مجلة البيان للبرقوقي/العدد 56/شهداؤنا الاثنا عشر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 56/شهداؤنا الاثنا عشر

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 6 - 1920



ألا في سبيل الله ذاك الدم الغالي ... وللمجد ما أبقى من المثل العالي

وبعض المنايا همة من ورئها ... حياة لأقوام ودنيا لأجيال

أعيني جودا بالدمع على دم ... كريم المصفى من شباب وآمال

تتاهت به الأحداث من غربة النوى ... إلى حادث من غربة الدهر قتال

جرى ارجوانياً كميتاً مشعشعاً ... بأبيض من غسل الملائك سلسال

ولاذ بقضبان الحديد شهيده ... فعادت رفيقاً من عيون واظلال

سلام عليه في الحياة وهامدا ... وفي العصر الخالي وفي العالم التالي

خليلى قوماً في ربى الغرب واسقيا ... رياحين هام في التراب وأوصال

من الناعمات الراويات من الصبا ... ذوت بين حل في البلاد وترحال

نعاها لنا الناعي فمال على أب ... هلوع وأم (بالكنانة) مثقال

طوى الغرب نحو الشرق يعدو سليكه ... بمضطرب في البر والبحر مرقال

يسر إلى النفس الأسى غير هامس ... ويلقى على القلب الشجا غير قوال

سرى فنعاهم للديار أهلة ... فمن هالة عطل ومن منزل خال

سماء الحمي بالشاطئين وأرضه ... مناحة أقمار ومأنم أشبال

وأدهام تدرى الريح أن قد أعادها ... بسافاً ولكن بحديد وأثقال

يريك جياد السبق في الحضر كلما ... رمى بذراعيه وبالمرجل الغالي

يقل من الفتيان أشبال غابة ... غداة على الأخطار ركاب أهوال

ثنته العوادي دون (اودين) فانثنى ... بآخر من دهم المقادير ذيال

قد اعتنقا تحت الدخان كما التقى ... كميان في داج من النقع منجال

فسبحان من يرمي الحديد وبأسه ... على ناعم غض من الزهر منجال

ومن يأخذ لسارين بالفجر ... طالعاً=طلوع المنايا من ثنيات آجال

ومن يجعل السفار للناس همة ... إلى سفر ينوونه غير قفال

فيا ناقليهم لو تركتم رفاتهم ... أقام يتيماً في وصاية لآل

وبين غريباً لدي وكافور مضجع ... لنزاع أمصار على الحق نزال

فهل عطفتم رنة الأهل والحمى ... وضجة أتراب عليهم وأم لئن فات مصراً أن يموتوا بأرضها ... لقد ظفروا بالبعث من تربها الغالي

وما شغلتهم عن هواها قيامة ... إذا عتل رهن المحبسين بأشغال

حملتم من الغرب الشموس لمشرق ... تلقى شفاها مظلماً كاسف البال

عواثر لم تبلغ صباها ولم تنل ... مداها ولم توصل ضحاها بآصال

يطاف بهم نعشاً فنعشاً كأنهم ... مصاحف لم يعل المصلى علي التالي

توابيت في الأعناق تترى زكية ... كتابوت موسى في مناكب أسراله

ملففة في حلة شفقيه ... هلالية من راية النيل تمثال

أظل جلال العلم والموت وفدها ... فلم تلق إلا في خشوع وإجلال

تفارق داراً من غرور وباطل ... إلى منزل من جيرة الحق محلال

فيا حلبة رقت على البحر حلية ... وهزت بها (حلوان) أعطاف مختال

جرت بين أيماض العواصم بالضحى ... وبين ابتسام الثغر بالموكب الحالي

كثيرة باغي السبق لم ير مثلها ... على عهد اسماعيل ذي الطول والنال

لك الله هذا الخطب في الوهم لم يقع ... وتلك المنايا لم يكن على بال

بلى كل ذي نفس أخو الموت وابنه ... وإن جر أذيال الحداثة والخال

وليس عجيباً أن يموت أخو الصبا ... ولكن عجيب عيشة عيشة السالي

وكل شباب أو مشيب رهينة ... بمعترض من حادث الدهر مغتال

وما الشيب من خيل العلي فاركب الصبا ... إلى المجد تركب متن أقدر جوال

يسن الشباب البأس والجود للفتى ... إذا الشيب سن البخل بالنفس والمال

ويا نشأ النيل الكريم عزاءكم ... ولا تذكروا الأقدار إلا بإجمال

فهذا هو الحق الذي لا يرده ... تأفف قال أو تلطف محتال

عليكم لواء العلم فالفوز تحته ... وليس إذا الأعلام خانت بخذَّال

إذا مال فاخلفوه بآخر ... وصول مساع ولا ملول ولا آل

ولا يصلح الفتيان لا علم عندهم ... ولا يحرزون السبق أنصاف جهال

وليس لهم زاد إذا ما تزودوا ... بياناً جزاف الكيل كالحشف البالي

إذا جزع الفتيان من وقع حادث ... فمن لجليل الأمر أو معضل الحال ولولا معان في الفدي لم تعانه ... نفوس الحواريين أو مهج الآل

بهاتيك المصارع بينكم ... ترنم أبطال بأيام أبطال

ألستم بني القوم الذين تكبروا ... على الضربات السبع في الأبد الخالي

رددتم إلى فرعون جداً وربما ... رجعتم لعم في القبائل أو خال

شوقي