مجلة البيان للبرقوقي/العدد 30/باب الأدب والتاريخ

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 30/باب الأدب والتاريخ

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 1 - 1917



مذكرات شبلي شميل

اليوم الثاني

أما جمال الدين فكان من نوابغ عصره، عالماً واسع الإطلاع في علوم الأقدمين وفلسفتهم، ذا ذكاء مفرط وأدب رائع، مع شجاعة في القول لا تصدر إلا من نفوس مستقلة كريمة وكان ذا حديث طلى شهي لا يمل منه سامعه مع فصاحة عربية في التزام القواعد واختيار الألفاظ ولكنها ممزوجة ببعض لكنة أعجمية تنم عن أصله الغريب، وإنما وقعها على الأذن كان محبوباً ونظره كان جذاباً، وله عينان إلى إلى السواد غائرتان قليلاً تتقدان ذكاء. وهو لم يكن يعرف لغة من لغات الإفرنج الحافلة بالأفكار الجديدة والعلوم الحديثة ولكنه كان ذا مقدرة عجيبة في التحصيل حتى أنه ليستفيد منك الشيء الجديد ويصبه في قالب المعلوم المختمر ويوهمك أنه معروف له منذ زمان طويل. وجمال الدين لم يكتب فيما أعلم شيئاً وإنما كان يلقي على آخرين مقالات إضافية نشرت في جريدة مصر تحت أسمائهم. ولولا الشيخ محمد عبده يده الكاتبة لما كان لصوته صدى، ولبقيت تعاليمه في صدور أكثر الذين تلقوها منه وماتت معهم، إذ كانت كل تعاليمه حديثاً يلقيه حسب مقتضى الحال. فهو فيلسوف من الفلاسفة المشائين الروائيين ورواقه كان رواق القهوة التي بجانب البوستة القديمة المتقدم ذكرها. ولعل تلاميذه لا ينسون في مستقبل الأيام أن يحيوا ذكره بينهم في ذلك المكان. وقبل جريدة مصر كانت شهرة جمال الدين مقتصرة على الأخصاء وأعماله محصورة في دائرة مريديه، وأما جريدة مصر فكانت سبباً كبيراً لإذاعة صيته ونشره في الآفاق.

ولما عرفت أديب بجمال الدين كانت معرفتي بهذا الأخير حديثة العهد. فقد كنت أسمع به وأنا في الإسكندرية فلما أتيت إلى مصر وددت أن أتعرف به. وكان يتردد كثيراً على بيت حنا عيد قنصل دولة البلجيك. فلما أبديت رغبتي هذه لعيد المذكور ضرب لي موعداً للإجتماع به عنده في إحدى السهرات. ولما تعارفنا أخذنا ننتقل من حديث إلى حديث إلى أن ابتدرته بالسؤال الآتي (ولم يكن سبق لي كتابة أو تصريح في هذا الموضوع بعد) قلت - ما قول سيدي الشيخ (لفظة الأستاذ لم تكن قد جرت بعد على الألسنة كما هي اليوم) ف المعبود الأول الذي اتخذه الإنسان من بين أشياء هذا الوجود؟

وكأني لحظت أنه أخذ بهذا السؤال على غرة كأنه لم يخطر له ببال من قبل. فتقلقل قليلاً كأنه يريد أن يتمكن في مجلسه ولم يطل به ذلك حتى دخل في مقدمة مستفيضة أغنته عن التزام الصمت طويلاً للتفكير وأعانته على تصوير الحكم بما له من سرعة الخاطر وحدة الذهن. ولا أذكر شيئاً من هذه المقدمة وإنما أذكر أنه انتهى بها إلى القول إن المعبود الأول للإنسان الأول كان يقتضي أن يكون في ثنايا الغيوم المتلبدة أو هي نفسها.

