مجلة الرسالة/العدد 203/رسالة النقد
مجلة الرسالة/العدد 203/رسالة النقد
إسماعيل المفترى عليه
تأليف القاضي بيير كربتيس
وترجمة الأستاذ فؤاد صروف
للأستاذ الغنيمي
- 6 -
عرضنا على القارئ في المقالات الخمس السابقة أمثلة من الأغلاط التي يجدها القارئ في ترجمة الأستاذ صروف، ولقد وصلنا في نقدنا إلى الفصل السادس من الكتاب ونظن أن الأمثلة التي ذكرناها تكفي لأن تعطي القارئ فكرة صحيحة عن هذه الترجمة؛ وقد كانت معظم الأغلاط التي ذكرناها إما عبارات محذوفة رغم أهميتها، وإما عبارات أضافها المؤلف من عنده غيرت المعنى، وإما جملاً ترجمت ترجمة خاطئة أفسدته. وقد ذكرنا مثلاً أو مثلين من العبارات الغامضة التي لا يستطيع القارئ أن يفهم لها معنى. وسنلقي نظرة عاجلة على الفصول الباقية من الكتاب ونمر بها مراً سريعاً وسنضرب صفحاً عن العبارات المحذوفة أو المضافة ونكتفي بذكر أمثلة قليلة من العبارات التي ترجمت على غير حقيقتها فغيرت المعنى تغييراً كبيراً، وذلك لكي نصل إلى الفصول الأخيرة من الكتاب فننقل للقراء نوعاً جديداً من الأغلاط هو تحريف الأسماء وتغييرها. وليس أضر على الكتب التاريخية والجغرافية من تحريف الأسماء لأن ذلك يفقدها قيمتها.
فمن العبارات التي ترجمت على غير حقيقتها.
'
وقد ترجمها المؤلف بقوله (رئيس أركان حرب الجنرال غردون) وليس معنى - أركان حرب ولا رئيس أركان حرب بل معناها (ياور) وقد ظننا أول الأمر أن القاموس لم يذكر هذا اللفظ - وإن كان هذا لا يجيز للأستاذ صروف أن يخطئ فيه - ولكننا وجدناه مشروحاً شرحاً وافياً لا لبس فيه ولا غموض فقد فسر هذا اللفظ هكذا.
(1) الضابط الذي ينقل أوامر القائد في ميدان القتال ويأتيه بالأخبار. فهل هذا عمل رئيس أركان حرب الجيش. إن الأستاذ صروف نفسه قد ترجم في ص113 من الكتاب برئيس أركان حرب ولا ندري لماذا لم يتنبه بعد ذلك إلى إصلاح خطئه السابق.
(2) ثم أنظر إلى هذه العبارة الغامضة التي لا يستطيع الإنسان أن يفهم لها معنى (أما الشأن المعزو إلى عمل الكولونيل ماسون فراجع إلى كونه اكتشف نهيراً يخرج من بحيرة ألبرت). وإن وضوح المعنى هو أول ما يجب أن يحرص عليه المترجم.
(3) وهاك مثلاً آخر من الغموض الذي يجير القارىء، ذلك هو قول الأستاذ صروف في وصف إبراهام بك (رقيب) إسماعيل باشا في الآستانة (ولكنه مع سيطرته على سياسة الباب العالي وعدم إخفائه نوره تحت مكيال تمكن من أن يجتنب الشهرة الصحفية) فهل لأحد القراء أن يدلنا على معنى) وعدم إخفائه نوره تحت مكيال)؟ أو على معنى (تمكن من أن يجتنب الشهرة الصحفية؟)
إن الذي يعجب له كثيراً أن الأستاذ صروف في بعض الأحيان يترجم عبارات المؤلف كلمة كلمة وإن لم يؤد ذلك إلى معنى، وفي البعض الآخر يغفل عبارات المؤلف ويأتي هو بعبارات من عنده مع أنه لو لم يتصرف فيها وترجمها ترجمة حرفية لجاء بالمعنى المراد.
