مجلة الرسالة/العدد 173/العالم المسرحي والسينمائي
مجلة الرسالة/العدد 173/العالم المسرحي والسّينمائي
موسم الفرقة القومية الجديد
من حديث للأستاذ طاهر حقي لمحرر (الرسالة) الفني
في مجلس يضم بعض كبار المشتغلين بالمسرح جرت أحاديث الموسم المقبل على الألسنة، فمن قائل إنه مزدهر، وأصحاب الرأي الأخير يستندون إلى قيام أكثر من فرقة واحدة تعمل إلى جانب الفرقة القومية وما سيجره قيام الفرق من منافسة قوية.
فإلى جانب الفرقة القومية تقوم فرقة رمسيس وقد بدأت عملها هذا الأسبوع برحلة إلى الأقاليم؛ وتتكون في هذه الأيام فرقة فاطمة رشدي للسفر إلى العراق وسوف تستأنف العمل في القاهرة بعد عودتها. وهنالك فرقة استعراضية ألفتها السيدة بديعة مصابني، ثم فرقة مختار عثمان، هذا إلى جانب فرقة الريحاني التي تبدأ متأخرة كعادتها.
وقد خطر لي أثناء الحديث أن أوجه بعض الأسئلة عن الفرقة القومية ومبلغ استعدادها للموسم الجديد إلى سكرتيرها الأستاذ طاهر حقي وهو كما يعرف القراء من الأدباء الذين اشتغلوا بالمسرح من زمن بعيد، وقد أخرجت له أكبر الفرق المصرية فيما مضى أكثر من رواية تمثيلية نالت نصيباً كبيراً من التوفيق والنجاح، فآراؤه في المسرح لها قيمتها.
قلت: (ما هو مدى النجاح الذي تتوقعه للفرقة القومية في الموسم الجديد؟ والى أي شيء يعزى؟) فأجاب قائلاً: (إني أتوقع للفرقة نجاحاً هائلاً في الموسم الجديد، لأن استعدادنا تام من جميع النواحي؛ فالنظام يسود أعمال الفرقة من انتقاء للروايات، إلى توزيع الأدوار على الممثلين توزيعاً عادلاً بحيث ينال كل ممثل الدور الذي يليق به ويصلح له، إلى حفظ الممثلين لأدوارهم. ولا أظنك تجهل قرار اللجنة بأن تسير الفرقة في التمثيل على القاعدة الإنجليزية التي تقضي على الممثلين بأن يستظهروا أدوارهم ويشتغلوا دون ملقن، وفي رأيي أن هذه الطريقة ستخطو بالمسرح خطوات واسعة إذ تجعل الممثل يعتمد على نفسه ويدرس دوره دراسة كافية، فلا إهمال بعد اليوم اعتماداً على الملقن.
قلت: (ما رأيك في المنافسة بين الفرقة والفرق الأخرى؟)
قال: أعفني من هذا السؤال. إن بضاعتنا غير بضاعة الفرق الأخرى، فالفرقة القومية قامت للنهوض بالمسرح، ونحن ننشد الفن الخالص والأدب الرفيع لا نهتم بكسب مادي أ نجاح اسمي؛ ولكني أقول إن الفرقة القومية ترحب بكل منافسة وهي على استعداد لمساعدة الهيئات والنوادي والجمعيات بكل ما يتيحه لها قانونها.
قلت: (هل لك أن تبدي رأياً في الروايات التي وقع عليها الاختيار للموسم الجديد، وفي قيمة هذه الروايات الأدبية والفنية)
فأجاب قائلاً: (إن الموسم سيكون حافلاً بروايات منتقاة بعناية زائدة وهي بين مصرية مؤلفة وأجنبية ممصرة أو مترجمة.
فأما الروايات المؤلفة فهي من قلم أدباء معروفين، وقد حازت رضاء أعضاء اللجنة وهم كما تعرف من زعماء الأدب العربي، ولا أظن الجمهور إلا معجباً بهذه الروايات. ويسرني أن أقول إن الفرقة القومية قد فتحت الطريق أمام ذوي العقول الخالقة المنتجة ليخرجوا إلى عالم الأدب والفن روايات هادئة لا تحوي طعاناً ولا تقتيلاً ولا أحاديث ثائرة عنيفة تصدم الأعصاب وتلهب الحواس، بل تحوي أحاديث هادئة فيها من الجمال ما يصدم الأعصاب ويبعثها على التأمل والاعتبار، وتعالج الشؤون الاجتماعية التي تشغل الرأي العام وتوجه تيار المدنية إلى الناحية التي تجدي على البيت والأسرة.