أما أنا فلم أكن من رأيه وكأني نظرت إلى الإنسان نظراً أعرق في الحيوانية. فاعتبرت الإنسان الأول لاصقاً بأرضه يتخبط فيما أمامه متخوفاً من كل شيءٍ إذ كان يجهل كل شيءٍ فاتخذ معبوده الأول من أشيائها ولم يرتفع ببصره إلى ما فوق إلا بعد ذلك بكثير. واعتبرت حينئذٍ العبادة الفتشية أول عبادات الإنسان وجعلتها في الغابات الكثيفة ذات الشأن في الميثولوجية القديمة وفي الاشجار الكبيرة المفردة القائمة في العراء يستظل بها. للمذكرات بقية

أمالي أدب

2

وهنا يحس أن نأتي على بلاغات العرب في الليل وظلمته والكواكب والنجوم وما يتصل بهذا المعنى، فمن أعجب ما وصفت به ظلمة الليل قول عبد العزيز بن خلوف أحد شعراء إفريقية:

واسود لا تبدو به النار حالك ... وبيداء لا يجتازها الريح مطلق

فإن قوله - لا بدو به النار - أي لا يظهر ضوءها في سواده مبالغة فائقة مع اختصار اللفظ وجزالة المعنى ولا ينقص من قيمته أنه مأخوذ من قول محمد بن إبراهيم القيروان - بني القيروان عقبة بن عامر الصحابي رضي الله عنه ـ

تأملوا ما دهاني تبصروا قصصاً ... ظلامها ليس يمسي فيه بالسراج

فكلاهما أجاد وأحسن ابن خلوف كل الإحسان في تعميم قصور الضوء بذكر النار التي هي سبب كل ضوء ولم يخصه بالسراج حتى يقطع الوهم في ضعف نور السراج وحده عن الإضاءة في هذه الظلمة.

وإليك قطعة سنية من شعر إبن طباطبا في الليل والنجوم قال:

وتنوفة مد الضمير قطعتها ... والليل فوق أكامها يتربع

ليل يمد دجاه دون صباحه ... آمال ذي الحرص الذي لا يقنع

باتت كواكبه تحوط بقاءه ... في كل أفق منه نجم يلمع

زهر تثير على الصباح طلائعاً ... حول السماء فهن حسرى ضلع

متيقظات في المسير كأنها ... باتت تناجي بالذي يتوقع

متنفساً فيه جناناً واهناً ... في كل لحظة ساعة يتشجع

حتى انزوى الليل البهيم لضوئه ... وقد استجاب ظلامه يتقشع

وبدت كواكبه حيارى فيه لا ... تدري بوشل ريالها ما تصنع

منها دلات النور في آفاقها ... مستعبرات في الدجى تسترجع

وكواكب الجوزاء تبسط باعها ... لتعانق الظلماء وهي تودع

وكأنها في الجو نعش أخي ولا ... يبكي ويوقف تارةً ويشيع

وكأنما الشعرى العبور ورراءها ... ثكلى لها دمع عزيزٌ يهمع

وبنات نعشٍ قد برزن حواسراً ... قدامهن إخواتهن الأربع

عبرى هتكن قناعهن على الدجى ... جزعاً وآلت بعد لا تتقنع

وكأن أفقاً من تلألأ نجمه ... عند افتقاد الليل عين تدمع

والفجر في صفو الهواء مورد ... مثل المدامة في الزجاج تشعشع

يا ليل مالك لا تجيب كواكباً ... زفراتها وجداً عليك تقطع

لو أن لي بضياء صحبك طاقةً ... يا ليل كنت أوده لا يسطع

يتبع محمد عزت

قصيدة اغتصاب الضفيرة

لزعيم شعراء الإنكليز

في القرن الثامن عشر

اسكندر بوب

أكبر شعراء الإنكليز في القرن الثامن عشر اسكندر بوب ولد في 21 مايو 1688 ومات 30 مايو 1740 ودرة تاريخ شعره هي قصيدة اغتصاب ضفيرة التي نشرها عام 1712 وهو في الرابعة والعشرين من عمره. ولها أصل حقيقي وهو أن أحد السراة اللورد بطرس أساء أشد الإساءة إلى سيدة من الأشراف الآنسة فرمور بأن تربص للغانية المذكورة في إحدى ليالي اللهو فقص ضفيرة من شعرها غيلةً واغتصاباً.

