مجلة البيان للبرقوقي/العدد 4/العلوم والفنون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 4/العلوم والفنون

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 12 - 1911



عجائب الطبيعة

حكى رجل فرنسي من المولعين بالأسفار قال: ركبت سفينة بخارية شراعية وهي أول سفينة صنعت لتسير بالبخار لم تبلغ آلاتها من الاتقان المبلغ الذي وصلت إليه الآلات الحديثة وكنا نفاخر بهذه السفينة ونحرص عليها كأثر نفيس لأن أجدادنا الذين لم تسبق لهم رؤية فعل البخار كانوا يعدونها من معجزات الأيام.

وفيما نحن سائرون في عرض البحر والليل قد أرخى سدوله هبت علينا ريح زعزع هصرت القلوع وكسرت الادقال ومرقت بنا السفينة كالسهم إلى لج البحر الخضم وطغت علينا الأمواج فدخلت إلى قلب السفينة وكادت تطفئ حرارة المرجل الذي يولد البخار فيها فهلعت نفوس الركاب وهرعوا إلى الربان يسألونه رأيه في مصيرهم فقال أنه لا حيلة له في مغالبة الطبيعة ولم يعد في وسعه إلا التسليم ليد الأقدار.

وظللنا الليل كله على هذه الحال نعالج سكرات المنون والأمواج تعج وتزأر فترتفع بنا الماعونة كما إلى قمة جبل ثم تهبط إلى العمق وجوانبها تهصر هصر أو العواصف تزداد اشتداداً والموت منا قاب قوسين أو أدنى وكأنما السفينة والرياح التي تتلاعب بها منجذبتان معاً بقوة خفية هائلة. شخصنا حينئذ إلى الأفق فرأينا نقطة سوداء وأخذت هذه النقطة تكبر شيئاً فشيئاً إلى أن تبينا الأرض وليتنا ما تبيناها فإنها كانت صخوراً شاهقة مائلة في الفضاء تسوقنا إليها الرياح رغم أنوفنا.

انشق عمود الفجر ولاحت تباشير النور وظهرت في سفح الكهف ثغرة سوداء واسعة كانت الريح تجري إليها وكنا نحن والعاصفة معاً نساق إلى قلب الأرض سوقاً وكأنما الأرض فغرت فاها لابتلاعنا وفيما نحن في هذا الذهول أنذرنا جرس الخطر بالاصطدام ولم يكن إلا كلا ولا حتى اصطدمت السفينة بسور من حديد صدمة مزقت أوصالها وأطارت شظاياها إلى كل ريح وقد قذفت بي إلى فوق كالقنبلة تخرج من فم المدفع وفي الحال غاصت السفينة إلى الأعماق.

كل هذا جرى وأنا فاقد الشعور لما أصابني من الذهول ولم أع إلا وأنا فوق الماء وحولي الخشب المبعثرة وأطواق الحديد الملتوية. ثم سكنت الريح بغتة وجزر ماء البحر فحمل معه الغرقى وكان من حسن حظي أني سقطت في ماء ضحضاح ولو وقعت في عرض أليم لما استطعت أن أسبح إلى البرلماني من التعب المبرح وألم الجراح. غير أني استمسكت بحبل الرجاء وجعلت أعالج نفسي حتى بلغت البر وانطرحت على الأرض معيا. ولما استطعت أن أتبين ما حولي رأيت أن ذلك الثقب المفغور في الكهف قد زال وقام مقامه سور حديد ظهرت عليه آثار صدمة السفينة فعلمت أن هذا الباب الحديد سدّ في وجهنا في الحين المناسب ليمنع انحدارنا منه إلى تلك الهوة الهائلة.

ثم التفت إلى يميني وإذا ربان السفينة يحييني وهو الرجل الوحيد الذي كتبت له السلامة معي وقد مزقت ثيابه وكسى وحلاً وهو يجاهد في البلوغ إلى البر.

ولما استتب به المقام بجانبي نظر إلي وقال يالها من مصيبة أوقعتنا في هذا المكان المجهول. لا ريب عندي أن هذه الجزيرة هي جزيرة الكور وهي لم تكن قبلاً وإنما شخصت من قلب البحر بفعل البراكين منذ نحو قرن تقريباً والجغرافيون الذين رأوها ورسموها في خرائطهم جعلوها في وسط الاوقيانوس الهندي.

فقلت كيف يكون ذلك وهل تبقى جزيرة في العالم ولاسيما في بحر مسلوك كهذا غير مكتشفة وقد اكتشف الجغرافيون كل المجهولات ولم يتركوا شيئاً.