والروايات الممصرة مأخوذة عن روايات أجنبية لأكبر الكتاب نالت في بلادها من النجاح ما جعل شركات السينما تتهافت على اقتباسها. وقد بذل الكتاب المصريون مجهوداً كبيراً في تمصيرها حتى أصبحت وكأنها مصرية الفكرة والموضوع والحوادث. ولا شك أن هذه الروايات ستنال رضا رواد المسرح كما تنال رضا الأدباء. أما الروايات المترجمة، فهي من روائع الأدب الأوربي الحديث، وقد أخرجت على أكبر مسارح أوربا. ولم نوجه أنظارنا عند الاختيار إلى ناحية المسرح الفرنسي وحده كما كانت الحال فيما مضى، بل كان الاختيار موزعاً بين الأدب الروسي والإنجليزي والألماني والفرنسي. وليس بين الروايات واحدة لكاتب مغمور، بل جميع الروايات لكتاب معروفين في بلادهم والبلاد الأخرى، فالموسم كما ترى حافل، حافل.
قلت: ومتى تبدأ الفرقة عملها، ومتى ينتظر إنشاء المعهد؟
قال: ليس لدي قرار أستند إليه، فلجنة المسرح التي يرأسها صاحب المعالي حافظ عفيفي باشا هي التي تقرر ذلك، وينتظر أن تجتمع بعد عودة معاليه من أثينا قريباً. على أني أعتقد أن الافتتاح سيكون في النصف الثاني من شهر نوفمبر، وذلك ريثما تتم الإصلاحات القائمة في دار الأوبرا. ومن المنتظر أن يشرف حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول حفظه الله دار الأوبرا ويشهد أكثر من رواية. أما المعهد وإرسال البعوث إلى أوربا فقد أرجئ البت فيهما لحين مجيء المخرج الفرنسي الذي استدعته اللجنة ليعاونها في تنظيم المسرح المصري.
قلت: على ذكر هذا المخرج أو الخبير الفرنسي، هل تعتقد أن في مجيئه فائدة كبيرة، وفي أي ناحية يفيدنا، والى أي مدى؟
فأجاب: (ليس من شك في أن آراء الخبرات ذات قيمة كبيرة، فإن لهؤلاء الرجال من الخبرة ما يجعلهم جديرين بإبداء الآراء التي تؤدي إلى الإصلاح السريع. وقد يرى بعض الناس أن مسرحنا مصري، فكيف يستطيع هذا المخرج، وهو أجنبي عنا لم يدرس أدبنا العربي ولم يعرف خلقنا المصري، أن يساهم في رقي المسرح وتنظيمه، ولكن الواقع يا صديقي أن المسرح لم يكن يوماً مصرياً أو عربياً، وهو ليس من أدبنا بل منقول عن الغرب ورجال الغرب أجدر بإرشادنا إلى الإصلاح.
وقد عانى المسرح في فرنسا بعض ما يعانيه مسرحنا المصري، وقد بذلت جهود عديدة لإقالته من عثرته وقد وفق القوم هناك. فمجيء هذا المخرج سيفيدنا دون ريب، وأعتقد أنه سوف يشير بإجراء إصلاحات كبيرة في مسرح دار الأوبرا سيكون لها شأن غير قليل في تسهيل مهمة المخرج المصري).
(يوسف)
السينما
اليد السوداء
إخراج ابنكمان الصغير
دار العرض، سينما النهضة
لست أدري لم اختار المؤلف للفلم هذا الاسم المخيف الذي يبعث الرعب في نفوس رواد السينما ويمنعهم من الإقبال على مشاهدته في حين أن التسمية لا تتفق مع غرض القصة وموضوعها وروحها ولا تتصل بها كبير اتصال. فالناقد يرى بجلاء أن الحوادث العنيفة والمؤامرات بالشكل الذي عرضت به تجعل الجزء المضحك غير مرتبط بالجزء الآخر حتى ليبدو العنف دخيلاً على قصة الفلم، وفي رأيي أن نجاح الفلم يكون مضاعفاً لو أن المؤلف عالج قصته على أنها كوميدية فقط.
وليس للقارئ من فائدة في تلخيص هذا الفلم إلا أن يأخذ عنه فكرة سيئة، مع أن الواقع أن الفلم ظريف ومضحك وهو من نوع روايات الجزائرلي ولكنه أرقى موضوعاً.
قام عبد النبي بالدور الأول، وعبد النبي محمد من الممثلين المسرحيين المعروفين، وقد أدى دوره بنجاح كبير؛ وأعتقد أن الشركة التي عهدت إليه بهذا الدور سوف تستغله في أدوار أخرى. وقامت السيدة عقيلة راتب بدور البطلة فكانت موفقة هي الأخرى. وأبدى مختار حسين مجهوداً كبيراً ولكن طبيعة جسمه تجعله لا يصلح لتمثيل دور رجل الشرطة السري لاسيما وأنه كان يبدو دون تخف. ونصيحتي للمخرج ألا يختار الأسماء وحدها، بل الشخصية التي تصلح للدور، وما أقوله في مختار أقوله في حامد مرسي فلم يكن هو الآخر ناجحاً في دوره النجاح المنتظر.