مجلة الرسالة/العدد 207/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 207/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 207
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 21 - 06 - 1937



ربيعة الرقي رقصة الذئب والحمل

يعف كل متأدب الشاعر الفرنسي المشهور لافونتين ومنظومته المعروفة (الأمثال) ولكن من تتبع المصادر التي أخذ عنها هذا الشاعر أمثاله، يتبين أن معظم هذه القصص المنظومة التي حكى أكثرها على لسان الحيوان، مأخوذة من مصادر شرقية ولا سيما كتاب كليلة ودمنة وأشباهه. نقلت هذه القصص إلى أوربا قبل عصر لافوتين بالتراجم اللاتينية أو على ألسنة التجار والمسافرين، وتناولها هذا الشاعر فغيرها لتلائم أذواق بلاده، ثم صبها في قالب من الشعر الفرنسي السلس. وتبع هذه الطريقة شاعر فرنسي آخر أسمه فلوريان بعد لافونتين بنصف قرن.

وليس قصدنا أن نبحث في هذا الموضوع انكشف عن مرجع كل قصة من أمثال لافونتين، وإنما نريد هنا أن نقتصر على واحدة من أكثر هذه الأمثال ذيوعا، وهي قصة الذئب والحمل التي شاعت حتى طبقت الآفاق وصارت مثلا لتجني الأقوياء على الضعفاء.

وكان كاتب هذه السطور يصحح كتاب (طبقات الشعراء المحدثين) لأبي العباس عبد الله بن المعتز الذي تطبعه لجنة ذكرى جب في إنكلترا، وسيظهر عما قريب، فألفيت الحكاية نفسها في قصيدة لربيعة الرقي أحد الشعراء المحدثين، وعلمت أن هذه الحكاية أيضاً مقتبسة من القصص الشرقية القديمة التي كانت شائعة عند المسلمين في عصر ربيعة الرقي وعنهم نقلها أهل أوربا، فنظمها لافونتين واشتهرت في تلك الأقطار

وقد رأيت أن هذه المسألة لا تخلو من فائدة، وأن ديوان ربيعة الرقي أحد شعراء الغزل المشهورين في عهد هارون الرشيد غير مطبوع فاستحسنت أن أقدم إلى قراء الرسالة الكرام قصيدة ربيعة المشتملة على هذه القصة وهي هذه:

أعلل نفسي منك بالوعد والمنَى ... فهلاّ بيأسٍ منك قلبي أعلّلُ

ومَوْعِدك الشهدُ المصفّى حلاوة ... ودُون نجاز الوعدِ صاب وحنْظل

وأَمنحُ طرف العينِ غيرَكِ رقْبةَ ... حَذارَ العدَى والطرفُ نحوكِ أميَلُ

لكيما يقولَ الناسُ أنَ امرَأ رَمى ... رَبيعةِ في ليلَى بسوءٍ لمبطلُ

لقد كذب الواشونَ بغياً عليهما ... وما منهما إلا برىٌ معقلُ فلو كنت ذا عقل لأجمعت صرمكم ... برأيي ولكني امرُةٌ لست أعقلُ

وكيف يصبر القلب لا كيف عنكم ... وبابُ فؤادي دونَ صرمِكِِ مُقفَلُ

ومن أينَ لا من أين يَحْرم قتلُكم ... وقتلى لكم يا أم ليلى محلّلُ

أغركِ أن لا صبرَ لي في طِلابِكم ... وأن ليسَ لي إلاّ عليكِ معّولُ

ولما تبينتِ الذي بي منَ الهوَى ... وأيقنتِ أني عنكِ لا أتحول

ظلمت كذئب السوء إذ قالَ مرة ... لسَخلٍ رأى والذئب غرثان مرمل

أأنت الذي في غير جُرْمٍ شتمتني؟ ... فقال: متى ذا؟ قال ذا عام أوُّلُ

فقال وُلِدْتُ العامَ بل رُمْتُ غدرة ... فدونك كلني لا هَنا لك مأكل

أتبكين من قتلي وأنتِ قتلتني ... بحبِّك قتلاً بيناً ليس يَشْكل

فأنت كذبَّاح العصافير دائباً ... وعيناه من وجد عليهن تهمل

فلو كان من رأف بهن ورحمة ... لكف يداً ليست عن الذِّبح تَعطْل

فلا تنظري ما تهمل العين وانظري ... إلى الكف ماذا بالعصافير تفعل

(باريس)

عباس إقبال

حمى السياحة

كانت السياحة إلى ما قبل جيل فقط نوعاً من الترف لا يتمتع به سوى الأغنياء؛ وكانت الرحلة إلى الشام أو إلى استانبول مثلاً بالنسبة لآبائنا وأجدادنا حادثاً عظيماً يتحدث به؛ وكان السفر إلى باريس أو الريفيرا متعة الأمراء والخاصة.

