مجلة الرسالة/العدد 399/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 399/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 399
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 24 - 02 - 1941



زهر الآداب

أخبرني جماعة من الأصدقاء أن الأستاذ السباعي بيومي حدثهم أنه سيكشف الأغلاط التي فاتتني وأنا أنشر كتاب الحصري، كما أصنع في كشف الأغلاط التي فاتته وهو ينشر كتاب المبرد.

وأقول: إني طبعت كتاب (زهر الآداب) مرتين، وقد تداركت في الطبعة الثانية ما فاتني في الطبعة الأولى، فإن كان الأستاذ يريد كشف أغلاط الطبعة الثانية فسيؤدي إليَّ جميلاً أذكره له مع الثناء في الطبعة الثالثة. أما إن كان يريد كشف أغلاط الطبعة الأولى فجهده ضائع، لأني سبقته بذلك بنحو عشر سنين، ولأن صفحات الرسالة تضيق عن الحديث المعاد.

الوحدة العربية

أجبت دعوة (جماعة الطلبة العرب) بكلية الآداب لسماع محاضرة الأستاذ الدكتور عبد الوهاب عزام في شرح (عناصر الوحدة العربية) فالتفت ذهني إلى ظاهرة تستحق التسجيل، وهي إقبال الجمهور على تلك المحاضرة مع بعد المكان، فهل يكون ذلك إلا دليلاً على أن فكرة الوحدة العربية صارت في مصر من الأمور ذوات البال؟

أرجو أن ينشر الدكتور محاضرته تبليغاً لما دعا إليه من كرائم الأغراض.

نقل الأديب

من واجبي نحو نفسي أن أعلن أني استوحشت لغياب الشذرات النفسية جداً، الشذرات التي كان ينشرها الأستاذ الجليل إسعاف النشاشيبي على صفحات (الرسالة) فمتى يعود؟

هي مختارات منقولة من هنا وهناك؛ ولكن الذوق في نقلها قد بلغ الغاية في شرف التحليق؛ وأظنها ستصبح كتاباً يحق لهم أن يسمى (كتاب الأمة العربية)

زكي مبارك

بعد انتهاء مناقشات رسائل الأستاذية

في يوم الاثنين الماضي انتهت المناقشات العلنية لرسائل (الأستاذية) الأزهرية المقدمة ف هذا العام. وقد رأيت بهذه المناسبة أن أدلي ببعض الملاحظات بشأن هذه الدرجة العلمية التي لا أشك في أن الأزهر يفتتح بها في حياته الدراسية الحافلة عهداً جديداً سيكون ذا أثر بعيد في توجيه نشاطه العلمي توجيهاً صحيحاً.

وقبل أن أدلي بهذه الملاحظات، أود أن أنوَّه بظاهرتين جديرتين بالتسجيل، تجلتا بوضوح أثناء المحاضرات العامة والمناقشات العلنية:

الأولى: أن الأزهريين قد خطوا خطوة موفقة في التقريب بين طريقتهم الخاصة في التعمق في النقاش والبحث والتحليل اللفظي، والطريقة الحديثة في العرض المنظم والابتكار، بما جعل جمهور المستمعين يدرك أن الطريقين تتكاملان ولا غنى عن الاستعانة بهما معاً في الدراسات الأزهرية في العصر الحاضر.

الظاهرة الثانية: وجود مدرستين علميتين في الأزهر: المدرسة القديمة التي تتشبث بما خلف السلف من تراث علمي تقف بنشاطها عند حد تفهمه وتفهم أحكام الشريعة والعلوم المتصلة بها في نطاقه؛ والمدرسة الحديثة التي ترى أن السير على منهاج أولئك الأئمة الأمجاد يقتضي بذل المجهود الشخصي المستقل لأداء رسالة العصر الحاضر للشريعة وعلومها، كما أدوا رسالة عصورهم لها؛ ومن وافر حظ الأزهر أن تتم الغلبة للمدرسة الحديثة في ظل إدارته الحالية.

تفضل الأنظمة التي اتبعت في امتحان هذه الدرجة نظائرها المتبعة في امتحانات الدكتوراه في الجامعات الأخرى في نواح، كما تقصر عنها في نواح أخرى.

أما ما تفضلها فيه فهو:

1 - إلزام طلاب (الأستاذية) بإلقاء محاضرات عامة تعطى مع الرسائل فكرة صحيحة عن مقدرة كل منهم في الإبانة بالقول والكتابة والبحث.

غير أننا نلاحظ على المحاضرات والرسائل أن موضوعات معظمها أبواب عامة من الفقه لا يكون للمجهود الشخصي فيها سوى أثر ضعيف قوامه التجميع والتنظيم. وعهدنا بموضوعات الرسائل والأبحاث الجامعية التي من هذا القبيل أن يتناول كل منها بالبحث نقطة معينة يتولى الباحث تقرير كيان مستقل لها مما لا يبرز فيه سوى المجهود الشخصي المستقل.

