مجلة الرسالة/العدد 268/المسرح والسينما

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 268/المسرح والسينما

ملاحظات: بتاريخ: 22 - 08 - 1938



القصة المسرحية

بين حقيقة الواقع وخيال المتفائلين

أعلنت إدارة (الفرقة القومية) هذا العام، كما أعلنت في الأعوام السابقة، عن مباراتها في التأليف المسرحي والترجمة والاقتباس للمسرح المصري وحددت للمتفوقين عدداً من الجوائز المالية القيمة، واهمة أن في تلك الجوائز ما يغري كبار أدبائنا وكتابنا بمعالجة القصة المسرحية

وقد جرى لنا مع الأستاذ خليل مطران مدير الفرقة حديث في صدد القصة المسرحية والروايات التي تقدم للفرقة وأثر المسابقات والمباريات في ظهور المسرحيات القوية والمؤلفين المنسبين أو الذين لم تتح لهم فرصة التعرف إلى أصحاب الفرقة وتقديم مسرحياتهم لهم. وكان من دواعي سرورنا أن اتفقت وجهة نظر كل منا مع الآخر

وخلاصة هذه الوجهة المشتركة من النظر في التأليف المسرحي هي أن القصة المسرحية الناجحة، كانت وما تزال وستظل إلى ما شاء الله غاية الفرقة القومية التي لا تكل ولا تمل في سبيل الوصول إليها، والتمتع بما يدخل على المسرح المصري من نتائجها

ولكن الطريق إلى القصة الناجحة وعر، والرحلة إليها طويلة شاقة؛ فقد لوحظ أن المؤلفين الذين يتقدمون للمباريات في التأليف المسرحي يكونون عادة واحداً من أثنين: مشتغل بالمسرح يعرف كيف (يحبك) قصته ويطبعها بطابع الفن الناجح ولكنه ركيك العبارة ضعيف الأسلوب وليست لديه القدر الكافي من الثقافة العامة. وأديب أو كاتب ليست له براعة الأول في إجادة التصور وحبك الحوادث وإن كان جزل العبارة لطيف الأسلوب غني في الثقافة. هذا بينما القصة المسرحية التي تنشدها إدارة الفرقة هي القصة القوية الموضوع، السلسة الأسلوب، المحبوكة الحوادث، الملأى بالمواقف التي تستدر العاطفة وتثير الإعجاب.

وقد يكون من أشد ما يأسف له الكاتب أن يضطر إلى التصريح بالحقيقة المؤلمة التي يعرفها كل بصير وخبير بدولة الأدب والكتابة في مصر، وهي أن الكاتب المسرحي الناجح لا وجود له بين ظهرانينا حتى الآن. . .

وهناك جملة عوامل هي المسئولة عن هذه الحال التي يؤسف لها أشد الأسف. منها أن فترة النهضة المسرحية لم تدم أكثر من عشر سنوات، أقفلت بعدها لأغلب الفرق أبوابها، وأعلنت توقفها وإفلاسها. وأي صناعة لا يهتم زعمائها بالتدقيق والتركيز، مقضي عليها بالذبول والاندثار لا محالة. ومنها أن الضائقة المالية التي عرضت للفرقة على اختلاف ألوانها، حدت بأصحابها إلى التنكر لكبار أدبائنا وكتابنا الذين رأوا أن يساهموا في هذه الناحية الأدبية التي كانت وما تزال بكراً في بلادنا، ولا نذكر أن كاتباً كبيراً من كتابنا أثنى ذات يوم على مدير لإحدى فرقنا التمثيلية، المندثرة أو القائمة حتى الآن. . . ومنها أن نفراً من صغار النقاد جروا على الشماتة بكال رواية يقال إن صاحبها هو الأديب الكبير (فلان الفلاني) والزراية بجهوده وتأليفه بحق بغير حق، وبدافع من الفن أو من الحقد وصغار النفس. . .

والمباريات وإن كانت وسيلة من أحدث الوسائل لتشجيع البادئين والناشئين من المجتهدين، إلا أنها لا يمكن أن تؤدي النتائج المرجوة لرفعة المسرح والقصة المسرحية في أقصر زمن مستطاع. وبديهي أن الواجب إعداد المدرس قبل إيجاد التلميذ. . وإلا فعلى إي أساس يكتب البادئون قصص لزعماء الفن مشهود لها بالجودة، ومن أقلام كبار الكتاب والأدباء؟! لاشك أن كثيراً من شبابنا المثقفين عندهم استعداد كبير للظهور في ذلك الميدان الذي نكرر انه ما يزال بكراً، ولا تنقصهم إلا الإرشادات (الفنية) التي يمكن اكتسابها بالتعلم أو بتدقيق النظر في المسرحيات الناجحة.

سينمائي