مجلة الرسالة/العدد 159/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 159/البريد الأدبي
كتاب جليل عن مستقبل الديموقراطية
تثير نظم الدولة والحكم اليوم كثيراً من الاهتمام، ويتساءل الساسة والمفكرون في مختلف أنحاء العالم، أيكون المستقبل للديموقراطية أم يكون لتلك النظم الجديدة الطاغية التي تستتر وراء فكرة الدولة وتقضي على كل الحريات الدستورية؟ وقد صدر أخيراً بالفرنسية في هذا الموضوع كتاب جليل الشان عنوانه: (الفوضى أو السيادة المطلقة، أزمة الديموقراطية، وحلها) بقلم السنيور دي مدارياجا سفير إسبانيا في باريس ومندوبها لدى عصبة الأمم، وهي خلاصة المحاضرات التي ألقاها في معهد الدراسات الخاصة بالثورة الفرنسية بجامعة السوربون منذ سنة 1833
والسنيور مدارياجا من أعظم ساسة أوربا المعاصرين، ومن أعظم الكتاب الدوليين، وهو ديموقراطي بالفطرة لا يدخر وسعاً في الذود عن الديموقراطية بقلمه ولسانه، وهو يقول لنا في كتابه أنه لما رأى القوى الخصيمة تثب وتناوئ الحريات الديموقراطية، ورأى الحرية نفسها تضعف وتتضاءل، رأى أن يبحث ما إذا كان من المستطاع أن ننظم ديموقراطية الغد وننقذها
ويرى السنيور مدارياجا أن فهم الحرية قد تطور جداً عما كان عليه أيام روسو ومونتسكيو، وأن الحرية قد غدت بالنسبة لبعض الأفراد عبئاً لا يراد حمله، وان المساواة غدت في نضال مستمر مع أنواع الإيثار التي تقوم على النظام الطبيعي، وأن الديموقراطية القائمة على سيادة الشعب غدت من التعقيد بحيث تخرج عن طاقة الفرد وسلطانه
ويقول لنا إن عوامل التأثير والتعقيد في الديموقراطية المعاصرة ترجع إلى الرأسمالية التي أصبحت كابوساً على العمل، والمالية التي تسخر كل القوى لصالحها؛ وقد غدت القوى المنتجة في الأمة معتركا من النضال المستمر؛ وأضحت الفكرة القومية في نضال مستمر مع النزعة الدولية، بيد أن ذلك كله لا يعني أنه يجب على الأمم أن تترك قوى الحرية السياسية التي تغذيها المبادئ الديموقراطية، بل يجب عليها بالعكس أن تحاول تنظيم هذه القوى بأسلوب جديد
ويحاول السنيور مدارياجا أن يعالج هذه الأسس التي يجب أن تقوم عليها ديموقراطية الغد، ويحمل بكل قوة ومنطق على النظم الطاغية التي تحاول أن تجعل الأمة فوق الفردية. وفي رأيه أن الدولة لا حق لها أن تجعل من نفسها نهاية مقصودة، وان الفرد مرتبط حتما بالمجموع، أنه يجب وضع قاعدة للتوسط بين الحرية والسلطة
ثم يعالج السنيور مدارياجا بعد ذلك الوسائل الاقتصادية والاجتماعية التي يجب أن تتذرع الديموقراطية بها لتحقيق مبادئها
وقد أثار كتاب السنيور مدارياجا كثيرا من الاهتمام والتقدير في دوائر السياسة العليا، ودوائر عصبة الأمم التي يعتبر من أقطابها
المهرجان الألفي للمتنبي في المجمع العلمي العربي