قال الحقيقة هي كما رويتها لك. فإنه لما شخصت هذه الجزيرة كانت أرضاً قاحلة والبراكين تتقد فيها وبقيت كذلك زمناً والرسو عليها ممكن ولكن منذ عدة سنين تبين لنا أن هذه الجزيرة أخذت تمتنع على السائحين وكل من أراد الدنو منها لاستقصاء أحوالها ومعرفة مكنوناتها. وسواء كان هذا الأمر حقاً أوليس بحق فقد ثبت أن كل الذين حاولوا الوصول إليها دفعتهم العواصف عنها فقد قيل لي أنه تخرج منها عاصفة كما من كور عظيم تدفع السفن عن شواطئها لوذلك سميت جزيرة الكور.

وفيما نحن كذلك التفت إلى الباب الحديدي العظيم وقلت لصاحبي لاريب أن العاصفة خرجت علينا من هذا المكان ووجود هذا الباب الحديدي برهان صريح على تداخل يد البشر فيه فلا ريب بعد ذلك أن الجزيرة مسكونة وأن سكانها متمدينون بل مهندسون حاذقون.

فتنهد الربان وقال عسى أن تصدق أحلامك ثم نظرت إلى البحر فرأيت قارباً صغيراً يسير أمامنا سيراً حثيثاً وقد دار حول اللسان الخشبي البارز في الماء وهو لا قلوع فيه ولا مجاذيف له بل يسير بمحرك داخلي وفيه رجل يشير إلينا إشارات التحية ثم دنا منا لقد ساءنا جداً ماوقع لكم على أننا بذلنا أقصى مجهودنا لدفع ما ألم بسفينتكم فلم أستطع إلى ذلك سبيلاً غير أننا تمكنا من قفل الباب ولو بقي مفتوحاً لهوت سفينتكم ومن بها إلى هاوية الهلاك فقفل الباب إنما كان الوسيلة الوحيدة الممكنة لنجاتكم. ثم التفت إلى الجثث المنتثرة وتأوه وقال - أظن أن قفل الباب جاء متأخراً فلم يستفد منه كثير منكم غير أننا سنجتهد في القيام بدفن موتاكم بما يلزم من الوقار والاجلال أما أنتما فهيا معي إلى القارب.

أما أنا والربان فعجزنا عن أداء واجب السكر لهذا الرجل الكريم فدخلنا إلى قاربه وجعل القارب يمخر بنا الماء بسرعة عظيمة وقد حاولنا أن نخبره بذهولنا من سكوت العاصفة بغتة ومن فعل القوة السرية التي جذبتنا إلى الجزيرة فقال لنا: إن مارأيتموه ليس شيئاً بازاء ماسترونه من العجائب فإننا نحن سكان هذه الجزيرة من رجال الاختراع والاستنباط الذين حدت بهم الحاجة وعدم تصديق الذين يديرون دفة الأموال إلى اعتزال العالم واستيطان هذه الجزيرة والذين لم يجنوا في أوروبا وأميركا مجالاً لإخراج بنات عقولهم من حيز الفكر إلى القوة لجأوا إلى هذا المكان وغرسوا فيه بذور قرائحهم فحولوا هذه الصخرة القاحلة إلى رياض غناء وصاروا يضحكون من الذين سخروا بهم قبلاً وزعموا أن ذكاءهم خيالات وتخرصات. اخترنا هذه الجزيرة مقراً وهي كما تشاهدان واقعة في ممر العواصف الطبيعية ونحن بذكائنا واقتدارنا نظفر بهذه القوات ونستأسرها كما يظفر الصياد بصيد فراخ الحمام فننتفع بقواتها في بيوتنا وحوانيتنا وقد كنا الليلة الماضية نخزن ما يلزم لنا من الرياح في كهوفنا العميقة المبثوثة تحت الأرض فأصابكم ما أصابكم لما وقعتم في منطقة الهواء الجاري وهذا الهواء المنضغط لا يكلفنا شيئاً ولكن خزنه عندنا يفيدنا فوائد لا تحصى. وفيما كان هذا الرجل العجيب الذي يصرف الرياح كيف يشاء يكلمنا دنا القارب بنا من رصيف الميناء فتأملناه وإذا هو من أبدع مارأت العيون لأنه ليس مبنياً من حجارة بل من صفائح حديد قائمة على محور يدور فيسمع له صريف كصريف الأوتار كلما هاج البحر وزفر التفت إلينا محدثنا وقال تريان أننا قادرون أن نستفيد من حركة الأمواج وبيان ذلك أنه متى صدم الماء صفائح الحديد أدار عجلة ذات أسنان داخل اللسان فتنقل القوة إلى كل المعامل المبثوثة حول الشاطئ الجزيرة فتحرك الأنوال حركة دائمة. والبحر هو الخادم الأمين الذي لا يعي ينسج لنا أكسيتنا وما يلزم حتى الخيش الذي نظلل به بساتيننا من فعل الحرارة الجوية والرطوبة.