فشبت العداوة بين الأسرتين وحينئذٍ مشى بالصلح بينهما وسيط متلطف وهو صديق للساعر اسمه كاريل فتقدم إليه بأن يعمل قصيدة يحول بها الحادث عن طوره الجدي إلى طور هزلي حتى يمحو بذلك اسم ذلك الحادث وينتزع شوكته.

فقام بوب بالأمر خير قيام وأظهر ملحة الملح - قصيدة اغتصاب الضفيرة التي فضلاً عن إتيانها بالغرض المقصود أعني الإصلاح بين الأسرتين كانت غرة شعر بوب وأبدع منظوماته وها هي:

الفصل الأول

كم حادث جلل جره الوجد والهيام، وصغير من الأمر أحدث الخطب الجسام، وكم السبب التافه حازب الشر. ومعظم النار من مستصغر الشرر. أيها الملأ عوا نشيدي. وامعوا سجعي وتغريدي. هاكم شعري أرفعه إلى كاريل. ولي الحسناء بيلندا عله يفوز بقبول. لا أكذب الله - موضوعي تافه. ولكن ما أجل حظه من هتاف الجماهير. إذا فزت من العذراء بالوحي ونلت الثناء من الرجل الطرير.

شيطانة الشعر! خبريني ماذا يعزي السيد المهذب بإيذاء الحسناء. وماذا يحمل الحسناء على مقابلة السيد المهذب بالجفاء وكيف يجرأ ظرفا. الرجال على هذا الإثم الأكبر. بل كيف تحمل أفئدة الحسان مراجل الغيظ ذات السعير.

لما حدر الصباح نقابه أرسلت الشمس شعاعاً رعشاً خلل بيض السجوف. ففتحت تينك العينين اللتين لا بد أن ترمي سراج الزرقاء بالكسوف. في هذه الساعة ينفض الكلب الأليف غبار الرقاد. وينفض من مضجعه حليف الغرام بعد طول السهاد. على مثل جمر الغضا أو شوك القتاد، ودقت الجرس ثلاثاً فلما لم تجبها الخادمة دقت بالحذاء على أرض المكان، ثم جست لولب الساعة فنطق بالوقت لسانها الرنان، كل ذلك والعذراء لم تزل ملصقة بالوسادة وردة خدها المصقول، وقد أغرى ملكها الحافظ بعينها سنة ذات حلم معسول، فرأت فيما يرى النائم أن فتى أزهى من الطاووس، وأبهى من العروس، قد أدني من أذنها لسانه الخلاب فقال يا أجمل الحسان وأملح الغوان، وموضع عناية الآلاف المؤلفة من الملائكة البراقة سكان الهواء إذا كنت قد آمنت مرة في طفولتك بما كان يرويه لك الحاضنات والقساوسة من رؤيا الجان والعفاريت السائحات في ظلال القمرآء - إذا كنت آمنت مرة بآياتهم الفضية ومناطقهم الخضراء، وبزيارات الملائكة الأطهار مراقد الأبكار، وعلى رؤوسهن (أعني الملائكة) تيجان الذهب وباقات الأزهار، إذا كنت آمنت مرة بذلك فاسمعي مني وصدقي! فاعرفي رفعتك وعلو قدرك ولا تقصري نظراتك على الشؤون الأرضية ولكن ارمي ببصرك العالم العلوي فلربما انكشف ثمت لأعين الأطفال والعذارى من محجبات الأسرار ما ليس ينكشف لغيرهم من الباذخين بالعلم والعرفان. فاسمعي الآن وحي حافظك الكريم وأنزليه من صدرك منزل اليقين، مهما كذب أولو الشك من حضنة العلم البارعين، فاعرفي حرسك الله أنك محفوفة بما لا يحصى ولا يعد من طاهرة الأرواح - كتائب الجو السراع الخفاف، وجيوشه المتكاثفة اللطاف، هذه وإن خفيت عن الأبصار فإنها أبداً طيارةٌ في الفضاء تغشى دار التمثيل فترنق فوق اللوج وتحوم حول المسرح. وأقسم لو رأيت حاشيتك وبطانتك من أولئك الأرواح لحقرت وصيفتيك التين تخدمانك، واعلمي أنا معشر الأرواح أو الملائكة قد كنا حيناً ما بشراً مثلك وكنا نتقمص بديع صورة المرأة ثم تحولنا بقدرة لطيف خبير عن المطية الترابية إلى مطية هوائية الجوهر. فلا تحسبي أنه بموت المرأة يموت زهوها وتيهها، فهي وإن هجرت لعب الورق بعد الوفاء، لكنها لا تزال تشرف على اللاعبين ولا يزال يبقى لها شديد ولوعها بالمركبات المذهبة ولعبة الباشكاه ذلك أن النساء بموتهن تستحيل أرواحهن إلى عناصرها الأول. فروح المشاغبة الصخابة النارية المزاج تصعد فتندمج في زمرة الزبانية. والروح الهادئة المطمئنة تنساب فتنغمس في القناة الجارية. حيث ترشف مع أترابها بنات الماء شاي الجن من أقداح خافية. وروح الماكرة تهبط في صورة عفريتةٍ فتسعى في جوانب الأرض بالشر وتمشي بالنميم كدأبها أيام حياتها. وروح المتظرفة المغناج تسمو على هيئة ملك فلا تزال تمرح وتعبث في مراتع الهواء.