أما اليوم فان السياحة تغدو حركة ثقافية ورياضية عالمية، يستطيع أن يتمتع بنعمها جميع الطبقات المتوسطة، وغدت المواصلات البحرية والبرية والجوية ميسورة يطيقها ويستعملها جميع الناس؛ وفي عصر السرعة الذي تهب ريحه اليوم على جميع الأمم والمجتمعات يستطيع السائح أن يطوف قارة بأسرها في أيام معدودات، ويستطيع أن يقطع البحر إلى إيطاليا في سبعين ساعة فقط، وإلى فرنسا في أربعة أيام، ويستطيع أن يقطع ما بين الإسكندرية ولندن بالطيارة في عشرين ساعة. وقد نظمت جميع الأمم السياحية عواصمها وربوعها ومنتزهاتها بصور وأساليب جذابة سواء في برامج الزيارة أو في تخفيض النفقات، وتسابقت معظم الأمم في تقرير الامتيازات للسائحين بتسهيل المواصلات ومسائل النقد وغيرها مما يغري السائح بتفضيلها، وتعنى الهيئات الثقافية والرياضية بتنظيم الرحلات الرخيصة للطلبة وأصحاب المهن وجماعات المثقفين وتعنى مكاتب السياحة نفسها بتنظيم الرحلات الرخيصة للطبقات المتوسطة بأجور مدهشة.

فالسياحة لم تبق اليوم أمنية المترفين ولا حكر الأغنياء، ولكنها تغدو في متناول معظم الطبقات؛ ويرجع الفضل في ذلك إلى تحسن المواصلات العالمية ورقيها السريع المدهش، وإلى تنافس الأمم السياحية في استثمار موارد السياحة إلى أقصى الحدود، ويرجع أيضاً إلى تقدم الصلات الدولية بين الشعوب المختلفة وإلى الرغبة في تبادل الاطلاع والمعرفة والتثقيف، وتبادل المزايا التجارية والاقتصادية، وقد هبت هذه الريح السياحية على مصر في الأعوام الأخيرة، وأتيحت الفرصة لطبقات جديدة من المتوسطين أن يقوموا برحلات بديعة بأجور زهيدة، وسرت الرغبة في جميع طبقات المثقفين ولا سيما الشباب أن يسافروا وأن يسوحوا وأن يتعرفوا أحوال الأمم الأخرى، وقد وصلت هذه الحمى السياحية إلى أقصاها في هذا الفصل حيث تعتزم ألوف عديدة من المصريين السفر إلى زيارة معرض باريس الدولي لا فرق في ذلك بين المترفين وصغار الموظفين والطلبة والمتوسطين؛ وهذه رغبة مشروعة لا اعتراض عليها، بيد أنه يخشى أن تؤدي المبالغة في تحقيقها إلى إسراف لا تحمد عواقبه، إذ تتسرب أموال المصريين إلى الخارج بكثرة، وتضطرب مالية كثير من المتوسطين وصغار الموظفين خصوصاً وأنه لا توجد بمصر قوانين لتقييد العملة أو تحديدها كما هو الشأن في معظم البلدان، ولهذا يحسن بولاة الأمور أن يبحثوا هذه المسألة وأن يضعوا لها بعض الحدود والقيود المعقولة

كتاب جديد لماريا ريمارك

صدر أخيراً في أمريكا كتاب جديد لماريا ريمارك عنوانه: (الرفاق الثلاثة) وريمارك كما نذكر هو مؤلف الكتاب الذي لقي أعظم نجاح في عصرنا وهو القصة المسماة (كل شيء هادئ في الميدان الغربي) التي تدور حوادثها على حياة الجندي أثناء الحرب الكبرى. والكتاب الجديد هو أيضاً قصة اجتماعية عسكرية من النوع الذي حذقه هذا المؤلف الذي حباه الحظ بأكثر مما حبته مواهبه الكتابية