وعند ذلك خرجنا ويممنا المدينة فدفع دليلنا باباً فانفتح وقال لنا هيا انظرا ما يفعله البحر إن هذا البهو العظيم الذي أمامنا لا يقع منه ضوء الشمس إلا على خيوط مشدودة وعجلات عديدة وسيور دائرة بقوة الكهرباء ووشائع تدفع في السدى ذات اليمين وذات اليسار كما بايد غير منظورة بسرعة البرق في إيماضه ونساء حسان تشتغل بطي النسيج الذي بعبضه رقيق شفاف وبعضه سميك مدفئ وتسلطنا على البحر فجعلناه كالمطية الذلول وقد استعصى على من سبقنا وفتك بالمئين والألوف منهم.

فقاطعه الربان قائلاً وما تفعلون إذا هاج البحر عليكم فقال إنه إذا هاج البحر فإنما يسرع في إنجاز أعمالنا لا غير.

قال الربان وماذا يكون من أمركم عند وقوع المد والجزر.

فأجاب أن البحر يمد عادة تسع ساعات في اليوم وتسع ساعات على ما أظن تكفي لتأدية الأعمال في كل بلاد متمدينة.

اضطررت في الأيام الأولى من وصولي إلى الجزيرة أن ألازم الفراش وقد كنت أظن أن هذا الاكتشاف البديع يعمل في شفائي ولكن شدة الصدمة والجروح الناجمة عنها وإن لم تكن خطرة كانت مؤلمة على أني تمكنت من الإشراف على المدينة من غرفتي فرأيت أن كل التربة البركانية حولت إلى أحسن ما يمكن تصوره بحذق المهندسين ومهارتهم فقد بنيت البيوت من المواد المصهورة وكان منظرها جميلاً ومع أن السكان ليسوا بكثيرين إلا أن مظاهر العمل والنشاط بادية عليهم وعربات التزام تخترق الشوارع الكبرى والقوات الطبيعية التي تذهب ضياعاً في أوربا وأميركا وسائر جهات المعمور تسخر هنا لقضاء حاجات الناس ففي أوربا وأميركا يسخرون إلا الريح والشلالات وينفقون كثيراً على توليد القوات الكهربائية من الفحم أما جزيرة الكور فلا فحم فيها وقد اكتشف سكانها مصادر للقوة من الطبيعة فاستخدموا الريح والبرق والمطر ومياه الاوقيانوس ونار البركان لقضاء أوطارهم فبات معظم قوات الطبيعة طوع بنانهم.

ومن المحال أن أحاول تعداد الفوائد الناجمة من قوة الريح فهم يخزنون الرياح لوقت الحاجة وحصروا النيران البركانية في القشرة التي تحت سطح الأرض وقد جعلت قوة النيران هذه القشرة كالأنابيت العظيمة المستديرة وكل أنبوبة منها متصلة بتجويف عظيم في مركز الجزيرة وتمكنوا من نقل القوة بهذه الأنابيب إلى اسطوانات بها مكابس وأداروا قضبان هذه المكابس بقوة نار البركان التي لا تنفذ وجعلوا قمة البركان بمثابة مرجل بخاري عظيم ورفعوا الماء من البحر إلى فوهته فمتى هاجت النيران تحت الماء تحركت القضبان المتصلة بالمرجل وأدارات الآلات وانفتحت الثغرة العظيمة ورجعت المكابس التي في الطلمبات إلى خلف فملأت الرياح التجويف الذي بها ولا تزال كذلك حتى تكتفي الجزيرة من أخذ مؤونتها ويستخدمونها لإدارة جميع الأعمال من المطحنة العظيمة إلى عجلة الخزاف الصغيرة وإذا جن الليل وهب الهواء قليلاً كفى ذلك لتنظيف الشوارع بدقة تفوق كل نظام بلديات أوربا وقد بلغ من تسخيرهم الهواء لارادتهم أن صاروا يستعملونه في الأشياء التافهة كنفخ النار في البيوت. وإذا سخنت الحرارة الجوية يضغط المرء على زر بجانب فراشه فيجري في غرفته هواء بليل ينعش العليل ويحي النفوس.

وقد زارني منقذي مراراً عديدة قبل أن أتمكن من الخروج وهو رجل عظيم نيط به إدارة معمل خزن الهواء وتوزيعه وقد قضى العمر في الاكتشافات العلمية فاكتشف مقياساً للحرارة الجوية وآخر للرطوبة وغيره لقياس كثافة الغازات وهي متصلة بخزانات عظيمة تحت الأرض. وعليه أيضاً أن يراقب ساعة بعد أخرى حال المجاري الجوية ويصون الجزيرة من عبث الذي يريدون استقصاء شؤونها وتجسس أحوالها خوفاً من تداخلهم في شؤؤن استقلالها فمتى لاحت سفينة عن بعد لا يحفلون بقيمة الهواء المخزون ولا يخطر ببالهم فكرة اقتصاده بل يفتحون كل نافذة وشق ويفرغون كل خزان فتخرج العاصفة من أحشاء الأرض وتهاجم السفينة فتحولها عن وجهة مسيرها حتى لا تصل إلى الجزيرة فيبقى سرها مكتوماً عن العالم. أما سفينتنا فما وقع لها إنما كان لأنها دخلت في منطقة عمل الآلات وهي تمتص الهواء لاختزانه ولم تنج من الوقوع في الهوة إلا بقفل الأبواب فجأة

