مجلة الرسالة/العدد 1020/أراء وأنباء
مجلة الرسالة/العدد 1020/أراء وأنباء
إلحاقاً بكلمتي المنشورة بالعدد 1016 عن الأدب المصري القديم والتي أشرت فيها إلى انقطاع الصلات الثقافية والحضارية بين شعب مصر اليوم وبين القدماء المصريين أسوق هذه الملاحظات الموجزة حول ما خاض فيه بعض الكتاب في بعض الصحف اليومية من حديث عن الألقاب (الفرعونية) بمناسبة ما ثار حول إلغاء الألقاب من كلام:
ادعى بعض الكتاب الأفاضل أن لقب (سي) للرجل ولقب (ست) للمرأة هما من بقايا اللغة المصرية القديمة على ألسنة المصريين اليوم وأن هذين اللقبين كانا مستعملين ذلك الاستعمال عينه وبهذين اللفظين عينهما في مصر الفرعونية.
وعندي أن في نسبة هذين اللفظين إلى اللغة المصرية القديمة كثيراً من النظر؛ فالمعروف أن لفظ (سي) هو تحريف لكلمة (سيدي) العربية الصحيحة. وكذلك لفظ (ست) فهو تحريف لكلمة (سيدتي) على ما جرى عليه لسان العامة من اختصار الألفاظ بحذف بعض حروفها.
ومما يدحض دعوى الفرعونية عن هذين اللقبين ذيوعهما في جميع الأقطار العربية اليوم وبصفة خاصة في الغرب: ولا أظن أن هناك من يزعم أنه كانت للفراعنة بالمغرب صلة من شأنها أن تحفظ على ألسنة أهله ألفاظاً فرعونية حتى اليوم؛ إنما هي ألفاظ عربية صحيحة وإن نالها التحريف الذي يصاحب اللهجات العامية دائماً.
هذا وإن لفظي (سي) و (ست) قد وردا في نصوص عربية قديمة يحضرني منها الآن البيت الذي رواه أبو العلاء في رسالة الغفران على لسان ابن القارح يخاطب إحدى جواري السيدة فاطمة الزهراء مستعيناً بها على عبور الصراط:
ست إن أعياك أمري ... فاحمليني زقفونه
(وزقفونه أن يحمل الشخص شخصاً آخر وبطن المحمول إلى ظهر الحامل ويداه على كتفيه).
والواقع أن ورود هذين اللقبين في كلام عربي قديم، مضافاً إليه انتشارهما في كافة الأقطار العربية لا في مصر خاصة لهو مما ينفي عنهما شبهة الفرعونية التي لم يقم عليها - على أية حال - دليل مقنع.
جمال مرسي بد الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها
أي ومن سعى في إثارتها وعمل على إذكاء نارها وحمل لواء الخلاف بعد ما انطوى أعواما طويلة. وهو يريد من وراء ذلك نفعاً شخصياً أو مادياً أو أن يظهر على مسرح الحياة بعد ما نخرج من أكرم دار على حساب هذه الحزازات القديمة.
إن الأزهر ودار العلوم - منذ وجدت دار العلوم - صنوان يعملان لغاية واحدة ويهدفان إلى هدف واحد وإن تفرقت بهما السبل قليلاً. فهذه تسير بجوار ذاك.
كان يكفي لإقناع إخواننا الأزهريين رد الدكتور حامد عبد القادر وهو رجل خبير منصف لا يتكلم إلا الحق. ولا أخال إلا أن إخواننا الأزهريين قد اقتنعوا بوجهة نظره وكان يكفي في النقاش أن يوجه الأمر إلى ذوي الرأي فيردوه إلى نصابه. وأظن أنه ليس هناك داع لأن تثير كل هذه الإشكالات. وما الذي يضيرك أن يطالب محقون بحقهم وأن يسعى إخوان لك في اللحاق بك والسير معك على قدم المساواة؟.
