مجلة الرسالة/العدد 394/رسالة الشعر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 394/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 01 - 1941



من نوازي القلب!

للأستاذ محمود خفيف

أَيْنَ ليلاَتُ أَدمُعي وسُهادي ... وَرِضَائي بِشقْوتي وَعِنادي؟

أَيْنَ مِنِّي ضلالَتي أَشْترِيها ... بالذِي قَدْ أَضَلَّني مِنْ رَشَادِ!

أَنا أَشْقى يَا وَيلَتا بانْطلاقي ... مِنْ إِسَاري فَأَيْن مِنِّ وِثاقيِ

آهِ! مِنْ لي بِساعَةٍ منْ زَمَانٍ ... كانَ بَعْضَ النَّعيمِ فيهِ احتِراقيِ!

لَمْ يَعُدْ بَعدَ مَوتِ الأَماني ... غَيرُ مَاضِ أَصْبو لهُ وأُعاني

إِنْ يَكنْ عَوْدُ عيْشِهِ مُسْتحيلاً ... فَشِفائِي في غَفْوةِ النِّسيانِ

كَيْفَ أَنْسى؟ اللهُ لي! ما لقلبِي ... مِنْ جِراحاتِهِ عُلاَلَةُ طِبِّ

وَقصَارَى العَذَابِ ذِكْرىَ حُبَّا ... لَمْ يَعُدْ بَعدُ غَيرَ سَالفِ حُبِّ!

أَيُّ طِبٍ لِحائِرٍ في الضُّلوعِ ... بَينَ يَأسٍ في خفقِهِ وَنُزُوعِ

ذِكْرُهُ اليَأسَ إِن تَوَثَّبَ يَثْني ... هِ ويُغرِيهِ ثمَّ طولُ الهجوعِ!

سحرَ ماضِيَّ غَيَّرتكِ الليالي ... بَعضُ هذا لمْ يجرِ يوماً بِبالي

لاَتَرى العَينُ في مُحيَّاكِ مَعْنىً ... غَيرَ ما تَدَّعينَ من إِقباَلِ

في مُحيَّاي لهْفَتي وأُوَامي ... وخَيَالُ القَديمِ من أَحلامي

أَزْهَقَتْ بَسْمَتي عَلَى شَفَتَيَّا ... خَطَراتٌ فيهِنَّ ماضي هُيَامي

لا تَخاليِ ادِّعَاءِ َكِ الوُدَّ يُغني ... تَقَرَأ الصَّدَّ في وِدَادِك عَيْني

وَسَوَاءٌ لَدَيَّ ما تُبْصِرُ العَيْ ... نُ ومَا غَابَ في ضَميرِكِ عَنَّي!

يَسْتَوي الْيَومَ وَيْحَ نَفْسيَ وُدُ ... إِن أَردْتِ الوَلاَء حَقَّاً وصَدُّ

رِعْدَةُ الأمْسِ عِنْدَ مَرْآكِ إِثْمٌ ... وَلَئِنْ أَلهَبَ الحَشْا مِنكِ وَقْدُ

السُّلوَّ السُّلوَّ. . . وَيْكَ فؤادِي ... لَنْ يَبُلَّ السَّرَابُ غُلَّةَ صَادي

قَدْ تَوَلى بَعْدَ الثَّلاثينِ عَاما ... نِ فَقَضِّ الشَّبابَ في الزُّهَّادِ

لَحَرَامٌ عَلَيَّ كُلُّ حَلاَلِ ... مِنْ مِراحِ الشَّبَابِ حُلوِ اللَّيالي

بَعْدَ دَعاني للهَّو بَعْضُ صِحابي ... واسْتَخَفَتهُمُوُ نَوَازِي الشَّباب فأَنا فِيهُمو الضَّحوك الذّي يُخْفِ ... ي عنِ الصَّحْبِ غاشِيَاتِ العذاب

ضَحِكُ الزَّهْرِ فَوْقَ مُوحِشِ رَمْس ... ضَحِكاتي بينَ الأسى والتَّأسي

وَمُجُونُ الرِّفاقِ حَوْليَ ضَوضَ ... اءُ صَدَاها فيهِ عَذابٌ لِنَفسي

وَإِذا اللَّيلُ هَزَّ في أَسْحارِه ... سَاجِعاتِ الخَمْيلِ مِنْ أَطْيارِهْ

وَالنَّهَارُ الضَّحُوك هَلَّ مِنَ الأُف ... قِ وَفاضَ الوَضِيءُ من تَيَّارِهْ

وإِذا ما الرَّبيعُ في رَيِعانِهْ ... أَلَّفَ السِّحْرَ في رُؤى مِهرَجانِه

وَتَعالَتْ أَلْحانُهُ في الضُّحَى الطَّل ... قِ فَهَاجَ الحَنِينَ في أَلحانِهْ

لا النَّهارُ الضَّحُوكُ يَملِكُ لُبِّي ... ولا وَلا في الرَّبيعِ عِيدٌ لِقلبي

ماتَ في مُهْجتي السُّرُورُ وِأمسى ... عَلْقَماً بَعْدَ مَوتِهِ كُلُّ عَذبِ!

الخفيف