مجلة البيان للبرقوقي/العدد 14/الحرية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 14/الحرية

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 12 - 1913



هذا هو الفصل الثاني من الباب الثاني وعنوانه العدل الاجتماعي من كتاب (العدل والحرية) للستاذ جوبلوت الذي أتحف به البيان الدكتور عبده البرقوقي - وعنوان هذا الفصل (الحرية) وهو مبحث جليل مفيد ضمّنه الأستاذ أحدث الآراء العلمية في الحرية:

العدل وحده غر كاف لبلوغ الخير والرفاهية. إن هو إلا كالإناء الفارغ لك أن تملأه بالطيب وبالخبيث. أو تكيل به الشر والخير. أجل لا إحسان من غير عدل ولكن قد يعدل في الشر فما العدل إلا تقسيم الأنصبة بدون جور ولا إجحاف.

البلاء إذا عم صار عدلاً ولكنه لا يزال خبيثاً، والجدب شقاء ولو تساوى جميع الناس في مقاساة آلامه واحتمال مضضه، وإذا ألقي في النهر نصف غذاء مائة رجل وقسم النصف الباقي عليهم وروعيت شهوة كل منهم إلى الطعام عد هذا العمل عنتاً وجنوناً ولكنه لا يعد من الجور والظلم. أجل، لهم أن يضجعوا من الألم ويستغيثوا من الجوع ولكن ليس لهم أن يشكوا الظلم حيث لم يميز بعضهم عن بعض بل كلهم في الآلام سواءن لم ينل كل منهم إلا نصف غذائه. وإذا روعي في الضرائب الفادحة درجة كل إنسان من الفقر والغنى تصبح عادلة ولكنها تظل آخذة بالرقاب محرجة للصدور. ونحن مهما أسهبنا في ذكر منافع العمل وبالغنا في تعداد فوائده من أنه يشرف الإنسان ويعلي من شأنه ويؤتيه بالخير الجزيل إلا أن العمل المكره عليه ولو كان ضرورياً عناء وبلاء حتى ولو كنا عائشين في المجتمع الذي يحلم به الإشتراكيون حيث كل إنسان يعمل حسب قدرته فلا يوجد فيها فريق ينصب ويشقى وفريق يرفه وينعم. ولقد انحسم الظلم في التجنيد لخدمة الجيش إذ جعلوها الآن إجبارية لا يفلت منها إنسان على أنها ما برحت إحدى المصائب البالغة التي رزئت بها الأمم والأفراد ولو أمن الناس هول الحروب وعاشوا متآخين متحابين لربحت الإنسانية تلك القوى العظيمة التي تستنفذها خدمة الجيوش الدائمة.

وخلاصة ما تقدم أنه لو كانت الآداب مقصورة على العدل لما ساغ لنا أن نرفع أصواتنا بالشكوى من التكاليف التي تنوء بها كالخدمة العسكرية والضرائب المالية إذا روعي العدل في توزيعها. ومما لا شك فيه أنا لا نكتفي بالسعي لتقسيم ما بين أيدينا من السعادة والرخاء وتوزيع الفروض والأعمال حسب ما يقتضيه العدل بل نسعى جهدنا للإكثار من دواعي تلك السعادة وتخفيف الويلات والآلام.

لقد أضاف هربرت سبنسر على العدل وكنا في الحقيقة غريباً عنهز إذا ضرب زيد عمراً فاقتص منه عمرو بضربه أو لو أتلف زيد مزرعة عمرو فجازاه عمرو بإتلاف مزرعته لما كان في هذا شيء من العدلز ن الإنتقام من المشيء ومجازاة الجرم بالإجرام أفكار الجمعية الإنسانية الساذجة التي كانت ترى من الظلم عدل. أخذت الإنسانية بأسباب الرقي وسارت في طريق التقدم ونشأ في العقول رأي ما زال ينمو ويشرق حتى ظهر أخيراً على لسان فيلسوفنا الكبير هربرت سبنسر إذ يقول كل إنسان حر في أن يعمل تبع إرادته بشرط أن لا يعتدي على حرية غيره ومعنى ذلك أن العدل لا يكون إلا مع الحرية الملتزمة حد الإعتدال وأن التضييق على الحرية غير جائز إلا إذا دعت إليه ضرورة التوازن والمساواة بين الناس. يشدد هربرت سبنسر النكير على تلك البدعة الحديثة في تعريف العدل بالمساواة ويرى أن للعدل ركنين أيجابياً وسلبياً فالأول كل ما كان ضرورياً لحياة الإنسان على وجه الإجمال والثاني يقلل من تلك الحاج ويجدد من قيمتها بسبب أن الإنسان غير عائش بمعزل عن الناس.

ومن رأينا أن هذا المذهب صالح مكين غير قابل للنقد إلا في شكله فأنا لا نرى أن نجعل الحرية داخلة في كيان العدل بل نؤثر أن نعدها الغاية القصوى التي ينتهي إليها العدل فنحن وهربرت سبنسر مجتمعون على أن العدل وحده غير كاف لتحديد الواجب وتشخيصه.

