مجلة الرسالة/العدد 436/كليلة ودمنة
مجلة الرسالة/العدد 436/كليلة ودمنة
للدكتور عبد الوهاب عزام
(تتمة)
ص 195 س 15: (أرادوا إدخال النقص عليك في ملكك) قال الأستاذ: (كلمة النقص ركيكة في هذا المعرض لا يقولها مثل ابن المقفع وإنما هي النقض بالضاد المعجمة) ولست أرى في النقص هنا ركاكة. وما كان لي أن أغير الذي أمامي في أمر لا دليل فيه، وهذا دأبي في تصحيح الكتاب، ولو كان الأمر إلى اختياري لما اخترت إحدى الكلمتين ضربة لازب.
ص 200 س 9: (فإنها امرأة عاقلة لبيبة حريصة على الخير، سعيدة من الملكات ليس لها في النساء عديل) قال الأستاذ: (وكيف تكون سعيدة مع أن الملك أمر بقتلها الخ. . . ثم هو في معرض التنويه بخصالها، وليست السعادة خصلة أو خلقاً - الأخلاق والوجه: سديدة الرأي من الملكات التي ليس (في النساء عديل) وقال في الحاشية أنظر كليلة ودمنة طبع بولاق) - والجواب أنه ما كان لمصحح أمين أن يغير برأيه سعيدة من الملكات إلى سديدة الرأي من الملكات التي الخ. . . وطبعة بولاق وغيرها شواهد على ما جناه الناشرون المتصرفون بآرائهم في متن الكتاب. ومعنى سعادة الملكة هنا أنها مباركة ميمونة كان عهدها مع الملك عهد سعادة وغبطة
ص 208 س 11، 12 (الذي يصنع الطعام وينظفه لسيده) يرى الأستاذ أن الكلمة ينضجه حرفها الناسخ إلى ينظفه. وهو رأي سديد، وكان ينبغي أن يشار إلى هذا التعليق إن لم يجز تغيير المتن.
ص 210 س 5: (والجريء الجاهل المقدم على ما ليس له وإن أتلف نفسه ونفس غيره في طلب حاجة وشحه) قال صوابه ونجحه. وأرى أن الصواب شحه يعني حرصه على ما يطلب. وليس الشح الحرص على ما في اليد فقط بل منه الحرص على أخذ ما ليس في اليد وفي حديث ابن مسعود: والشح أن تأخذ مال أخيك بغير حقه. وفي حديث ابن عمر: إن كان شحك لا يحملك على أن تأخذ ما ليس لك فليس بشحك بأس.
ص 250 س 3: (فلما رأوا الأسد قد احتشد في طلب اللحم وغضب) وقال: أرى أنها احت والحدة تقارن الغضب. أقول بل هي احتشد وكذلك وقعت في نسخة شيخو. واحتشد الإنسان في الأمر إذا اجتهد وبذل وسعه فيه.
ص 247س 4: (فما الذي يشبه كفك عن الدماء وتركك اللحم) قال: كلمة يشبه مقحمة، ولعلها زيادة من الممل للناسخ حين تردوه في الكلمة بعدها - وقد وقفت عند هذه الجملة حين التصحيح وهمت أن أضع مكانها ما في شيخو: (فما الذي يمسك كفك عن الدماء) ولكني وجدت في آخر الجملة (وتركك اللحم) وفي شيخو وترك اللحم وهذا لا يستقيم مع كلمة يمسك. ورأيتها في نسخة طبارة (فأي شيء يشبه كفك عن الدماء الخ. . .) فآثرت الإبقاء على ما في نسختنا. وكان يسيراً أن أغيرها كما غيرتها النسخ الأخرى. ومعنى الجملة: أي سيرة هذه التي لا نرى لها شبيهاً؟
271: 11 (بفضل قسمه لك وتابع نعمه عليك) قال: فعلى أي شيء عطف الفعل (تابع)؟ - رأي أن تصحح الجملة على وجوه مختلفة - وأرى أن في الجملة نظراً ولكن معناها بين، وتابع معطوف على قسمه والضمير في تابع يرجع إلى الله وليست جملة تابع وصفاً لفضل وإن كانت عطفاً على الوصف.
52: 2 (كالشعلة من النار التي يصونها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعاً) قال الأستاذ إنه وجدها في عيون الأخبار (يصوبها) أي يخفضها - وأقول: هو وجه حسن جيد ولكن لم يقع في نسخة من نسخ الكتاب فلم يتوجه الرأي إليه. وهو حري أن يؤخذ به، وللناقد الشكر.
276: 13 (ولم تجدي من الأسف والحزن على شبليك شيئاً إلا وقد كان من كنت تفعلين بأحبابه ما تفعلين يجد مثله أو أفضل منه) قال الأستاذ: وليس يقال حزن فلان حزناً أفضل من حزن فلان. . . والوجه أمثل الخ. ولا أرى هذا وجهاً. وقد بينت في التعليق أن الفضل معناه الزيادة. وعندي أن كلمة أفضل أقرب من أمثل في هذا السياق. وإن فسرت أمثل بأنها من مثل بمعنى نكل كما فسرها الناقد.
في التعليقات
جادل الناقد الفاضل في جمل رأيت أن بها أثراً من الفارسية، وقلت إن ابن المقفع لم يسلم من تأثير الفارسية حين الترجمة - وقد رأى الأستاذ أن لهذه الجمل أوجهاً في العربية الصحيحة. ولست أريد أن أتناول هذه الجمل بالتفصيل، وحسبي أن أقول: إن هذه الصيغ أشيع في الفارسية وأقرب إلى أساليبها، وقد ذكرتني بالفارسية حين قرأتها، ولعل الذي حفز الأستاذ إلى الجدال في هذه الجمل أنه يرى (ابن المقفع أيقظ من أن يؤثر في بيانه العربي الخالص هجنة فارسية، أو يلتاث في ترجمة هذه اللوثة). ولست أشاركه هذا الرأي، فلا ريب عندي أن أثر الفارسية يظهر أحياناً في أساليب ابن المقفع؛ وهو أمر يحتاج إلى تفصيل وتبيين، وعسى أن تتاح فرصة للكلام فيه.
وبعد، فقد آثرت الإيجاز في الرد على الناقد الأديب توفيراً للوقت وعلماً بأن قليلاً من القراء من يحمل نفسه على تتبع الجدال في جزئيات كهذه.
ثم للأستاذ عبد السلام الشكر بما قرأ وبحث ودقق ونقد. وقد دل نقده على علم وأدب، نسأل الله له منهما المزيد، كما نسأله أن يهدينا إلى السداد في الرأي والقول، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
عبد الوهاب عزام