أرسلت كتابة سر المهرجان رسائل الدعوة إلى اشهر رجال العلم والأدب من الفرنجة والعرب وإلى الجامعات العلمية لترسل من يمثلها في موسم المتنبي الذي يفتتح في اليوم الثالث والعشرين من شهر يوليه الحالي ويستمر إلى آخره. وقد أخذت سائل التلبية تتوارد إلى المجمع العلمي فندبت الجامعة المصرية الأستاذ أحمد أمين ليمثلها رسمياً في المهرجان، وندبت الجامعة الأمريكية الأستاذ أنيس الخوري المقدسي لتمثيلها، وندبت الجامعة السورية الأستاذ الدكتور مرشد بك خاطر عضو المجمع العلمي لتمثيلها، وندبت جامعة عليكرة الهندية الأستاذ عبد العزيز الميمني الراجكوتي. وسيمثل القطر المصري مع الأستاذ أحمد أمين الأستاذ عبد الوهاب عزام، ويمثل العراق الأستاذ طه الراوي عضو المجمع العلمي العربي وكاتب سر مجلس الأعيان، ويمثل لبنان الأستاذ الدكتور نقولا فياض، وفيلسوف الفريكة الأستاذ أمين الريحاني عضوا المجمع العلمي العربي، والأستاذ حليم دموس الشاعر المعروف؛ وينوب عن جبل عامل الأستاذان أحمد رضا وسليمان ضاهر وكلاهما عضو المجمع العلمي العربي، وينوب عن حلب الشهباء شاعرها الأستاذ عمر أبو ريشة. ولا يتسع المجال لتعدد جميع ضيوف المهرجان من أعيان البيان
وقد قررت اللجنة العامة في جلسة الاثنين المنصرمة أن يكون يوم 17 يوليه الحالي آخر يوم من الأجل المضروب لقبول الخطب والقصائد، وذلك لكيما تتمكن اللجنة من تصنيفها وتوزيعها على أيام أسبوع المتنبي
واللجنة العامة تشكر المفوضية العليا على منحها مبلغ (300) ليرة سورية إعانة للمهرجان، كما تشكر مدير المعرض الصناعي الأستاذ عارف بك النكدي عضو المجمع العلمي لمساعدتها بمبلغ (300) ليرة سورية، وكما تشكر محافظ مدينة دمشق الممتازة الأستاذ توفيق بك الحباني الذي قرر أن يسمي الشارع الجديد المجاور لدائرة التبليك باسم (شارع المتنبي) وذلك يوم افتتاح المهرجان
سجون سيبيريا
كانت سجون سيبيريا منذ الحكم القيصري دائماً مثار الروع والرهبة؛ وقد أوحت شناعتها وهولها إلى كثير من الكتاب الروس كتباً وفصولاً مؤثرة مروعة؛ وللكاتب الروسي الأشهر دستيوفسكي الذي قضى ردحاً من الزمن منفياً في هذه السجون الهائلة كتاب ساحر مؤثر عنها اسمه (دار الموتى) يصف فيه هولها، وما يقاسيه المسجونون فيها من ضروب العذاب والويل، وقد نسى الناس اسم سيبيريا ونسوا سجونها مذ قام الحكم البلشفي في روسيا، ولكن الحقيقة أن السجون السيبيرية مازالت جحيم المحكوم عليهم في العصر الجديد كما كانت أيام الحكم القيصري
وقد صدر أخيراً بالألمانية (وصدرت له ترجمة إنكليزية) عن سيبيريا وسجونها الهائلة عنوانه (القرية المنسية) بقلم ضابط ألماني أيام الحرب الكبرى يدعى تيودور كروجر؛ والكتاب مؤثر مروع معاً، وفيه يقص مؤلفه كيف أسر في الحرب الكبرى سنة 1914 في روسيا، وكيف حاول الفرار فقبض عليه وسجن؛ ويصف لنا المؤلف روعة هذا السجن الأول؛ ويكفي في وصف هوله أنه كان عائشاً في الظلام الدامس، وأن الماء القذر كان في معظم الأوقات يغمره حتى كتفيه، ثم اخذ الأسير إلى سيبيريا مصفداً في الأغلال الثقيلة؛ وبعد حين افرج عنه، واستطاع أن يكتب إلى ألمانيا وأن يستحضر بعض المال؛ وهنالك، في منفاه الثاني تزوج من فتاة منغولية، وتذوق بعض السعادة؛ وساعد في تنظيم مسألة الأسرى الألمان، واستطاع