مجلة الرسالة/العدد 370/من نار الوطن

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 370/من نار الوطن

ملاحظات: بتاريخ: 05 - 08 - 1940



يا (مصر). . .

. . . يا أنشودة الدنيا!

للأستاذ محمود حسن إسماعيل

ناداكِ مَجْدُكِ فاسْتَجيبي! ... واْمشي لهُ فَوْقَ اللَّهيبِ!

وَتَجَشَّمِي لِعُلاَهُ نِيرانَ الشَّدَائِدِ والْخُطوبِ

وَثِبي لَهُ أَيَّانَ شَا ... َء، وَلَوْ عَلَى كَبِدِ الْغُيُوبِ

صَفَّا مِنَ الأَبْطالِ يَزْ ... حَفُ تَحْتَ أَلْوِيَةِ الْقُلُوبِ

نَشْوَانَ يَهْزَاُ بالْمَنا ... يا الْحُمْرِ في الْيَوْمِ الْعصِيبِ

وَيُزَلْزِلُ الْأيام إِنْ ... لَقِيْتَهُ عَادِيَةُ الْكُرُوبِ. . .

هُبِّي كَطَاِغَية الرِّيا ... حِ، وَثَوْرَة الْبَحْرِ الْغَضُوبِ

يا (مِصْرُ) قَدْ دَوَّى النَّفِي ... رُعَلَى ضِفاَقِكِ فاسْتَجِيبي

واسْتَنْهِضي النُّوَّامَ في ... زَمَنِ التَّحَفُّزِ والوُثوبِ

زَمَنٍ نَرَى الدُّنيا بهِ ... سَبَّاحَةً بِدَمٍ صَبيبِ

والدَّهْرَ مِثْلَ سَريرَةٍ ... نَاَءتْ بِأَعْبَاءِ الذُّنوبِ

غَشِّتْ عَلَى أَرْجَائِها ... ظُلمُ التَّشَكُّكِ والرُّيوبِ

والشَّرُّ، والْقَلَقُ المُفَزِّ ... عُ لِلْمَضَاجَعَ وَالْجُنُوبِ!

والأرْضَ مِثْلَ سفِينَةٍ ... رَعْنَاَء في يَمٍْ قَطوبِ

حَيْرَى تَضَلِّلها الرِّيا ... حُ عن الْمَسَالِكِ والدُّرُوبِ

في الشَّرْق، في الْغَرب الْمُرَوَّ ... ع، في الشَّمال، وفي الْجَنوبِ

لَيْلٌ تَرصَّدَ أُفْقَها الدَّا ... جِي بإِعْصارٍ رَهِيبِ

ورَديً يَقولُ لها: أَثِمْ ... تِ فأَقْبِلي عِنْدِي وَتُوبي

هاتي الدَّمَ الْمَسْفُوكَ مِ ... نْكِ وَأَتْرِعي قَدَحي وَكُوبي!

فَمضَتْ تَحبَّطُ في الْقَتا ... مِ بِحَيْرِة الطَّفْل الْغَريبِ رُبَّانُها (عِزْريلُ) فان ... ظرْ هَوْلَ مَصْرَعِها الْعَجِيبِ!

يا (مِصْرُ) حَوْلَكٍ مِرْجَلٌ ال ... آفَاقِ مُضْطرِمُ الشُّبوبِ

ريحُ الحُروب عليه في الدُّن ... يَا مُجَلْجلَةُ الْهُبوبِ

مَعْتُوهَةُ الْخُطواتِ تَعْ ... صِفُ بالخَصيبِ وَبالْجَديبِ

هَبَّتْ وَشَمْسُ الْعَصْرِ في ... سِرْبالِ بَهْجَتْها القَشيبِ

فإذا بها أَشْلاَءُ لَ ... يْل فاجِعِ الرُّؤْيا كَئِيبِ

حَفَرَتْ له قبْرَ الحضا ... رَةِ فِتْنَةُ الْعَقل الْمَريبِ!!