ومرة أخرى أقول: إن بيننا وبين الأزهر وشائج لا نريد قطعها، وبيننا وبين إخواننا الأزهريين مودة لا نريد إفسادها، وبيننا وبينهم صلات يستحيل أن ننساها أو نجحدها. ومرة ثالثة أقول لك إن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.
عمر عبد الرحيم الزيات
أحلام العصفور الأخضر
من خمس سنين أو تزيد طالعت بمجلة (الكتاب) عدد أكتوبر 1947م الخاص بذكرى شاعري النيل والعروبة (شوقي وحافظ) طالعت مقالا لأحد كتاب هذا العدد يتعقب في الكاتب أمير الشعراء على عثراته الموسيقية. ومن جملة مآخذه عليه مأخذ في قصيدة (النيل) ص167 حـ4. عند قوله:
جار ويرى ليس بجار ... لأناة فيه ووقار
لقد تنكب شوقي جادة الوزن العروضي في التفعيلة الثالثة وفي التفعيلة السابعة من البيت والناقد على بصيرة في نقده.
واليوم تطالعني الرسالة العدد (1019) قصيدة للأستاذ (عواد) بعنوان (أحلام العصفور الأخضر) والقصيدة من (بحر المتدارك) ذلك البحر الذي أنشأ منه أمير الشعراء قصيدته الآنفة الذكر.
ولقد أبى شيطان الأستاذ (عواد) إلا أن يعثر تلك العثرات التي منى بها أمير الشعراء وزيادة. وتفصيلا لما أجمل نبدأ قصيدته أو موشحه مقطعاً مقطعاً.
لندع المقطع الأول فيوشك أن يخلو من الهنوات ولكن على حساب ضرورات يبيح الوزن العروضي ومراعاته اقترافها.
أما المقطع الثاني فقد عثر فيه قلمه عثرتين: الأولى في التفعيلة السابعة من البيت الثاني وهو:
سيروح ويلثم وجنتها ... مسروراً والكون غناء
والعثرة الثانية في كملة (نشوان) فالإعراب يقتضي نصبها والعروض تحتم تنوينها والرسم الإملائي لا يدل عليهما وفي المقطع الثالث عثرات ثلاث.
الأولى في التفعيلة الخامسة من البيت الثاني عند قول (قد تخذوا. . .).
والثانية في التفعيلة الثالثة من قوله (والوجد صلاة ودعاء).
والثالثة في التفعيلة الثالثة من قوله (وتوسل صب وبكاء).
أما المقطع الرابع فعثرة واحدة في أول تفعيلة من البيت الأول منه. وهي في كلمة (همهمة. . .) قد دار عليها ما دار على أخواتها من قبل.
ومع صادق تقديري للأستاذ الشاعر فرجائي أن يقع منه نقدي أجمل موقع والسلام.
محمد محمد أحمد الناجي
ديك الجن
كتب الأستاذ محمد رجب بيومي بمجلة الثقافة الغراء العدد (700) بحثاً جميلاً عن الشاعر العباسي المعروف (ديك الجن) وقد شعرت بعد قراءتي للمقال أن هناك سؤالا هاما لم يتفضل الأستاذ رجب بالإجابة عنه، وهو لماذا سمي الشاعر بديك الجن؟ وما علاقته بالديك، تلك التي لم تقف لها على أثر في قصة الشاعر؟ ولعل الأستاذ البيومي وهو معروف باطلاعه الواسع على الأدب العربي حديثاً وقديماً يتفضل بالإجابة الشافية على صفحات الرسالة التي تشرق علينا دائماً بأبحاثه الطلية المفيدة.
محمود راشد الحنفي
الأستاذ سيد قطب
اضطر الأستاذ سيد قطب إلى الاعتكاف طوال الأسبوعين الماضيين بسبب وعكة مرضية شديدة والامتناع عن كتابة مقالاته في الرسالة وغيرها من صحف العالم الإسلامي وقد تماثل الآن للشفاء ولكنه لا يزال في دور النقاهة وفي حاجة إلى فترة راحة طويلة.