وقلت لصاحبي ذات يوم أظن أنكم تستمدون الكهرباء من المطاحن الهوائية لإنارة بيوتكم ومعاملكم. فقال نعم بالهواء نستيطع أن نعمل كل شيء ولكن تكليف الهواء جميع الأعمال يكون فوق طاقته. ولذلك استخدمنا غيره من القوى الطبيعية كما رأيت فالمد والجزر ينسجان الملابس والبرق يمدنا بالكهربائية والمنطقة التي نحن فيها تثير السحب والعواصف مساء كل يوم فيلعلع البرق ويهزم الرعد. أنظر هوذا الغيم يتكاثف في الأفق والعواصف مزمعة أن تثور. ثم أشار بإصبعه إلى الجو فأراني عدة طيارات صاعدة من كل صقع ومكان من المدينة حتى كادت تحجب وجه السماء ثم قال هذه الطيارات مغشاة بصفائح من القصدير وقد اتصلت بها حبال غطت في مياه قلوية فهي في الحقيقة قضبان صاعقة ولكنها بدلاً من أن تفرغ كهربائية السحب في الأرض نفرغها في بطاريات لنختزنها على أننا لا نجمع الكهربائية من الغيوم فقط بل من البخار أيضاً ألا ترى هذا البركان العظيم. إنه خدامنا المقتدر الذي لم يقم خادم مثله وتلك قمته صافية الاديم لا ينبعث عنها دخان فتظنه لأول وهلة خامداً ولكنه ليس كذلك لأن فوهته الكبيرة التي كانت تقذف حمماً ومواد مصهورة تحولت إلى مرجل كبير تضطرم تحته النار دائماً وقد ملئت تلك الفوهة ماء والبخار الخارج منها يتصل بأنابيب تدبر الآلات والمعامل التي في الجزيرة فتسمع مدى النهار صوت المطارق في المصانع التي تحيط بالجبل والبركان يمدها بالقوة اللازمة ويطرق المعادن أيضاً.

ذهبت مع رفيقي الربان في أحد الأيام لزيارة هذه المعامل وكان ذلك عند الفجر فبلغناها بعد مسيرة ساعتين وسمعنا دقات المطارق تكاد تخسف الأرض. شخصنا إلى الجو المحيط بالبركان فرأينا قبته تضيء كالنحاس المصقول وقد ركب عليها بلبوس يفتح عند الاقتضاء لافلات البخار وجوانب الجبل مملؤءة من الحمم المصهورة والمواد الذائبة التي رسبت عليها من قبل أن تتداخل فيه يد الاصلاح والأنابيب الطبيعية تخترقه من جانب إلى جانب ومنها تفلت المواد الذائبة. ورأينا المطاحن والمطارق والأزاميل تملأ الأغوار والكهوف والصفائح المطروقة توضع على موائد من نحاس. وبعض المطارق كبير يبلغ ثقله عدة أطنان فمتى وقعت واحدة منها على المعادن أثارت شراراً لامعاً وكان المعدن أمامها كالعجينة تكيفه على ماتشاء ومتى أكمل العمل يغط المعدن المطروق في إناء عظيم مملوء ماء فيسمع له أزير وزفير.

ثم أشرت إلى الفوهة وقلت لصاحبي هذا هو المرجل الذي يحول الماء بخاراً فقال لي نعم ونحن نحول منه أكثرمن ستمائة طن يومياً.

قلت ومن أين لكم هذا القدر والمطر الذي ينزل في كل الجزيرة لا يكفي ذلك قال نرفعه من البحر.

قلت أترفعون 600 طن إلى هذا العلو كل يوم؟

قال لسنا نحن نرفعه ولكن المد والجزر يكفل لنا ذلك. ألم تعرف أننا نستخدم المد والجزر أيضاً.

قلت وهبكم تستخدمونه فكيف تدفعون به الماء إلى علو 600 قدم فوق سطح البحر في حين أنه متى علا الماء لا يتجاوز 20 قدماً في الارتفاع فابتسم ابتسامة الظافر وقال ذلك أمر هين لأننا صنعنا مخلاً على هيئة زاوية قائمة وأركزناه على عمود متين صلب الدعائم يبلغ قياس ذراعه الأطول 600 قدم وفي طرفه دلو من القصدير (التنك) يسع 300 طن وذراعه الأصغر يبلغ نحو 20 قدماً ربطت به سلاسل حديدية قوية ووصلت هذه السلاسل ببكرات حديد أيضاً ليسهل تعديلها عند اللزوم وأثبتت تلك البكرات بصنادل قوية ملئت حديداً ومواد ثقيلة. فمتى كان المد ارتفعت هذه الصنادل فارتفع معها الذراع الأقصر وانخفض الذراع الأطول حتى يمس الماء فيمتلئ ولما يأخذ الماء بالجزر تنزل الصنادل بثقلها فيهبط ذراع المخل الأقصر ويرتفع الذراع الأطول راسماً قوس دائرة نصف قطرها مساوٍ لطوله فيرفع الماء إلى قمة الفوهة أي إلى علو 600 قدم ثم يصب مابه فيها. ويقتضي للمخل ست ساعات صعوداً وست ساعات في هبوطه وأنت تعلم أن المد يقع مرتين في اليوم فلذلك يدفع الستمائة طن المطلوبة. وقد بذلنا منتهى الجهد في تركيب هذه الآلة ولكنا منذ ركبناها سارت في عملها بنظام مستمر وصارت أمراً مألوفاً لدينا فقلما نلتفت إليها.