(4) ولا يختلف عن هذا قول الأستاذ صروف (وعرض على المقترح التالي حبراً على ورق) والمعنى الوحيد الذي أفهمه أنا ويفهمه القارئ من لفظ حبر على ورق هو (أنه شيء لا قيمة له أو لا يراد له بقاء) ولكن المؤلف يريد إن يقول إن صاحب الاقتراح عرضه (كتابة)
(5) ثم أنظر معي أيها القارئ كيف ترجم الأستاذ صروف العبارة الآتية: -
فقال (ولما كان النظر في هذا التبادل متوقعاً في المستقبل) وهو كلام ليس له معنى: والمؤلف يريد أن يقول (ولما أوشك المال أن ينتقل من يد إلى يد)
(6) وأنظر أيضاً إلى العبارة التالية من قول المؤلف , , '
وإلى ترجمة الأستاذ صروف وهي:
وعندي أنه كان يعلق امتيازاً - في رأيه على الأقل - على التمييز بين تلقيبه بلقب خديو بدلاً من وال.
ومعنى هذه العبارة هو (ولهذا أعتقد أنه هو على الأقل كان يرى أن ثمة فائدة حقيقية في تغيير لقبه الرسمي من وال إلى خديو)
(7) وهاك مثلاً آخر لا يقل عن الأمثلة السابقة في تغيير المعنى قال المؤلف نقلاً عن رسالة إلى سمو الخديو
7 500 1 , 100
فقال الأستاذ صروف (أن سموكم تتيحون لجلالته فرصة للاغتباط إذا تبرعتم بمبلغ 7500 جنيه مضافاً إليه 1100 للحجرات الملكية في السفينة) فجعل الأستاذ عبارتي - شيئاً واحداً ثم ترجمها ترجمة خاطئة بقوله الحجرات الملكية في السفينة، والمعنى الحقيقي هو (الحاشية السلطانية ورجال السفينة أو بحارة السفينة، ويريد بهما الحاشية التي صحبت السلطان إلى مصر وبحارة السفينة التي أقلته إليها في هذه الزيارة.
(8) وقال المؤلف أنه كان يفهم أن فقال الأستاذ صروف في الترجمة (ما ينفق على بعض الباشوات والبكاوات كان أقل مما ينفق على الطيور والكلاب)
لا ندري لماذا استبدل الباشوات بالصحفيين مع أن أولئك الصحفيين الذين يشير إليهم المؤلف كانوا كلهم من الأجانب وليس منهم باشا واحد.
(9) وهذه عبارة أخرى أخطأ المترجم في فهمها فقلب معناها: أرسل إبراهام إلى الخديو يبلغه أنه قابل الصدر الأعظم وحادثه في شأن المبلغ الذي طلبه هذا وهو 150000 جنيه وشرح له وجهة نظر سمو الخديو ثم يقول:
, ,
والمعنى الذي يفهمه كل إنسان من هذه العبارة هو أن الصدر الأعظم يوافق على اقتراح سمو الخديو ويشكر له اقتراحه ويقبله ولكن الأستاذ صروف يقول في ترجمة هذه العبارة: (وهو يوافق عليها كل الموافقة، ويعرب لكم عن شكره لسموكم لأنكم اقترحتموها وقبلتموها) وبذلك جعل سمو الخديو هو صاحب الاقتراح وهو الذي يقبله وهو كلام غير معقول ويخالف النص الإنجليزي كل المخالفة، فالخديو هو الذي أقترح والصدر الأعظم هو الذي قبل الاقتراح.
(10) ومن العبارات التي لا يستطيع إنسان أن يفهم معناها قول الأستاذ صروف عن ديون إسماعيل (إن هذه الأرقام تدل على أن أصحاب البنوك ابتزوا من إسماعيل مبلغ 23 , 247 , 800 جنيه على قروض مجموعها 41 , 957 , 000 وأما هذا المبلغ بخصم كبير ولا سيما لأن جميع هذه القروض ما عدا قرض سنة 1865 كانت بفائدة 7 في المائة.
ولا ندري ماذا يريد الأستاذ بقوله وأما هذا المبلغ بخصم كبير الخ وبهذه المناسبة نقول إن الأستاذ صروف أستبدل برقم 65 , 204 , 000 جنيه الذي ذكره المؤلف رقماً جاء به هو، وذلك الرقم هو 41 , 957 , 000 لسبب لا نعرفه.
(11) هل يصدق أحد أن نفقات حملات إفريقية الوسطى كانت أكثر نسبياً من نفقات الحرب العظمى الماضية؟
ذلك ما يقوله لنا الأستاذ صروف في ص 115 من ترجمته مع أن كل ما يقوله المؤلف هو
إن عدم الدقة في الترجمة يفسد كل شيء على المترجم.
(يتبع)
الغنيمي