مجلة الرسالة/العدد 320/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 320/البريد الأدبي
حماية الملكية الأدبية
عنيت وزارة التجارة والصناعة بوضع تشريع لحماية الملكية الأدبية في مصر، إلى جانب ما أخذت في وضعه من تشريعات أخرى لحماية براءات الاختراع، وحماية الملكيات الفنية والموسيقية وغير ذلك مما تنتظم معه حياة استغلال المواهب، وتستقر به حقوق المؤلفين والمبتكرين.
وقد انتهت إدارة التشريع بوزارة التجارة من وضع أساس هذا التشريع وعرضته على معالي وزير التجارة توطئة لاتخاذ الإجراءات الخاصة بإصداره
وقد رؤي أن يشتمل هذا القانون على مادة خاصة بحماية حقوق المؤلفين الأجانب، أملاً في أن يمهد ذلك لاشتراك مصر في الجمعية الدولية لحماية حقوق المؤلفين، فيحفظ للمؤلفين المصريين عن طريقها حقوقهم في مؤلفاتهم في البلدان الأخرى.
مغالطة
قلت في الرسالة (العدد 314، باب رسالة النقد) إن هذا الكتاب: (مجموعة محاضرات دُرْكايمْ) لا وجود. وهي (المجموعة) التي استند إليها الأستاذ إسماعيل أحمد أدهم فذكر عدداً من صفحاتها (أجل!) رجاوة أن يدل على أنه قرأ فيها هذا التعبير ثم عاد الأستاذ أدهم (الرسالة العدد 317) يقول - غير هيَّاب -: إن هذه المجموعة موجودة وهي تحمل التي طبعت للمرة الأولى عام 1895، فمن المجموعة (كذا!) الاجتماعية لمكتبة بباريس على أنها ' ثن زاد فقال: (والنسخة التي (يريد: بين) أيدينا (يريد: يدينا) هي الترجمة الإنجليزية وفيها العبارة مترجمة والترجمة بقلم. . وراجعنا اليوم نسخة من طبعة عام 1912 في الفرنسية، والعبارة وجدناها (يريد: ووجدنا العبارة) ترددت أكثر من مرة (يريد: غير مرةّ)). اهـ كلام أدهم
والرد الواضح على هذا أن ترجمة عنوان الكتاب وما هو بمجموعة كما يدعى الأستاذ أدهم، فقد قرأته على أساتذتي في السربون غير مرة) هي: قواعد (أو أصول) المنهج الاجتماعي (أي منهج علم الاجتماع). فأين تعبير (مجموعة محاضرات)؟ وترجمة هذا التعبير الأخير: وإن زاغ الأستاذ ادهم فذهب إلى أنه ترجم العنوان الشامل وهو ' (وماهو بعنوان الكتاب المذكور قبلُ) فترجمة هذا العنوان الأخير هي: أعمال (السنة الاجتماعية) (وهي مجلّة). فأين تعبير: (مجموعة محاضرات. . .)؟
وهذا يدل على أحد أمرين كما قلت في مقالي السابق: فإما أن الأستاذ أدهم لا يحسن النقل من الفرنسية إلى العربية لرّقة معرفته باللغة الفرنسية، وإما أنه يبتدع المصادر على سبيل التهويل. وله أن يختار أحد الأمرين، وأنصح له أن يختار الأول فهو أهون شراً
ومن ذلك كله يتبين أن الأستاذ أدهم يحسن الإيهام من طريق المغالطة. وهو ممن لا يخشى أن يستكره الحجج على مواضعها فيجتلبها اجتلاباً. ثم إنه ممن ينحرف إلى ارتجال المصادر ارتجالاً؛ وقد بينت ذلك في المقال السابق من الرسالة وفي مقتطف أغسطس. ولم أنسى أن الأستاذ أدهم استند إلى الإصحاح الرابع عشر من سِفر دانيال (العهد القديم) وكل السفر اثنا عشر إصحاحاً، وأنه استند إلى الجزء الثالث من (الفهرست) لابن النديم، على حين أنه يقع في جزء واحد؛ ولعل القارئ لم ينس ذلك (راجع الرسالة العدد 314).
