مجلة الرسالة/العدد 428/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 428/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 15 - 09 - 1941


1 - ما رأيكم في هذا الجواب؟

لأستاذنا الكبير (ا. ع) فضل في أقوال الكتاب والشعراء من التعابير

الدخيلة في اللغة الغربية. وهو يخصني بالعناية فيتناول كلامي بالنقد

من حين إلى حين، وإن كان في يأس من إصغائي إليه في كل وقت،

لأني أرى من حق الكاتب أو الشاعر أن يدير التعبير كيف يشاء، وفقاً

للصورة التي تتمثل في ذهنه وهو يساور بعض المعاني ولأغراض

ومن أغلاطي عند عبارة (من جديد) وهي كثيرة الدوران في كلامي، ويرى أستاذنا (ا. ع) أنها (من التعبيرات التي تسربت حديثاً إلى لغتنا، فتداولها الكتاب من غير تمحيص، ولا وزن لصحتها اللغوية، ولا لصلاحيتها لأن تندمج في الأساليب الفصيحة وتغدو جزءاً منها) ثم قال: (وما كنت أتوهم قط أنها تصل يوماً إلى أقلام البلغاء) وبعد أن رجح أنها (من التراكيب الإفرنجية الكثيرة التي شوهتها الترجمة السقيمة) تلطف فقال: (أفلا يرى معي حضرة الدكتور أنه يجدر بنا أن نحارب هذه الطفيليات في لغتنا، وأن نقضي عليها قبل أن يستشري فيها شرها؟)

واتفق أن صرفتني الشواغل عن الجواب فكتب الأستاذ بعد ذلك بأسابيع كلمة يقرر فيها أن عبارة (من جديد) لن تقتلع من اللغة إلا بعناء، وفوض أمره وأمر اللغة إلى الله!

فما رأي أستاذنا (ا. ع) فيمن يخبره أن اللغة العربية عرفت هذا التعبير قبل أكثر من تسعة قرون؟ ما رأيه في قول ابن رشيق وهو من أقطاب الأدب العربي:

قد أحكمتْ من التجا ... ربُ كل شيء غير جودي

أبداً أقول لئن كسب ... تُ لأقبضنّ يَدَيْ شديد

حتى إذا أثريتُ عُدْ ... تُ إلى السماحة من جديد

أيراني أجبتُ؟ إن لم يقتنع فسأرجع إلى مصاولته من جديد وإن اقتنع فأنا أنتظر منه جائزة سنية على هذا الجواب، والسلام

2 - مشكلة جديدة قبل ظهور العدد الماضي بثلاثة أيام قدمت الكلمة السابقة لمطبعة الرسالة، وراعني أن أجد أحد الأدباء سبقني بكلمة عن أبيات ابن رشيق، ولم تكن تلك الأبيات بعيدة مني، فهي من شواهد كتاب (الموازنة بين الشعراء) ولكن الحظ قضى بأن تكون (الجائزة السنية) من حق ذلك الأديب وقد وصلت كلمته قبل كلمتي

وهنا تظهر مشكلة جديدة تصورها الأسئلة آلاتية

1 - حكم الأستاذ الكبير (ا. ع) بأن عبارة (من جديد) لم تكن شائعة بيننا قبل نحو عشر سنين، فهل يؤمن بقيمة الاستقراء الفردي في اللغات؟

2 - وحكم بأنه ما كان يتوهم قط أن تصل هذه العبارة يوماً إلى أقلام البلغاء، فهل يتفضل فيشرح الأسباب التي تمنع وقوع هذه العبارة في كلام بليغ، ولو صح القول بأنها منقولة عن اللغات الأجنبية؟

3 - ورجح القول بأنها مترجمة عن الإنجليزية، وأقول إن لها نظيراً في الفرنسية، فهل يجب أن ننفي من لغتنا كل عبارة لها نظائر في لغات الأجانب؟

4 - قال أستاذنا (ا. ع) إنه جهد في أن يخرج هذا التركيب في مختلف أوضاعه تخريجاً سائغاً فلم يوفق، ثم قال: (قد يكون التقدير في عبارة الدكتور (من وقت جديد) أو (من شيء جديد) أو (من أمر جديد) مثلاً، ولكن كيفما قدرنا هذا الموصوف ألفينا الكلام غثاً لا معنى له)

ومن حقي أن أسأل أستاذنا عن الموجب لهذا التقدير وهو من صور التكلف والافتعال؟ يضاف إلى ذلك أن البحث عن أصول التعابير يضيع الغرض الأصيل وهو الإيجاز ويفقد التعابير حظها من الذاتية البيانية.

إن أجاب سعادة الأستاذ عن هذه الأسئلة بما يقنع فله عندي جائزة سنية، على شرط أن يخص السؤال الثاني بالعناية والاحتفال.

زكي مبارك

من جديد

اطلعت في العدد (427) من (الرسالة) على كلمة للأستاذ الفاضل محمود عزت عرفة، يعقب بها على ما كتبته في تخطئة قول بعضهم: (من جديد)؛ ويستشهد لعربية هذا التعبير بما رواه لابن رشيق في إحدى قصائده.

