مجلة الرسالة/العدد 125/قصة المكروب كيف كشفه رجاله

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 125/قصة المكروب كيف كشفه رجاله

مجلة الرسالة - العدد 125
قصة المكروب كيف كشفه رجاله
ملاحظات: بتاريخ: 25 - 11 - 1935



ترجمة الدكتور احمد زكي وكيل كلية العلوم

رابع غزاة المكروب

طبيب القرية الذي ضجر بالطب لجهله أسباب الداء ثم ادعائه علاجه؛ الذي شغله البحث في أصول الأمراض في مداواة أربابها؛ الذي حقق أحلام بستور واثبت أن المكروب ينتج الأمراض، وان لكل مرض مكروبا يخصه، ويخصه وحده؛ الذي علم الدنيا كيف تصطاد النوع الواحد من المكروبات، وتصطاده خالصا خاليا من الأخلاط؛ الذي كشف مكروب الجمرة الخبيثة، قاتلة الماشية والإنسان، ومكروب السل قاتل الإنسان والحيوان؛ الرجل الذي كشف مكروب الكوليرا على ارض مصر في أجسام ضحاياها. البطل الذي نزل بساحات الموت فأظلته فيها ارفع بنوده، وقاتلته على أرضها افتك جنوده، فأسر منها على هواه، وخرج عنها سالما قد أخطأته سهامها قضاء وقدرا.

المترجم

في السنوات ذات الأحداث العجيبة والمفاجآت الغريبة من عام 1860 إلى عام 1870، بينا بستور يخلص صناعة الخل ويكشف عما دهى دود القز فيدهش الملوك ويرضى الأمم، كان شاب قصير القامة قصير البصر، تبدو عليه ملامح الجد، يدرس الطب في جامعة (جوتنجن) وكان اسم هذا الشاب روبرت كوخ وكان طالبا مجتهدا. إلا أنه بينما كان يجري بمشار يطه في جثث الموتى فيقطعها إربا، كان يحلم بغابات إفريقيا وبصيد الأنمار فيها. بينما كان يحفظ في رغبة واجتهاد أسماء المئات من عضلات الإنسان وعظامه، كانت صفارات السفن الذاهبة للشرع ترن في أذنه فتذهب من رأسه بكل تلك الأسماء اللاتينية والرطانات الإغريقية.

كان كوخ يود أن يضرب في الأرض ليكشف عي مجاهلها، أو أن يكون جراحاً في الجيش ليكسب الشارات والأوسمة، أو ينال منصب طبيب في سفينة تمخر به عباب البحار الواسعة فيذهب فيها إلى حيث لم يذهب قبله إنسان. ولكن القدر خيب آماله، فانه لم يكد يتم دراسته عام 1866 حتى وجد نفسه في مدينة هامبرج في مستشفى للمجاذيب يتولى فيه منصب طبيب مقيم؛ وفي هذا المستشفى للمجاذيب يتولى فيه منصب طبيب مقيم؛ وفي هذ المستشفى امتلأ سمعه بصراخ المجانين وأحاديث البلهاء فلم تكد أذنه تسمع أصداء بستور ونبوءاته بوجود مكروبات فظيعة تفتك شر فتك بالإنسان؛ وظل ينصت لصفير السفن، وفي الأمساء كان يطلب المشي للرياضة فيصطحب صديقة له كانت تسمى: (ايمي فراتس) وكان يهبط بها إلى شاطئ البحر حيث السفائن تغدو وتروح، وسألها الزواج منها، وخال أن يغريها بالقبول فذكر لها أمله في طوافه حول الأرض ومسيره إلى الشرق ورؤية البلاد والشعوب، فقالت له إنها تتزوجه على شريطة أن يصحو عن أحلامه وينسى الشرق ومغامراته ويفتح لنفسه عيادة في بلد ألماني فينفع أهله وبلاده وأنصت كوخ إلى ايمي والى صوتها الساحر ساعة، وازدحمت في خياله صور شتى من سعادة خمسين عاماً يقضيها في العيش الهنيء معها، فطردت هذه الصور صور الفيلة والأنمار من رأسه، واستجاب نداء عروسه فاستقر لممارسة الطب، وفي سبيله اخذ ينتقل من قرية بروسية إلى أخرى على يمط من الحياة لا يختلف - حياة رتيبة ليس فيها صخبات الحياة وما تتضمنه من متع ولذائذ وفي هذه الفترة من الزمان، حين كان كوخ يكتب الوصفات للمرضى وينتقل في سبيل صناعته بين ديارهم المتباعدة على ظهر حصانه، يستقبل وكْفات المطر من فوقه، ويشق لنفسه طريقا في الوحل من دونه، ويسهر الليالي في ديار النُّفساء من أهل الريف، في هذه الفترة من الزمان كان (لستر) بأسكتلندا آخذاً في إنقاذ حياة الكثيرات من النساء عيد الوضع بدفع غائلة المكروب عنهن، وكان أساتذة الطب وطلابه في أوروبا اخذين في الإصغاء إلى ما يقول به بستور من نظريات، وما يعزوه إلى المكروب من أمراض، واختلفوا في الذي يقول واشتجروا، وقام من بينهم رجال يجرون تجارب أعوزها حذق المجربين وذكاء الباحثين، وكان كوخ بمعزل عن كل هذا، كان منقطعاً عي بيئة العلم انقطاع (لوفن هوك) عنها قبل ذلك بمائتي عام، عام قام لأول مرة في مدينة دلفت بهولاندا ينحت العدس بيد ما عرفت من قبل للعدس نحتاً: وخيل للناظر إلى (كوخ) أن القدر قسم له أن يكون طبيباً عادياً متواضعاً يواسي المرضى ويحاول ما استطاع تخليصهم من الموت، وعزَّ ذلك مطلباً عليه وعلى أطباء ذلك الزمان، ورضيت ايمي بقسمة القدر، وفخرت بزوجها لما كسب خمسة وعشرين مركاً في يوم كثير العمل وفير المرضى ولكن كوخ كان غير راض، وانتقل في منصبه من قرية بليدة إلى قرية اكثر بلادة، حتى أدى به المطاف إلى قرية فُلِشْتين في بروسيا الشرقية، وفي هذه القرية أتم عامه الثامن والعشرين، فأهدت إليه زوجته في عيد ميلاده مكرسكوباً يلهو به ويتسلى.