آداب المرء نوعان بصفته فرداً منعزلاً عن العالم وآدابه بصفته عضواً متمماً للمجتمع. فالعدل هو ما يجب عليه التمسك به على الاعتبار الثاني وينبغي لنا أن نبحث عما يلزمه على الاعتبار الأول.

يرى هربرت سبنسر أن غرض الإنسان في الحياة الحرية. أي أن يكون مطلق السراح رخي العنان لا يعوق أعضاءه عن الحركة عائق ولا يمنع فكره عن الرقي مانع وهذا رأي صائب نوافقه عليه ونرى فيه رأياً جامعاً لما يجب على الإنسان باعتباره فرداً وقد خالفنا بعض الكتاب في ذلك حيث قال أن السعادة هي غرض الإنسان في الحياة ومحط رحاله والغاية التي تنتهي إليها آماله.

وهذا رأي مردود فاسد واهي الأساس دعامته تلك النظرية القائلة بأن غرض جميع الأجسام الحية الحساسة اقتناص اللذائذ والابتعاد عن الآلام وهذا خطأ بين فما للذة والآلم إلا وسيلتان يستعين بهما المرء كما يستعين بهما الحيوان لبلوغ أغراضه الحقيقية وسبب هذا الخطأ ألتباس الإحساس الجثماني بالشعور النفساني على كثيرين من الناس وعدم إدراك أي فارق بينهما.

إنا لا نرى أصح ولا أدق من الرأي القائل بأن حكمة الألم واللذة تسهيل العمل على أعضاء الجسم للقيام بواجبها أحسن قيام.

ينشأ الألم من فساد إحدى الأجهزة الحساسة أو عن هيجان شديد لا يصبر له والخوف من الألم هو الذي يحمل الحيوان والإنسان على الابتعاد عن العوامل المتلفة وفي أكثر الأحايين لا يكاد الألم يحدث حتى يزول بحدوث حركة مخصوصة فمثلاً ذا أحس الإنسان باحتراق يديه أسرع إلى قبضها وإذا شم رائحة مكروهة حبس أنفاسه. ويغمض عينيه أمام باهر الضوء.

يستعين الحيوان بحاستي الذوق والشم على اختيار غذائه والتفريق بين النافع له والضار فتراه يشتهي النافع ويلتذ بطعمه ورائحته أما الضار فيعافه ولا يقبل رائحته ولا يطيق ذوقه وكذا يفعل الإنسان غير أنه كثيراً ما يرى الإنسان يتجرع السم على حين يصدف عن العقاقير النافعة الصحية ويتألم من تناولها وسبب ذلك أن السموم والعقاقير مواد صناعية ليست بطبيعية ولم يمض عليها زمن كاف لتطور حواس الإنسان حتى تصبح قادرة على نقدها ومعرفة النافع منها والضار ولو أحاطت الكحول بنا كماء الينابيع والأنهار أو كثمر الأشجار وغلات الأرض لفني النوع الإنساني من شربها وانقطع دابره من الأرض فإنها سم قاتل. أو لكانت طبيعة أجسامنا مخالفة لما هي عليه الآن وقادرة على هضمها والإنتفاع بها أو لطبعنا على كراهتها والنفور منها وكم في العصر الحاضر من أمم وأفراد على أبواب الفناء لتفشي شرب الخمرة فيهم إلا أن الطبيعة لا تبقي على غير الصالح القوي والإنسان ذو عقل وإرادة قد يمنعه عقله من تجرع سموم الكحول كما قد يمنعه منها عيافه عنها وكراهته لها ولا يبقى في الوجود إلا رجلان أحدهما مجبول بطبيعته على شرب المسكرات. إن المدمن مهدد في شخصه ونسله؟ تنتابه الأمراض والأسقام، ويقضي عليه بالموت العاجل وأبناؤه يولدون ضعافاً مرضى معرضين لقبول الأمراض فإذا لم يكن العقل ناهياً للإنسان عن الشراب قضي عليه بالموت والفناء أو يعافها كما يعاف ماء البرك والمستنقعات.

يتخذ بعض الناس لذتي الحب والطعام غرضين يتطلبونهما لذاتهما ويقصرون سعيهم على الإبعاد في طلبهما ولا هم لهم إلا الإلتذاذ والتنعم بيد أنه قد أثبت الطب أنهما وسيلتان يستعين بهما بعض الأعضاء على إنجاز وظائفها فالغرض الذي من أجله وجدت لذة الحب هو المحافظة على بناء النوع الإنساني والغرض من لذة الطعام هو حفظ حياة الفرد ومن قصر أغراضه على هاتين اللذتين وتطلبهما لذاتهما غير معني بتحقيق الغرض منها عرض نفسه وأمته إلى الموت والفناء ولذا ترى بعض الأمم سائرة الآن في طريق الفناء والإنقراض.

