مجلة الرسالة/العدد 46/العلوم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 46/العُلوم

ملاحظات: بتاريخ: 21 - 05 - 1934



العقل البشري

للدكتور عبد الفتاح سلامه

العقل ثلاثة أقسام:

1 - العقل المميز

2 - العقل الواعي أو الشعوري أو العقل الظاهر

3 - العقل غير الواعي أو اللاشعوري أو العقل الباطن، ' والعقل غير الواعي يحتوي على قوى عقلية وأفكار مستترة ليست ظاهرة للجزء المجاور له المسمى بالعقل الظاهر. والفكرة المستترة فيه والتي تنضج بالنسبة إليه، يرسلها إلى العقل الظاهر لتحويلها من مجرد فكرة إلى حركة أو عمل، هذا إذا وافق عليها ذلك العقل الظاهر.

والعقل الظاهر هو ذلك الجزء من العقل الذي نعي به كل ما حولنا من ظروف وأحوال، فيختار منها ما قد يبدو له مهماً ويبت فيه إن أمكنه، وهو يتلقى أفكار العقل الباطن لينفذها أو يناقشها ويبت فيها كذلك إن أمكنه، وإلا فانه يعرض ما عسر عليه على العقل المميز.

وسواء أكان العقل الظاهر أو التمييز هو الذي بت في أمر ما فان ذلك يعتبر تجربة يصح القياس عليها، فترسل هذه التجربة إلى العقل الباطن فتسجل وتبقى فيه إلى الوقت المنسب إذ يطلبها أحد العقلين في أي ظرف يحتاج فيه إليها.

على أن تسجيل التجارب والأفكار ليس هو العمل الوحيد للعقل الباطن، بل إن هناك عملا آخر يقوم به، وهو إنه قد يكون له رأياً مستقلا من الأفكار المسجلة عنده، أو قد يوازن بين هذه الأفكار المسجلة ويستخلص منها رأياً يود إثباته أو تنفيذه فيعرضه على العقل الظاهر كما سبق أن بينا ذلك.

ولأجل أن يكون الفكر الذاتي ناضجاً تماماً يجب أن يعرض على العقل الظاهر ثم على العقل المميز حتى تتم له صفة الصحة، فيعتقد الإنسان به تمام الاعتقاد، وهذا هو الطريق الطبيعي للأفكار الذاتية التي لا تسبب أي مشقة للإنسان.

وهناك أفكار ذاتية أخي لا يمكن بأي حال عرضها على الجهات الرئيسية من العقل فتبقى في العقل الباطن، ذلك لأن هناك ما يمنع العرض على العقل الظاهر، وقد يكون هناك أيضا ما يمنع العرض على العقل المميز. وأما المانع في الحالتين فهو الضمير الذي يقوم بالمحافظة على تقاليد المجتمع وواجباته من جهة، وبالمحافظة على الدين وتعاليمه من جهة أخرى

والفكرة الذاتية التي لم تتمكن من الوصول إلى العقل الظاهر تبقى في العقل الباطن كوحدة قائمة بذاتها. ذلك لأن الضمير طردها من الجهات الرئيسية من العقل، فلا هي نفذت كما يريد العقل الباطن ولا هي نوقشت حتى يتضح له فسادها فيتركها، وهذا هو السر في تشبث العقل الباطن بالأفكار التي لا يوافق عليها الضمير الديني أو الاجتماعي أو الأخلاقي وفي عمله على تنفيذها بأي شكل كان، ولما كان ذلك التنفيذ محالا بفعل الضمير فان العقل الباطن يتخيل تحقيق هذه الفكرة المحرمة عليه، وهذا التخيل يسبب في كثير من الأحوال حركات جسمانية أو ألفاظاً تنم عليه. والحركات والألفاظ ليست إلا نتيجة تخيل تحقيق فكرة مكبوتة في العقل الباطن، وعلاقة هذه الحركات والألفاظ بالفكرة هي علاقة الصورة أو الخيال الذي يستمد وجوده من وجود جسم آخر قد لا يكون ظاهرا للعيان. وهكذا نرى أن الفكرة الذاتية نفسها وهي التي سببت الحركات والألفاظ لم تتمكن من الوصول إلى الشعور أو التمييز، أي إن الإنسان لا يدري عنها شيئاً مطلقا

