مجلة الرسالة/العدد 104/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 104/البريد الأدبي
لورد هيدلي عميد المسلمين الإنكليز
نعت إلينا أنباء لندن الأخيرة عظيماً من عظماء الإنكليز يعرفه المسلمون جيداً في مشارق الأرض ومغاربها هو لورد هيدلي زعيم المسلمين في إنكلترا
توفي لورد هيدلي في الثمانين من عمره بعد حياة حافلة متنوعة الأطوار والأوضاع وبعد أن لبث اسمه يرن في العالم الإسلامي أكثر من خمسة وعشرين عاماً، مذ اعتنق الإسلام، وكان أول من اعتنقه من أشراف إنكلترا
ولورد هيدلي من صميم الأرستقراطية الإنكليزية، ولد في سنة 1855؛ وأبوه الشريف النسون ون ابن بارون هيدلي
وتلقى تربية جامعية حسنة في وستمنستر وترنتي وكامبردج؛ وبرع في الرياضة منذ فتوته ولا سيما (البوكس) وألف في هذا الفن رسالة ذاعت في وقتها ذيوعاً كبيراً. ثم اشتغل حيناً بالتدريس، ثم بالصحافة حيث كان يحرر جريدة (سالسبوري)؛ ثم اشتغل بالأعمال الهندسية التي تخصص فيها، وعمل مدى حين سكرتيراً للسير هنت، وسافر بعد ذلك إلى الهند حيث تولى عدة أعمال ومشروعات هندسية هامة، ولا سيما في أعمال المواني، وذاعت شهرته الفنية يومئذ واعتبر من أعلام المهندسين
وفي سنة 1911 غدا ر. ح. النسون لورد هيدلي بعد وفاة عمه البارون هيدلي؛ وفي نفس هذا العام، في مأدبة عقدتها الجمعية الإسلامية بلندن، أعلن هيدلي الجديد أنه اعتنق الإسلام، وأنه لم يقطع علاقته مع ذلك بالكنيسة البروتستانتية التي نشأ في ظلها؛ وكان إسلام اللورد هيدلي حادثاً اجتماعياً عظيماً في إنكلترا، وثار حوله الجدل مدى حين، وحملت بعض الهيئات والصحف على اللورد المسلم حملات شديدة، ولكنه لم يحفل بها واستمر في طريقه يدعو إلى الإسلام ويفاخر باعتناقه
وفي سنة 1921 تزوج لورد هيدلي للمرة الثانية بعد أن توفيت زوجته الأولى في سنة 1919؛ وكانت زوجه في هذه المدة مسز بار بارا بانيتون، وكان قد بلغ السادسة والستين من عمره. وفي سنة 1923 انتخب اللورد هيدلي رئيساً للجمعية الإسلامية بلندن تنويهاً بخدماته للدعوة الإسلامية، وفي هذا العام سافر إلى مكة وأدى فريضة الحج، وأنعم عليه الملك حسين ملك الحجاز يومئذ بوسام النهضة العربية؛ ولُقّب اللورد من ذلك الحين (بالحاج هيدلي) وغلب عليه اللقب الجديد
وفي سنة 1929، تزوج الحاج هيدلي للمرة الثالثة بأرملة الماجور باسفورد وكان يومئذ في الخامسة والسبعين
وكان اللورد هيدلي رجلاً وافر النشاط والذكاء يجمع بين مصالح كثيرة مختلفة، ويدير دفة طائفة متنوعة من الأعمال الهامة، ويسير بها جميعاً في طريق التقدم والنجاح
وقد ترك اللورد المتوفى من زوجه الأولى أربعة أولاد؛ وورثه في لقب اللوردية ولده البكر رولاند باترك النسون ون
ونستطيع أن نذكر بهذه المناسبة أن هناك طائفة من مشاهير الإنكليز اعتنقوا الاسم في مختلف العصور، ومن هؤلاء رجل من اكستر يدعى يوسف بتس أسره القرصان المغاربة سنة 1678 وأرغم على اعتناق الإسلام، وأدى فريضة الحج مع سيده. ثم فر بعد ذلك إلى أزمير ونشر رسالة عن مغامراته؛ ومنهم توماس كابث الشهير الذي اعتنق الإسلام ووصل إلى منصب (الأغا) في بلاط السلطان باستنا بول، ثم انتهى بأن عين حاكماً للمدينة المنورة. ومن مشاهير الإنكليز الذين أسلموا في عصرنا الحاج عبد الله فيلبي (سنت جون فيلبي) مستشار الملك ابن السعود، واللايدي إيفلين كوبولد صاحبة كتاب (الحج إلى مكة) الذي ترجم أخيراً إلى العربية، ومنهم الدكتور نولان الذي كان مديراً للأمن العام، واعتنق الإسلام ثم سافر إلى تركيا، وهاجر بعدئذ إلى أمريكا، ومنهم كثيرون من المستشرقين الذين أسلموا لأغراض علمية وسياسية
ذكريات عن بيير لوئيس
