مجلة الرسالة/العدد 324/من هنا ومن هناك
مجلة الرسالة/العدد 324/من هنا ومن هناك
ألمانيا بعد سقوط هتلر
(عن (جوتبرج هاندل) السويدية)
لا يستطيع الباحث المدقق في حالة ألمانيا أن يحكم إذا كان ذلك النظام
الذي أقامه هتلر سينهار بقيام حرب عالمية، أو أن سيدركه الفناء تحت
تأثير عوامل وأزمات داخلية، يثيرها تدهور الحالة المالية والاقتصادية
بها ومهما تكن الأحوال.
فإن الدوائر السياسية العليمة في أوربا، أصبحت تعتقد أن سقوط النظام الهتلري سيكون في خلال سنة 1940. فإذا كان الأمر كذلك فيحق للإنسان أن يسأل كيف تكون ألمانيا بعد هتلر؟
لقد احتاطت الدعاية الألمانية لهذا السؤال، ونشرت ما شاء لها الهوى من الأقاويل بين العامة والخاصة معلنة أن سقوط هتلر يتبعه قيام البلشفية في ألمانيا. وهذا خطر تهون إلى جانبه كل الأخطار. وقد تمسك بعض الناس بالنظام القائم في ألمانيا الآن باعتباره أخف الضررين. على أن الدوائر الاقتصادية المطلعة والأوساط الدينية تقرر أن نظام ستالين ونظام هتلر لا يختلفان
والنازية لا تجد لها سنداً في خارج ألمانيا إلا في بعض الدوائر التي ترى أن البلشفية تعم ألمانيا بعد هتلر، ومن ثم يختل النظام وتنهار المدنية في غرب ألمانيا تحت تأثير هذه الكارثة الخطيرة. ولكن هل في الحق أن ألمانيا مهددة بخطر الاشتراكية؟
إننا نستطيع أن نقرر في تردد أن ألمانيا على وجه العموم أقل انخداعاً بالماركسية من أي دولة من دول أوربا. وإن كان بعض قصيري النظر يعتقدون أن الماركسية قد تنتشر في ألمانيا كرد فعل للنظام النازي
إن ألمانيا ولا شك ستكون عرضة لانقلاب قوي شديد كرد فعل للنظام الذي تحكم به الآن فتلك سنة الطبيعة، ولكن هذا الانقلاب سينحو ولا شك ناحية مناقضة لهذا النظام. ولكن الاشتراكية ليست الناحية المناقضة للنازية بحال من الأحوال. . . إن ألمانيا التي تتبر بالهتلرية السمراء، لا تشوقها دكتاتورية البلشفية الحمراء. فالألمان يعرفون ما هو الضغط على حرية الفكر والاعتقاد تحت ظل الحكومة الآرية، ويبغضون من أعماق قلوبهم ضياع الحرية ومصادرة العقائد والأفكار في ظل نظام محو الطبقات
فماذا تكون إذن بعد سقوط هتلر؟ ستكون هناك أمة ألمانية يستمتع شعبها بحريته وحقوقه الاجتماعية، وتندمج روحه والروح الأوربية. وسيكون قوامها العمال والفلاحون والأعيان والموظفون والضباط وأساتذة الجامعات
ستكون ألمانيا بعد هتلر أمة يسوسها خيرة من رجال الجيش والعمال والفلاحين والمدنيين وفي مقدمة هؤلاء جميعاً الشباب الناهض
ستكون إذن ألمانيا التي قهرت الفاشية والبلشفية
وستكون وتظل جزءاً مسئولاً في أوربا الحديثة
أين يسكن هتلر؟
(عن مجلة (تورنتو ستار))
منذ اثني عشر عاماً كتب هتلر مؤلفاً عن الأعمال التي يقوم بها وكيف تثنى له أن يقوم بها، وأسمى هذا الكتاب (كفاحي) بيع منه 11000000 نسخة بلغت أرباحها مليوناً من الجنيهات. وقد بنى هتلر من هذه الأموال مساكنه الجديدة، وإنها لمساكن على جانب من الأبهة والعظمة
ومن المأثور عن هتلر أنه قال في حديث له: (ليس من العار أن يقتات الألمان بالعشب مادامت ألمانيا تعاني ما تعاني من الشقاء) ولكن هتلر لم يأكل العشب ولم يسكن في بيوت من القصب، فبنى القصور الفاخرة على قمم الجبال، وشاد لنفسه الدور المؤثثة بأفخر الرياش
ومن غريب ما جاء على لسانه وهو يفتتح دار المستشارية الجديدة منذ أسابيع: (إنني ما زلت كما كنت فيما مضى ولا أريد أن أكون غير ذلك. إن منزلي يماثل بالضبط المنزل الذي كنت أسكنه من قبل وسيضل كذلك)
إنه في هذا يتكلم عن مسكنه الخاص في ميونخ، ولكنه لم يقل شيئاً عن القصور التي بناها فوق قمم الجبال حيث يخلو إلى نفسه
فعلى ناحية من جبال الألب البافارية على بعد بضعة أميال مما كنا نسميه النمسا تقع قرية برخستجادن الجميلة، وعلى جانب من الجبل يرى قصر برجوف - مسكن هتلر - المحبوب. وقد كان هذا القصر مسكناً جبلياً بسيطاً فأعاد بناءه هتلر على طراز لا يحلم به أصحاب الملايين. وهو يقضي في هذا المنزل فسحة آخر الأسبوع في غالب الأحيان، فينتقل بالطيارة من برلين إلى ميونخ ومن ميونخ تقله سيارة سوداء سريعة السير إلى مسكنه الفاخر
ويقوم على حراسة هذا القصر قوة كبيرة وأسلحة واستعدادات عظيمة لا يقوم مثلها على حراسة بنك إنجلترا، وهو محاط في الليل والنهار بحصار شديد من الجند الأشداء.
وقد أقيم في الصخرة الصماء التي شيد عليها هذا القصر خندق حصين تحيط به قوة من المدفعية المضادة للطيارات تحميه وقت الهجوم. على أنه محاط بأبواب عظيمة من الفولاذ تجعله محجوباً عن الأنظار ولا يتثنى لأي زائر أن يقترب من هذه الأبواب دون إذن كتابي من البوليس السري
ولا يسمح لصحيفة ألمانية أن تذكر ما طرأ على هذا القصر من التجديد فهو لا زال في نظر الألمانيين ذلك الكوخ الجبلي الصغير.
ويقال إن حجرة الجلوس في هذا القصر من أفخر الحجر التي رأتها العيون. وهي تحتوي على نافذة واحدة ولهذه النافذة صفحة من الزجاج ارتفاعها عشرة أقدام وطولها 28 قدماً ولعلها أكبر نافذة في العالم. ومن هذه النافذة يطل هتلر ومن عسى أن يكون معه من الضيوف على مناظر جبال الألب الخلابة
ولعل أكبر متعة تصبو إليها نفس الفوهرر، هي أن يجلس إلى هذه النافذة ويمتع النظر فيما حوله من الوديان المخضلة النبات، بينما يعزف أحد أصدقائه بعض مقطوعات من موسيقى واجنر على البيانو على بضعة أمتار