ولتسهيل فهم علاقة أقسام العقل الثلاثة ببعضها نشبهها بثلاث غرف متصلة مع بعضها ببابين، وأمام كل باب حاجب يصرح أو لا يصرح بالدخول، وإذا عرفنا أن الحاجب قد يتجاوز مهمته بان يمنع من الدخول من يجب أن يدخل، فإننا نجد أن الضمير قد يغالي في منع مرور الأفكار الذاتية من قسم عقلي إلى القسم الأعلى المجاور له فتبقى الفكرة الذاتية كما قدمنا مصدراً لحركات وألفاظ وعواطف قد تأخذ صفة أعراض الأمراض العصبية، على حين أنه لو سمح لها بالمرور لعرفها العقل الظاهر ولناقشها العقل المميز وبث فيها على أساس سليم فتصبح غير قادرة على إيجاد ما كانت تسببه

على أن هذه الحركات والألفاظ لا يمكن لها الحدوث إلا في غياب التمييز، لأن هذا الأخير كثيراً ما يترك القيادة الفعلية في الإنسان إلى العقل الظاهر، وهذا بدوره كثيراً ما يتأثر في تصرفاته برغبات العقل الباطن وأفكاره، ويكون العقل الباطن إذن هو القائد الأعلى في غياب التمييز أو في حالة ضعفه لسبب ما، ولما كانت الأفكار الذاتية هي من عمل العقل الباطن، ولما كان هذا الأخير محدود التمييز فهو عرضة للخطأ في تقديره لحقيقة الامور، وينتج من ذلك أنه كثيراً ما تكون الأفكار الذاتية مخطئة، ولما كانت هذه الأفكار هي التي تقود الإنسان غالباً - في غياب التمييز - فانه من الجلي أن يكون الإنسان العادي عرضة للخطأ في كثير من تصرفاته، وأن يكون الإنسان العصبي عرضة لأن يسبب لنفسه ولمن حوله شتى المتاعب

وإذا كان العقل الباطن محدود التمييز لانه لا يأبه بالحقائق فانه غزير الخيال واسع الحيلة في هذا الباب. ولك خيال عنده حقيقة وإن خالف الواقع، وهذا ما حدا بفرويد أن يقول بان هناك حقيقتين: الحقيقة الواقعية والحقيقة النفسية، وإذا كان الإنسان العادي يعيش في الحقيقة الواقعية فان الإنسان العصبي يعيش في الحقيقة النفسية - أي فيما يصور له الخيال، وهناك أمر آخر يقوم به العقل الباطن، وهو تسجيل الأفكار والتجارب والمعلومات على قواعد الاصطحاب والقرينة أي أن الأشياء المماثلة أو المخالفة لبعضها مسجلة مع بعضها أو بالقرب من بعضها

وتبدأ الأفكار الذاتية والاصطحاب في الظهور عند الإنسان من يوم ولادته، فالجوع يسبب الرغبة في الأكل، والوالدة تطعم طفلها، وهكذا تنشأ فكرة عند الطفل بأنه في حاجة إلى شخص آخر يمده بما يشبع جوعه، ويتعود الطفل سماع صوت معين ورؤية شخص معين يطعمه ويسهر عليه ويسبب له الشعور بالراحة والسرور والاكتفاء، فيصحب ذلك الصوت المعين وهذا الشخص المعين بالسرور والاكتفاء، وهكذا ينشأ الاصطحاب عند الطفل، وهذا يفسر خوف الطفل وبكاءه عند شعوره بانفراده، واطمئنانه وسروره عند رؤيته لوالدته أو عند سماعه صوتها

وإذا عرفنا أن حواس الجسم خلقت لتحمي وجوده، وعرفنا ان العقل هو القائد المدبر لهذه الحماية، وانه من اجل ذلك يسجل عنده الحوادث الماضية كتجارب يستنير بها في أي موقف من مواقفه، وان هذه التجارب وان لم يذكرها الإنسان مسجلة في الجزء اللاشعوري من عقله، مهما طال عليها القدم. إننا إذا عرفنا ذلك أمكن لنا أن نفهم ما قد يبدو لنا غريباً، فقد يسيء إلينا في طفولتنا بعض أشخاص ذوي خلقة معينة، وقد ننسى هؤلاء الأشخاص بالذات ولكننا لا ننسى ان نقابل اي شخص يماثلهم في الخلقة بالكراهية، ذلك لاصطحاب الخوف والخطر لهذا الشكل المعين، وهذا يفسر أيضا قول البعض انه يمقت فلانا من أول ما يراه، ولكنه لا يعرف سبب ذلك

