مجلة الرسالة/العدد 341/من هنا ومن هناك
مجلة الرسالة/العدد 341/من هنا ومن هناك
قيصر ستالين الرهيب
(ملخصة عن مجلة (باريد) الإنجليزية)
كلما مرت الأيام زادتنا اعتقاداً بأن حالة روسيا الاشتراكية اليوم ينطبق عليها المثل الذي يقول: (تتغير وحالها لا يتغير)
ويقول (هارولد وني) في مجلة (نيويورك مجازين): (كانت روسيا القيصرية فيما مضى توصف بأنها ولاية تحكمها طائفة من السفاحين) ووصف كاتب بلاد السوفييت في عهدها الحديث فقال: (هي دولة بيروقراطية يأتمر بها زمرة من الجلادين).
وهذا قول صحيح إلى حد بعيد، إذا أعدنا إلى الذاكرة عملية التطهير الكبرى التي اجترمت في روسيا ما بين عام 1936 وعام 1938. أما اليوم فقد نكون أقرب إلى الدقة والصواب إذا قلنا أن النظام الحكومي الذي تسير عليه روسيا الآن، هو نوع من الحكم الاستبدادي الشرقي القديم
فروسيا يحكمها رجل واحد هو (جوسيف ستالين) ينفذ إرادته المطلقة فيها بطريقة لم تتح للقيصر في جبروته، بل لم يظفر بها هتلر، وذلك أن النظام السوفييتي متوغل في حياة الشعب الداخلية والخارجية، بطريقة لم يسبق لها مثيل في حياة الإنسان
ومن ثم كان من السهل على (الكرملين) أن يعلن الرأي النهائي في السياسة العالمية - ما بين عشية وضحاها - كما فعل في الوقت الأخير إذ أعلن فصم العلاقات الروسية بالأمم الديمقراطية الغربية وارتباطها بألمانيا. ففي مقدور ستالين أن يتصرف كيف يشاء في سياسة روسيا الخارجية. ولا يجسر أحد أن يرفع صوتاً ما بمعارضته بحال من الأحوال
فروسيا وإن كانت تعد من الناحية النظرية أمة ديمقراطية، بعد أن كانت - نظرياً - تحكم حكماً دكتاتورياً بواسطة الطبقة العاملة، فهي في الواقع لم تكن قط هذا ولا ذاك. قد يكون لينين ورفاقه يرمون إلى قيام دكتاتورية من العمال، وقد يكون في دعوى نظام الديمقراطية الروسية عام 1936 شيء من الإخلاص
إلا أن التجارب التي أكتسبها الاشتراكيون بسلطتهم المطلقة قد أقنعتهم بأن الشعب الروسي يجب أن يقاد، يجب أن يقهر ويقبض عليه بيد من حديد. فأصبح لينين دكتاتوراً ولكن بعقل وأخلاقه قبل أن يكون دكتاتوراً بقوته وجبروته
وقد تولى ستالين الزمام بعد لينين، فصار دكتاتوراً مطلق الحرية أكثر مما كان لينين. ويرجع نجاح ستالين كحاكم مستبد منقطع النظير في العصر الحاضر، إلى خبثه الزائد واستهتاره الذي لا حد له
ولعل قوة البوليس في روسيا هي المصدر الحقيقي لنفوذ ستالين والبوليس الروسي يقوم على نظام لا يتفق مع العقلية الأوربية على الإطلاق، وهو يقوم بأعمال واسعة النطاق في التجسس وسفك الدماء، وتشجع السلطة السوفيتية التجسس بين أبناء الشعب حتى أن الجار في روسيا يتجسس على جاره والشخص يشي بأفراد عائلته، وقد تصل بلاغات البوليس إلى حد الاختراع ويضيع بسبها كثير من نفوس بريئة
فكل إنسان في روسيا اليوم خاضع لستالين، وفي اللحظة التي تقع فيها الشبهة على إنسان يختفي أثره من الجود
على أن ستالين لا تعوزه الوسائل التي يستحوذ بها على الرأي العام في روسيا. فهو يضع تحت يده الصحافة العامة والإذاعة والمسرح والسينما وكل ما عدا ذلك من وسائل التعبير. فإذا أراد أن يطلب كلمة الرأي العام في المساء كانت بين يديه في الصباح بغير كد أو عناء
فإذا نظرنا إلى ضحايا ستالين من النفوس، وإلى اليد الحديدية التي استولى بها على الشعب الروسي أفراداً وجماعات، أيقنا بأن الحاكم المستبد المعروف باسم (قيصر إيفان الرهيب) لم يكن شيئاً إلى جانب ستالين
التحالف الدولي لأجل السلام
(ملخصة عن (وسترن ميل) نيوكاسل)
منذ بضعة قرون خلت خرّبت أوربا، وشطرتها الحروب بإسم الدين وتأثرت نيران القتال بين البروتستانت وبين الكاثوليك في سبيل السيادة والسلطان، وعادت حروب الأسر التي كان يثيرها الملوك والأباطرة، إذ كانت الشعوب تعامل لديهم كالرهائن، فانصرفت إلى تلك الناحية القائمة على التعصب الديني، وصار كل يعمل من جانبه لإيقاع الشر بالآخرين، بدعوى أنه يؤدي واجبه نحو الله، بدفع أعدائه إلى الجحيم وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر، بدأت تظهر فكرة الوطنية، وأخذ التنافس يدب بين الأمم الأوربية في سبيل السيادة فيما وراء البحار، فزالت فكرة الحروب الدينية، وخلفتها حروب أخرى قائمة على الغلبة، والمنافسة في التوسع التجاري، وإفساح الطريق أمام المهاجرين
ومن ثم تغيرت صفة الحرب، فلم تعد آلة لتنفيذ شهوات الحاكمين أو سلاحاً يشهره رجال الدين لنصرة مذهب على مذهب آخر، فهي وسيلة للحكومات الوطنية التي تسعى وراء التوسع والسلطان.
