، أنه يدرك ذلك باعتباره باحثاً قد خبر الحياة العلمية وعرف ما يستلزمه البحث العلمي
ومع ذلك، فإننا نروي للأستاذ مندور فيما يلي ما جاء في المعاجم اللغوية تحت مادة (عثر): جاء في (لسان العرب): (عثر يعثر عثراً وعثاراً وتعثر كبا. . . والعثرة الزلة، ويقال عثر به فرسه فسقط، وتعثر لسانه تلعثم. . . وعثر على الأمر يعثر عثراً وعثوراً اطلع وأعثرته عليه أطلعته، وفي التنزيل العزيز: وكذلك أعثرنا عليهم، أي أعثرنا عليهم غيرهم فحذف المفعول، وقال تعالى فإن عثر على أنهما استحقا إثماً، معناه فإن اطلع على أنهما قد خانا. . . الخ)
وجاء في القاموس المحيط: (والعثور الاطلاع كالعثر، وأعثره أطلعه. . . الخ) وجاء في صحاح الجوهري: (العثرة الزلة، وقد عثر في ثوبه يعثر عثارا؛ يقال عثر به فرسه فسقط، وعثر عليه أيضاً يعثر عثراً وعثوراً، أي اطلع عليه. وأعثره عليه غيره أطلعه، ومنه قوله تعالى: وكذلك أعثرنا عليهم. . . الخ)
وجاء في أساس البلاغة للزمخشري: (. . . ومن المجاز: عثر في كلامه وتعثر. وأقال الله عثرتك. وعثر الزمان به. وجد عثور. . . وعثر على كذا: اطلع عليه. وأعثره على كذا: أطلعه. وأعثره على أصحابه: دله عليهم. . . الخ)
وفي أقرب الموارد للشرتوني: (عثر على السر وغيره: اطلع عليه وعلمه. وعثر به فرسه فسقط ومنه يقال عثر جده أي بخته تعس وذهب أمره وهلك. . . وعثر بهم الزمان: أخفى عليهم. . . وأعثر فلاناً على السر وغيره: أطلعه. . . الخ)
فكل هذه المعاجم إذن تتفق في القول بأن معنى (عثرت عليه) هو اطلعت عليه أو وقفت عليه. ولا يفيد الاطلاع معنى البحث والجهبذة - كما يتوهم الأستاذ مندور - وإنما معناه ملاقاة الشيء والوقوف عليه. لأن أصل الكلمة (اطلّع) مأخوذ من (طالع) بمعنى نظر كما يقال: أتيت قومي فطالعتهم، أي نظرت ما عندهم. . .
وزيادة في تأكيد المعنى وإيضاحه، أنقل للأستاذ مندور عن المعجم الذي وضعه المستشرق (وليم لين ' - ما جاء تحت مادة (عثر):
(. . . (عثر عليه). . . ; ;) , , ; ; ; ; , فمن هذا يتضح أن العثور على الشيء يفيد معنى ملاقاته اتفاقاً، حتى أن هناك تعبيراً مشتقاً من هذه الكلمة وهو (عثري) يوضح هذا المعنى بشكل أظهر، إذ ورد في لسان العرب: (هو من عثري النخل، سمى به لأنه لا يحتاج في سقيه إلى تعب بدالية وغيرها، كأنه عثر على الماء عثراً بلا عمل من صاحبه). فالعثور إذن لا يفيد معنى العلم والجهبذة؛ وهو المعنى الذي شاء تواضع الأستاذ مندور أن ينفيه عن نفسه، وإنما يفيد معنى الملاقاة العرضية التي تتم بغير قصد
وأما (عثر به) بهذا المعنى، فلم أجدها في أي معجم من المعاجم التي رجعت إليها، وأحسب أنها من اختراع الأستاذ الفاضل، وقد كان موفقاً في التمثيل لها بعبارة من صوغه فقال: (. . . كما يعثر حافر الجواد بأحد الكنوز. . .)!
بقيت مسألة أحب أن أقف عندها وقفة طويلة، وتلك هي مسألة الحرية اللغوية التي يدعو إليها الكاتب، وقد سبق لي أن أشرت إلى هذه المسألة إشارة غامضة، ولكني أحب أن أعود إليها فأسهب في الحديث عنها، حتى أعرف ماذا يقصد الأستاذ مندور بقوله: (إن مسألة الصحة والخطأ في اللغات أصبحت مسألة تافهة لا يحرص عليها في غير مجال التعليم المدرسي). وماذا يعني بقوله: (وإذن فكلام الكرملي وكلام زكريا إبراهيم حذلقة (كذا) تافهة، ومماحكات لا علاقة لها بمناهج البحث في اللغات التي لم تعد تقريرية في شيء)؟
ولما كان المجال لا يتسع هنا للحديث عن هذه المسألة الهامة، فإني أرجئ الكلام عنها إلى عدد قادم، كما أرجئ التعقيب على رأي الأستاذ مندور في تعريب الأسماء الأعجمية إلى حين يقرأ الأستاذ الفاضل البحث الذي وجهت نظره إليه، ولعلي يومئذ لا أكون بحاجة إلى التعقيب أصلاً
(مصر الجديدة)
زكريا إبراهيم
حول اختلاف القراءات في القرآن
من المعلوم أن المسلمين على عهد الرسول كانوا يتلقون القرآن منه سماعاً، ويطوون صدورهم عليه حفظاً وفهماً، دون ما حاجة منهم إلى النظر في شيء من آياته مخطوطاً. .
