مجلة البيان للبرقوقي/العدد 48/إرشادات طبية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 48/إرشادات طبية

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 5 - 1919



لحضرة النطاسي المفضال الدكتور محمد عبد الحي

الشيب

ليس في الدنيا من لا يكره الشيب، وعبثاً يحاول المرء تسلية نفسه بأساليب الاحتيالعلى عواطفه، وليس بدعاً أن يكون ذلك أمر الناس والشاعر يقول:

والشيب إحدى الموتتين تقدمت ... إحداهما وتأخرت الأخرى

وكأن من حلت به صغراهما ... يوماً فقد حلت به كبراهما

وقوله:

عريت من الشباب وكنت غضا ... كما يعرى من الورق القضيب

ونحت على الشباب بدمع عيني ... فما نفع البكاء ولا النحيب

فياليت الشباب يعود يوماً ... فأخبره بما فعل المشيب

فالشيب مثار أفكار الناس ولا سيما الذين درجوا منهم على الدلال والترف وغشيان مناعم النفس من طرب يلذ، وأي حسرة للشيب أن تتحطم كؤوس الهناء حينما يمنعه عنها الحياء والحرير آجره الله يقول:

نهاني الشيب عما فيه أفراحي ... فكيف أجمع بين الراح والراح

وهل يجوز اصطباحي من معتقة ... وقد أنار مشيب الرأس إصباحي

محا الشيب مراحي حين خط على ... رأسي فأبغض به من كاتب ماحي

ولو لهوت وفودي شائب لخبا ... من المصابيح من غسان مصباحي

قوم سجاياهم توقير ضيفهم ... والشيب ضيف له التوقير ياصاح

هذا هو الصنف الوقور الذي الناس منه ويجهرون ببغضه لا لشيء إلا لأنه نذير الكبر مؤدب النفس غير أن الناس والشعراء شديدو التشاؤم إذ ليس الشيب في العادة دليل التقدم في السن وبالتالي ليس نذير الموت ولإيضاح ذلك أتقدم شارحاً هذا الموضوع وعلاجه الممكن تطميناً لخواطر الشيب وتهدئة لثائرة نفوسهم وتبشيراً لهم بطول العمر.

الشيب أو بياض الشعر ينشأ إما عن فقدان اللون أو امتلاء قصبة الشعرة بالهواء وفي الحالة الأولى يكون لون الشعرة مائلاً إلى الصفرة وفي الثانية يكون ضارباً على بياض كالبرد.

وينقسم الشيب إلى قسمين الخلقي والمكتسب فما نشاهد في الأجهر (عدو الشمس) وعند هذا تكون المادة الملونة معدومة من الجلد أيضاً بل ومن القزحية والشبكة (في العين) والأرنب الأجهر يكون شعره أبيض وعيناه قرنفليتين ويكون في العادة أم ولكن الشائع من النوع الخلقي هو ضغك (حزمة) من العشر الأبيض يظهر في الرأس ويشاهد في الجد والابن أو ابن الابن وقد يخطئ الابن إلى ابن الإبن.

أما المكتسب فيشاهد منه الكثير كل يوم وليس بخاف على نفر من الناس لأأن الشيب قد يكون من فزع أو خوف أو هم مستطير وذلك طبعاً معروف طبياً ومعترف به وهو نتيجة تأثير عصبي خاص على الشعر ومن ذلك الشيب قبل الأوان ويشاهد في عائلات خاصة دون الأخرى.

أما الشيب في الأوان فهو وحده الطبيعي وينجم عن اختفاء اللون الملون وامتلاء الشعرة بالهواء.

أما الشيب الخلقي والشيبب في الأوان فلا سبيل إليهما إلا بالخضاب.

فلو دام لي هذا الخضاب حمدته ... وكان بديلاً من خليل قد انصرم

غير أن الخضاب يجب أن ينتقى حتى لا يجهز على البقية الباقية من سواد العشر وعلى كثير مما بقي من الصحة والعافية ويحسن أن يؤخذ رأي الطبيب في هذا من وقت لآخر.

أما الشيب قبل الأوان فله علاج يفلح في أكثر الأحايين وينحصر ذلك في تمرير الكهرباء عد أسابيع مع بعض تعليمات طبية يراها الطبيب نافعة.

الصوم

نعاجل نحن معشر الأطباء الآن البول السكري بالصوم ونعالج ارتفاع الضغط الدموي بالصوم ونعالج الأملاح بالصوم وكثير من أمراض المعدة فهل في ذلك شيء من العظمة لمن لا يصومون؟.