مجلة الرسالة/العدد 116/تبتغي أمها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 116/تبتغي أمها

ملاحظات: بتاريخ: 23 - 09 - 1935



للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي

دفنوا في حفيرة أمَّ سلمى ... ثم عادوا يجرّرون الذيولا

كتموا عن سلمى الصغيرة موتَ ال ... أمّ حقاً وآثروا التضليلا

سألتهم والعينُ بالدمع شَكْرَي ... غير مخدوعة بما قد قيلا

أين أُمّي عودوا إليّ بأمّي ... أنا لا أبتغي بأمّي بديلا

أنا إن لم ألعب بجانب أُمّي ... لم يجد للأفراح قلبي سبيلا

أنا إن عشُت وهي تبعد عني ... كان عيشي عليّ عبئاً ثقيلا

إنها لي تُنيم في الحضن منها ... وتغنّي لي بكرةً وأصيلا

وإذا ما بكيتُ تمسح دمعي ... بيديها منعاً له أن يسيلا

ثم من حبها تقبّلني في ... وجناتي فتُحسن التقبيلا

ثم تعطيني دُميةً هي ما أص ... بو إليه حُبَّ الخليل الخليلا

دُميتي بنتي مثلما أنا بنتٌ ... لإِمُيمي التي رعتني طويلا

ثم تُهدي إليّ شيئاً من الحل ... وى فيغدو الحلوى لهمّي مزيلا

أرجعوا لي أميّ الحنونَ فإن لم ... تُرجعوها يكون خطبي جليلا

وإذا ما لم تُرجعوا ليَ أميّ ... أملا الأرضَ والسماَء عويلا

أنا في حاجة إلى عطف أميّ ... أيها الناس فارحموني قليلا

هي أميّ التي فتحتُ عيوني ... أجتلي وجهَها فكان جميلا

ورضعتُ اللبانَ منها فكان الث ... ديُ منها لي منهلاً معسولا

إنني عند غيبة الأمّ عني ... لا حناناً أرى ولا تدليلا

أرجعوا لي أمي ولا تخدعوني ... بالأباطيل إن صبريَ عيلا

وإذا صَّح أن أمّيَ أوْدَت ... فاجعلوني لقبرها إكليلا

(بغداد)

جميل صدقي الزهاو