وريمارك الآن في التاسعة والثلاثين من عمره؛ وحياته قصة عجيبة، فهو ألماني من وستفاليا، وكان في حداثته يغني في جوقة بعض الكنائس؛ ولما نشبت الحرب كان جندياً يحارب في الميدان الغربي؛ ولما انتهت الحرب في سنة 1918 وعاد ريمارك إلى وطنه لم يجد سبيلاً للعيش؛ فاحترف مهنة البائع المتجول في القرى وأخذ يبيع السلع الرخيصة للنساء القرويات، ولكنه كان في خوف دائم من البوليس لأنه لا يحمل رخصة البائع، ثم ترك هذه الحرفة واشتغل صبياً لبناء أثري، ثم اشتغل عاملاً في أحد الملاجئ وبدأ حياته الكتابية بتحرير الإعلانات، وكان يحررها أحياناً بالنظم، ثم اشتغل كاتباً رياضياً لإحدى الصحف، ثم كتب قصته الشهيرة فلم تنل في البداية سوى قليل من النجاح، ولكن القدر كتب له بعد ذلك هذا النجاح العظيم الذي لقيه والذي أثري من جرائه وعرف الحياة الناعمة وهو ما يزال في عنفوان شبابه، وكان من حسن طالعه أيضاً أنه كسب على مائدة الميسر ذات يوم مبلغاً كبيراً من المال قبل أن يؤاتيه النجاح، فاستطاع بذلك أن يصلح من شأنه وأن يسيح في معظم بلاد العالم. ويعيش ريمارك الآن في منفاه في سويسرا كباقي الكتاب الألمان الأحرار الذين طاردتهم ألمانيا الهتلرية وأخرجتهم من أرض الوطن

قسم التفكير والآداب بمعرض باريس

أنشئ أخيراً في معرض باريس الدولي قسم للكتاب وإذاعة الفكر برياسة المسيو (جوليان كان) مدير المكتبة الوطنية. والمنتظر أن يكون هذا القسم نواة لمتحف الآداب الذي سينشأ في المستقبل القريب في أبنية (دار الصناعة) (الأرسنال) وسيكون متحف الآداب أكبر ما عرف من نوعه، ويضم مجموعات عظيمة من الصور والمخطوطات والطبعات النادرة والتجارب المصححة والوثائق المتعلقة بتراجم كبار الكتاب والمجموعات الخاصة؛ وهذه المجموعات والتحف توجد الآن مبعثرة في أقسام المكتبة الوطنية: ويتضمن القسم الأدبي بالمعرض تطور الآداب منذ عصر الإمبراطورية حتى الوقت الحاضر، ومنها معروضات كثيرة تخص الكتاب المعاصرين. والمقصود أن تعطى فكرة واضحة عن تطور الكتابة والطباعة والأعمال الأدبية، وأن تعرف أكثر الأوقات والمواسم الأدبية إنتاجا. ويشمل القسم الأدبي ما يتعلق بكتاب عظام مثل بلزاك وفكتور هوجو وفلوبير وستندال ورينان وبودلير وبروست، ويقوم بعرض كل كاتب من هؤلاء كاتب من المعاصرين يختص بالتحدث عن حياته وآثاره وأسلوبه. ويشرف على عرض مخطوطاته وصوره وجميع الوثائق المتعلقة به ومنها تحفه وآثاره وتجارب المطبعة التي تحمل تصحيحاته، وطبعات كتبه وترجماتها. كذلك أعدت أقسام خاصة لكل نوع من المدارس الأدبية مثل المدرسة الواقعية والطبيعية والرمزية، وأدب المقاهي والأبهاء وغيرها، ولا ريب أن هذا القسم من المعرض سيجذب أنظار الكثيرين من الكتاب والأدباء من جميع الأمم