2 - خضوع كل عضو من أعضاء لجنة مناقشة الرسائل لرقابة بقية الأعضاء أثناء دوره في المناقشة، تلك الرقابة التي يظهر أثرها بتدخلهم للفصل فيما يكون موضع خلاف بين الأستاذ وصاحب الرسالة، أو لجلاء بعض النقط الغامضة أو لغير ذلك مما تتكشف المناقشة عن ضرورة الاشتراك في بحثه. وإننا مع ترحيبنا بمثل هذا التدخل النافع لا يفوتنا أن ننبه إلا أن ما تقضي به الضرورة يتقدر بقدرها الذي لا ينبغي تجاوزه بحال.

3 - جعل الحكم في صلاحية الرسالة للمناقشة في يد هيئة بدلاً من فرد.

ويقصر نظام هذا الامتحان عن نظام (الدكتوراه) في النواحي الآتية:

1 - لا يخصص لكل رسالة أستاذ يكون لصاحبها نصيب في اختياره ليشرف على توجيه توجيهاً علمياً أثناء كتابتها.

2 - التساهل في إقرار صلاحية رسائل للمناقشة ظهر أنها لم تكن جديرة بذلك مما أدى إلى تكليف أصحابها تقديم رسائل أخرى.

3 - لم يتبع التقليد الجامعي في إتاحة الفرصة لصاحب الرسالة لعرضها بإيجاز على جمهور المستمعين قبل البدء في المناقشة.

4 - لم يبدأ أعضاء اللجنة أدوارهم في المناقشة بالتنويه بما يعتبرونه مواطن إجادة في الرسالة المقدمة، بل كان كل همهم محصوراً في تقصي النقائص أو الإطراء بصفة عامة مما فوت كثيراً من التشجيع النافع والتنويه بما يستحق التنويه.

5 - كانت الأحكام التي صدرت في الرسائل متأثرة في الغالب بما أصابه أصحابها من التوفيق في المناقشة الشفوية، لا بمجهود كل منهم في كتابتها وأثره الشخصي فيها.

6 - لا يقضي النظام الحالي - فيما نعلم - بطبع الرسائل ولم توضع قواعد لتبادلها مع الجامعات الأخرى؛ وينبغي - على الأقل - أن يقوم الأزهر بطبع الممتاز منها على نفقته مع تقرير نظام التبادل حتى يعم النفع.

إبراهيم زكي الدين بدوي

المتخرج في الأزهر وكليتي باريس والقاهرة

تعليق طلب مني من لا تسعني مخالفته، أن أعلق على ما كتبه الأستاذ مصطفى محمد إبراهيم في العدد الأخير من الثقافة في أيجابه أن تكون مفاتيح جمعاً لمِفتَح، وتخطئة من يقول إنها جمع مفتاح.

وعندي أن الأستاذ قد أسرف في دعوى التخطئة، ولو قال إن جمع مفتاح على مفاتح في غير ضرورة مخالف لرأي البصريين لكان قوله أدنى إلى الصواب.

فلقد جوَّز الكوفيون زيادة الياء فيما يماثل مفاعل في عدته وهيئته، وحذفها مما يماثل مفاعيل، فقالوا في جمع جعفر: جعافر وجعافير، وفي جمع عصفور: عصافر وعصافير. وجعلوا من الأول قوله تعالى: (ولو ألقى معاذيره) ومن الثاني قوله: (وعنده مفاتيح الغيب) على أن يكون مفرد الجمع الأول مقدرة، ومفرد الجمع الثاني مفتاح.

محمود حمزة

مفتش بالمعارف

إلى الأستاذ محمود الخفيف

تحية طيبة. . . وبعد فقد تهجمت (من وراء المنظار) على نائب محترم نعزه ونجلّه أعيان دائرته فكتبت إليك هذه الكلمة رداً على مقالك من غير تعليق.

قرأ أحد النواب الفرنسيين ذات صباح مقالاً يهاجمه فيه الكاتب هجوماً بلغ حد الإهانة، فبلغ به الغضب مبلغاً عظيماً وأسرع إلى صديق له يسأله كيف يستطيع أن يرد هذه الإهانة: أيدعو الصحفي إلى المبارزة؟ أم يطلب منه أن يعتذر رسمياً؟ ولكن صديقه كان عاقلاً إذ ابتسم وقال: (لا عليك يا صاحبي من هذا كله، فإن نصف قراء الصحيفة لم يلاحظوا هذا المقال، ونصف الذين لاحظوه لم يقرءوه، ونصف الذين قرءوه لم يفهموه، ونصف الذين فهموه لم يصدقوه، ونصف الذين صدقوه لا قيمة لهم. . . فماذا يبقى بعد ذلك؟)

هل أنت فاهم يا صاح؟ وهل عرفت أنك كالحادي وليس له بعير؟

حسين فهمي صادق

بكلية الحقوق إلى الأديب حسين فهمي

حيرتني في غير داع بكلمتك، فما كتبت مقالي عن شخص معين؛ والذي كتبت عنه ليس بنائب ولا بذي دائرة بالطبع، ولا هو ممن يعزه أحد بالضرورة.