وكأني بهذه المرأة الطيبة تقول في نفسها عن إهداء هذا المجهر إياه: (لعل هذا المجهر يبعد فكره عن عمله الذي لا يرضاه. . . لعله يروح عن نفسه قليلاً ويكسبها شيئاً من الرضاء. . . إنه دائم التحديق إلى كل شئ بعدسة جيبه الصغيرة العتيقة. . .).

وا بؤسى لهذا المرأة الطيبة الساذجة! لقد أهدت إليه هذا المكرسكوب غير عالمة أنها بهذا الإهداء إنما فتحت له باب مغامرة تتضاءل إلى جانبها مغامرات كانت كان يحلم بها في أقطار الهند وجزائر الأقيانوس السفلي. فتلك الرؤى التي رآها بستور جاءت كوخ على يأس تتأوّل عند بابه وفي نفس تلك الغرفة التي أستقبل فيها مرضاه تلك الغرفة المليئة بالدواء تلك الغرفة التي ضاق بها وضاق بها وبدوائها تلك الغرفة التي عاف بها الطبَّ حتى كاد يصبح داء نعم في تلك الغرفة استحالت أحلام بستور حقائق أرتاها كوخ في جثث الأبقار ورِمَم الأغنام من خلال عدسات ذلك المجهر الذي أهدته زوجته إياه للهو والسلوى كأني بكوخ يقول لزوجته: (أنا أكره هذه الخدعة التي يُسْمونها طبّاً. . . وليس ذلك لأني أكره تبرئة الأطفال من الدفتيريا. . . ولكن الأمهات يأتينني صارخات مستغيثات يطلبن النجاة لأبنائهن وبناتهن. . . فماذا أنا صانعه لهن؟ أتحسس لهن في الظلماء أطمئن وأرجّيهن حين لا طُمَأنينة ولا رجاء وكيف لي بعلاج الدفتيريا وأنا أجهل حتى أسبابها وأكثر أطباء ألمانيا يجهلون أسبابها كذلك). يَبُثّ صاحبنا شكواه المرّة لأيمى فتضيق نفساً وتحتار فكراً وتغتاظ من هذا الزوج الذي لا يرضى أبداً لأنها كانت تعتقد أن واجب الطبيب الشاب يَتَأدَّى وينتهي إذا هو بذل كل ما في وسعه استعان بعلمه الكثير الذي حصله في مدرسة الطب يوم كان طالباً.

وعلى الرغم من هذا فكوخ كان لا شك على حق. فما الذي كانت الأطباء تعلمه من أسباب الأمراض الوبيئة؟ لا شئ. نعم قام بستور بتجارب رائعة ولكنها لم تثبت شيئاً من سبب اقتباس الإنسان الوباءَ ولا من كيفية اقتباسه رفع بستور بيمناه مشعلاً وضاء كبيراً وسبق به إلى تلك الظلمات صارخاً بالأمل داعياً للنصر يحدث الناس عالياً بانهزام الأوبئة قريباً ومحو الأمراض من سطح الأرض وشيكاً ولكن الأوبئة لم تكن بدأت تتخاذل والأمراض لم تكن أخذت تتزايل والفلاحون في قرى روسيا التي خرَّبتها الجائحات بقوا على أسلوبهم في دفعها وظلوا على عادتها يربطون أربعاً من أراملهم إلى محراث ثم يدورون بهن في سكون الليل وراء القرية يرسمون حولها أخدوداً هو في حسبانهم خير نطاق يدفعون به شر الوباء وهل كان لدى الأطباء أسلوب في دفعه خير من هذا!

