مجلة الرسالة/العدد 360/الأسماء تعلل

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 360/الأسماء تعلل

ملاحظات: بتاريخ: 27 - 05 - 1940



للدكتور مأمون عبد السلام

(وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة)

(قرآن كريم)

لكل كائن أسم يعرف به. هكذا جرت طبيعة الخلق، وهكذا ستكون إلى أن يشاء الله. فمعنى كلمة آدم، الرجل، لأنه أول رجل خلقه الله، كما أن حواء أول امرأة خلقت. وقد أنجبت قابيل لأنها اقتنته رجلاً من عند الله. وسمى الله أبرام إبراهيم لأنه سيكون أباً لجمهور من الأمم. ودعا ساراى زوجة أبينا الخليل سارة لأنه سيسر بها قلبه، وسمى أبنه منها أسحق لأن إبراهيم عليه السلام سقط على وجهه وضحك لأن الله أخبره بأنه سيولد له منها ولد وهي ابنة تسعين سنة. وقد قالت سارة عندما ولدته: (صنع الله إليَّ ضحكاً كل من يسمع بي يضحك) لذلك سمي اسحق من الضحك. وسمي يعقوب بذلك لأنه كان توأماً لعيسوه، فخرج بعده وهو قابض بعقبه. هذه هي رواية التوراة في تعليل أسماء الأنبياء عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام

فأسماء الأعلام في الأصل إذن لها تعليل ومعنى. وقد جرت عادة بني الإنسان في كافة أنحاء الأرض أن يتبعوا قواعد في تسمية أبنائهم تكاد تكون واحدة. فتراهم ينسبون أسماءهم إلى معبوداتهم، وإلى الملائكة والرسل والأنبياء والقديسين وأسماء الملوك والفاتحين، وأصحاب الشهرة ممن خلدوا ذكرهم. فكان قدماء المصريين مثلاً يسمون أبناءهم بالإضافة إلى آلهتهم مثل رعمسيس، وتوت عنخ أمون، وإخناتون. وكان العرب في جاهليتهم يسمونهم بعبد مناة وعبد العزى. ويسمي أهل الكتاب أولادهم بأسماء الرسل أولى العزم والنبيين كنوح، إبراهيم، يونس، عيسى، محمد. وبأسماء الملائكة مثل جبريل وميخائيل. وقد ورد في الأثر: خير الأسماء ما عبد وما حمد. لذلك يكثر في أسماء المسلمين عبد الله، عبد الرحمن، عبد الغفار، وغير ذلك من الإضافة إلى أسماء الله الحسنى، كما يكثر فيهم محمد، محمود، أحمد، حامد، حماد، حمدين.

ومن الأسماء ما يكثر محلياً بالنسبة لولي أو قديس محلي، فترى أسم عواد منتشراً في مديرية القليوبية، وعبد الرحيم في قنا، لوجود قبري هذين القطبين فيهما، كما يكثر أسم موسى في جنوب سينا

وكانت عادة العرب وغيرهم من الأمم قديماً أن يختاروا للذكور من أولادهم أسماء تشعر أعداءهم بالشدة والبأس والقوة والشجاعة لتتلقى الرعب في قلوبهم. فمن أسماء العرب معارك، محارب، حرب، شجاع، صنديد، شديد، دهشان، غضبان، هراس، تاعب، وحش، منصور، ولهذه الأسماء ما يقابلها عند الفرنجة مثل جيرالد، سافيدج، فكتور

كما أنهم يسمونهم بأسماء الحيوانات التي يعجبون بها لصفات يحمدونها فيها كالشجاعة والمكر والمثابرة، فترى كثيراً من المصريين والعرب يسمون الوحش، الوحيش، السبع، الضبع، النمر، الفهد، الذئب، الفيل، الجحش، الجدي، العجل، العجيل، الجمل، الحلوف، البغل، القرد، الفار. كما أن منهم من أسمه ثعلب، نمس، نميس، بعرور، قطه، بقر، بهايم، جربوعه، علوش، وهو الذئب أو أبن آوى بلغة بني حمير، ومنهم من أسمه البدن وهو الماعز الجبلي