وما زلنا نطوف ونحن نشاهد المصانع والعجائب التي ابتكرتها قرائح الإنسان إلى أن أمسى السماء فنزلنا عن الجبل ونحن سكوت كأن على رؤوسنا الطير إلا أن صاحبي الربان قطع وحشة السكوت بقوله ألا ترى إلى هؤلاء الناس كيف هم في خطر أفلا تظن أن الطبيعة تنقم عليهم في بعض الأيام وتقتص منهم.

قلت وهل إلى ذلك من سبيل وهم قد حبسوها كما يحبس الطائر في قفصه وتصرفوا بقوانينها كما شاءوا.

انظر كيف اشتغلوا بتحويل قفارها إلى جنات فأنشأوا بها المزارع الواسعة والحدائق الغناء. لقد عرفوا من أين تأكل الكتف لأن الذي يجول في أكناف بركان فيزوف يعلم أن التربة المحيطة به في غاية الخصب والجودة وها هم قد زرعوا الزيتون والفاكهة والحبوب المختلفة وليس ذلك فقط بل حفظوا مزروعاتهم من برودة الجو وحرارته فهم إذا اشتدت حرارة الغيظ أرسلوا من الهواء الخزون نسيماً بارداً ينعش الزروع. وإذا برد الهواء أطلقوا الأنابيب الساخنة فوزعت الحرارة في سائر أرباضها وإذا نزل المطر لم يخشوا منه على إتلافها بل حولوه إلى منافع وجعلو هذه الجزيرة بمنزلة الفردوس فياله من ذكاء مفرط وحذق عظيم

وقد غاب عني أن أذكر لك مافعله أحد أطباء الألمان ممن استوطن هذه الجزيرة. فإنه حلل نور الشمس بالموشور فرأى خلف الشعاع البنفسجي طيفاً أسمر عرفت خصائصه الكيماوية من عهد بعيد ولكن له شعاعاً آخر ذا خصائص عجيبة من شأنها أن تزيد القوات الحيوية.

وقد خطر لهذا العالم أن يصنع قرصاً محدباً فوق قمة الجبل شفافاً كالبلور يدور على محور كالساعة ليسير مع الشمس إني اتجهت وحصر شعاعه في نقطة المحترق بكيفية قوية وزعها على بستانه فعكست سائر ألوان قوس قزح عليه وكانت أشعتها كصفائح الحرير أخذ ضياؤها الأبصار.

ومما زاد النظر بهجة هو أن توزيع هذه الأشعبة كان على نسب جميلة لأن النباتات نمت بواسطتها نمواً عظيماً لا يمكن لحالة جوية أن تفعل مثل هذا الفعل في أية بلاد كانت فعظم البرتقال وبلغ محيط جذع الشجرة منه عشرين قدماً وصارت البرتقالة الواحدة كالبطيخة وبلغ العنب مبلغاً من النمو لا يصدق فالعنبة الواحدة تشبه البرتقالة حجماً وسرى هذا الأسلوب في كل مزارع الجزيرة حتى أصبحت منقطعة النظير.

ولكن لما كان دوام الحال من المحال أصبحت ذات يوم وأنا أستنشق الهواء العليل وإذا الجبل يدخن والنار تضطرم في جوانبه والناس يروحون ويجئون كالمجانين وقد انقلبت سخناتهم واربدت وجوهم ثم أخذوا يصرخون الانفجار الانفجار! وتلا ذلك صوت دوت له جوانب الجبل فخرجت الحمم والمواد المصهورة واقتلعت المعامل وقذفت الأنابيت والمكابس وطارت شظايا الحديد إلى كل ناحية لأن البركان استعاد قوته وهجم على الأحياء الذين حوله فذهب بكل حي وجماد وزاد المصاب هولاً تفرقع الغازات المخزونة وانصب ذلك كله في البحر فأرغى وأزبد ثم هاجت الأمواج وقام فيها إعصار عظيم فخارت قواي ولم أشعر إلا وأنا في قلب البحر فرفعت عيني لأرى ما حولي وإذا الجزيرة خسفت خسفاً وغاص من كان فيها وما عليها في لجة اليم وفيما أنا أنازع البقاء إذا بسفينة إنكليزية ذاهبة إلى هونغ كنغ بصرت بي فانتشلني من اليم وكنت أنا اللقاطة الحقيرة التي نجت من ذلك المصاب الهائل لأروي خبر هذه الغرائب التي عفت آثارها ولم تبق إلا أخبارها.

