مجلة الرسالة/العدد 392/الشروق. . .
مجلة الرسالة/العدد 392/الشروق. . .
(مهدأة إلى (الرسالة) عروس المشرق في صباح عيدها
التاسع)
للأستاذ محمود الخفيف
شدَّ مَا ذَكَّرَ قَلْبِي الْفَرَحَا ... مَوْلِدُ النُّورِ عَلَى الأُفْقِ الْبِعيدِ
كَمْ هَفاَ الْقلْبُ إليه وَصَحَا ... وَاجْتَلَى في الشَّرْقِ هَذا الوَضحَا
وَرَأَى في كلَّ رُكْنٍ بَسْمَةً
حُلْوَةً تُهْدَي إلي الصُّبْحِ الوَليد
في شِعَابِ النَّفْسِ أَلْقَي الاْبِتسَامَا ... فَلَقٌ هِمْتُ بِمَسرَاهُ الَمدِيدِ
زِدْت مَا دُرْتُ بِعَيْنيَّ هُيَامَا ... بِسناً يَا حُسْنَهُ إذ يَتَرَامَى!
لَمَحَاتٌ كابْتِسَامَاتِ الْمُنَى
وَرُؤًى مِثْلُ رُؤَى الُحْلمِ السَّعِيد
السَّنَا الوَرْدِيَّ حَوْلَ الأُفُقِ ... ذَابَ في فَيْضٍ من النُّورِ جَدِيدِ
ملْءُ نَفْسِي سْحرُ هَذا الشَّفَقِ ... أَلَقٍ أَجْمِلْ بِهِ مِنْ أَلَقِ
أَمْسِ كَمْ كَانَ لِرُوحي مَنْهَلاً
قَبْلَ هَذا الثُكْلِ في قَلْبِي الشَّهِيدِ
رَفَّ قلبِي للسَّنَا الُمنْسَكِبِ ... في جَنَاب أخضر الزَّرْعِ رَغِيدِ
رَمَتْ الشمْسُ خُيُوطَ الذَّهَبِ ... فَجَرَتْ فَوْقَ رَفِيفِ العُشُبِ
نَهَلَتْ عَيْنَايَ مِنْ بَهْجَتِهَا
آه! كَمْ طُفْتُ بهَا غَيْرَ وَحِيدِ
وَنَسِيمٍ عَبْهرِيٍ خَفِقِ ... سَرَقَ الْعِطْرَ مِنَ الزَّهْرِ النَّضِيدِ
عَبِقَتْ أَنفْاَسُهُ فِي الْغَسَقِ ... وَسَرَتْ فِي صُبْحِهِ الْمُؤْتَلِقِ
رَاحَ يَسْتَافُ فُؤَادِي عِطْرَهُ
هَاتفِاً فِي خَفْقِهِ هَلْ مِنْ مَزِيدِ؟ لألأ النورُ رُؤُوسَ الشَّجَرِ ... فِي انْهِلاَلٍ بَالِغ الْحُسْنِ فَرِيدِ
وَوَمِيضُ الطَّلَّ فَوْقَ الزَّهَرِ ... زَادَ حَوْلِي عَبْقَرِيَّ الصُّوَرِ
مُجْتَلّى صَلَّيْتُ فِي مِحْرَابِهِ
حَالِمَ النَّظْرَة صُوفِيَّ السُّجُودِ
سَاجِعَاتُ الأَيْكِ فِي أَلْحَانِهَا ... فَرْحَةٌ مَرَّتْ عَلَى قَلْبِي العَمِيدِ
المِرَاحُ الْحَقُّ فِي تَحْنَانِهَا ... وَهَنِيٌء الْعَيْشِ فِي أَفْنَانِهَا
سَجَعَاتُ لَمْ تَشُبْهَا كُدْرَةٌ
بَدَأَتْ فِي مَوْلِدِ الدَّهْرِ الأَبِيدِ
أَيْقَظَ الْغَافِينَ نُورُ المشْرِقِ ... حَبَّذَا يَقْظَتُهُمْ بَعْدَ هُمُودِ
أَنَا مَا بَيْنَ خَيَالٍ مُونِقِِ ... مِلَْء نَفْسِي وَنَهَارٍ مُشْرِقِ
لُمَعٌ فِي الشَّرْقِ يُوحِي نُورُهَا
لِفُؤَادِي مِن أَحَادِيثِ الْخُلُودِ
مَطْلَعُ النُّورِ شَجَانِي نُورُهُ ... وَجَلاَ لِلنَّفْسِ مَوْمُوقٌ العُهُودِ
أَجَمَلُ البِشْرِ لِنَفْسِي ذِكرُهُ ... أَبَداً يُبْهِجُ رُوحِي سِحْرُهُ
كَمْ بَعَثْتُ النَّفْسَ فِي آفَاقِهِ
كلَّما ضَاقَتْ عَلَى نَفْسِي قُيُودِي
فِي فِجَاج الشَّرْقِ أَطْوي الأَعْصُرا ... مِنْ زَمَانٍ شَامِخِ العِزِّ وَطِيدِ
إِبْتَنَي الْمَجْدَ بِهِ عَالِي الذُّرَى ... سَادَةٌ كَانُوا كآسَاد الشَّرَى
شَدَّ مَا يَمْلأُ نَفْسِيَ كبْرَةً
أَنْ أُغَنِّي بِالمَيَامِين الأُسُودِ
دَوْلَة الفَارُوقِ هَزَّتْ خَافِقِي ... وَازْدَهَانِي الْمُلْكُ فِي دَارِ الرَّشِيِدِ
أَتَأَسَّى بِجِلاَلٍ صَادِقِ ... كلَّمَا ضِقْتُ بِشَكٍ طَارِقِ
فِي غَدٍ يُوقِظ فِتْيَانَ الْحِمَى
وَمَضَاتُ الوَحْيِ مِنْ مَجْدٍ تَلِيدِ
آذَنَ الْمَشْرِقُ بَعْدَ الْغَلْسِ ... بِصَبَاحٍ دَافِقِ النورِ جَدِيدِ لاَحَ لِي مِنْ فَجْرِهِ المنْبَجِسِ ... لَمْحُ نُورٍ لَيْسَ بالمُحْتَبسِ
إِيهِ كَمْ أَبْهَجَنِي مِنْ نُورِهِ
مَوْلِدٌ هَلَّ عَلَى الأُفْقِ الْبَعِيدِ!
صُغْتُ هَذا الشِّعْرَ مِنْ غُرَّتِهِ ... وَتَغَنَّيَتُ بِهِ حُلْوَ النَّشِيدِ
مِنْ سَنَا الشَّرْقِ وَمِنْ رَوْعَتِهِ ... وَمَعَانِي السِّحْرِ مِنْ فِتْنَتِهِ
وَالوِضَاءِ الْغُرِّ مِنْ أيامهِ
وَحْيُ (إِلْيَادِي) وَأَلْحانُ قَصِيدِي