والقراءات التي من أمثالها (فتثبتوا) بدل (فتبينوا) و (وعدها أباه) بدل (وعدها إياه) لا ترجع في تعليلها إلى اختلاف لهجات العرب - كما يقول صادقاً الأستاذ عبد المتعال الصعيدي - وإنما هي إلى باب التصحيف أقرب؛ وقد نص على ذلك بعض العلماء كما سنذكره.
والتصحيف كما يجده اللغويون هو: (أن يأخذ الرجل اللفظ من قراءته في صحيفة، ولم يكن سمعه من الرجال فيغيره عن الصواب)، راجع قول السيوطي في المزهر.
فالتصحيف إذن خطأ منشؤه الوهم؛ ولا ينبغي أن نتبعه إلا ريثما نهتدي إلى النطق الصحيح فنعدل إليه. . .
والآن يحق لنا أن نتساءل: كيف وقعت هذه التصحيفات على عهد الرسول ﷺ، ولم تكن حاجة المسلمين يومئذ ماسة إلى القراءة في صحيفة، استغناء منهم بقراءة الرسول وقراءة أصحابه ممن أجادوا النقل عنه؟. . . وإذا كانت تلك التصحيفات قد وقعت بعد عهد الرسول، فكيف راجت وتداولتها ألسن القراء حتى أصبحت من القراءات المعروفة، مع أنها تصحيف كان ينبغي العدول عنه بمجرد الوقوف عليه؟. . . لا نستطيع أن نؤيد الأستاذ عبد المتعال في قوله: (لعل النبي ﷺ كان يعين أمثال تلك المواضع، أو كانت ترد إليه فيقر ما يراه منها) لأن هذا إنما كان يحدث في المواضع التي تختلف فيها اللهجات؛ فتقرأ اللفظة بأكثر من لهجة واحدة تخفيفاً عن مسلمي العرب من مختلف القبائل، ولاسيما أن المعنى في كل ذلك واحد لا يتغير. أما أن يحدث هذا في مثل قوله: وعدها أباه معدولاً بها عن وعدها إياه، وقوله فتثبتوا بدل فتبينوا، مما لا يبدو فيه اختلاف في اللهجة مع ثبوت التغير في المعنى؛ فذلك أمر يحتاج إلى بحث دقيق وتمحيص واف حتى نعرف عن يقين مأتى هذه القراءات وأصل اعتمادها.
ويهمنا هنا أن نقول إنه إذا كان بعض المفسرين يعدون هذه الأمثلة من القراءات، كالزمخشري صاحب الكشاف، فإن آخرين من جلة العلماء يعتبرونها تصحيفاً، كجلال الدين السيوطي صاحب (المزهر) التي ادرج أمثلة منها ضمن الفصل الذي عقده بعنوان (التصحيف والتحريف) ص230 ج2 من كتابه. قال - نقلاً عن بعض المجاميع -: (صحف حماد بن الزبرقان ثلاثة ألفاظ في القرآن لو قرء بها لكانت صواباً، وذلك أنه حفظ القرآن من مصحف ولم يقرأه على أحد. واللفظ الأول (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها أباه) يريد إياه. والثاني (بل الذين كفروا في غِرة وشقاق) والثالث (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يعنيه)) انتهى ما أورده السيوطي - ويفهم من العبارة أن مثل هذه الأمثلة لم تكن تعتبر قراءة أصلاً عند عدد من العلماء. فلعل بعض أشياخنا من ذوي التثبت والإلمام بهذا الموضوع، يدلي لنا برأي يكون فيه الشفاء والاكتفاء. . .
(جرجا)
محمود عزت عرفة
رابطة العروبة
تكونت في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول رابطة باسم (رابطة العروبة) قوامها طلبة الأقطار العربية الملتحقين بالكلية وبعض من طلبتها المصريين العرب
أغراضها:
1 - العمل بكل الطرق المجدية والوسائل الفعالة على تحقيق الوحدة العربية المنشودة
2 - توثيق صلاة الأخوة والثقافة بين الطلبة المصريين وطلبة الأقطار العربية الشقيقة في مصر وخارجها
3 - تنظيم رحلات سنوية إلى سائر البلاد العربية
4 - الدعوة إلى عقد مؤتمرات دورية لطلبة الجامعات العربية في مختلف أقطارهم للبحث في توحيد الثقافة وشتى النواحي والشؤون العربية الهامة
5 - تنظيم محاضرات يلقيها كبار رجال العروبة في مصر عن كيفية معالجة الأحوال الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد العربية تمهيداً لتحقيق وحدتها
6 - تنظيم رحلات علمية أسبوعية إلى بلدان القطر المصري
فمن يود الاشتراك في هذه الرابطة من طلبة الكلية كأعضاء عاملين أو من غيرها كأعضاء فخريين عليه المبادرة إلى قيد اسمه في سجل الرابطة الموجود مع القائم بأعمالها الطالب (منيب الماضي) بكلية الحقوق