وبعد، فإني لم أكتب هذه الكلمة، متعقباً فيها قولاً للأستاذ أدهم (وقد والله سئمتُ تعقب أقواله كلها)، إلا ليعلمَ أني لا أزال أعده أجنبياً عن العلم الصرف، بعيداً عن مطارح الثقة والدقة. فليتروّ وليتحرّز قبل الكتابة وليفطن إلى أن في مصر وفيمن غاب عنها لأجلِ من له بالمرصاد، مهما لوَّي قلمه وكابر.
ولعله يقول إن هذا التعقيب (شكلي)، وهو قول طالما يفزع إليه ويستغيث به. فالذي أعرفه أن الدقة والأمانة في تدوين المصادر مما يعظم شأنه في جامعات فرنسة وإنجلترا وألمانية وإيطالية ومصر! وأما علمي بما يجري في جامعة موسكو - حيث تلقى الأستاذ أدهم صنوف العلوم، كما جاء في مجلة الحديث الحلبية - فجدّ قليل.
(تلال الفوج - فرنسة)
بشر فارس
حول نعيم الجنة
شددنا النكير على الدكتور زكي مبارك لقوله: (اشغلني عنك يا رباه، بما سيكون في الجنة من أطايب النعيم) فكتب يقول: إنه لم يقل هذا وإنما قال: (اشغلني عنك، يا رباه، بما في الجنة من أطايب النعيم فإن بصري أضعف من أن يواجه نورك الوهاج) وزعم أننا حذفنا شطراً من كلامه ليجوز أن نقول عن شطر (فهل رؤى سوء أدب وسوء فهم للدين كالسوءين المتجسمين في دعاء زكي مبارك هذا؟)، في حين أن عباراته بشطريها (غاية الغايات في الإيمان بعظمة الله ذي العزة والجبروت)؛ هذا هو دفاع زكي مبارك. فهل يجد الدكتور زكي مبارك حين يقول هذا؟ وهل في الحق أن الجملة التي لم نذكرها ذلك الأثر الإكسيري في الجملة التي ذكرناها فتقبلها من غاية الغايات في سوء الأدب وسوء الفهم للدين إلى غاية الغايات في الإيمان بعظمة الله ذي العزة والجبروت؟
لننظر أولاً إلى غايات زكي مبارك في تعظيم الله والثناء عليه: إن بصر زكي مبارك (على حِدَّته) - كما يقول في رده - أضعف من أن يواجه نور الله (الوهاج) أهذا ثناء على الله أم على بصر زكي مبارك؟ وتعظيم لله أم تعظيم لزكي مبارك؟ إن بصر زكي مبارك أضعف من أن يواجه نور بعض ما خلق الله. فلو أطال التحديق في الشمس ضحىً لعمى؛ بل لو حدق في القوس الكهربائي لَكلَّ. فهل بلغت الغفلة بزكي مبارك أن يرى ثناء على الله ما لو أثنى به على بعض مخلوقاته لكان تقصيراً في الثناء، فضلاً عن أن يراه غاية الغايات في الإيمان بعظمة الله؟
ثم وصْف (الوهاج) في دعاء هذا الصوفي الذي لا يدرك معاني دعائه غير صفوة المؤمنين، ما معناه وما مغزاه حين يصف به نور الله سبحانه؟ إن الكلمة في اللغة توصف بها الأجسام المتألقة اشتعالاً، وقد وصف الله بها الشمس في سورة النبأ كما يعرف كل إنسان. فكيف غاب عن الدكتور المتصوف أن وصفاً كهذا - فيه من التكييف ما فيه - لا يليق أن يوصف به نور الله سبحانه؟ سيلجأ الدكتور إلى المجاز يلتمس فيه محملاً. فليلجأ، وليخبرنا على أي محمل يمكن أن يحمل هذا اللفظ حين يصف به نور الله رجل يرى أن دعوى النظر إلى الله أعرض من الصحراء
