مجلة الرسالة/العدد 320/هتفات حب
مجلة الرسالة/العدد 320/هتفات حب
من دموعي الضائعة!
(إلى التي ضيعت عمري على أقدامها وما زال يحجب نورها
ظلام القصور)
للأستاذ محمود حسن إسماعيل
1 - أحزان الحيرة
أعاشقٌ أنا! أم فانٍ. . . على جسدي ... من صرعة الحب أكفان الأسى الأبدي؟
وشاعرٌ أنا! أم شادٍ على وترٍ ... من الفجائع مشدودٍ على كبِدي؟!
ويائسٌ أنا! أم نَعْشُ المُنى حمَلتْ ... تابوته لُترابِ الهالكينَ يَدي؟!
وبائسٌ أنا! أم دُنيا مُلفَّقةٌ ... من العذابات والأرزاءِ والنَّكد؟!
إذا بكيْتُ فلا دَمعٌ يُعينُ. . ولا ... إذا تصابرْتُ نامتْ جذوة الكَمد. .
هنا جفونٌ كأحلام اليتيم بها ... خريفُ دَمعٍ طواهُ الحبُّ في خَلدي
أَهدَابها للهَوَى أَحْبارُ صَومعَةٍ ... طافَ المسيحُ بهم في ليلة (الأحد)
صَلَّت لنوركِ، فاهتزَّتْ لِهيبَتِهِ ... في ذائبٍ كَطهورِ المحرِمينَ نَدِ
ورَفرفتْ وَجثتْ حتى يُخال بها ... من الكَرَى غفوةٌ في شاطئ الأبدِ. .
2 - عُقدة الله لن تَحلَّ
(إن العقدة التي تربطها يد الله لا تستطيع حلها يد المخلوق)
(بنجامان كونستان)
سَيبقى لنا الحبُّ حتى نموتَ ... ونَغْدوَ أُنشودةً للِفنا
فلا تجزعي في ظلام الُخدورِ ... غداً من يديكِ يَهلُّ السَّنا
غداً تسكُبين كزهر الحُقول ... على الحبِّ عطرَ الهوَى والمُنى
غداً نلتقي. . . لا الصَّبا نائحٌ ... ولا زَوْرقُ الدَّمع يَجري بن ولا نحن جُرْحين طبُّ الهوى ... جَفانا، وَزَفَّ المآسي لنا
وخلَّفنا صَرخةً في الزمانِ ... وتأويهةً في شِعاب الدُّنى
غداً نلتقي. . لا ضباب السِّنين ... ولا لغطُ الدْهر في دهْرنا
فلا تذرُ في بَعدنا دَمْعةً ... ولا تندُبي في الهوى حَظَّنا
فكم دوَّخَ الحبُّ أبطالهُ ... وَسقَّاهُمُ كأسه قَبلَنا. . .
لقد عَصمَ اللهُ أحلامنا ... وأتْرعَ من قُدسه كأسنا
وألهمنا كيف نرْعى الهوى ... ونَبْني على نارِهِ عُشَّنا
ونسخر من هوله كلما ... تَرامى بِأرزائه حولنا
نَمتْنا على الطُّهر أيامهُ ... ونَوَّرَ في ظِلِّه عهدنا
وأبصرتُ نبعَ المُنى في القتام ... فهاتي لي الكأس وامضى بنا. .
3 - لتحترق الأمهات
إذا كنَّ مثل التي أشعلَتْ ... ظِلالكِ في الحبَّ دنيا هَجيرْ
وطَنَّتك أُنثى تسيغُ الهوانَ ... وما أنتِ إلا صفاءٌ ونور
وترْنيمة من شفاه السماءِ ... شداها ولم يدْر نايُ الدُّهور
وسحريِ وشعري ودنيا هواىَ ... وسُلوانُ روحي، وخمرُ الشُّعور
فكيف تُنسِّيكِ أهوالُها ... عِباداتِ قلبي الوفيِّ الكسير!
وكيف التي من ترابٍ وطينٍ ... تُذِلُّ التي من صَفاءِ العبير!
عفاءً على الحبِّ إن أَوقَفتْ ... تسابِيحَهُ أُمَّهاتُ الشرور
مُذِلُّ الجبابر بين الورَى ... وصولجهم بالَّليالي يَدُور
أَتُوقِفُ إعصارَهُ صَخْرَةٌ ... من الشرِّ بين ظَلامِ القصور!
محمود حسن إسماعيل