الدور الزراعية

أو

نظام التعاقب الزراعي

2

(4) إن النبات يغتذي من التربة بجذوره من عمق يختلف تبعاً لمقدار طول هذه الجذور فإذا تعاقب زرع نباتين متماثلي الجذور فالنبات اللاحق لاتجد جذوره في التربة مقداراً وافياً من الغذاء الفعال لجودة نموه لأن النبات السابق يكون قد استفرغ معظمه منها وإذاً فلا يزرع مثلاً قطن بعد قصب ولا قصب بعد قطن لأن كليهما جذوره طويلة متعمقة ولا كتان بعد ذرة لأن كليهما جذوره سطحية فإذا زرع واحد منها عقب الآخر أجهد الأرض ولم يجد محصوله الجودة التي تكون له لو زرع عقب نبات جذوره مغايرة لجزوره حتى أن القمح لايجود عقب الذرة جودته عقب القطن مع أن القطن ينهك الأرض أكثر من الذرة الذي تكون الأرض معه عادة مسمدة له بكمية وفيرة من السماد الذي لم يتحلل كله لتغذية الذرة بل يبقى معظمه لفائدة الزروعات التالية له أما جودة الذرة النيلى بعد القمح - مع أن الأول منهما جذوره سطحية والثاني جذوره غير متعمقة فيغتذيان غالباً من طبقة متقاربة محدودة - فتعزى لأحوال أخرى ليست لزارعة القمح بعد الذرة.

منها أن القشرة السطحية عقب القمح تكون أقل اجهاداً منها عقب الذرة ومنها أن أرض القمح تبقى جافة مدة وتستريح عقبه زمناً فتستجم بذلك خصبها أما في حالة زراعة القمح بعد الذرة فإن الأرض تستمر رطوبتها وإشغالها بالنبات لأن زراعة القمح تتلو إخلاء الأرض من الذرة مباشرة.

ومنها أن الأرض تسمد بمقادير كبيرة للذرة لأن نباته لا يجود إلا بذلك فقد استقر عند الفلاح أعداد أكبر كمية من السماد له وليس كذلك الحال لزراعة القمح خصوصاً أن جذوره وهو نبت صغير لا تكون قد تعمقت فلا تجد في الطبقة السطحية التي استفرغتها الذرة من الخصب ما يكفي لتعاني نموها.

(5) إن بعض النبات يخصب الأرض ويحسنها كنبات الفصيلة البقلية التي منها البرسيم والفول والحلبة والعدس والترمس والجلبان والبسلة لأنها تستفيد بجذورها كثيراً من الآزوت الجوي الذي يعتبر لقلته في الأرض أهم عناصر خصبها للمزروعات وهذا الكثير الذي تستفيده من الآزوت الجوي يزيد عن حاجة نموها فيتراكم خصوصاً في جذورها التي تبقى في الآرض عقب إخلائها من تلك الزروعات التي تسمى مولدة للآزوت وتعرف الأرض عقبها في العرف الزراعي بالأرض الباق.

والبعض الآخر من النبات وهو الأكثر كالقطن والقمح والذرة والقصب والنيلة والكتان يستفرغ الآزوت من الآرض وتسمى بالنباتات المستهلكة للآزوت وتعرف الأرض عقبها في العرف بالأرض البرايب أو الشماهة أو الحصيد تبعاً لاختلاف العرف في الجهات.

فالأحوال تقتضي أن لا تتعاقب زراعة الأرض بأصناف النبات المستهلك للأزوت بل يراعي التناوب بينها وبين زراعة النباتات المولدة للآزوت حتى إذا أجهد الأرض محصول عوضها محصول آخر.

ولولا هذه النباتات المولدة للآزوت لعز الأمل في حفظ خصوبة الأرض طويلاً لأن السماد لا يمكن أن يفي بتعويض الأرض ما يستفرغه سائر النبات من خصبها حتى أرض حياض الصعيد التي تستفيد سنوياً من طمى النيل ولا تزرع إلا مرة واحدة في العام لا يجود إنباتها إلا إذا روعيت تلك القاعدة في تعاقبها الزراعي فإذا زرعت في سنة أصناف شماهة زرعت في السنة التالية أصناف باق وإلا فإن محصولها وخصبها ينحطان عن معتادهما.

وإذا نقصت كمية السماد في أي أرض عن حاجتها فليس لدى الزارع وسيلة أنفع وأقرب من الالتجاء إلى زرع تلك النباتات لتخصيب الأرض لأصناف النباتات الأخرى.