الواقع أننا هممنا حين كتبنا أول مرة أن نجعل هذه الجملة التي يدَّرِيء بها الدكتور الآن هي أيضاً موضع نقد ولوم لولا أننا آثرنا أن ندع ما جاء منه على أي حال في صيغة ثناء، وأن نقصر الكتابة على ما لا يمكن أن يتصور فيه عذر مما جاء في صدر ذلك الدعاء على أننا سنفرض أن ليس في ثناء زكي كبارك هذا ما يمكن أن يكون موضع مؤاخذة أو استدراك، فما علاقة كلال بصره عن نور الله بما جاء في صدر دعائه من طلب الانشغال عن الله؟ أبلغت الدراسات الفلسفية بالدكتور زكي مبارك أن يرى أن ليس لما وراء البصر في عبادة الله مذهب، فإذا لم يستطع أن يبصر فلينصرف عن الله وليشتغل عنه بنعيم الجنة؟ أهذا هو حاله الذي تسامى إليه في (التصوف الإسلامي)؟ وهل معنى رؤية الله عنده في نعمة المشكورة الاشتغال بتلك النعم عن الله؟ أم هل في منطق فلسفته أن المؤمن بعظمة الله وجبروته يستطيع أن يجترئ على الله ذي العزة والجبروت فيسأله عن نفسه سبحانه بنعيم الجنة لأي سبب من الأسباب؟
لا. ليس من الممكن أن يكون الدكتور زكي مبارك جاداً حين يزعم للناس أن عبارته تلك قد بلغت غاية الغايات في الإيمان بعظمة الله لمجرد ذكره فيها أن بصره أضعف من أن يواجه نور الله. إنه يسخر وهو يصطنع الجد كبعض من قرأ لهم من أدباء العرب أو أدباء الفرنسيين. إنه يسخر من نفسه أو يسخر من الناس؛ لكنه يسخر في مجال لا ينبغي لمؤمن أن يسمح للسخرية أن تحوم حوله ولو من بعيد. وقد أهبنا بزكي مبارك مخلصين أن يتوب إلى الله من اجترائه عليه وأن يخلص التوبة. فلئن أصر ليوشكن أن يسخر منه الله.
محمد أحمد الغمراوي
سعد وسعاد
في أول كلمة كتبها شيخنا الجليل عبد المتعال الصعيدي، كان مثار الاضطراب عنده في القصة أن سعداً ذهب يبث شكواه إلى الخليفة مروان والخليفة معاوية في وقت واحد. وإنما سبق ذلك إلى ذهنه لأنه مر بالقصة خفيفاً فجعل (مروان) بدلاً من الخليفة في هذه الجملة (والى تلك الجهة الأموي المفتون المدل بمكانه من قريش ومكانه من الخليفة، مروان بن الحكم) مع أن سياقه القصة وما تقدم هذه الجملة من كلام لا يجعل مجالاً للشك في أن المراد بالخليفة: معاوية وبالوالي: مروان. هذا إلى أني أعتقد أن مكانتي عند العلامة الصديق لا تتدلى إلى قرار أجهل الفرق معه بين عهد مروان وعهد معاوية وهو لا يسع أن يجهله تلاميذنا في المدارس الابتدائية وقد أردت أن أمهد العذر للأستاذ الكبير فيما ذهب إليه، لأن إغضاب جملة في مرضاة صديق ليس بالشيء الجلل، فقلت لعل طول الجملة ألقى عليها ظلاً من الغموض، قلت ذلك وأنا أعتقد أني ظالم لها، فليس فيها غموض ولا إبهام ولا تحتمل غير ما أراده منها كاتبها وغير ما فهمه القراء
ثم كان أن ظهر الشطر الثاني من القصة ووضح منه (أن المدل بمكانه من الخليفة) ليس إلا الوالي مروان بن الحكم، وكان ذلك جديراً أن يرفع هذا الاضطراب - إن صح وجوده - لأن الاضطراب كما يعرف العالم لم يتعد منطقة (دانزيج) إلى الآن، ولكن العلامة الصديق عاد فقرر في كلمته الثانية أن الاضطراب لم يرتفع بل ازداد، ومعنى ذلك: أنه لا بد من وجود الاضطراب سواء أكان مروان مشكواً منه أو مشكواً إليه! غير أن شيخنا وقد ظهرت له براءة الجملة مما رميت به رأى أن ينقل الاضطراب - بزكانته التي أعرفها له - إلى القصة نفسها، فرماها بالوضع كأن كل قصة موضوعة يجب أن تكون مضطربة! ولو أخذنا بهذا المنطق لحق العفاء على كل ثمرات الخيال