فما هو الدرس الذي يمكننا أن نستخلص من هذا، للحالة القائمة في أوربا اليوم؟ أن المشاغبات الدينية التي كانت تقع في أوربا في القرن السادس عشر، والقرن السابع عشر، أصبح لها مشابه في مبادئنا السياسية اليوم. فالدكتاتورية والفاشية والبلشفية والديمقراطية لكل منها دعاتها المتعصبون لها، الراغبون في فرض نظامهم السياسي على الأمم الأخرى
نحن نؤمن بالديمقراطية، وبل ونحن على أتم الاستعداد للدفاع عن نظامنا الديمقراطي العتيد، ولكنا لا نرى معنى لفرض هذا النظام على أمة أخرى. فنحن على ثقة بأن الديمقراطية سيكون لها الفوز في كل أمة في النهاية، لأنها خير الأنظمة الحكومية وأليقها ببني الإنسان
فإذا كنا نحارب ألمانيا اليوم، فنحن لا نحاربها لقسوة الحكومة النازية وظلمها، فهذا شأن من شؤون الألمان؛ ولكنا نحاربها لاعتدائها على بولندة وتشيكوسلوفاكيا، فإذا رد الشعب الألماني إلى هذه البلاد استقلالها كان من السهل أن نضع يدنا في يده، وأن ندخله معنا في تحالف دولي عام
إن النازية سوف لا تتفق معنا على مثل هذا التحالف؛ ولكن الشعب إذا أعد نفسه لقبول هذه الفكرة التي لا بد منها لإقرار السلام في العالم، لن يقوى هتلر على مقاومته، ولا يقف أمام إرادته، بل يختفي أثره فتذهب مجهوداته أدراج الرياح
كيف نضطلع بأعباء الزواج
(ملخصة عن مجلة (يو)) نحن نقبل الزواج في العادة لأننا نريد أن نشبع في أنفسنا الرغبة في أن نحب وأن نحب، وأن نظفر بالرفقة الطيبة، ونشعر بالدعة والسلام، ونحس في أعماقنا بأننا نعيش كيف نشاء.
تلك هي الأسس التي تدعم في أنفسنا فكرة الزواج وليست الفكرة الجنسية كما يظن بعض الناس. فإذا أتيح لنا أن نشبع في أنفسنا ذلك الشعور المتأصل في أعماقها جاء التوافق الجنسي تبعاً لها ولا محالة
أن الناحية الجنسية ضرورة فسيولجية ولا شك، ولكني أستطيع أن أقول هنا أنني قد تبينت في تجاربي النفسية، وأنا أصغي إلى حديث الزوجات والأزواج وهم يفرغون على أذني ما بدا وما استقر من متاعبهم الزوجية، حقيقة تتأكد لي صحتها كل يوم، وهي أن الدواعي النفسية هي أهم شيء في الزواج. فإذا نبذت هذه الناحية أو مست بسوء أو عدت عليها بعض المتاعب التي تكدر صفاء تلك الرابطة وتحرمها الأمن والسكينة، تبدد التوافق الجنسي تبعاً لها
إن الزوج الذي لا يعرف التبصر في النهار، جدير بأن يجد زوجته عاجزة عن مبادلته الحب في الليل، والزوج الذي تستهين به زوجته وتمتهنه لا يجد سبيلاً إلى أن يشتهيها أو يشتهي أي شيء آخر، وليس العلاج في هذه الحالة عند الطبيب الذي تندفع إليه ليعالجك ببعض العقاقير أو المحامي الذي تلجأ إليه ليضع حداً بينك وبين زوجك، ولكن العلاج هو حسن التفاهم الذي يظهر بمرور الأيام فيزيل ما في النفوس من الآلام ويمحو ما يخالجها من النزق وقلة الانسجام. وخلاصة القول أننا جديرون في هذه الحالة بأن نجعل الزواج متفقاً بقدر الإمكان مع الحاجات النفسية التي يريدها كل من الآخر