مجلة الرسالة/العدد 105/على دار النيابة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 105/على دار النيابة

ملاحظات: بتاريخ: 08 - 07 - 1935



للأستاذ فخري أبو السعود

يا دارُ قد عبثتْ بكِ الأقدارُ ... وبغى عليك المعشرَ الأشرار

عُطِّلْتِ في رَيْع الشباب وصُدَّ عن ... ناديك ظلماً رهطك الأبرار

وخَلَوْتِ حتى صرتِ ربعاً موحشاً ... يُشجي النفوسَ حِيَالة التذكار

لم يبقَ منكِ - وَلمْ يَطُلْ بِكِ عَهْدُنا - ... يا دارُ إلاَّ الرَّسْمُ والإخبار

غاضتْ بشاشَةُ صفحتَيكِ وإن تكُنْ ... حفَّتْ بكِ الأغصانُ والأزهار

وعَلَتْ لِوَاَءكَ ذلةُ وكآبة ... ولغَيْرِهِ التبجيلُ والإكبار

مهجورة في مواطنٍ عَمَرتْ به ... للظالمين الآثمين ديار

وُئِدَتْ بِكِ الآمالُ في إبَّانها ... وخبا ضياءٌ للهُدى ومَنَار

ما كان يبَغيكِ اللئَامُ بِريبةٍ ... لو صَدَّ عنكِ الجحفل الجرَّار

للهِ رهطُ فيكِ أمْسِ تَجَمعَّوا ... تَرْضى الكنانُة سَعْيَهم، أَخْيارُ

من كلِّ عال النفس أرْوَعَ مالَهُ ... في الدَّهر إلاَّ مَجْدَ مِصْرَ شِعَارُ

لا يَطَّبيهِ زَيْفُ جاهٍ كاذبٍ ... كلا ولا يغتَّرُّهُ الدينار

خُلصَاءُ مِصْرَ هُمُ وَصَفْوَةُ آلها ... والأوفياءُ لِعهدِها الأحرار

فَخَرتْ بِهِمْ مصرٌ وعَزَّتْ في الورى ... وبمثلهم تتفاخر الأقطار

رهطٌ من الصِّيِد الكرام إمامهم ... سعدُ الرئيسُ القائِدْ المغوار

كم رَنَّ في ناديكِ عالي صوته ... بالحقِّ يَستخِذى له الفُجَّار

ما كان أفْخَمَ ذاك مظهَر سُؤْدُدٍ ... لَوْ دَامَ منه سُؤْدٌدٌ وفخار

غيظَ العداةُ له وكادوا كيدهم ... حتى عَلاَكِ الوهن والإِقْفَار

سَدُّوا الطريق إليك أو بعثوا بمن ... لا تترضي مصرٌ ولا تختار

يا دارُ أنت رجاءُ مصرَ وفي سوى ... ناديكِ ليستْ تُبْلَغُ الأوْطار

لن يستقيم لآل مصرَ بناؤُهم ... يوماً ورُكنُكِ بينهم مُنْهار

مادام ربعُك موحشاً قفراً فلن ... يَلْتاَمَ شَمْلٌ أو يعَّز ذمار

يَبقى بغيركِ أَمْرُهم فوضى به ... يلهو اللئاَمُ ويعبث الأغ لو يعلمون سَعَوْا إليكِ ومَّسحُوا ... إما سَعَى للكعبة الزُّوَّار

حتى يعودَ الحقُّ فيكِ لِحِضْنِهِ ... وَيَعِزَّ فيكِ ذمارُهم يا دار

فخري أبو السعود