أما إن القصة موضوعة فقد أبنت رأيي فيها مع الحذر والحيطة، ولا يسعني إلا أن أحمد الله على أن فراستي لم تخني كما حمده الأستاذ الصديق، فقد ألقى في روعي أنه سيتدرج من رمي الجملة بالاضطراب إلى رمي القصة بالوضع، فبادرت بإعلان رأيي مقدماً لأوفر عليه العناء، ولكنه كما لم ينتظر الشطر الثاني من القصة ليتثبت من وجود الاضطراب، لم يتريث حتى يقرأ ردي على كلمته ليعرف رأيي في القصة
والآن أود أن يتسع صدره للنقاش فيما يلي:
1 - رجح أن الوالي الظالم ابن أم الحكم، لا مروان ابن الحكم أخذاً برواية داود الأنطاكي في تزيين الأسواق. ويظهر أن أستاذنا الفاضل يقيم لهذا الكتاب وزناً كبيراً، بدليل استقائه منه جل ما كتبه عن (بني عذرة) وأن مثله كثيراً ما أعتمد عليه بل أني أحفظ أغلب أشعاره؛ ولكن رأيي أن الشيخ داود الأنطاكي كان في تصنيفه لهذا الكتاب كحاطب ليل، وقد تكون ثقة ثبتاً عند الشيخ الفاضل، ولكنه ليس أوثق عندي من شهاب الدين النويري ولا من الإمام ابن الجوزي راوي قصة سعاد كما فصلتها
2 - يستبعد شيخنا أن يقع هذا الظلم من مروان بن الحكم وهو يعرف أنه كان مستشاراً لعثمان (رضي الله عنه) ففرق جماعة المسلمين! وكتب عن لسان الخليفة كتاباً مزوراً إلى والي مصر لولا انكشاف أمره لأريقت دماء بريئة! ويعرف أنه في موقعة الجمل تغفل طلحة وهو من أنصاره فرماه بسهم في أكحله أودي بحياته! فأين يقع اغتصاب سعاد من هذه الأفاعيل؟! ثم أين هو الاغتصاب؟ ألم يُملق سعد، وعجز أن يَمُون زوجته؟ والفتيا على أن إعسار الزوج سبب من أسباب الفرقة. ثم ألم يطلقها سعد على كل حال (وإن كان مكرهاً) وإذا صح أن الخلافة تثبت بالتغلب أفلا تثبت الزوجية؟ ثم ألم يتزوجها مروان بعد انقضاء العدة واستبراء الرحم على سنة الله ورسوله؟ فهذا الزواج لا ينافي الحِلَّ وإن باين التديَّن والورع ومكارم الأخلاق، ومروان ليس بمعصوم من النزوات
3 - لست أنكر أن (مروان) من زعماء بني أمية، ولكن أيظن شيخنا أن معاوية يغمض عن هفواته رعاية لهذه القرابة؟ وهو عاهل العرب الذي كان يتألفهم بسياسته الحازمة الرفيقة الصارمة، وهو خليفة المسلمين المسئول عن أبشارهم وأعراضهم وأموالهم. أيخشى معاوية أن يحاسب (مروان) على ذنب اجترحه وهو الذي بلغ من شكيمته أن ينازع عليًّا الخلافة. على قرابته وسابقته وفضله - ومن مروان إذا قيس بمعاوية؟ ألم يَعِده لأن يعهد إليه بالخلافة بعد يزيد فلم يف له بذلك ولم يقف عند هذا الحد فعزله عن ولاية المدينة؟ ثم ما هي الذلة التي ضربت على مروان في هذه القضية؟ أيكون ذليلاً لأنه ثاب إلى رشده واستجاب لداعي الحق ونزل على حكم الخليفة؟ وهل كان ينتظر منه أن يبسط لساناً أو يسل سيفاً والذنوب تخرس الألسنة وتغمد السيوف؟