والأرض التي تقل فيها المادة العضوية كالأرض الضعيفة والمستجدة وعلامتها إن لا تظهر فيها فائدة التسميد بالسماد البلدي عاجلاً وتسمى بالأرض الجيعانة وليس أنفع لخصبها من زراعة هذه النباتات البقولية.

فهذه النباتات بما تفيده للأرض تعتبر ملجا طبيعياً، وينبوعاً عظيماً لإخصابها الذي هو رأس مال الفلاح وأعز ذخيرة عنده.

(6) إن الحشرات والفطريات تتكاثر وتنتشر بعض أنواعها مع بعض من النباتات دون البعض الآخر فتفتك بها فتكاً ذريعاً كديدان القطن والبرسم والذرة وسوس القصب والحبوب وغيرها فإذا توالى أو كثرت زراعة هذه الأصناف وجدت تلك الآفات البيئة المناسبة لتناسلها وتكاثرها وانتشاهر فيستشرى الضرر منها حتى يصعب تلافيه كما هو حاصل الآن في زراعة القطن فإذا نوعت زراعة الأرض بأصناف النباتات الأخرى لا تجد تلك الآفات الغذاء الموافق لمعيشتها فتضعف وأخيراً تموت.

ويقال مثل ذلك في الحشائش الضارة التي توجد أصناف منها بكثرة مع بعض مزروعات مخصوصة كالحامول مع البرسيم والهالوك مع الفول والدنيبة مع الأرز

فإذا نوعت زراعة الأرض الملونة من بذور هذه الأعشاب المؤذية بأصناف النباتات الأخرى التي لا توافقها فقدت تلك الأعشاب البيئة الملائمة لها فتقل إلى أن تتلاشى في النهاية.

عرف الفلاح أن زراعة الفول مثلاً في الأرض التي كثير الهالوك بها زراعة خاسرة فنوعها بزراعة نباتات أخرى لانوافقه فيختفي إلى أن يضمحل بتاتاً فيمكن العود إلى زراعتها فولاً بنجاح.

ولما يعرف أن زراعة القطن مع فتك الديدان بها هي زراعة متعبة وخاسرة فلو قال الإكثار من زراعته واعتنى بخدمته وإبادة ديدانه أمكنه الحصول من القدر الذي صارت زراعته إليه على محصول أكثر وأحسن وأربح واسهل مما يتحصل له من القدر الكثير الذي كان يزرعه بدون أن يمكنه حمايته من آفاته. وينتفع بزراعة الأرض التي وفرها بأنواع النباتات الأخرى التي اشتدت الحاجة إليها كنبات الغذاء للإنسان والعلف للحيوان.

(7) إن بعض المزروعات تستدعي كثرة العمل والمصروف والعناية في خدمتها مدة طويلة كالقطن والقصب والأرز وبعضها يكفيه بعض ذلك كالقمح والشعير والفول والبرسيم فإذا كثرت زراعة النباتات الأولى أجهد الفلاح وقصرت وسائله عن آداء الواجبات الزراعية باقتدار وإتقان وحينئذ يكون الضرر عظيماً على محصولاتها كما يحصل للقطن.

فمثلاً عند ما يصرح بري الشراقى لزراعة الذرة يضطر الفلاح إلى التعجيل بخدمة أرضه وتسميدها للإلحاق على زراعتها زراعة مبكرة لأنها المورد الوحيد لغذائه فلا يمكنه مع ذلك أن يوفي خدمة القطن كما ينبغي لاتساع مساحته وكثرة عمليات خدمته فيكون عن ذلك أسوأ تأثيراً على محصوله بحيث يبلغ ضرره بضعة ملايين من الجنيهات خصوصاً كلما كان التصريح بري الشراقى بكيراً فإنه يصادف موسم خدمة القطن وتكاثر ديدانه به فلملافاة ذلك تجب الموازنة في زراعة الأرض بين النباتات التي تستدعي عنية أكثر والتي تستدعي عناية أقل وبين قدرة الفلاح واستعداده وذلك بتنويع زراعة الأرض بالنباتات المختلفة وعدم الاستكثار من زراعة الأصناف التي تستدعي مجهوداً كبيراً قد لا يمكن للفلاح القيام به وبالتالي تتلف زراعته.

(8) إن لطول مكث زراعة بعض النباتات في الأرض تأثيراً أهم في تنويعها فإن القطن وهو محصول صيفي يمكث ثمانية شهور بالأرض ومثله القصب لكنه يمكث أكثر منه لا يكفي غالباً لتنويع الأرض بعده خصوصاً مع حالة الفلاح الحاضرة زراعتها بغيره من الحاصلات الأخرى لمدة سنة واحدة فقط وبالأخص إذا كانت زراعتها بنبات من غير الفصيلة البقلية ولم تسترح الأرض أثناءها مدة كافية لاستجماعها خصبها.

وقد لوحظ أن الأرض المتبعة فيها الدورة الثنائية ينظامها الحالي ووسائلها القاصرة قد أجهدت تربتها وانحطت محاصيلها.