وما قابلت إنساناً ممن يفهمون ما يقرءون إلا حدثني أن هذه الصور التي أجلوها إنما هي صور شائعة في كل بلد فلا تعني واحداً بالذات.

أما عن قصتك فيكفي أن أنبهك وكنت خليقاً أن تنتبه من تلقاء نفسك أني لم أكن حادياً بغير بعير، وأظنك فهمت الآن مَنْ بعيري. . . فأنت بلا شك من ذلك النصف الذي فهم، ولا عليّ إن كنت صدقت أم لم تصدق.

الخفيف

شبابيك القلل

كتب الدكتور زكي محمد حسن في العدد 112 من (مجلة الثقافة) مقالاً بهذا العنوان أود أن أعلق عليه بكلمة صغيرة فقد قال: (ومن العجيب أن يعني بزخرفة شبابيك القلل إلى هذا الحد بينما تبقى القلل نفسها بغير طلاء أو رسوم زخرفية).

ولقد فات الزميل الفاضل أن القلل في العصور الوسطى كانت على نوعين أحدهما نسميه - في اصطلاحنا العرفي - (القلل الصيفية) وتستعمل صيفاً وهي من الفخار غير المطلي، لأن مسامها تساعد على تبريد الماء. والنوع الثاني (القلل الشتوية) وتستعمل شتاء لأنها مكسوة بطلاء زجاجي يحفظ على الماء درجة حرارته الطبيعية.

وقد لاحظنا أن بعض أبدان القلل التي وصلت إلينا من هذين النوعين تزدان برسوم زخرفية غاية في الجمال كما يظهر ذلك في اللوحات الثلاث الأول من كتاب الأستاذ أولمير الذي ذكره في مقاله. وإذا كنا لم نجد كثيراً من القلل ذات الرسوم الزخرفية فهذا يرجع إلى أن الأجزاء التي عثرنا عليها هي بقايا من هذه القلل فقط، ولا ينهض ذلك دليلاً على ما ذهب إليه الدكتور من أن أبدان القلل لم تكن مزخرفة.

وقال أيضاً: (إن الرسوم الآدمية ورسوم الحيوان والطيور والأسماك التي نراها على تلك الشبابيك يشهد معظمها بأن صانعها كانت تنقصه المهارة ودقة الملاحظة حتى أن رسومه تبدو صبيانية وغير دقيقة).

ولئن صحت هذه الملاحظة نسبياً فيما يختص بالرسوم الآدمية فإنها لا يمكن أن تصح بأي حال في الحيوانات والطيور والأسماك وأن نظرة واحدة للرسوم التي نشرها الدكتور - وهي ليست بأجمل ما في مجموعة شبابيك القلل - لكافية للإقناع بما كان عليه هؤلاء الفنانون من دقة الرسم وحرية التعبير.

وعندما تعرض لتأريخ هذه الشبابيك قال (وليس من السهل تأريخ شبابيك القلل المحظوظة في المتاحف والمجموعات الأثرية لأنها من منتجات افن الشعبي).

فهل للزميل المحترم أن يعرف لنا ما يفهمه هنا من اصطلاح الفن الشعبي؟ ألم تكن القلل كباقي أنواع الصناعات الزخرفية في الفن الإسلامي مثل الخزف والخشب والمنسوجات والزجاج الخ. . . فيها الثمين والرخيص، يشتريها خاصة الناس وعامتهم كل على حسب مقدرته المالية؟ وكانت الرسوم الزخرفية والدقة الفنية في الصناعة توزع بين هذا وذاك كل حسب قيمته؟

وفي ختام كلمته قال الدكتور زكي بعد أن أشار إلى كتاب الأستاذ أولمير عن شبابيك القلل: وصفوة القول أن الأستاذ أولمير ظن أنه يستطيع الوصول إلى تأريخ بعض شبابيك القلل بواسطة الموازنة بين رسومها ورسوم سائر التحف الممكن معرفة تاريخها، ولكنا نظن أنه بالغ في تقدير النتائج التي تؤدي إليها هذه الطريقة.

فهل فات زميلي الدكتور أننا عثرنا على بعض هذه الشبابيك مطلية بالطلاء ذي البريق المعدني، وكان الفضل الأكبر في ذلك إلى الأستاذ حسين راشد رئيس أمناء دار الآثار العربية، كما ذكر ذلك الأستاذ أولمير في مقدمة كتابه (ص8 وما بعدها)، ونشر صورتها في اللوحة الأولى، وكان لهذه المجموعة أكبر الأثر في تاريخ شبابيك القلل التي تنسب إلى العصر الفاطمي؛ والبريق المعدني كما يعلم صديقي الفاضل معروف وقت استعماله في الخزف المصري. ولا أدري لماذا لم يذكر حضرته هذا النوع في مقاله. ولعله على رأي آخر في هذا الصدد نود لو يكشف لنا عنه.

دكتور محمد مصطفى

أمين مساعد دار الآثار العربية