مجلة الرسالة/العدد 203/نقل الأديب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 203/نقل الأديب

ملاحظات: بتاريخ: 24 - 05 - 1937



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

61 - عجيبة. . .

في (طبقات الشافعية الكبرى) للسبكي: عجيبة هي مغنية كانت بمصر على السلطان الملك الكامل بن أيوب، ويذكر أن الكامل كان مع تصميمه بالنسبة إلى أبناء جنسه تحضر إليه ليلاً، وتغنيه بالجنك على الدف في مجلس بحضرة ابن شيخ الشيوخ وغيره، وأولع الكامل بها جداً، ثم اتفقت قضية شهد فيها الكامل عند عين الدولة، وهو في دست مملكته. فقال ابن عين الدولة: السلطان يأمر ولا يشهد. فأعاد عليه السلطان الشهادة، فأعاد القاضي القول. فلما زاد الأمر وفهم السلطان انه لا يقبل شهادته، قال: أنا أشهد، تقبلني أم لا؟

فقال القاضي: لا، ما أقبلك. وكيف أقبلك وعجيبة تطلع إليك بجنكها كل ليلة، وتنزل ثاني يوم بكرة، وهي تتمايل سكراً على أيدي الجواري، وينزل ابن الشيخ من عندك أبخس مما نزلت!

فقال له السلطان: يا كنواخ! (وهي كلمة شتم بالفارسية)

فقال القاضي: ما في الشرع يا كنواخ. أشهدوا على أني قد عزلت نفسي ونهض.

فجاء ابن الشيخ وقال: المصلحة للملك إعادته لئلا يقال لأي شيء عزل القاضي نفسه؟ وتطير الأخبار إلى بغداد، ويشيع أمر عجيبة. فقال له قم إليه، فنهض إلى القاضي وترضاه، وعاد إلى القضاء.

62 - السكير، النفط

كتب عبد الصمد بن المعذل إلى صديق له ولي النفاطات فأظهر تيهاً:

لعمري لقد أظهرت تيهاً كأنما ... توليت للفضل بن مروان عكبرا

دع الكبر واستبق التواضع إنه ... قبيح بوالي النفط أن يتغيرا

من أجل عيون النفط أحدثت نخوة ... فكيف به لو كان مسكاً وعنبرا

63 - كيف ترى هذا الفقه

في (تلبيس إبليس) لابن الجوزي: قال عبد الرحيم بن جعفر السيرافي الفقيه: حضرت بشيراز عند قاضيها أبي سعيد بشر بن حسن الداودي وقد ارتفع إليه صوفي وصوفية (وأمر الصوفية هناك مفرط جداً حتى يقال إن عددهم ألوف) فاستعدت الصوفية على زوجها إلى القاضي. فلما حضر قالت له: أيها القاضي إن هذا زوجي ويريد أن يطلقني وليس له ذلك، فإن رأيت أن تمنعه. فأخذ القاضي يتعجب، وحنق على مذاهب الصوفية ثم قال لها: وكيف ليس له ذلك؟ قالت: لأنه تزوج بي ومعناه قائم بي، والآن هو يذكر أن معناه قد انقضى مني، وأنا معناي قائم فيه ما انقضى فيجب عليه أن يصبر حتى ينقضي معناي منه كما انقضى معناه مني.

فقال لي القاضي: كيف ترى هذا الفقه؟! ثم أصلح بينهما وخرجا من غير طلاق.

64 - أما بشرع محمد من أين لك؟

قال هبة الله بن الفضل في يحيى بن المظفر بابن المرخم:

يا ابن المرخم، صرت فينا قاضياً ... خزف الزمان تراه أم جن الفلك؟

إن كنت تحكم بالنجوم فربما ... أما بشرع محمد من أين لك؟!

65 - أفلا يزول هذا التوهم؟

في (إرشاد الأديب) لياقوت الحموي:

سأل بعض الأكابر من بني طاهر أبا العباس ثعلباً أن يكتب له مصحفاً على مذهب أهل التحقيق فكتب: (والضحي) بالياء. ومذهب الكوفيين أنه إذا كانت كلمة من هذا النحو، أو لها ضمة أو كسرة كتبت بالياء - وإن كانت من ذوات الواو. والبصريون يكتبون بالألف. فنظر المبرد في ذلك المصحف فقال: ينبغي أن يكتب (والضحى) بالألف لأنه من ذوات الواو. فجمع أبن طاهر بينهما. فقال المبرد لثعلب: لم كتبت والضحى بالياء؟

قال: لضمة أوله.

قال: ولم إذا ضم أوله - وهو من ذوات الواو - تكتبه بالياء؟

قال: لأن الضمة تشبه الواو، وما أوله واو يكون آخره ياء، فتوهموا أنه أوله واو.

فقال المبرد: أفلا يزول هذا التوهم إلى يوم القيامة؟!

66 - سرة الدنيا، العروة الوثقى في (البدر الطالع) للشوكاني:

خرج بيبرس العثماني الجاشنكير الملك المظفر للحج بعد سنة (701) وصحبة كثير من الأمراء، فحج بالناس فصنع من المعروف شيئاً كثيراً. ومن محاسنه أنه قلع المسمار الذي كان في وسط الكعبة وكان العوام يسمونه (سرة الدنيا) وينبطح الواحد منهم على وجهه، ويضع سرته مكشوفة عليه. ويعتقد أن من فعل ذلك عتق من النار وكان بدعة سيئة، وكذلك أزال الحلقة التي يسمونها (العروة الوثقى).

67 - وكيف لا تطرب عوديه

القيراطي:

تنفس الصبح فجاءت لنا ... من نحوه الأنفاس مسكيه

وأطربت في العود قمرية ... وكيف لا تطرب عوديه؟

68 - الطبع والتمرين

في (الخصائص) لابن جني:

قرأ السجستاني: قرأ عليّ أعرابي بالحرم: (طيبي لهم وحسن مآب) فقلت له: طوبى، فقال: طيبي، فقلت: طوبى فقال: طيبي. فلما طال على قلت: طو طو، فقال طي طي

أفلا ترى إلى هذا الأعرابي وأنت تعتقده جافياً ركزاً، لا دمثاً ولا طيعاً كيف نبا طبعه عن ثقل الواو إلى الياء، فلم يؤثر فيه التلقين، ولا ثنى طبعه عن التماس الخفة هز ولا تمرين

69 - والقوم أغصان

حضر الشاعر أبن القيسراني مرة في سماع، وكان المغني حسن الغناء، فلما طربت الجماعة وتواجدوا قال:

والله لو أنصف العشاق أنفسهم ... فدوك منها بما عزوا وما هانوا

ما أنت حين تغني في مجالسهم ... إلا نسيم الصبا والقوم أغصان

70 - الخبز والبقل

في (فتوح البلدان) للبلاذري: قال كثير بن شهاب يوماً: يا غلام، أطعمنا.

فقال: ما عندي إلا خبز وبقل.

فقال: وهل اقتتلت فارس والروم إلا على الخبز والبقل؟؟