على ان هذه الفكرة الذاتية كثيراً ما تتعدى الحاضر إلى المستقبل، فقد تجلس في المقهى على ان تغادره في ساعة معينة فيشغلك الحديث مع جارك، وتنسى كل شيء، ولكن لا تلبث ان تذكر ميعادك في الوقت المناسب فتستأذن لتلبيته، أو قد تنما على أن تستيقظ في ساعة معينة فيكون لك ما تريد. ذلك لانه في اللاشعور قد تكونت عقيدة بأنه من مصلحة الإنسان أو من مصلحة وجوده ان يذهب إلى الميعاد في ساعة معينة، ولهاذ ترى اللاشعور يذكر الشعور باستمرار بالموعد، فهو بين آونة وأخرى يقذف بفكرة الموعد أمام الشعور، وقد لا يأبه الشعور إلى هذا التذكير، لأن الوقت لا يزال مبكراً، ولكن اللاشعور يستمر في التذكير بين آونة وأخرى حتى يحل الموعد فيتذكره الإنسان إذا كان متيقظاً، أو ينتبه من نومه إذا كان نائماً

وكما إن الأفكار الذاتية قد تكون مخطئة فكذلك الاصطحاب قد لا يكون على أساس سليم. ومحاولة تصحيح خطأ الاصطحاب أو توجيه اللاشعور إلى الأفكار والعقائد الصحيحة هو في الواقع واجب على كل إنسان يود أن يحيا حياة عقلية سليمة

وإذا كنا قد أثبتنا أن العقل الباطن هو الذي يقوم بمهمة التخيل فان الجزء الشعوري من العقل هو الذي يقوم بتنفيذ كل ما يوحي به العقل الباطن في غياب التمييز، لأنه يعتقد أن كل ما يوحي به العقل الباطن مهم لاستكمال النقص الموجود في الجسم. وهو في تنفيذه لرغبات العقل الباطن قادر كل القدرة على عمل ما قد يبدو مستحيلاً لأول وهلة، لأن الشعور لا يسيطر فقط على حركة الإنسان الظاهرة، بل يسيطر أيضا على كل الأعضاء الداخلية للجسم. فيكفي أن يخيل العقل الباطن السفر لأجل أن ينفذ الشعور ذلك السفر. ويكفي أن يتخيل العقل الباطن الشفاء لأجل أن ينفذ الشعور الشفاء أيضاً. وهذا هو الأساس في الإيحاء بأنواعه

هذا إلى أن الشعور تتمثل فيه غريزة التغذية، وهي التي تهيئ للجسم أسباب المأكل والمشرب والدفء. . . الخ. وهكذا يتبين أنه إذا كانت كل الجهود التي ترمي إلى حفظ النفس وجعل الجسم كاملاً سليماً ممثلة في العقل الظاهر. ولما كان الإنسان قليل العقلان في هذا السبيل فيكون الطمع والحسد والغيرة والمغالاة في جمع المال. ولما كانت كل من هذه الجهود ترمي الى تفكك المجتمع وانحطاط الأخلاق فإننا نجد أن المجتمع قد حاربهما لشيئين:

أولا: من الطفولة إلى إكمال الدراسة نجد أن الأب والمدرس والدين يتعاونون على كبح هذه الرغبات بما يخونه من تعاليم، ثم ينسى الإنسان الأب والمدرس وتبقى التعاليم في العقل بصفة ضمير أو وازع نفساني يحض على الخير وترك الشرك.

ثانياً - إن ما يلاحظه الإنسان في الحياة من احتقار الهيئة الاجتماعية لكل من يحاول إشباع رغبة محرمة يجعل الشعور، وهو الذي يهمه حفظ الجسم وسلامته من الامتهان، يقف في وجه العقل الباطن أو يقلل من مغالاتها هي الأخرى في تنفيذ رغباتها. وهي تقف هنا أيضاً في وجه العقل الباطن باسم الضمير الإنساني النبيل في الظاهر.