كأني بمدام كوخ تحاول أن تجد لزوجها مخرجاً مما هو فيه: (ولكن يا روبرت أن أساتذة برلين وكبار أطبائها لابد عالمون أسباب هذه الأدواء التي لا تستطيع أنت علاجها) كان هذا من خمسين عاما أو تزيد ولكني أعود فأقول أن أكبر الأطباء في هذا الزمان لم يكن يدرون عن الوباء أكثر مما درى هؤلاء الريفيون الذين ربطوا الأرامل جهلاً إلى المحاريث. قام بستور في باريس يتنبأ بأن البحث لا بد كاشف عن قريب تلك المكروبات التي هي لاشك سبب السل وحتف المسلولين فنهض له رجال الطب أجمع يتقدمهم بيدو ذو المقام الرفيع والأزرة البارقة الصفراء يدفعون خرف هذا النبيَّ المأفون.

صرخ بيدو كالرعد يقول: (أجرثومة خاصة تحدث السل وتقضي على المسلولين! خرافة مؤذية وخاطرة مخطرة! أن السل مفرد وجمع في آن. غايته موت الأنسجة في عضو بالعدوى وذلك عن طرقات عدة من واجب الطبيب وخبير الصحة محاولة سدّها) بمثل هذا الهُراء وهذا الكِلم الفارغ الذي لا معنى له يدفع الأطباء تنبؤات بستور.

- 1 -

أخذ كوخ يقضي أمساءه يلهو بمجهره الجديد ويتعرّف كيف يحرك مرآته ليعكس بها على منظوراته من الضياء على القدر الذي يريده ويتعلم ضرورة تنظيف صفائح الزجاج وتلميعها قبل أن يضع عليها قطرة الدم من أجسام الخراف والأبقار التي قضى عليها مرض الجمرة

وكان هذا المرض الخفي الغريب قد أخذ يقلق بال المزارعين في جميع أقطار أوربا فكان تارة ينزل على المزارع صاحب الألف من الأغنام فيقضي عليها بالهلاك وعليه بالخراب وقد ينزل على الأرملة الفقيرة وبقرتها الوحيدة فيصّبحها وقد عزّها الرزق وساءت مصيراً. لم يكن لهذا المرض أسباب معروفة أو خطة مرسومة يجري عليها في تخيّر ضحاياه. فقد يُصْبح الصباح على القطيع من الغنم فتأخذ عينَك منه شاةٌ سمينة صحيحة جميلة لا تكاد يستقر على أرجلها نشاطاً مرحاً فلا يأتي عليها المساء حتى تعاف الطعام وتميل برأسها بعض الميل ولا تشرق عليها شمس الغد حتى تلقاها باردة هامدة متصلّبة وقد استحال دمها إلى دم أسود كالليل ثم يعود فيحدث نفس هذا لشاة ثانية فثالثة فسادسة فسابعة لا يقف عند حد ثم يأتي دور الفلاح ودور الراعي ودور فرّاز الأصواف ودور تاجر الجلود فتتفجر جلودهم عن خراجات مؤلمة قبيحة أو يلفظون آخر أنفاسهم من التهاب رئوي لا يُمهلهم طويلاً.

بدأ كوخ، كما بدأ من قبله لوفن هوك، بدأ يستخدم مجهره لغير غاية معروفة وغير قصد محدود. فأخذ ينظر به كل شئ، ويحدق من خلاله في كل ما يلقى، حتى وقع على دك الأغنام التي قتلها داء الجمرة وعندئذ أخذ يتجمع فكرة على غاية، ويقف جهده على قصد، وعندئذ أخذ يتناقص نصيب مرضاه من هم نفسه، فقد يقصد إلى مريض فيلقى في طريقه بين الحقول شاة نافقة فينسى المريض وعيادته إياه، واخذ يساور الجزارين يسألهم عن الضياع التي بها تقتل الجمرة الشياه. ولم يكن لكوخ من فراغ الوقت مثل الذي كان للوفن هوك فكان يتحين الفرص بين تطبيبه لطفل يصرخ من وجع بطنه وبين خلعه ضرس قرويّ جاء يفزع إليه من ألمه ففي فترة من تلك الفترات جاء بدم أسود من بقرة ماتت بالجمرة فوضع منه قطرات بين رقيقتين من رقاق الزجاج النظيف البارق ونظر إليها بمكرسكوبه فوجد بين كُرَيات هذا الدم المخضرَّة السابحة أشياء أخرى غريبة تراءت كأنها عصيّ صغيرة وكانت هذه العصيّ أحياناً قصيرة وأحياناً قليلة العدد تسبح في ارتعاد قليل بين كريات الدم وتراءت له كذلك عصيّ أخرى تعلق بعضها في أطراف بعض من غير مفصل يجمعها وقد يتشابك العدد الكثير منها حتى تصير خيطاً طويلاً أرفع ألف مرة من خيط الحرير.