4 - حكم شخنا بأن القصة ضعيفة في سبكها وشعرها، وأنا أوافقه في ذلك وأخالفه، أوافقه على أن بعض الشعر ضعيف بل سخيف، وقد أشرت في الهامش إلى أنه قد يكون وضع على لسان معاوية. وأخالفه في أن سائره جزل قوي محكم، وهو ما قاله سعد وسعاد أو قيل على لسانهما
أما سبك القصة فهو عمل خالص لي، وليست القصة إلا هيكلا عظميا كسوته اللحم وأجريت فيه الدم، فإن كان لا يزال مصرا على أن هذا السبك ضعيف، فلا يسعني إلا أن أحترم رأيه، ولكن ذلك لا يمنعني أن أقول: إن أدباء القصة لا يتفقون معه في ذلك، وهم بحمد الله كثير في هذا البلد الأمين 5 - بقي أنه يرى أن هذه القصة موضوعة، وأقول: أن هذا ظن لا يغني من الحق شيئاً! وأبرأ الذمة، وأبعد من الزلل أن يتابع صديقه الصغير في عدم الجزم بذلك، فراويها الإمام ابن الجوزي ومنزلته معروفة، ووقائعها ليس فيها ما يهول ويستغرب. أليست زبدتها أن والياً - وإن كان مروان - أكره زوجاً معسراً على طلاق امرأته الجميلة ليتزوج بها، وأن الخليفة رد الحق إلى نصابه، وأي عجب عاجب في أن يحدث هذا؟
هذا ما عنّ لي فيما كتبه شيخنا الفاضل. . . والسلام عليه ورحمة الله وبركاته
علي الجندي
أين علماء الأزهر؟
الأستاذ العالم علي الطنطاوي رجل مؤمن الروح، مشرق القلب، نير البصيرة. وهو بعد من أولئك الشبان الأخيار الذين يحرقون أنفسهم مداداً وبخوراً في سبيل حياة الإسلام وعزته، في عصر مزور أصبح فيه كل من يتكلم بالدين يرمى بالرجعية والجمود والغفلة وعدم مسايرة تيار الحضارة الحديثة والتطورات العلمية الجديدة
أقول هذا بمناسبة نداء الأستاذ الأخير الذي وجهه لعلماء المسلمين على صفحات الرسالة يحثهم على معاونته في تأليف كتاب في (الدين الإسلامي) (يضم بين دفتيه الإسلام الذي جاء به النبي محمد خالياً من الحشو والزيادات والبدع والخرافات، يقرأه الشاب المسلم الذي يعرف الدين فلا يحتاج بعده إلى شيء، ويقرأه العامي فيفهم منه دينه، ويقرأه الغربي (مترجماً) فيحصل له عن الإسلام فكرة واضحة صحيحة)
ويعلم الله أن نفسي انطلقت لهذه الفكرة النبيلة وانتظرت ماذا سيكون من أمر علمائنا، وخصوصاً سادتنا علماء الأزهر الشريف فهم أحق الناس لتلبيتها والنهوض لها والاهتمام بها. . . ولكن ماذا كان؟ كان أن ذهبت دعوة الرجل هباء، فلا حس ولا حركة ولا حياة!
في الحقيقة أن أساتذتي علماء الأزهر مقصرون. وفي الحقيقة أنهم قوم لا يهمهم من الحياة إلا صفو أنفسهم وفخفختها، وإن تظاهروا بالرهبنة والزهادة، وضجوا بالحوقلة والحسبلة؛ أما رفعة الإسلام ومجده، فذلك شيء منسي على هامش حياتهم!
أين الدجوي والجبالي واللبان وأبو العيون والأودن والجزيري وأبو دقيقة؟ أين هؤلاء؟ وأين غيرهم وغيرهم من علماء الأزهر الذين لهم قلم وفكر وبيان! أنا لا أستطيع أن أفهم!