والواقع أن خوفها مما حدث لغيرها هو الذي يجعلها تقف هذا الموقف وهكذا يبدو أن الضمير مفيد للهيئة الاجتماعية، وهذا هو الواقع ولكن إلى درجة محدودة. لأن ذلك الضمير إذا كان قوياً أكثر من اللازم فانه يمنع الرغبات من المثول أمام التمييز أو الشعور فتبقى في العقل الباطن دون أن تنفذ، ولما يقتنع العقل الباطن بضرر تنفيذها بعد. وهنا كثيراً ما تنشأ الأمراض العصبية. والطريق الوحيد لإقناع ذلك العقل والتغلب عليه هو عرض رغباته على الشعور أو العقل المميز لمناقشتها والبت فيها

والعقل المميز هو القوة الاختيارية، أي التي توازن بين كل شيء وتختار التصرف الذي يتراءى لها، وهي موضع الذكاء في الإنسان

ويجب أن نذكر أن الضمير لا يمنع كل رغبات العقل الباطن من الوصول إلى الشعور ثم إلى التمييز، بل بالعكس فانه يسمح للكثير منها بالوصول إلى التمييز نفسه، ولكنه يقف أمام رغبات معينة فيمنعها من طريقها إلى الشعور. وهذه الرغبات المعينة الممنوعة هي التي تسبب الأمراض العصبية واما هذه الرغبات المعينة فإننا سنذكرها بشيء من الإسهاب بعد أن نتكلم عن قصة أوديب الملك، وعما يسميه -

والعقل بأقسامه الثلاثة ما هو إلا شيء معنوي أو بمعنى آخر هو وظيفة يقوم بها المخ الذي يتكون من جزأين - الأول وهو القشرة السنجابية الرمادية، يتكون من مجموعة من خلايا عصبية متصلة ببعضها تمام الاتصال، والثاني وهو الجزء الأبيض المكون من خيوط دقيقة تقوم بمهمة أسلاك التلفون، وتوصل الخلايا مع بعضها كما توصل بين الخلايا وأجزاء الجسم المختلفة.

والخلية العصبية هي وحدة المخ التي تساهم في تكوين العقل بأقسامه الثلاثة، ففي كل خلية جزء من المعلومات والإحساس والتمييز الخ. والعقل التام أو قيام المخ بوظيفته كما يجب لا يمكن أن يكون إلا عن طريق الاتصال الكلي بين جميع الخلايا، وبهذا يمكن تبادل المعلومات والإحساس والتمييز بين الخلايا فيؤدي المخ وظيفته على أحسن حال. وكلما كان هناك ما يمنع اتصال الخلايا كان هناك أيضاً فكر غير ناضج ورأي غير معقول. وليست فائدة الاتصال بين الخلايا مقتصرة على تبادل المعلومات. إذ أن تسجيل التجارب والأفكار يحدث بواسطة هذا الاتصال على قواعد الاصطحاب والقرينة فالمعلومات المتشابهة أو المتضادة تسجل في خلايا متجاورة أو متباعدة، ولكنها متصلة ببعضها

ولما كان المخ البشري من الوجهة التشريحية الميكروسكوبية متماثل من جميع الوجوه - سواء في ذلك المخ الزنجي ومخ الرجل الأبيض، وسواء في ذلك أفتى وأغبى رجل - فإن اتصال الخلايالا يتوقف على كثرة أو قلة الخيوط الدقيقة، أو على مقدار تفرع هذه الخيوط كما يتوقف على العوامل النفسية والعقلية الأخرى

فالعوامل النفسية إذن هي التي تمنع الاتصال بين الخلايا. وأكثر هذه العوامل هو ما يكون بفعل المشادة بين اللاشعور والشعور، أو بمعنى أدق بين اللاشعور والضمير - أو بين ما يسميه فرويد وهو يقصد بكلمة لبدو كل الجهود التي ترمي إلى إشباع شهوة النفس وبكلمة الجهود التي ترمي إلى حفظ النفس وجعلها ملائمة لمقتضيات الوسط الذي تعيش فيه

