مجلة الرسالة/العدد 351/يومان

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 351/يومان

ملاحظات: بتاريخ: 25 - 03 - 1940



للأستاذ صالح جودت

اليوم الأول

(المنظر: هو وهي على الشاطئ)

هي: ما لعَيْنَيْكَ يا رهيبُ تُثيرا ... نِ طيوفَ الأوهام حول أماني؟

هو: أنا يا فتنةَ الوجود؟

هي: أجل أنت

هو: وكيف اتهَمْتِ؟

هي: مجنونتان!

فيهما حيرةٌ وغمرةُ شَكٍ ... ومعان ما تُرجمتْ بلسانِ

كم عَلَتْني غِشاوةٌ عند لُقيا ... ك فأنكرتُ رؤية الإنسان

لستَ كالناس!

هو: هل أكون ملاكاً؟

هي: حيرتي في الملاك والشيطان!

هو: أنتِ يا مَنْ سكبتِ خمرةَ إِلْحَا ... دي وأترعْتِني من الإيمانِ

عند عينيكِ تنتهي أَعْيُنُ الل ... هـ فأَنْي مضيتُ شارفتاني

سهدُ جَفْنَيهما من السَرْمَدِ الخا ... لدِ مهما استطال لا يَغْفَوَان

غير أني أحسن سراً دفينا ... وهما دون غَيْبِهِ مُغلقان

هي: ثم ماذا؟

هو: أهواكِ يا ربة الْحُسْنِ!

هي: وماذا أعددتَ للقربان؟

هو: كل ما شئتِ لا يعزُ، وإن كا ... ن محالاً فإِنه لك دَانِ

هي: قمْ بهذا الكُرازِ أَنْضِبْ لِيَ البَحْر!

هو: وهل أستطيع ما فوق شاني؟ هي: خَلَهِ عنكَ. . قم وأَنْضِب من الشا ... طئ بعض المياه

هو: يختلطان

هي:

كاختلاط الشهْوات بالأثْرِة العمي ... اء في لجةٍ من الوجدان

واختلاط الحِجَي ببوقتة الجن ... س فَتْبني من المحال الأماني!

أَوَ ما قلتَ إنه لِيَ دانِ؟ ... ما لَكَ الآن نَؤْتَ بالبرهان؟

هو: لستُ رباّ!

هي: وما أنا؟

هو: أنتِ عندي ... رَبَة في سماوة الفَنَان

هي: كيف ترجو إذَنْ هواي وما أن ... تَ بصنْوٍ مكانه كمكاني؟

هو: اجعليني فيما مَلَكْتِ قطيناً ... أو هبيني مُوَكلاً بالْجِنَانِ!

هي: هل رأيتَ الْجِنَات؟

هو: في جسمِ أُنثى ... عبقري الظلال والألوان

فعَلَى صدرها الثمار وفي الثغْرِ ... من الخمر سلسبيل المعاني

وعلى شَعْرها المذَهَبِ أشبا ... حُ قصورٍ ما شَيَدَتْها يدانِ

اليوم الثاني

(المنظر: هو وهي خارجين من الصومعة)

هي: كنتَ في الليل راعياً في الْجِنَانِ

هو: ليل أمس في ذمة النسيان

كنتِ فيه إلهةً!

هي: ما أنا الساعةَ؟

هو: لاشيء، أنتِ كالجثمان

أنتِ مخلوقةٌ تعيشين بالْجِسْمِ ... وتُفْنِيكِ شهوة الحيوان

هي: قُبلةً! هو: ما وراءها؟

هي: هِيَ معنىً

هو: هَتَكَتْ شهوةُ الجسوم المعاني

ونَضَتْ سِتْرَ ناظريك وذاع الس ... رُ فيما فَقَدْتِ من أكوان

هي: أَوَ أَنْزَلْتنِي عن العرش لما ... ذاع سرى لديكَ؟ أي بيان!

. . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .

غادرٌ أنتَ؟

هو: نحن للفن نحيا ... ونراكم له من القربان

فنُضَحي بكم على مَذْبح الفكر ... ليُهدَي بالفكر جيلٌ ثان

صالح جودت