يا (مِصْرُ) يا أُنشودَةَ الدُّ ... نيا وَأُغْنِيَةَ الشُّعوبِ

يا أم أبطال الفُتُو ... نِ وَأُمَّ أَبْطال الْحُروبِ

يا أَرْغُنَ التَّارِيخِ، يا ... نَغَما مِنَ السِّحْرِ الْمَهِيبِ

يا جَنَّةً تَهْتَزُّ بال ... أسْرار بَيْنَ شَذىً وَطِيبِ

مَنْ كلِّ مُعْجِزَةٍ يَنُو ... ءُ بَوحْيَها قَلَمُ الْغُيُوبِ

وَتَمِيلُ عَنْها حَكْمَةُ الْكُ ... هَّانِ شَلاََّء الدَّبيبِ. . .

وَالسَّحْرَ تُفْزِعُهُ طَلا ... سِمُها فَيُمْعِنُ في الْهُروبٍ

وَالشَّمْسُ تخْشَعُ في ثَرا ... ها في الشُّروقِ وفي الغُروبِ

آثارُ قَوْمِ أذهلوا الدُّ ... نيا بفَنِّهِمُ العَجِيبِ

وَبما أَفاءُوا من ظِلا ... لِ الْمُلْكِ وَالْمَجْدِ الرَّحِيبِ

وَبما بَنَوْا لِلنِّيل مِنْ ... عِزٍّ بِمَوْجَتِهِ خَضيبِ. . .

النِّيلُ! مِرْآةُ النُّجو ... مِ وَكهْفُ عَالَمِها الرَّهِيبِ!

بَلْ قِصَّةُ الشَّمْسِ التي ... تَسْلُو بها شَجَنَ الْمَشِيبِ

وَتُذيبُ أَحْزان الأشَّع ... ةِ فَوْقَها عِنْدَ الْمَغِيبِ. . .

وَقَصِيدةُ الشَّرْقِ الْمُعَطَّ ... رَةُ المطَهِّرَةُ الطُّيوبِ

جَمعَتْ عَلَى أَنْغامِها ... شَتَّى مُنَّى وَأَسَى قُلُوبِ

وَتَنَفَّسَتْ بالحُبِّ بَيْ ... نَ شَذَى رُبىً وَهَوَى شُعُوبِ

النِّيلُ! غَابُ الفاتِحي ... نَ الصَّيدِ غِيلانِ الحُروبِ! يا خَيْلَ (رَمْسيسَ) اصْهَلِي ... وَبِجَيْشِكِ العاتي أَهِيبِي

قُومِي اذكُري أَهْوَالَ جُنْ ... دِكِ فَوْقَ نيرانَ السُّهوُبِ. . .

يا سَيْف (إبراهيم) عَدْ ... فَوْقَ الْحِمَى أَمْضَي خَطِيبِ

فالْيَوْم يَوْمُكَ يا حَدِ ... يدُ، وَيَوْمُ فُرْسَانْ اللَّهيبِ

يَوْمُ الْجِبَالْ الزَّاحِفا ... تِ مِنَ المَنَاياَ وَالْكُرَوبِ

يَوْمٌ جَهَنَّمُ لَوْ رَأَتْ ... هُ لَرَاعَها هَوْلُ الْوَجِيبِ. . .

فَقَفِي لَهُ يا (مِصْرُ) واصْ ... طَرِعي بِأَْرزَاءِ الْخُطُوبِ

ضُمِّي يَدَيْكِ عَلَى الْجِرَا ... حِ وَأَلِّفِي بَيْنَ الْقُلُوبِ!

وامْشي عَلَى الْبَأُسَاءِ سَا ... خِرَةً بِأَهْوالِ الْحُرُوبِ

وامْضي. . . فَتَاجُكِ في السَّم ... اءِ مَنَارَةُ الْوَطَنِ الْحَبيبِ

يا كَعْبَةَ الأَحْرَارِ رَنَّ ... هُتّافُ شَاعِرِكِ الطَّرُوبِ

(وَدَعَاكِ مَجْدُكِ فاسْتَجِيبي ... وامْشي لَهُ فَوْقَ اللَّهيبِ)

(يا (مِصْرُ) يا أُنْشوُدَةَ الدُّنْ ... ياَ وَأُغْنِيَةَ الشُّعُوبِ!!)

(القاهرة)

محمود حسن إسماعيل

مراقبة الثقافة - بالمعارف