واعلمي كذلك أن كل غادة طاهرة حصان لا يصيدها شرك الغواية ولا تحتلبها مصايد الخداع. ولا يستخفها ثناء مفلق، ولا يزدهيها مديح مزوق، فلا فضل لها في ذلك وإنما الفضل لملكها الحفيظ الساكن بين جبينها، والملائكة تعلمين لتجردها من النواميس البشرية تلبس من أشكال البشر وأجناسهم ما تشاء، فالملك الحارس هو الذي يحفظ عفاف الغادة المشوقة المتيمة بين جدران المراقص والملاعب ويقيها شر خلسات اللحظ نهاراً وهمسات اللفظ ليلاً. في ساعة الخلوة حينما تشب الفرصة نار الشهوة، وينطق لسان الموسيقي فيذيب المهج ويرقق القلوب في مثل هذه الساعة إنما يحفظ الحسناء حارسها الأمين، وإن سماه أهل هذا الوجود الشرف الحصين.

ومن الغانيات المتاح لهن الشقاء من تغرهن حارساتهن فتوهمن أنهن أجمل الأنس، وأملح من طلعت عليه الشمس، غيرة عليهن من الرجال واستئثاراً بهن، وكذلك ترى هؤلاء الحارسات يصغون قيم الرجال في أعين غاداتهن حتى يرفضن كل خاطب ثم يرخين لنفوسهن أعنة المطامع ويلقين بأزمة عقولهن في كف الخيال المخادع، والوهم المخاتل فيمنين النفس يتزوج الأمراء والسراة من الرؤوس والأعيان والأئمة والقادة، وتصوغ لهن أيدي المنى الكاذبة أزواج المستقبل رافلين في خلع الإمارة خفاقة فوقهم أعلام المج والسؤدد.

بيض الوجوه كريمة أحسابهم.

شم الأنوف من الطراز الأول تخشع الأبصار وتنكس الهام في حضرتهم، وتخرس الألسن وتلجم الأفواه في مجالسهم، ويخاطب أحدهم بلبيك وأبيت اللعن وسموك وفخامتك، هذه الأباطيل وأمثالها هي ما يلوث نقاوة قلب الغادة ويعلم لحظها الساحر كيف يعبث بالقلوب ويلعب بالنهي، ويعلم خدها الأسيل كيف يتصنع الخجل فيكتسي إحمراراً باطلاً، ويعلم قلبها المداهن كيف يتكلف الوجل فيتعمل خفقاناً كاذباً.

