مجلة الرسالة/العدد 324/بطاقة. . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 324/بطاقة. . .

ملاحظات: بتاريخ: 18 - 09 - 1939



للدكتور محمد ناجي

بطاقة تحمل على صدرها اسم صاحبها مجرداً من أي لقب، وخلوا من أي عنوان أو رقم تلفون؛ وكأني به لا يحمل لقباً ولا يعرف لنفسه عنواناً، ولا يملك رقم تلفون، ولم يمن الله عليه إلا ببضعة قروش ثمن بطاقته

مرت تلك البطاقة على ناظري، ثم جالت بخاطري، حتى شغلتني عن أمري، فعجبت لها أيما عجب!

بطاقة فريدة في نظمها، عجيبة في نثرها، قليلة في لفظها، فحرت في أمرها، وضاق بي تفسيرها، ولم أدر ما شأنها ومن يكون حاملها؟

إنها تخالف بطاقات العصر، هي في واد والعصر في واد. بطاقات العصر تحمل من الألقاب والعنوانات والأرقام ما ليس لها وما لها، كأن الشيطان أوحى لها، حتى لا تدع موضعاً للقب جديد، أو زيادة لمستزيد. . .

فمن يكون هذا الذي يخالف العصر في بطاقاته، ويبز أبا العجب في نزعته؟ انه محمد طلعت حرب. ذلك الرجل المتواضع حتى في بطاقته، ولو شاء أن يسطر اسمه والقابه وعنواناته وتلفوناته لكانت بطاقته كتاباً

إن بطاقته تحمل في نفسها أدب الإعلان عن النفس، إنها لحكمة بالغة، تسيطر على الحس والنظر والفؤاد، إذ لها في كل قلب مستقر وفي كل واد أثر. هذه هي البطاقة التي بزت الزمن وعلمت المصري ما لم يكن يعلم. إنها تذكرة القدر، وإنها لإحدى العبر، فطوبى لمن قرأ وادكر، وعرف قدر نفسه واعتبر. . .

محمد ناجي

عضو القومسيون الطبي العام