مجلة الرسالة/العدد 298/رسالة المرأة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 298/رسالة المرأة

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 03 - 1939



غرائب العادات في الزواج

للآنسة زينب الحكيم

بمناسبة الزفاف لملكي السعيد، الذي تشرح معالمه الصدور، وتبهج زخارفه لأبصار بحيث لا نرى داعياً لوصف الواقع، ولا ضرورة للتنبيه إلى روعته وفخامته، كم أنن لسن في حاجة لأن نسجل عنه شيئاً اليوم ليبقى مسطوراً على القرطاس للمستقبل، لأنه حادث ستضل ذكراه باقية في حافظة الشعوب عامة، وفي حفظة لشعبين المصري والإيراني خاصة. لهذا أذكر فيم يلي بعض غرائب العادات في الزواج في مختلف البلاد:

1 - شيكوسلوفاكيا: توجد عادة غريبة في بعض جهات تشيكوسلوفاكيا، وهي أن كل شباب يتقدم إلى فتاة كخطيب ثم يخفق في مسعاه يقدم إليها شريطاً تضمه إلى غطاء رأسها كالموضح بالصورة.

وكلما كثر عدد الأشرطة المقدمة للفتاة كن ذلك دليلً على شهرتها وارتفاع قيمتها في عين الخطاب الذين يتقدمون إليها. وعندما لا يبقى مكان لأشرطة أخرى تضاف إلى ما سبق أن علقته الفتاة على غطاء رأسها يتحتم على الفتاة أن تعزم أكيداً على اتخذ أمر تنفذه بالنسبة لزواجها. فتصمم على اختيار واحد ممن تقدموا إليها وتكون أسرة.

2 - إنجلترا: في إنجلترا يتمتع العازمون على الزواج بحرية عظيمة في اختبار الشريك أو الشريكة ولهم ملء الحرية في المخالطة والتعارف قبل الزواج. ومما يذكر عنهم بالإعجاب والفخر أن الخطيب أيا كان مركزه ومرتبه يترفع عن أن يشاكي خطيبته عندما ترفض الزواج منه مهما يكن مقدار حبه لها.

ويرجح الإنجليز ارتفاع نسبة الزواج الناجح عندهم إلى الأسباب المتقدمة وهي نسبة تفوق جميع النسب في العالم.

3 - فنلاندا في شمال غربي روسيا: لنساء فنلاندا طريقة مختصرة في معاملة خطابهن، وهي أن يوقد والد الفتاة شمعة أمام الهيكل في الكنيسة أثناء إحدى مقابلات أسرتي الخطيبين. فإذا تركتها ابنته تحترق كان ذلك دليلاُ على أنها قبلت الزواج من خطيبها. أما إذا أطفأت الشمعة فذلك دلالة على أنها ترفضه إذ لا توجد بينهما جاذبية.

4 - السويد: إذا أكل فتى وفتاة من رغيف واحد من الخبز يقال إنهما متحابان دون ريب. فإذا كان ذلك صحيحاً يبدأ الخطيب التكلم في الموضوع، فيرسل صديقة له لتناقش الأمر مع أسرة الفتاة. فإذا نال العرض موافقة، يقدم الخطيب للتعارف إلى أسرة الفتاة في يوم الأحد المقبل بعد الحديث التمهيدي. وفي هذا الوقت لا يسمح للخطيبين بتجاذب أطراف الحديث أو بالمقابلة.

وفي صالة إعلان الخطبة يقام مهرجان يقدم فيه الخطيب للخطبة إناء فضياً يشبه فنجان الشاي الكبير بدون يد وبه قطع من النقود الفضية ملفوفة في أوراق. ويتبع ذلك الزفاف، وهما يتبادلان الهدايا وقت حضور القسيس.

5 - لابلاند وإيسلندا: عادة تكون السيدة أكبر سنا من الرجل، وتطول فترة الخطوبة، ويرجع هذا غالباً إلى المصاريف الباهظة التي تسببها المجاملات وما يظهر به الخطيب من احترام لأسرة خطيبته كواجب حتمي عليه. ويكلف أيضاً بتقديم هدايا متوالية لها ولأقاربها.

6 - اليونان: لا يسمح للخطيبين بالتقابل قبل يوم الزفاف إلا في مناسبات رسمية دقيقة. وفي إييرص عندما تكون الخطيبة قد تعرفت إلى زوجها في دار القسيس بعد أن باركهما، يطلب إليهما القسيس في رجاء شديد ألا يتقابلا ثانية حتى يوم زفافهما. . . .

7 - رومانيا: فيها عادة مشهورة جداً، ولو أنها انقرضت الآن تقريباً، وهي ما يعرف (بسوق الصبايا) ففي يوم عيد سنت بول (في 29 يونيو) يجتمع البنات على قمة جبل عال اسمه وتكون كل واحدة منهن مزودة بجهازها، ويحضر الخطاب مع آبائهم ويختارون خطيباتهم.