والحارسات هن اللواتي يعصمن الغادة من الزلل في مزالق الأهواء ومداحض الشهوات فيدفعن عنها كيد هذا المخاتل بكيد ذلك ويرددن عنها قحة هذا المغازل بقحة ذاك. وأي فتاة ناعمة كانت تسلم من حبائل محاباة زيد لولا مجاملة عمرو، وأي غادة رود كانت تنجو من إيناس خالد لولا تودد بكر، وإذ نطق عبيد فأي حسناء تستطيع مقاومة خلابته لو لم تلهها غمرة من جانب زياد، وهكذا لا تبرح العفريتة الحارسة تنقل قلب الفتاة بين مختلف الأضاليل - تنقل بين شتى الأباطيل هذه القلب الذي لشدة امتلائه بالسفاسف كأنه حانوت الألاعيب. ذها السلوك يسميه الناس خفة ونزقاً. ضلة لهم ولجهلهم! إنه في الحقيقة قضاء من الجنة وتدبير.

قال العفريت. فأحد هؤلاء الجنة الحراس هو أنا - حافظك ورقيبك - واسمي آريل. فاعلمي أيتها الحسناء أني بينما كنت أطوف في صفاء السماء الصاحية قرب السحر نظرت في مرآة نجمك المشرق فرأيت في صحيفتها آية خطب مهدد وبلاء منذر يكون نزوله بك قبل مغرب شمس اليوم. ولكن ستر الغيب لم ينكشف عن كنه هذا الشر فلا أعرف ما هو ولا كيف يكون ولا أين. فتحرزي أيتها الغانية وحاذري. وتحذيري هذا يا غادتي هو كل ما أقدر عليه. فحاذري أيتها الحسناء وليكن معظم حذرك من الإنسان!

هنا ختم الحارس الأمين كلامه. ووثب الكلب فأيقظ الغادة سيدته فهبت من المنام وكان أول ما فتحت عليه عينيها هو صندوق مضمن رسائل الحب الواردة من ضروب عشاقها ففتحته وفضتها وما كاد طرفها يستوعب ما قد حوته هذه الرقع من الوجاع والأسقام والقرح والجراح والسحر والفتنة إلا وكانت قد نسيت رؤيا الملك الحافظ فلم يبق لها أدنى أثر في دماغها.

ثم تمشت الفتاة إلى المزدن (التواليت) حيث آنية الفضة مصفوفة. وأوعية البلور مرصوفة. وهنالك جلست الغادة وأقبلت تمتحن فضيلة كل دهان. وقوة كل طلاء. وتطالع في المرآة خيالها الفتان تقبل عليه وتصوب طرفها إليه. فكانت الناشطة جاثية بين أيدي ولاتها كأنها قسيسة هيكل الجمال بمحراب الحسن راكعة. ثم فتحت كنوزاً عدة وبدت للعيان تحف الأرض ونفائس الوجود مهداة لربة الجمال فأخذت الماشطة من كل صنف قبضة وزينت الفتاة بفنون شتى من الزخرف. فعلبة يتوهج بها لؤلؤ الهند اللامع. وجونة يفوح منها عطر دارين الساطع. وهنا تبصر السلحفاة والفيل قد مسخا أمشاطاً بين بيضاء ورقشاء، وصافية ورقطاء. وتبصر الدبابيس صفوفاً مشرقة والمداري سموطاً متألقة، هنا يلبس الجمال الرائع درعه ولامته ويتقلد الحسن سلاحه وشكته. وكلما ازدادت من الزينة ازداد جمالها شوكة وبأساً. وهي أثناء ذلك تثير كوامن المحاسن وتظهر مكنونات الفتن وتنقح من ابتساماتها. وترهف من نظراتها. والجنة الحراس في هذه الأثناء تحف الفتاة - قرة عيونها - فطائفة ترجل وترطل. وطائفة تحسن وتجمد. صنع الجنة المهرة - هم يأدون هذه الوظائف. والناس جهال الحقائق يعزونها للوصائف. انتظروا بقية هذه القصة الغريبة في العدد القادم.