وإذا فالواجب أن يراعى مع زراعة الأرض بأنواع النبات ذات التأثير الحسن والنباتات الأقل إجهاداً أن يستمر ذلك مدة تكفي لمنع تأثير النباتات المنهكة للأرض أي الأشد تأثيراً والأكثر إجهاداً لخصوبتها.

(9) إن لطرق إفلاح الأرض وخدمتها لأنواع النبات تأثيراً مهماً على تربتها فإذا أكثرنا مثلاً من زرع الأرض بالنباتات الحشيشية والحبوبية بالتوالي كالبرسيم والقمح والفول والشعير ونحوها من الزروعات التي لا تستدعي حرثاً عميقاً ولا عزيقاً نكون قد حرمنا التربة من التأثير الحسن الذي يكون عن إجراآت الخدمة المتقنة المتكررة الزائدة في خصبها وسمكها عمقها والمستأصلة للأعشاب المؤذية منها كما ينبغي لكنها إذا نوعت بالأصناف الأخرى التي تشتد في الحرث العميق مراراً والعزيق تكراراً والخدمة الجيدة دواماً كالقطن والذرة والبصل وغيرها من المحصولات التي تزرع في خطوط - أمكن مع ذلك تعميق التربة وتنظيفها من بذور الأعشاب المؤذية وتطهيرها من جراثيم الآفات الضارة وتعريضها أكثر للمؤثرات الجوية التي لا بد منها لفائدتها.

(10) إن لطريقة الري المتبعة الشأن الأول في الترتيب الزراعي ففي حياض الصعيد حيث لا تروى الأرض إلا في فصل الخريف من ماء النيل مدة فيضانه فقط لا تزرع الأرض إلا أصنافاً شتوية قمح وفول وبرسيم وشعير وحلبة وعدس وترمس وجلبان الخ يبذر بذرها تقاويها عقب تصفية المياه عن تلك الحياض ثم تترك الزراعة إلى أوان الحصاد أو الرعي إذا كانت من نباتات العلف - بدون شيء من الخدمة غالباً ثم بعد إخلاء الأرض منها تترك بائرة إلى الفيضان التالي فتروى وتزرع كالسابق وهكذا أما في أرض الترع حيث توجد مياه الري طول السنة تحت تصرف الزراع ومثلها بعض أرض الحياض القريبة من ساحل النيل أو التي بها آبار ارتوازية تزرع الأرض بأنواع الزروعات الشتوية والصيفية والنيلية.

فبوجود المياه دواماً يمكن تنظيم دورة زراعية تامة أي لا تقتصر على فصل دون فصل ولا مزروعات دون مزروعات ويمكن للزارع استغلال الأرض بأقصى ما يتيسر له من الوسائل الأخرى الممكنة.

فبعض المزروعات تستدعي رياً منتظماً في فترات متقاربة مقدرة طول مدة وجودها بالأرض كالقطن والقصب والتيل والبرسيم المسفاوى الخ وبعضها يكفي فيه الري مرة واحدة قبل البذار كالقمح والشعير والفول والبرسيم البعلي وغيرها من المزروعات التي في أرض الحياض.

فمن هذه الوجهة ذات الشأن الأول تنقسم الدورة الزراعية إلى قسمين أصليين الدورة المتبعة في أرض الري المستديم والدورة المتبعة في أرض الري الموقت

ومما يلاحظ هنا أن بعض النباتات يستدعي وفرة المياه لنموها كالنباتات المائية التي أشهرها الأرز والدنيبة فإنها لا تنمو إلا بوجودها في الماء دواماً واذاً فلا تزرع بنجاح إلا حيث تكون المياه وفيرة حتى في فصل التحاريق الذي تقل فيه المياه عادة لذلك يجب أن يراعى في زراعة مثل هذه النباتات التحقق من وجود المياه بغزارة مدة نموها.

(11) إن لبيئة الأرض تأثيراً أولياً في زراعة أنواع المزروعات وتفضيل بعضها على بعض ففي الوجه القبلي لجفاف أرضه وحرارة جوه يجود فيها بعض أنواع من النباتات أكثر مما تجود في غيره كالقصب والفول والعدس فإن في الوجه البحري خصوصاً في شماله حيث الجو أقل جفافاً لا تجود جودتها بالصعيد. كذلك أرض الصعيد لخلوها أو لندرة الأملاح فيها عما هي في أرض الوجه البحري خصوصاً شماليه أيضاً تجود فيها النباتات الحبوبية عنها في غيرها.

والوجه البحري خصوصاً الجهات الجنوبية منه لجفافها وانتظام حرارتها ورطوبتها يجود فيها القطن أكثر من الجهات الأخرى.

وشمالي الدلتا لرطوبتها وملوحتها تفضل فيها زراعة النباتات المائية كالارز والدنيبة يتلى.

أحمد الألفي