مجلة الرسالة/العدد 220/رسالة الشعر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 220/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 09 - 1937



المال

للأستاذ فخري أبو السعود

إِيَّاكَ يبغي رائح أو مغتد ... وإليك يسلُكُ حائد أو مهتد

وعليك أنت تجمّعوا وتفرّقوا ... كلٌّ إلى أَرَبٍ يروح ومقصد

وعلى هواك تواصلوا وتباغضوا ... متزاحمين عليكَ عَذْبَ المورد

متنافسين على جَدَاكَ فغارق ... فيما يُجَمِّعُهُ وغصّانٌ صَدِ

مَن نال مِن جدواك رَاَمِ تزيُّداً ... هيهات مهما زِدْتَه لم يَزهد

أَحبِبْ إِلى أَسماعهم وقلوبهم ... بصداك لا بل باسمك المتردد

قطبُ الحياة وملتقَى طلابها ... طراً وسِلْكُ نظامها المتبدد

يُعْلىِ مكانك عالمٌ بصروفها ... وبطبعها المتقادم المتجدد

بك تُطْلَبُ الدنيا ويُدْرَكُ ما بها ... مِن متعةٍ لأَخي النُّهى المتَزَيِّد

وتَصُونُ ماَء الوجه يومَ ملمة ... وتَقومُ دون الحادثات بمرصد

وأَراك تَقْحَمُ كل حصن مغلق ... أَشِب وتفتح كل باب موصد

وأراك عدة كل حر ناهض ... يَقْضِي حقوقاً للعلا والسودد

وأراك جيشاً للغَنِّيِ مؤزِّراً ... يمشي بجند حيث سار مؤيِّد

وكأنّ هذا الكونَ دولةُ مَن مشى ... في جانبيه بُمطْرَفٍ أو مُتْلَد

أَنا إِنْ حَوَيْتُ قليلَ فَيْضِكَ خلُتني ... مَلِكاً على هذا السَّوَاد المُجْهَد

يشقَوْن كي أَهْنَا وأَخطر مُكْرَماً ... فيهم وأُدْعى بينهم بالسّيد

ويسارعون إلى رضاي مُحَكَّماً ... في خير ما صَنَعَ الصَّنَاعُ وأَجْوَد

وتهش لي أَنَّي ذهبتُ ديارُهم ... طرباً ويُبْشِرُ عند مَقْدَمِيَ النَّدِي

فإِذا خَلَتْ كَفِّي فيالي مُجْتَوى ... إِن جاء أُنْكِرَ أو مَضَى لُم يُفقْدَ

أنت الصديق الصادق الفرد الذي ... يُغْنِي إِذا اُفْتُقِدَ الصديقُ ويفْتَدِي

نِعْمَ المصاحبُ في المُقام وحبذا ... خِدناً لِذِي السَّفَرِ المفِذِّ المبْعِدِ

فتشتُ عن وجه الصديق فلم أجد ... فيمن عرفت سوى الطَّلُوب المجتدي مَنْ ليس في يوم الرفيهة مُؤْنِسِي ... بحديثه أو في الكريهة مُسعدي

حتى إذا أَقصيتُ كلَّ مُساَئلٍ ... عنّي وصاحب حاجةٍ متودِّد

ألفيتُني فرداً لعمرك واحداً ... فنبذتُهم وَوَفَرْتُ ما مَلكَتْ يَدِي

فخري أبو السعود