مجلة الرسالة/العدد 245/المسرح والسينما
مجلة الرسالة/العدد 245/المسرح والسينما
مراقبة الأفلام
عرض فلم (حوادث 1938) وقد لاحظت من تفكك هذا الفلم في بعض أجزائه أن يد الرقيب قد أعملت مقصها في أكثر من موضع فاستبعدت بعض المشاهد غير اللائقة بالفلم، ونحن نحمد (مراقبة الأشرطة السينمائية) على أن يكون عملها هذا من محققات المراقبة الحاسمة، وإن كنا لا ننسى أن عين الرقيب تغفل - أو كانت تغفل - أحياناً. ونكتفي بأن نذكر دليلنا من فلمين حديثي العرض , فقد كان فيهما من المشاهد النابية ما لا نود أن يسمح بمثلها في المستقبل
وقد أصبحت مراقبة الأفلام من الأمور التي تنال من اهتمام الحكومات نصيباً يزداد يوماً بعد يوم تمشيا مع تطور السينما وخطورتها؛ فلو أن المطبعة والأستديو اشتركا في موضوع واحد لكان في مقابل كل فرد يقرأ الكتاب عدة مئات يشهدون الفلم. فإذا كانت هناك مراقبة أدبية حازمة على المؤلفات فمن الواجب أن تكون المراقبة أشد حزماً على الأفلام، وبخاصة أن الفلم صور وحديث فأثره أبقى وأوضح من الكتاب المقروء. ويقيني أنه لو كانت لدينا مثل هذه المراقبة لما انحط مستوى أكثر أفلامنا تبعاً لأسلوبها المبتذل وموضوعاتها الجوفاء
ولقد قيل إن الحكومة كانت تنتوي سن قانون لهذا الغرض، وإنها قد ألفت لجنة في أواخر العام الماضي ظلت تنعقد وتنفض وتفكر وتقترح ثم تنعقد وتنفض، والأمر الذي لم تقترب منه خطوة واحدة هو (التنفيذ)
فإذا تحققت ظنونا يوماً وقيل إنا بدأنا نعمل، فإني آمل أن تهتدي حكومتنا في تشريعها لمراقبة الأفلام على ضوء القوانين التي تسنها البلاد الراقية، وفي مقدمتها القانون الإنجليزي، لأنه قانون معتدل لا يذهب إلى الجمود ولا ينزلق إلى حد التطرف
فالرقيب الإنجليزي يجعل همه أولاً منع الأفلام التي تخدم أهواء السياسة أو الأفكار الخاصة أو المذاهب الخطرة أو التي تتعرض للأديان، وفيما عدا ذلك فإنه يعطي الأفلام إحدى صفات ثلاث:
1 - عام
2 - للراشد 3 - مرعب
فأفلام الصفة الأولى هي التي يجوز للأسرة جميعاً مشاهدتا. وأفلام الصفة الثانية المحظورة على الغلمان هي الأفلام الغرامية المبتذلة وأفلام العرايا والأفلام التي تنصر الجريمة والمجرمين
أما الصفة الثالثة الخاصة بالأفلام المرعبة فهي حديثة الإضافة في المراقبة الإنجليزية، وقد عني بها الرقيب حظر هذا النوع من الأفلام على الأطفال بعد أن تعدد وتنوع ووضح خطره
كما أن هناك أنواعاً أخرى من الأفلام لم يعن بها المشرع الإنجليزي أو الفرنسي أو الأمريكي؛ تلك الأفلام التي تسيء إلى الشرق عامة وإلى مصر خاصة. هذه الأفلام جديرة بأن تكون في المحل الأول من عناية الرقيب. ولقد عرضت علينا - وا أسفاه - طائفة كبيرة من هذه الأفلام نحسب أن منعها كان أفضل وأبقى على الكرامة وعلى الفائدة المرجوة من السينما
وثمة نوع آخر من الأفلام التي تظهر فيها ضروب من القسوة على الحيوانات تحت ستار الصيد أو القتال أو غير ذلك.
وفي 9 أبريل الماضي أثار سير روبرت جوير في مجلس العموم البريطاني مناقشة حادة حول فلم (فرقة الإنقاذ) الذي عرض ولا يزال يعرض بمصر لإظهاره نوعاً من القسوة على الجياد في مشهد هجوم لجأ المخرج فيه إلى حيلة تكسب الفلم صفة الجد فمد أسلاكاً دقيقة تعلو قليلاً عن سطح الأرض تعثرت بها الجياد عند الهجوم فسقط بعضها جريحاً.
محمد علي ناصف