مجلة الرسالة/العدد 190/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 190/البريد الأدبي
التعاون الأدبي بين الشرق والغرب
ليس من ريب في أننا ندين بكثير من تكويننا العقلي الحديث للغرب
ولآثار الثقافة والآداب والغربية. فنحن ننقل عنها وننتفع بها منذ أجيال،
ولها أكبر حظ من قراءتنا واطلاعنا. بيد أننا نستطيع من جهة أخرى
أن نقول أن الأمم الشرقية بدأت تكوينها الأدبي الحديث، وأخذت تسير
في طريق الإنتاج المستقل وأخذ الغرب من جانبه يعنى بآدابنا كما
نعنى بآدابه وإن كانت هذه العناية لا تزال محدودة. ولقد ترجمت إلى
كثير من اللغات الأوربية بعض الآثار الشرقية الرائعة المحدثة، وكانت
الهند أوفر الأمم الشرقية حظاً من ذلك؛ فآثار تاجور مثلا تعرف في
الغرب كما تعرف آثار أعظم كتابه العالميين، وقد كانت الآداب العربية
المحدثة أقل حظاً في هذا الميدان، فلم يعن الغرب بها عناية كافية إما
لأنها لا تستحق في نظره أن يعنى بها، وإما لتقصير من جانبنا في
التعريف عنها؛ بيد أنه يلوح لنا أنه قد تتاح في المستقبل القريب فرص
جديدة للتعاون الأدبي بين الآداب العربية والغربية، فقد أثيرت مسألة
النقل والترجمة في أكثر من مؤتمر دولي في الأعوام الأخيرة، وأدلت
مصر بصوتها في هذه المؤتمرات على يد نادي القلم المصري؛ وقد
بدت أخيراً نتائج هذه الحركة بصورة عملية؛ فقد تقدمت بعض هيئات
النشر الإنكليزية إلى نادي القلم المصري تطلب معاونته في التعريف
عن بعض الآثار العربية المصرية التي تصلح للنقل إلى الإنكليزية،
وذلك لتترجم وتنشر بالإنكليزية، والمعروف أن هذه الهيئات قد وضعت مشروعاً كبيراً لترجمة الآثار الشرقية النموذجية إلى الإنكليزية،
وأفسحت فيها مجالاً كبيرا للآثار العربية؛ وسوف يعنى نادي القلم
المصري ببحث هذه المسألة واختيار الآثار النموذجية الصالحة؛
والمرجو أن يسفر هذا التعاون في القريب العاجل عن أثره المحمود
في التعريف عن طائفة من كتابنا وآثارنا، وأن يتسع نطاقه مع الزمن
حتى يغدو تبادلا حقيقيا بين الآداب الشرقية والغربية.
مهرجان أولمبي للآداب والفنون:
وقفنا في الصحف الفرنسية الأخيرة على نبأ مشروع طريف تبحثه اليوم بعض الدوائر الأدبية في مدينة مونبلييه، ذلك هو السعي إلى إقامة مهرجانات دولية أولمبية تمثل الحركة العقلية والفنية. ولقد قيل في ذلك إن المهرجانات الأولمبية التي تقام في عصرنا لا تمثل إلا ناحية واحدة هي الثقافة الرياضية، وهذه الناحية لا تمثل كل ما رتبه القدماء على إقامة الاحتفالات الأولمبية، فقد كانت هذه المهرجانات الشهيرة تضم عدا الرياضيين عدداً كبيراً من المفكرين والموسيقيين والفنانين يعرضون ثمرات قرائحهم إلى جانب الألعاب الرياضية ويمثلون بذلك القوة العقلية والمهارة الفنية كما تمثل الألعاب القوة البدنية والمهارة الرياضية. ويرى أصحاب هذه الفكرة أن ينظم كل أربعة أعوام مهرجان أولمبي عقلي وفني في إحدى مدن أوربا التي اشتهرت بتراثها الفني أو الثقافي مثل أوكسفورد وفلورنس وهيدلبرج ومونبلييه ورومة وأثينا وغيرها. وتختار كل أمة من الأمم المشتركة في المهرجان وفداً يضم بعض المفكرين والشعراء والموسيقيين والفنانين يعرضون في المهرجان ثمرات الحركة العقلية والفنية في بلادهم في شكل قطع شعرية أو موسيقية أو تمثيلية أو محاضرات يلقيها أو يمثلها الأخصائيون كل في ناحيته، وأن يقع الاختيار بالأخص على كل ما يصلح للعرض أو الإلقاء التمثيلي، ويختص كل وفد بيوم يعرض فيه ما لديه على ممثلي الأمم الأخرى، ويشمل البرنامج إقامة حفلات تمثيلية وموسيقية وراقصة عامة تتبارى فيها مختلف الوفود، ويقترح أصحاب الفكرة أن تكون مدينة مونبلييه مركزاً لأول مهرجان أولمبي عقلي إذ هي مهد قديم من مهاد الثقافة من الجنوبية. ثم يعقد المهرجان بعد ذلك كل أربع أعوام في إحدى المدن التي اشتهرت بتراثها العقلي أو الفني والتي لها طابع عالمي