آثار فرعونية في خطر

من أنباء فينا أن الدكتور أرنست آبلت العلامة الأثري النمساوي والأستاذ بالمعهد المصري بجامعة فينا قد أعاد أخيرا إلى العاصمة النمسوية بعد أن قضى بمصر بضعة أشهر منقباً في بعض أنحاء الصعيد الجنوبية، ووقف على معلومات ومواد أثرية ثمينة ولا سيما بشأن المعابد والهياكل الجنوبية. وقد صرح الدكتور آبلت لبعض الصحف النمسوية أن تعلية خزان أسوان، وما يستتبع ذلك من غمر مياه النيل لبعض المناطق الأثرية المجاورة يهدد سلامة المعابد والآثار القائمة في هذه المناطق خصوصاً أن المياه تغمر بعضها الآن حتى القمة، وكانت البعثة النمسوية للحفريات قد توقفت عن العمل نحو ثلاث سنوات لحاجتها إلى المال ثم استأنفت عملها في الشتاء الماضي. وقد عثرت أثناء حفرياتها على عدة هياكل عظمية فرعونية وبعض تحف حجرية، وستعود في الشتاء القادم إلى استئناف أعمالها في منطقة بني سلامة من أعمال مديرية أسوان

كتاب فارسي قديم في الجغرافية

أصدرت مطبعة (بريل) في ليدن كتاباً فارسياً قديما في الجغرافية ترجمة المستشرق منورسكي ترجمة كاملة عن الفن الفارسي:

وهذا الكتاب - وأسمه (حدود العالم) - لمؤلف فارسي قديم لم يعرف، ألفه سنة 372 هـ. وكان قد عني به المستشرق الروسي بارتولد فكتب له مقدمة طويلة ونشره سنة 1930، غير أنه وجد صعوبة في تحقيق أسماء الأماكن والمدن الإنجليزية التي وردت في الكتاب فعمد إلى اختصار بعض موضوعاته.

كتاب المثنوى في الإنكليزية

أصدرت مطبعة بريل في ليدن الجزء السابع من سلسلة كتاب المثنوى لجلال الدين الرومي، وهي توالي إخراج هذا الكتاب سلاسل وأجزاء مع ترجمته إلى الإنجليزية وتعليقات عليه بقلم المستشرق رينولد نيكلسن

وكتاب المثنوى مؤلف قيم معروف، وقد قرظ صاحبه بهذه العبارة المأثورة: (أنه جاء بكتاب وإن لم يكن نبياً) وقد عرض فيه مؤلفه لمبادئ الصوفية وتعاليمها فشرحها شرحا مستفيضا.

ويتضمن هذا الجزء الذي صدر أخيرا تعليقات المستشرق نيكلسن على الجزء الأول والثاني من الكتاب، أما الأجزاء التي ظهرت من قبل فهي:

1 - نص الكتابين الأول والثاني.

2 - ترجمة الكتابين الأول والثاني إلى الإنجليزية.

3 - نص الكتابين الثالث والرابع.

4 - ترجمة الكتابين الثالث والرابع إلى الإنجليزية.

5 - نص الكتابين الخامس والسادس.

6 - ترجمتهما إلى الإنجليزية.

لجنة أحياء ذكرى المنفلوطي:

ناشدت لجنة إحياء ذكرى المنفلوطي أساطين الأدب وأعلام البيان في الشرق العربي على صفحات الجرائد والمجلات أن يتفضلوا بالكتابة عن أدب الفقيد الخالد من شتى نواحيه بمناسبة مرور ثلاثة عشر عاماً على وفاته وتمهيداً لإحياء ذكراه في 16 يوليو القادم، وكان ذلك في أول مايو غير أنه والأسف يحز في نفوسنا لم يتحرك قلم لأداء هذا الغرض النبيل كما أنه لم تصل السكرتارية حتى الآن أية رسالة في هذا الموضوع، ولقد قر الرأي - بناء على اقتراح الأستاذ توفيق حبيب - على وضع كتاب عن أدب المنفلوطي لتخليد ذكراه، تتبارى فيه جهابذة الأدباء في جميع أقطار الشرق العربي، وذلك بأن يختار كل من حضرات الأدباء والشعراء ما يروقه من الموضوعات فيكتب فيها بحثاً ضافياً يرسله إلى السكرتارية قبل آخر يونيو الحالي حتى إذا تكامل لديها ما يكفي لمادة الكتاب قامت بطبعه وأنفقت ثمنه في تشييد قبر يتفق ومكانة المنفلوطي العالمية. واللجنة تتوجه بالرجاء الشديد إلى حضرات الكتاب والأدباء والشعراء ألا يضنوا بمجهوداتهم وأن يحققوا ما تعلقه عليهم من آمال.

سكرتير اللجنة

متولي حسنين عقيل