انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 253/بعد عام

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 253/بعد عام

ملاحظات: بتاريخ: 09 - 05 - 1938



مصطفى صادق الرافعي

للأديب أحمد فتحي

تلكَ أنغامُهُ، وهذا نشيدُهْ ... رَنَّ في مِسْمَع العُلي ترديدُهْ

أَسْعَدَ الليلَ بالأغاريد، حتى ... غمر الليلَ بالمنَى، غِرِّيدهْ!

هاكَ أعوادَهُ تمايَلُ في الرَّوْ ... ضِ، فتهفُو إلى ذَرَاها وُرودُه

كلما هَمَّ بالغِناءِ تَثنى ... مثل لَيْلاَيَ في المشارِفِ عُودُه

طائر دَفَّ في الدُّجَى بجناحَيْ ... هِ على النَّهْلِ يُسْتَسَاغ ورودهْ

كلما شارف المواردَ رَدَّتْ ... هُ شجونٌ يضجُّ منها جليدُهْ!

قَبَّلَ الطلُّ خَدَّهُ، وتَمادَى ... نحو ثغرٍ يحكي الرُّضاب بَرودُهْ

وترامى الدجى على قدميه ... والليالي كأنهن عبيدُهْ!

وهو هيمانُ ما يَرُدُّ سؤالاً ... بيض أفكارِهِ سواءٌ وسُودُهْ

إن طَوَتْ ذِكْرَهُ الليالي فمازا ... لَ عزيزاً، قديمُهُ، وجديدُهْ

إيه يا مصطفى، وقد طُوِىَ العا ... مُ، ورَفَّتْ على البرايا بُنُودُه

كيف أصبَحْت في مكانك بالخُل ... د، وَأيْنَت صلاتُهُ وسجودهْ

عيشُنَا عارياتُ ربكَ في الدُّن ... يا، وللمُتَّقينَ فيها خُلوُدُه

يعشقُ الناسُ في مباهجِهِ المجْ ... دَ ويَفْنَى طريفُهُ وتَلِيدُه

ما ترى في معاشر جحدوا الشِّع ... رَ وقد طابَ في ذَراهُهْم جُحودُهْ

إنَّ منه لحكمةً تترك الَقلْ ... بَ قعيداً يملُّ منه قُعُودُه!

فيمَ سَعْيُ الأنام والعيش نَجْمٌ ... يبهرُ العين نحسه وسُعُودُه؟

زخرفٌ كُلهَا الحياةُ احتواها ... أمَلٌ يَخْدَعُ الرجالَ شرودُه!

ما ترى العينُ غيرَ مُلكٍ من الوَهْ ... مِ تناهَتْ سهولُهُ ونجودهْ

سَرِّحِ الطرف، هل تَرَى غير خلق ... يتباكى شَقيُّهُ وسعيدُهْ؟!

كذب كلها الحياةْ، وعمرٌ ... ليس يبقَى قصيرُهُ ومديدُه!

يا فقيدَ البيان، والشعر وَحْيٌ ... مِنْ عُيونِ السماء تَهْمي قصيدهْ قد حفظنا عهودَهُ، لم نُضِعْهَا ... ولقد طالما أُضيعَتْ عُهُودُهْ

ظَلَّ فينا القريضُ قُدْسَ تراثٍ ... أنا بَشَّارُه، وأنتَ لبيدُهْ!

شَدَّ مَا ضلَّ فِتْيَةٌ رغبوا للتَّحْ ... ويرَ فيه، وشَاقَهُمْ تجديدُهْ

زعموا الشعر كالثياب، بعصر ... يَتَشَهَّى استحداثَها فيه غِيدهُ

قَلدُوا الغَرْبَ في نظام القوافي ... وهي عِقْدٌ ما ينبغي تَقْلِيدُهْ!

أين تلك الحصباءُ من ذلك الدرْ ... رِ صحيحاً يَتِيمهُ وفريدُهْ!؟

يا حبيبَ القران، وهو بيانٌ ... لاحَ إعجازُهُ وَعَيَّ حَسُودُهْ

لم تزلْ هاتفاً به تَتَغَنَّى ... يبعثُ السِّلمَ في النفوس نشيدُه

لك من طُهر آيه بركاتٌ ... تُجْزِلُ الأجر للتُّقَى وتزيدُهْ

إن شكوتَ الجحود في ظل دهرٍ ... قد تساوَتْ جَراؤُهُ وأُسُوده!

فَلَكَ الغاية التي وَعَدَ الله ... ويا حُسْنَ ما أعدَّتْ وعوده

جَنَّةً عَرْضُهَا السماواتُ والأرْ ... ضُ، وظلاً ما ينطوي ممدوُه

(القاهرة)

احمد فتحي