(ما هذه العصيّ؟. . . أهي مكروبات. . أهي حيّة. . . أنها لا تتحرك. . أم هو الدم السقيم في هذه الحيوانات المرزوءة يستحيل إلى هذه العصي والخيوط؟). على هذا النحو دار فكر كوخ في الذي رآه. وكان رجال العلم قبله فد رأوا ما رآه. فدافان ورايان في فرنسا أبصروا نفس هذه الأجسام في دم الأغنام النافقة وأعلنا أن هذه العصي بَشِلّات وأنها مكروبات حيّة وأنها لاشك سبب الجمرة الذي لا مراء فيه - ولكنهما لم يثبتا ذلك بالدليل ولم يصدقهما فيما زعما أحد في أوربا غير بستور. على أن صاحبنا كوخ لم يكن ينصت كثيراً إلى ما يقوله الناس ولم يكن يهتم كثيرا بما يرتئيه البحاث كان الأطباء من حوله يرتابون في الذي يراه، ويضحكون منه في الذي يأتيه فلا يصغي لارتيابهم ولا يهتز لضحكهم، حتى حماس بستور لم يُغره يوماً بالوثوب إلى نتائج لم ينضجها البحث ويمحصها التجريب؛ ومن حسن حظ كوخ أنه لم يكن سمع به أحد فلم ترتفع إلى ظهره سواعد الأشياع والمريدين تدفعه قُدُما إلى فتوحات في عالم المكروب عاجله غير ناضجة كان في خمول ذكره رب نفسه ومالك أمرها.

حدث كوخ نفسه قال: (أنا لا أستطيع الآن الاهتداء إلى طريقة اعرف بها أهذه العصيّ والخيوط حيّة ام ميتة، فلأدع هذا مؤقتاً ولأدرس خواصها الأخرى. . .) ولم يلبث أن أوقف دراسته للأغنام المريضة، واتجه يدرس الأغنام الصحيحة، فذهب إلى مذابحها، وزار الجزارين وخالط تجار اللحوم ونادمهم، ورجع بدم كثير من عشرات البهائم السليمة، واسترق من زمن مرضاه ليفرغ لمكرسكوبه، فكان يجلس إليه ساعات متصلة طويلة ينظر منه إلى هذا الدم الكثير الصحيح الذي جمع، فقلقت زوجه من إهماله عيادته.

قال كوخ: (إني لا أجد في دم هذه الحيوانات الصحيحة تلك العصي والخيوط أبداً، وهذا حسن جميل، ولكنه لا يدلني أهذه الأجسام بَشِلاّت أم لا، لا ينبئني أهي حية في استطاعتها النمو والتوالد والتكاثر، أم هي كبعض الجمادات؟)

ولكن كيف السبيل إلى معرفة ذلك؟ كيف السبيل إلى إثبات أن هذه العصي حية؟ أخذ هذا السؤال يملأ نفسه ويملك عليه حسه، وطلبه المسلولون الذين أعيا الأطباء داؤهم، وطلبه الأطفال وقد سدت الدفتريا عليهم منافس الهواء، وطلبته العجائز استشفاء من مرض موهوم غير كائن، ولكن اشتغال صاحبنا بأمر هذه العصي لم يبق منه غير فضلة قليلة لمرضاه، حتى لنسي أن يكتب اسمع على وصفاته لهم. وآنست فيه زوجه الهم والغمّ وكسوف البال. ودعا النجّار يوما وسأله أن يقيم في حجرة العيادة حاجزا خشبيا. وقضى الدماء السوداء وفئران بيضاء بمرح وتلعب في أقفاص اخذ عددها يزيد على الأيام.

وكأني بك تنظر إلى هذا الحاجز الخشبي فتجد على جانب منه مريضة انتظرت طويلاً فأخذت تحط الأرض بنعلها ساماً وقلقاً، وتجد على الجانب الآخر طبيبنا الفاضل يتمتم لنفسه فيقول: ليس لي من المال ما اشتري به أغناماً وأبقاراً لتجاربي. ولو كان لي هذا المال لكان من المتعذر إحضارها إلى هذا المكتب الصغير. أما هذه الفئران فصغيرة رخيصة، وهي لا تشغل حيزاً كبيراً، ولعلي أستطيع أن أعطيها مرض الجمرة. . . ولعلي إذن اثبت أن هذه العصي تنمو حقاً فيها. . .)

يتبع

احمد زكي