يا إلهي. . .! متى يستكمل شباب المراغي الحي عدته فيحمل المشعل ويتقدم القافلة؟!
عبد العليم عيسى
القومية العربية والوحدة الإسلامية
إلى الأستاذ ناجي الطنطاوي
خاطبتم الأستاذ العلامة (ساطع الحصري بك) في العدد 317 من الرسالة العزيزة في قوله: (أعتقد باستحالة الوحدة الإسلامية) وقلتم: (أفتكون هذه الوحدة التي أمكن تحقيقها في عصر صدر الإسلام وعصر الأمويين والعباسيين ومن أتى بعدهم مستحيلة في عصرنا هذا؟) وتقولون هذا وأنتم تعلمون أن الدين الإسلامي الحنيف لم تصن مبادئه وتحفظ قوانينه كما أمر الله ورسوله (ﷺ) إلا في زمن صدر الإسلام. وفي عصر الأمويين إذ كان الدين الحنيف يسهر على مصالحه العرب الذين جالدوا ومنعوا دخول العناصر الغريبة عن العرب في صميم الحكم والقضاء، فلما أن جاء العصر العباسي وكثر فيه الغرباء عن العرب وانتصر السفاح بمساعدة الخرساني وهو فارسي أصبح الفرس يتدخلون في الحكم مجاهرين (أن الدولة لم تقم إلا على سواعدهم وازدادت هذه التدخلات بعد أن انتصر المأمون على أخيه الأمين بقوة جيش خراسان هذه العناصر أيضاً. ولم تزل هذه العناصر الغربية تلح على الأمة الإسلامية حتى انحطت إلى ما هي عليه الآن. ولو قدر الله أن يبقى الحكم في يد العرب لازدهرت الأمة الإسلامية ولم انحطت إلى ما هي عليه اليوم
أن المسلمين العرب اليوم في حاجة قصوى إلى الاتحاد والاتفاق مع المسيحيين العرب الذين يشاركونهم لغتهم وعاداتهم
وتقاليدهم. وليس من العقل في شيء أن نترك أخانا وجارنا المسيحي العربي من أجل هندي بعيد لا تربطنا به عادات ولا لغة ولا تقاليد! تقولون بعد: (إن كل مسلم في سورية أو مصر أو العراق يعتقد أن المسلم الهندي أو الياباني أو الأوربي أخ له الخ)
وهذا صحيح، ولكن هل تعتقدون أن المسلم الهندي يفيد المسلم المصري أو السوري أكثر مما يفيده المسيحي المصري أو السوري؟ هاهي ذي فلسطين الذبيحة تكوى بالحديد وبالنار فهل رأيتم هندياً أو يابانياً مسلماً تطوع للدفاع عنها حيث يتعانق الهلال والصليب وحيث يقف المسيحي إلى جانب المسلم يدفعان معاًشر المستعمر المغتصب؟
إن حلول الأمم الأجنبية في بلاد المسلمين العرب أكثره مسبب عما يسمونه (حماية الأقليات) وحين يأتي يوم تنطق فيه العقيدة العربية على لسان المسيحيين العرب المخلصين (إننا لسنا أقليات بل نحن من صميم الأمة) حين يأتي ذلك اليوم فإن الأمم المستعمرة لا تجد أمامها من هو محتاج إلى حماية فتنسحب
لقد أعطتنا (فلسطين) درساً وافياً في القومية وفي العقيدة فها هي ذي تكاد تتلاشى (لا سمح الله) والدولة التركية المسلمة ترفع صوتها باحتجاج واحد. قد تستطيع الأمم الإسلامية أن تعقد اتفاقاً تشكل منه دولة واحدة لها سيادة ولكن معنى ذلك هو ذَوَبان العرب في بقية الدول المسلمة القوية لم
في مقدور المسلم أن يوثق علائقه بإخوانه المسلمين أين كانوا وهو جاد في حقل (القومية العربية) ومخلص للقضايا الوطنية المشرفة
(طرابلس)
محمد على عكاري