ولقد طربت - علم الله - لهذا التصويب، وإن كان لا ينزلنا منزلة اليقين؛ - كما قال الأستاذ - يميل بنا إلى الجزم بانتهاء هذا التعبير إلى العربية الصحيحة، ويبعد بنا عن فكرة أنه مترجم عن الإنجليزية لقدم عهده.

وإني أشكر للأستاذ إفادتي وخدمته للغة بكشفه هذا.

هدانا الله إلى السداد، وألهمنا الصواب فيما نقول ونعمل.

(ا. ع)

الذي حرك العالم!

تساءل الأديب الفاضل أحمد الشرباصي في العدد الخامس والعشرين بعد الأربعمائة من (رسالتنا الغراء) عن السبب في تسمية (الجاز) المستعمل في المنازل بأسماء مختلفة، فقال: إن الحكومة تكتبه في البطاقات التي تعطى شهرياً للجمهور باسم (الكيروسين)، وكتاب السياسة يسمونه (البترول)، والعامة تسميه (الجاز)؛ ويقترح الأديب أن يطلق عليه (النفط)، كما كان يسميه العرب وتسمى منابعه (النفاطات).

والواقع أن (الجاز) أحد مشتقات عديدة تستخرج من زيت معدني هو البترول، أي أن كلمة (الجاز) لا ترادف كلمة (البترول)، والعلاقة بينهما هي علاقة الفرع بالأصل. وأما كلمة (الكيروسين)، فهي ترجمة إفرنجية علمية صحيحة للجاز، وموضوع (البترول) موضوع كيميائي متشعب. والمكتبة الإفرنجية غنية بالمصنفات العديدة عنه نظراً لأهميته الحيوية لجميع الأمم، سواء المتحاربة أم المسالمة، فما من مصنع يشتغل، أو سيارة تتحرك، أو طائرة تحلق، أو قطار يسير، أو بيت يعمر بأهله، إلا كان للبترول ومشتقاته فضل كبير في ذلك: فمنه يستخرج بنزين السيارات والطائرات، ومنه تستوقد النيران في المنازل بالجاز، ومنه زيوت التشحيم بأنواعها المختلفة، ومنه زيوت الديزل والمازوت للوقود، ومنه الشمع، ومنه الإسفلت. وأما كلمة (الجاز) التي شاعت على لسان الجمهور فأغلب الظن أنها مأخوذة من أحد زيوت البترول المسمى جاز أويل وهو نوع خفيف من زيت الديزل ويستضاء به أيضاً.

وإذا كان قد جاء في المختار والقاموس والمصباح أن النفط ضرب من السرج يستصبح به، وأن النفاطة منبت النفط ومنبعه، فأظن أنه بعد التقدم العلمي في دراسة البترول وتقسيم مشتقاته لا يكفي. فعلى علماء المجمع اللغوي أن يحددوا اللفظ المقابل لكل من المواد السالفة الذكر، بعد أن اتضح أن الجاز شئ والبترول شئ آخر.

أحمد علي الشحات

كيميائي

استيضاح

في العدد (425) كتب الأستاذ الكبير (أ. ع) تعقيباً لغوياً على الدكتور زكي مبارك جاء في هامشه ما نصه: (ويكنى عن الأمر بكذا؛ إلا أن (كذا) تفرد إن لم يتعدد الفعل. قال في (المصباح): ويكون كناية عن الأشياء، يقال فعلت كذا، وقلت كذا؛ فإن قلت: فعلت كذا وكذا فلتعدد الفعل آه).

وفي هذا القول نظر، كما يقول الأسلاف إذ جاء في مختار الصحاح ما نصه: (تقول فعل كذا وكذا) و (تقول عندي كذا وكذا درهماً) وهذا يفيد جواز تكرار (كذا).

وقول المصباح: (فإن قلت: فعلت كذا وكذا فلتعدد الفعل) مبهم محتاج إلى توضيح، إذ لا نفهم معنى تعدد الفعل هنا؛ أيقصد تعدد الفعل من الفاعل، أم بقصد تعدد الفعل في الجملة وتقديره مضمراً يفسره المذكور، أم ماذا؟ مع ملاحظة أن المصباح نفسه قد أورد قبل ذلك في المادة نفسها هذه الجملة: (يقال اشترى الأمير كذا وكذا عبداً).

فهل يتفضل الأستاذ الكبير (أ. ع) بتوضيح ذلك وتبسيطه لعامة القراء؟

(البجلات)

أحمد الشرباصي

في اللغة

طالعت بجريدة الأهرام صباح الأحد كلمة (هناء) في مقال بإمضاء (مصري) وتحت عنوان (يا أولياء الأمور) وقد سبق أن أنكر الباحثون وجود تلك الكلمة في اللغة وقالوا إن الصحيح (هناءة) لا (هناء) فهل يتفضل العلامة وحيد بك بما يؤكد الخطأ أو الصواب. ولحضرته الشكر.

(ع. ع)