هذه المشادة بين اللاشعور والضمير هي التي خلقت العواطف في الإنسان وخلقت فيه التردد وعدم البت في الأمور، وهي التي كثيراً ما تحول دون تمام الاتصال بين الخلايا، فيكون الفكر والرأي والتصرف غير ناضجة من الوجهة العقلية السليمة. وهي أيضا التي تمهد السبيل إلى الأمراض العصبية المختلفة

وليس هذا الاتصال المباشر بالخيوط الدقيقة - هو الاتصال الوحيد بين الخلايا. فان هناك اتصالا آخر غير مباشر وهو اتصال يمكن تشبيهه بالاتصال اللاسلكي بين المحطات المختلفة

هذا الاتصال الأثيري قد يكون موجودا، ولكنه نادر وقليل الحدوث بين خلايا المخ الواحد، وهو مع ذلك شائع وكثير الحدوث بين الخلايا التي لا تنتمي إلى مخ واحد. وهذا هو سبب ما نسميه توارد الخواطر وسبب الرؤيا الصادقة. ومن منا لا يذكر انه أراد مرة أن يقول كلمة فسبقه مخاطبه بقولها؟ ومن منا لا يذكر انه كان يتكلم مع صديقه عن شخص ثالث، فإذا بهذا الشخص الثالث يحضر على الأثر؟ ومن منا لا يذكر انه رأى شيئاً في الرؤيا فإذا به يراه في اليقظة في اليوم التالي؟

وهكذا نرى أنه قد يكون لكل رؤيا تفسيران - التفسير الأول وهو الثابت في جميع الرؤى هو التفسير التحليلي الذي سبق أن تكلمنا عنه. وأما التفسير الثاني الذي يتعلق بحوادث اليوم الأول أو الأيام القليلة التي تلي ليلة الرؤيا فانه، فضلا عن كونه قليل الأهمية في الغالب لا يمكن معرفته قبل حدوثه بالفعل، فهو نادر الحدوث، أي أن الرؤيا التي لها تفسير من هذا القبيل قليلة ونادرة. فالتفسير التحليلي إذن هو الأهم وبواسطته يمكن معرفة رغبات الإنسان الكامنة فيستدل على مواطن المرض العصبي ويستأصل من جذوره

هذا وقد حاول الكثيرون التخلص من الأفكار الذاتية المخطئة بطرق شتى

1 - الإيحاء

2 - الإيحاء الذاتي

3 - الجمع بين الطريقتين السابقتين وهي طريقة (وهي التي يسميها '

4 - التنويم المغناطيسي. وعيبه أنه يؤثر تأثيرا بيناً في شخصية النائم. على أن هذه الطرق الأربعة مع إمكان نجاحها في الحالات البسيطة، فهي كثيراً ما تفشل، ذلك لأنها لا تؤثر إلا في الحركات والألفاظ أو الأعراض العصبية الأخرى التي سببتها الأفكار الذاتية الكامنة، ولكنها لا تؤثر في هذه الأفكار نفسها. ولذا فان هذه الأعراض قد تختفي لتحل محلها أعراض أخرى أخف أو أشد منها على حسب الظروف. ولو تسنى معرفة هذه الأفكار أو الرغبات الكافية لعرضت على العقل المميز وبت فيها ولخرجت إذن من العقل الباطن وأصبحت غير قادرة على ما كانت تسببه قبل ذلك

وفيما بعد سنتكلم عن الإيحاء والتنويم والاتصال الأثيري والتحليل النفسي مع شيء من الإسهاب. ولا بأس الآن بعد أن وصلنا إلى هذا القدر من البحث من أن نشير إلى الروح وما هي، فقد تعرض لها الكثيرون في العصور المختلفة. فمن قائل إنها في الدم، ومن قائل إنها في القلب. وربما يظن الإنسان أنه قد توصل إلى معرفتها، وأنها هي التي تتجلى في الاتصال الأثيري السالف الذكر، والواقع أنها بعيدة عن متناول يده الضعيفة، فهو لم يعرف بعد جميع أسرار المادة التي يراها حوله في كل مكان. وأولى له أن يعرف هذه الأسرار قبل التطلع إلى معرفة الروح. والروح من أمر الله

عبد الفتاح سلامه