ويسمي كثير من سكان السواحل المصرية بأسماء الأسماك مثل: قرموط، شلباية، شال، زقزوق، كركور، شوبار، طومار، سحلول، حوت

كما أن منهم من يسمي بأسماء الطيور مثل الدقيش وهو نوع من الطير أغبر أريقط، وقد يكون الدقنوش المعروف بمصر. ومن الأسماء المعروفة بمصر حدايه، صقر، عصفور، شحرور، هدهد، غراب، فراخ، زرزور، بلبل، غر، ديك، بطة

ومنهم من يسمي بأسماء الحشرات والدبيب فهناك أشخاص يسمون نحلة، دبور، جعران، خنفس، برغوث، بقة، حنش، حنيش، حية

ومن الناس من يسمون بأسماء النباتات، فمنهم من يتخذ أسماء الحبوب مثل عائلات قمحة وشعير وذرة. ومنهم من يسمي بأسماء الخضر مثل: فلفل، قوطة، كوسة، جزر، فقوسة، بطيخة، بقلة. ومنهم من يسمي بأسماء الأشجار والفاكهة والنقل مثل: نخلة، شمروخ، خوخة، زيتون، لوزة، بندق، حب الرمان، برقوق، تفاحة، برتقالة، وردة، فله. أو يسمون بأسماء الحشائش والنباتات الصحراوية مثل: زريبح، شيحة، حنظل، حطب، زعتر، زعيتر، حشيش ومن الناس من يغلب عليه لقب لصفة بارزة أو شهرة ذائعة فيصبح اسماً يتوارثه أولاده، فهناك من يسمون: النطاح، العفش، النتن، الدكر، الزفر، العبيط، اللطخ، الظايط، الجميص، الأقرع، الأعور، الهاكع، الأجرب، السعران، الأطرش، الأعسر، الأحدب، الجارم، الحلو، الخشن، الناعم، الفللي، الدهل، الأهبل، المكهرب، العجوز، السايح، العقدة، السيد، العبد، البربري، المملوك، المعتوق. كما أن منهم من يسمي ناعس، نعسان، مهلهل، غناجة، غندر، غندور، عشقوتي

ومنهم من يأخذ أسم عيب جسماني أو إفراز مثل حدبة وقتب وبربور

ومن الناس من يكون لأسمه غرض صوفي خالص يدل على الزهد كأن يسمي الرجل أبنه زعلوك، عاكف، مغيب، الماحي، الضعيف، الخفيف، الذليل، الناقص، العريان، القشلان؛ ومنهم من يسمى باسم حنفي، مالكي، شافعي

ومن غريب أسماء الأشخاص ما يدل على مأكول، فهناك أشخاص يسمون باسم بصل، عجوة، عجور، كشك، ملوخية، سكر، قشطة، عسل، كعك، قراقيش، برغل، مش، لبن، لبنة. كما أن بعضهم يأخذ لأولاده أسماء الجمادات مثل: خشبة، لوح، قنديل، مصباح، فانوس، غربال، الدلو، الغلق، الزق، الصحن، زلط، صخر، شقرف، الدرس، الدرع، الزير، طبق، قلة، مغراف، دبشة، طوبة. ومنهم من يسمي بشيء يلبس مثل: الطرحة؛ أو يسمى بنفيس الأشياء: كذهب، مرجان، ألماس، زمرد، لؤلؤ

ومنهم من يسمي بأسماء الأيام والشهور وفصول السنة مثل: خميس، جمعة، محرم، رجب، شعبان، رمضان، ربيع، شتا. ومنهم من يسمي: مطر، غيث، سحاب؛ كما أن منهم من لأسمه علاقة بالنور والنار والكواكب مثل: شعلان، لهلوبة، أتون، محروقي، محروق، محاريق، نور، أنور، نوار، نور الظلام، شمس، قمر، نجم، ثريا، زهرة

