مجلة البيان للبرقوقي/العدد 21/تهذيب نساء برلين

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 21/تهذيب نساء برلين

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 10 - 1914



أراد غليوم منذ سنين أن يهذف نساء برلين فأصدر أوامره أن لا تعطي المقاعد في دار التمثيل إلا للسيدات العاريات الصدر المرتديات الأقمصة المعروفة بالدكولتيه وكانت نساء برلين لم يعتدنها من قبل، فلما حانت ساعة التمثيل، وقع منظر عجيب يعجز عنه الوصف.

كانت تأتي السيدة إلى المشرف على تذاكر الدخول فتقول (ولكنني كما ترى عجوز، ولست أستطيع أن أظهر غضون عنقي ومكاسر صدري).

وهذا يقول لها (هذا لا يهم يا سيدتي، إن الأوامر يجب أن تنفذ، هذا هو المقص) يقول ذلك ثم يخرج من جيبه مقصاً كبير الحجم فتصيح السيدة (هذا فظيع! أيقص (فستاني) أأظهر رقبتي، هذا يستحيل!).

ثم تعلو الصيحة فالصيحة وتحاول السيدة أن تمانع ويحاول هو أن يقهرها، بينا الستار يريد أن يرتفع وبينا التمثيل يكاد يبتدئ، فلذلك تجد السيدة أنها مضطرة إلى الإذعان فيعمد الرجل إلى المقص فيقص صدر الثوب وهي بين ذلك مغطية وجهها بيدها والدموع تهمل من عينيها حتى إذا انتهى من تقوير الثوب قال لها (ما هذا يا سيدتي، ألا تنرين أنه قد صار الآن ثوباً باريسياً مفتخراً، انظري إلى نفسك يا سيدتي).

فتعدل السيدة إلى المرآة. . . لله ما هذا المنظر الجديد، إن ذلك الجيد الذي ما انكشف يوماً على أجنبي قد بدأ الآن ناصعاً من وراء هذه القوارة، إذ ذاك تحس باحمرار الخجل لأنها لم تبد في هذه البزة منذ يوم عرسها، وإنها لواقفة كذلك أمام المرآة تحملق في صورتها، إذ يعمد إليها خادم آخر من خدمة دار التمثيل فيصلح من أثر القصاصة وينظم حفافي القوارة، فإذا انتهى فتح لها الباب فتدخل البهو إلى مقعدها يعلو وجهها احمرار الخجل.

وكذلك اتبعت هذه العملية مع كل النساء النصف منهن والعجوز والشابة والحدثة فأما الشابات ومن في حدودهن فلم يعددن الأمر خطيراً أو صعباً إلى هذا الحد بل جعلت كل منهن تقول لأختها (انظري إلى عنقي، إنه ليس بعد كل هذا دميماً) وأخرى تقول (ماذا يقول فلان إذا رآني هكذا بارزة الصدر!).

ولم تلبث رحبة الدار أن امتلأت بالأعناق العارية والنهود البارزة والظهور المنكشفة وأصبحت كدكاكين الخياطين و (ورشهم) قد احتجب بلاطها بقصاصات القماش من كل الأصناف والألوان!!.