منذ عشرة أعوام، في يونيه سنة 1925 توفي الكاتب والشاعر الفرنسي الكبير بيير لوئيس، في الرابعة والخمسين، بمنزله في شارع بولا نفلييه بباريس؛ وكان يعاني آلام المرض قبل وفاته بأعوام طويلة، والآن يحتفل أصدقاء الكاتب الكبير بذكرى وفاته، وهذه سنة مؤثرة في فرنسا، فقلما يودع هذه الحياة كاتب أو شاعر أو نابغة من نوابغ العلم أو الفن حتى تقوم جمعية من أصدقائه والمعجبين بنبوغه لتعمل على تكريم ذكراه في كل مناسبة، وتذكى في نفوس الخلف حب تراثه، وقد كان لبيير لوئيس مكانة خاصة في نفوس الخاصة وذوي الشاعر الرفيعة؛ ذلك لأنه يثير بروعة بيانه ورقة أسلوبه شجناً لا تملك مغالبته، وقد بدأ بيير لوئيس حياته الأدبية بإنشاء مجلة صغيرة اسمها (لاكونك) في مارس سنة 1891، وكان يطبع منها مائة عدد فقط، ويعاونه في تحريرها كتاب تملأ اليوم أسماؤهم فرنسا، مثل أندريه جيد وبول فاليري وهنري دي رينيه
وكان أول من لفت الأنظار إلى بيير لوئيس ودفعه إلى طريق المجد، القصصي الشاعر الكبير فرانسوا كوبيه؛ ففي مارس سنة 1893 ظهرت قصة لوئيس المسماة (افروديت)، فلم تمض أسابيع قلائل حتى تناولها كوبيه بالنقد في جريدة (الجورنال) وكان مما قاله يومئذ ما يأتي: (انه لم يكتب مثلها في النثر الفرنسي منذ (قصة المومياء) و (سلامبو). ثم قال: إنها قصة خليعة جداً، فهو يوصي بقراءتها للفنانين، وللفنانين وحدهم، وكان ذلك كافياً لأن تلقى (افروديت) ذيوعاً عظيماً، وأن ينحدر بيير لوئيس بسرعة إلى طريق المجد
وما فعله فرانسوا كوبيه مع لوئيس، فعله لوئيس فيما بعد مع كلود فارير؛ فقد أصدر فارير كتابه (المتمدنون) سنة 1905، وتقدم لينال به جائزة جونكور؛ وكان بيير لوئيس أحد العشرة الذين يؤلفون المجلس، فأذاع بعد قراءتها في كل مكان أنها لا تقل في الروعة والإبداع عن قطع (مبرميه)؛ وهكذا نال فارير جائزة جونكور، وأضحى بفضل لوئيس علماً ذائع الصيت، ولم ينس فارير لبيير لوئيس هذا الفضل، فلبث طوال حياته يرعاه بحبه ورفيع تقديره
عناصر الحركة الهتلرية
ألقى المسيو هنري بيجه، وهو من أعضاء مجلس الدولة الفرنسي، في (أكاديمية العلوم الأخلاقية) محاضرة عنوانها (الدولة الألمانية الثالثة والنظريات الاشتراكية الوطنية)، وهي خلاصة بحث دقيق قام به لدرس خواص النظام الهتلري؛ وخلاصة رأي مسيو بيجه أن الحركة الهتلرية إنما هي ظفر حزب وظفر نظرية قاما على (تفاعل عناصر اليأس وعناصر الخرافة)؛ وأما مثل هذه الحركة فتنحصر في ثلاثة أشياء: نظرية الجنس أو الوحدة الشعبية ونظرية الزعيم ونظرية الاشتراك وتقوم الحركة من الوجهة النظامية على المزج بين الدولة والحزب والشعب واعتبارها أسماء ثلاثة لمسمى واحد؛ متعارضة بذلك كل التعارض مع النظام الديموقراطي الحر الذي يقوم على فكرة الفرد والدولة، ويفرق بينهما أتم تفريق. ويرى مسيو بيجه أن الحركة الهتلرية رغم قوتها الحاضرة، تحمل عناصر فنائها، وأن هذا الفناء ليس بعيد الحدوث
كتاب جديد عن الملكة فكتوريا
صدر أخيراً بالإنكليزية كتاب عن الملكة فيكتوريا بقلم الكاتب الإنكليزي أ. بنسون. ومع أنه يقع في مجلد واحد، فقد ألم بحياة الملكة العظيمة إلماماً قوياً، ويستند مستر بنسون في معظم آرائه على خطابات الملكة ذاتها، ولا سيما في أعوامها الأخيرة. وهو لا يعنى بتحري الصور الشائقة أو المثيرة، ولكنه يسير في بحثه بهدوء واتزان، يحلل أخلاق الملكة وموقفها من الشخصيات الكبيرة التي كانت تعمل معها، ومما يدلل عليه مستر بنسون أن الملكة فيكتوريا أبدت مواهبها العظيمة في عصر متقدم جداً، فرسائلها وهي في الثالثة عشرة لا تختلف كثيراً عن رسائلها وهي في الخمسين من حيث القوة والاتزان وحسن التدليل، ومما هو جدير بالذكر ما يعرضه مستر بنسون عن معركة الملكة فكتوريا مع وزيرها الشهير جلاد ستون، فقد كانت ثمة بين الشخصيتين العظيمتين معركة ملأت أيام الملكة الأخيرة، وكان الحق فيها في جانب الوزير، ولكن الملكة صمدت فيها إلى النهاية