ومنهم من يسمي بأسماء آلات القتال مثل دبوس وخشت وسيف وبمبة

ويدل كثير من ألقاب العائلات على أصل مواطنها الأولى مثل الشامي والمغربي، الفرنسي، التركي، السوداني، الحبشي، الهندي، كما أن منها ما يشعر بحرفة أو صناعة أو وظيفة أو مركز اجتماعي خاص كالجعيدي، الطبال، الزمر، الحمار، القلفطي، المراكبي، العربجي، النشار، الحداد، النحاس، النجار، الصباغ، الصايغ، الصبان، الخادم، الجمال، السحار، السحرتي، الحانوتي، الغرابلي، الصيرفي، الزيات، الدهان، البستاني، الجنايني، الحاجب، الشوا، التراس، السبحاوي، البهلوان، النشوقاتي، الفسخاني، الكنفاني، المستكاوي، المسلكاتي، الشبكشي، الرماح، السخري، الهجان، الكحكي، الحمصاني، القماش، العسكري، الحرامي، السقا، الجزار، الفولي، الفوال، القزاز. ومن الأسماء طحان، عجان، خباز، زبال. ومنهم الزلباني، السلالي، السكاكيني، الحناوي، القمص، القسيس، الجندي، العمدة، الشيخ، الأفندي، البيه، الباشا الأمير، البرنس، مزارع

ويختار كثير من الناس غريب الأسماء لأبنائهم ليطيلوا بذلك أعمارهم ويدفعوا العين عنهم؛ فمن أمثلة ذلك: فندي، فانتي، دقدق، تهته، شكعه، حكشه، خنجر (بضم الخاء والجيم)، بلبع، درع (بتشديد الراء)، سنكحلو، زملوط، زعطوط، شحوت، شحات، حتحوت، شنن، جعلص، كعبلها، بخاطرها، زعزوع، جعيصة، الجعيص، سحبل، معيط، عاشور، دحروج، عميرة، دعبس، زعير، زعرب، زعربان، شلتوت، حمروش، حبروك، نونو، بنونه، شرشومة، بحبح، شولح، حتاتة، كانش، بصيص، تلكم، بالي، بابي، حيدة، حيدرة، حزنبل، بظاظة، دقدوقة، صلع (بتشديد الصاد واللام)، سلطح، حنبوط، كرشة، دلدل، عيطة، كعويرة، كشلة، الدكش، الدكس، شلضم، ضمضم، مدبح، زقلط، بعلط، فلوسة، حرحش، زغلة، شمردن، طعواش، خلطخ، لاغا، صوصي، سنون، الميت، طبل، سبل (بضم الطاء واسين وتشديد الباء المفتوحة)، قزامل، لهيطة، الزقم

ومن الأسماء ما هو مركب مثال ذلك: عائلات ميتكيس، قصير الذيل، نقر الطين، سبع الليل، هب الريح، سيف النصر.

ومن أسماء الغانيات: ست من نده، ست الدار، أدوب أنا (أسم بنت بالواحة البحرية)، قدم خير

وكثير من الأسماء كنيات كنى بها أصحابها في الأصل لصفة خاصة. ومن أمثلة ذلك: أبو شادوف، أبو قورة، أبو لبدة، أبو طاقية، أبو الروس، أبو الريش، أبو الغيط، أبو وردة، أبو كرش، أبو سنه، أبو دراع، أبو اصبع، أبو حجر، أبو جبل، أبو لقمه، أبو قلطه، أبو دهينه، أبو شبانه، أبو زهرة، أبو ريشة، أبو الني، أبو شنب، أبو شنب فضة، أبو هيف، أبو حصيرة، أبو ليفه، أبو لحاف، أبو اخربها، أبو غنجة، أبو قاعود، أبو طاحون، أبو طحين، أبو جازية، أبو سحلى، أبو دراز، أبو رمح، أبو سيف، أبو شجر، أبو دومة، أبو دوح. ومنهم من يكنى بأسماء أولاده مثل: أبو حسين، أبو ليله، أبو نفيسة، أبو زهرة، أبو ظريفة،

ومن الأسماء ما هو مثنى لأسم علم مثل: محمدين، حمدين، حسانين، بكرين

ولا تظن أيها القارئ الكريم أن المصريين منفردون وحدهم بهذه التسمية، فهناك ما يماثل هذه الأسماء في كافة ممالك الأرض بلغات أصحابها مما يدل على أن العقل البشري يفكر على نمط واحد مهما بعدت الشقة واتسعت المسافة.

مأمون عبد السلام

عضو نادي الصيد الملكي

ووكيل قسم أمراض النباتات