نقول وهذا مشروع بديع بلا ريب، ومن المحقق أنه يلقى تأييداً من المفكرين والفنانين في أنحاء العالم، ومن المحقق أن تنفيذه يعاون في تقارب الشعوب وتعاونها معاونة لا تحققها المهرجانات الأولمبية الرياضية
أثر الفراعنة في الفن السينمائي
هل تصدق أن الأفلام الفكاهية التي تعرف باسم (مكي ماوس) والتي غدت من أشهر المناظر السينمائية في عصرنا إنما ترجع إلى أصل فرعوني؟! هذا ما يقوله العلامة الأثري البلجيكي الأستاذ جان كابار نزيل مصر الآن؛ فهو يقول لنا أنه انتهى في مباحثه إلى أن هذه المناظر والصور المحدثة قد عرفت في مصر الفرعونية قبل أربعة آلاف عام، وأنها وجدت مرسومة على القبور الفرعونية قبل أن تظهر على شعار السينما؛ ويستدل العلامة المذكور على صدق نظريته بما يأتي:
أولا - يوجد في متحف القاهرة صورة للملكة ماكيت وهي تشبه ميكي ماوس شبهاً عجيباً، وقد صورت وهي تتلقى احترام رعاياها
ثانيا - يوجد في متحف بروكسل الملكي وفي متحف التاريخ صورة لهذه الملكة ترى فيها وهي تتناول طعامها وأمامها قطة تقوم بخدمتها
ثالثا - توجد في متحف تورينو لوحة من ورق البردي صورت عليها صورة جوقة موسيقية من عدة حيوانات: حمار بيده معزف، وأسد ينفخ في مزمار، وتمساح بيده قيثارة، وقرد يقود الفرقة بحركاته وينفخ في مزماره؟ وهذه الصورة تماثل شريطاً من أشهر الأشرطة الفكاهية من نوع مكي ماوس التي عرضت أخيراً في دور السينما
ففي ذلك كله ما يدل على أن المصريين القدماء مع تمسكهم بالرسوم الدينية العميقة، وتعلقهم بالشعائر المقدسة، كانوا في نفس الوقت يمزجون فنونهم الرصينة ونقوشهم المقدسة، بنوع من الفكاهة، وعلى إنهم قد عرفوا قبل آلاف السنين أن يتخذوا من الحيوانات رموزاً لتمثيل الأفكار الفكاهية والسخرية الإنسانية على نحو ما يبدو الآن في الأفلام التي اتخذ أبطالها من الحيوانات وهي المعروفة بميكي ماوس
كتاب جديد عن مصر:
صدر أخيراً بالألمانية كتاب جديد عن مصر وضعه أستاذ مجري كان مديراً لمتحف فؤاد الزراعي وعنوانه: الاقتصاد الزراعي في مصر المعاصرة وفيه أبحاث مستفيضة في كل ما يتعلق بشؤون مصر الإقليمية والزراعية والصناعية، مثل تربة الأرض والنيل وطرق الري وخزان أسوان، والمواسم الزراعية، والمحاصيل، وزراعة القطن ونسجه، والقروض الزراعية والتعاونية واستغلال المصايد والملاحات وشئون الموصلات والتجارة الخارجية وغيرها مما يتصل بموضوع الاقتصاد الزراعي، ويختتم المؤلف كتابه ببحث قيم في وسائل تنمية الاقتصاد الزراعي المصري، ويبدي في بحوثه خبرة واطلاعاً واسعين، وقد تولت نشره مطبعة (شوليه) في فينا
رنيه بنجامان
قدم القاهرة منذ أيام قلائل الكاتب الفرنسي الكبير رنيه بنجامان، وقد ألقى محاضرة شائقة عن (رسائل بلزاك الغرامية) وسيلقي محاضرة أخرى في الخامس والعشرين من هذا الشهر عن (موليير وشخصيته) بقاعة يورت التذكارية. ومما يؤثر عن الكاتب الكبير إنه من أقدر المحاضرين في فرنسا، فهو يتمتع في الإلقاء بمواهب ساحرة، وأسلوبه جذاب رائع، وقد اشتهر بمحاضراته الأدبية والتاريخية الشائقة
كتاب الفصول والغايات لأبي العلاء المعري
هذا الكتاب الغريب في بابه العجيب في أسلوبه قد وضعه أبو العلاء في الوعظ وتمجيد الله فزعم بعض أعدائه إنه يعارض به القرآن. وقد فقد هذا الكتاب فيما فقد من آثار هذا الفيلسوف حتى عثر على جزئه الأول الأستاذ محب الدين الخطيب وأهداه إلى المرحوم تيمور باشا، ثم قيض الله له صديقنا الأستاذ محمود حسن زناتي أمين الخزانة الزكية سابقاً فأخذ يقدم له ويعلق عليه ويشرحه ويصححه، وسيقدمه إلى الطبع عما قليل وهي بشرى نزفها إلى أصدقاء أبي العلاء من أعيان الأدباء والعلماء