وتوجد في جهات أخرى من رومانيا عادات مشابهة كل الشبه لما يوجد في ألبانيا، إلا أنهم يؤجلون مهرجان العرس عند الطوائف المسيحية حتى تلد المرأة ولداً، لأنهم يعتبرون أن الغرض الأول من الزواج هو خلف الأطفال الذين يظمون إلى القبيلة فيزيدون عددها وقوتها.

8 - في غينيا الجديدة: للبنات والأولاد كامل الحرية في الاختلاط قبل الزواج، حتى لقد يضمون الليل سوياً، وإذا وجدوا أن لا بد من التغيير، فيفعلون ذلك حتى يتوق الخاطب إلى الخطيبة التي توافقه تماماً.

إذا قارنا ذلك بما يحدث في اليابان، وجدنا تبايناً كبيراً، لأن مسألة الزوج عندهم من غير الأفراد المحدثين، تترك كلها لتصرف الخاطب الذي يوفق بين الخطيبين، ويرتب تقابلهما وتعارفهما، ويكون ذلك في مقهى يتناولون فيه الشاي، ويكون على الفتاة تقديم شاي المهرجان لزوجها المنتظر.

9 - في جزائر سليمان: الفتاة التي تخطب لرجل عظيم تعتكف قسراً في خص بقرب خيام الحريم، ويقدم لها غذاء دسم، ولا يسمح لها بالخروج من ذلك الخص إلا مرة واحدة في اليوم لتغسل آنية نحاسية كبيرة. وتبقى على تلك الحال ثلاث سنوات متوالية تخرج في نهايتها من سجنها وقد نما على رأسها شعر أشبه بالفرجون الغزير جداً.

10 - هنود كندا: عندما يصمم رجل على الزواج يطلب إلى من اختارها أن تحزم له شراك صيده، ويكون هذا التكليف منه لها بمثابة مفاتحتها بالخطبة، فإذا قبلته كخطيب تطلب منه دون خجل أن يكلم أمها في الموضوع. وعادة تخبر البنت أمها بنفسها، وعلى ذلك ترشدها إلى بناء مسكن لها بجوار مسكنها، وعندما يقام مهرجان الزفاف يصبحان زوجين.

11 - في غينيا الجديدة: يتعارف المحبون في حلقات الرقص المشترك، فإذا أحب رجل امرأة لأول نظرة، وتبع ذلك عزم على الزواج منها، يفعلان ذلك دون جلبة أو إجراءات زواج من أي نوع؛ إلا إذا كان له منافسون فعندئذ يتقدم إلى والد الفتاة بثمن يدفعه له عنها، وأيضاً لا يتبع ذلك مهرجان زواج.

عادة التقبيل.

إن التقبيل بالفم عادة أوربية على ما يعلم. أما التقبيل عند الصين مثلاً فيكون بواسطة فرك الأنف والفم على الوجه.

أما في أفريقيا وغيرها من البقاع غير المتمدنة فلم يلحظ أن المحبين فيها يقبل بعضهم بعضاً. والرومانيون كان لهم عدة طرق للتقبيل، كتقبيل الوجنتين ويدل هذا على الصداقة. ويدل تقبيل الشفتين على العشق، ولا تزال هذه الاصطلاحات معمول بها في فرنسا وممالك أوربا.

والرقص والألعاب المختلفة كانت كلها من مميزات الحياة الغابرة، (كما أنها اليوم ميزة الحفلات الساهرة في حياة المتمدنين) وكما أنها وما تزال الأسباب المباشرة للتعارف واختيار الحبيبات.

أما الغناء والرواية فأمرهما مشهور معروف، لا سيما في أيام البطولة والفروسية وعند كثير من القبائل. فالمحب قد يروي قصة غرامه غناء أو إنشاد حال يمثل أصدقاؤه الرواية عملياً، ولا يسع الفتاة المقصودة في كثير من الأحيان إلا أن تفتح ذراعيها في النهاية وتراقص خطيبها دليلاً على إتمام الزواج.

القبلة في بلاد الحبشة.

تعتبر القبلة في بلاد الحبشة روح الحياة الاجتماعية فيها، وهي على عدة أشكال، فتستعمل لكل تهنئة، وكدليل على الاحترام، وتمييز المقامات، وتمضى بها المعاهدات السياسية أو التجارية، والناس الذين لا يقبل بعضهم بعضاً علناً هم الأزواج والزوجات.

هذا ويشاهد أن الحب يظهر بين المتمدنين في سن البلوغ، ولكنه يظهر بين الهمج في الطفولة، حتى لقد ترى الأطفال الصغار يمثلون أدواره في ألعابهم. كما يعد عند قبائل أفريقيا من العار ألا يكون للبنت أحباء ويسخرون منها إذا كانت ذلك. أما الولد الذي ليس له حبيبات، فيعمل له سحر يجلب الحظ والتوفيق لإيجاد الحبيبات.

هذا قليل من كثير مما يمكن أن يذكر من غرائب عادات الزواج وفلسفات العواطف الإنسانية.

زينب الحكيم.