أن يرتب لهم أعمالاً، فاحترفوا الخياطة والنجارة والنقش وغيرها، وأسس قرية صغيرة؛ أما هو فاحترف تجارة الفراء، وحسنت حاله، ولكن الثورة البلشفية نشبت في سنة 1917، فاضطربت الأمور، ونسى الأسرى الألمان من العالم كله، وهلك كثيرين منهم من الجوع والأوصاب وكان حظ المؤلف اتعس حظ، فقد قتلت زوجه وولده بيد أحد أعدائه، في نفس الوقت الذي عقد فيه الصلح بين ألمانيا وروسيا والكتاب ساحر مؤثر برغم روعة حوادثه، وفيه يدلل المؤلف على معرفة وثيقة بأسرار النفس الروسية، وأحوال سيبيريا المجهولة
مجلة المجلات العالمية
شعرت الصحافة الإنكليزية أخيراً بحاجتها إلى التوسع في معالجة المسائل الدولية، بعدما وصلت إليه من التشعب والتعقيد، ولم يعد يكفي أن تعالج بصورة محلية؛ وقد تصدى لتحقيق هذه المهمة صحفي وكاتب سياسي كبير هو المستر فرنون بارتلث، الذي لبث زهاء عشرين عاماً مراسلاً سياساً لكبريات الصحف الإنكليزية، والذي مازال محرراً للشؤون الخارجية في جريدة الديلي تيليغراف، فأنشأ مجلة سياسية كبرى تصدر كل شهر بعنوان (مجلة المجلات العالمية) وهي في الواقع إدماج لمجلتين شهيرتين: الأولى (مجلة المجلات) التي أسسها الصحفي الكبير مستر ستيد في سنة 1890، ومجلة (العالم) التي أنشأها مستر بارتلث في سنة 1934، وستعنى المجلة الجديدة بمعالجة أهم الشؤون الدولية، ومسائل عصبة الأمم التي يتفوق مستر بارتلث في دراستها بنوع خاص، وستكون مستقلة محايدة في آرائها وتعليقاتها
وقد صدر العدد الأول من المجلة الجديدة مصدراً بكلمة للمستر انتوني ايدن وزير الخارجية البريطانية يقول فيها: (يسرني أن ابعث بكلمة ترحيب لهذا المجهود الجديد الذي يرمي إلى تهيئة الفرصة للشعب البريطاني ليطلع على ما يكتبه وتراه الشعوب الأخرى في المسائل الدولية
حماية النسل في روسيا
كان من نتيجة الأنظمة والقوانين الإباحية التي سادت روسيا البلشفية في الأعوام الأخيرة ولاسيما فيما يتعلق بالزواج والعلائق الاجتماعية، أن ذاعت حوادث الإجهاض ذيوعا مزعجا، وأخذت تهدد كيان الأسرة والأمومة في روسيا؛ وقد تبينت حكومة موسكو أخيرا خطر هذه الإباحة على مستقبل الشعب الروسي، فأصدرت قانوناً جديداً خاصا بحوادث الإجهاض يسري مفعوله منذ 15 يوليو الجاري؛ وخلاصة نصوصه أنه ما خلا الأحوال التي تتطلب فيها حالة المرأة الصحية إجراء عملية الإجهاض يحضر الإجهاض قطعاً، ويعاقب الأزواج أو الآباء بعقوبات شديدة من السجن والغرامة إذا عاونوا على ارتكاب الإجهاض في حالة غير المصرح بها قانونا
وينص نفس القانون على أن الأسر التي تضم ستة أولاد فاكثر تمنح إعانة من الحكومة؛ وفي حالة الطلاق، يلزم الوالد بدفع ربع مرتبه أو إيراده للزوجة إذا كان له منه ولد، فإذا كان له ولدان فرض عليه الثلث، وأن كان له منها ثلاثة أولاد فأكثر فرض عليه أن يدفع للزوجة نصف المرتب أو الإيراد
وقد رأت روسيا السوفيتية أن تتشبه في ذلك بالدول التي تعنى بمسألة النسل والإكثار من السكان مثل إيطاليا وألمانيا حيث تتخذ حماية الأمومة أهمية خاصة