هنا انتهينا من الكلام على الحاسة الجثمانية ونحن بادئون الآن بالبحث في الشعور النفساني من ألم ولذة وقبل أن نخوض في هذا الموضوع لا يفوتنا أن نلاحظ أن الألم النفساني نوعان تعب وملل فالأول حينما يجهد الإنسان قواه لإدراك غرض له ولم ينله والثاني حينما لا تجد مداركنا شيئاً يشغلها ويحملها على القيام بواجبها.

الإنسان مسوق بطبعه إلى الحركة والعمل وإعمال الفكر وهذا ينبيء بأن للحركة قصداً تنشده وللفكر غرضاً يسعى إليه. يفيض القلب حبنا بالعواطف الشريفة ولا يجد من يبذلها له ألا ترى الناس يعمدون إلى أمور تكون ملهاة لقلوبهم وعقولهم إلى أخرى تكون مسرحاً لحواسهم وأعضائهم فالطفل يتخذ من الألعاب ما يدعو إلى الركض والوثب والصياح والفتيان والكهول يلهون بإجهاد عقولهم في اللعب بالورق والشطرنج والفتيات والزوجات اللاتي لا ولد لهن يقتنين الكلاب والقطط لسد فراغ قلوبهن.

يغتبط الإنسان بالعمل وتزداد غبطته إذا وفق إلى الفوز والنجاح. فما أعظم السرور لذي يجده المرء وهو يحاول حل إحدى المعضلات وشعوره بأنه سائر في الطريق القويم يتخطى العقبات ويزيل الشبهات ويستضيء بنور الحقيقة التي أخذت في الإشراق إزاء عينيه ومن أسعد حالاً وأنعم بالأمن من عاشق التقى بمعشوقه يبث إليه وجده وشوقه فيجيبه هذا بالتودد له والعطف عليه ومن جاهد في الحياة وغالب العقبات والصعوبات ونال منها مأربه أحس بالغبطة والسرور فما السرور مقترن بالعمل وإن كان غير داخل في كيانه وأن الإنسان ليجد لذة في العمل حتى ولو كان العمل في طلاب اللذة ولكن شتان ما بين اللذتين فلذة اللعب غير لذة الفوز.

لا تعرف النفس إلى السرور سبيلاً إذا كانت طامحة إلى غرض وكان غرضها شيئاً آخر غير السرور قال استورت ميل السعيد من رام غير السعادة بأن سعي مثلاً إلى إسعاد من سواه أو وقف حياته على تحسين حال الإنسانية والتخفيف من ويلاتها وآلامها أو وضع نصب عينيه عملاً نبيلاً يفرغ فيه قواه ومجهوداته لا كوسيلة يتذرع بها إلى غرض آخر بل طلبة سامية وأمنية شريفة. لا تأتي ملذات الحياة إلا عرضاً ولا يقصد إليها قصداً وإنما تقابلنا عفواً في طريقنا حين يكون سعينا مقصوراً على غيرها ألا شد رحالك إليها. وبجميع قواك ومواهبك للحصول عليها ولا تدخرن شيئاً في وسعك إلا بذلته لاقتناصها ومتى بلغتها فستراها من أول وهلة إنها غير مشبعة ولا مقنعةن إنها تتضاءل أمامك كلما دققت فيها النظر وأمعنت في اختيارها. سل نفسك هل أنت سعيد تر السعادة قد ولت مدبرة وإذا أردت السعادة فلا تعمل لشهواتك وملذاتك بل أنشد غرضاً آخر غريباً عنهما وافرغ فيه قواك الجثمانية والعقلية وقف عليه ضميرك ووجدانك وأبذل فيه دمك وحياتك ومتى فعلت ذلك تر السعادة مقبلة عليك مرقرقة فوق رأسك من غير سابق انتظار ولكن أحذر من أن تتخيلها في ذهنك أو تسعى لإدراك كنهها وحقيقة أمرها أو تسائل نفسك عن نصيبك منها فإنها لا تلبث أن تفلت من يديك وتفر من وجهك.

وخلاصة القول أن متاع النفس في الحياة حريتها في إظهار قواها والانتفاع بمواهبها وأن اللذة ما هي إلا وسيلة لذلك حتى ولو عكسنا الأمر واتخذنا اللذة مما لنا أفلا تكون السعادة في أن نكون في حل من أمرنا وسعة من إرادتنا لا عارض يمنعنا عن الذهاب مع شهواتنا! وهل هناك أهنأ من حياة ينال الإنسان فيها أو في حظ من سعة المدرك وسمو الفكر، وأوسع مكان وأخصب بقعة لإنماء مواهبه؟

وقد قوبل هذا الرأي بكثير من الاعتراضات. يقول المعترضون إنا نسلم بأن الحرية تكسب المرء أباء وأنفة وتعلي من منزلته في عينه وترفع من أخلاقه وتهديه إلى واجبه وتسوقه إلى التضامن الاجتماعي. أما كونها تسعده فلا نقول به ولا نذهب إليه وحسبك من آلامها أنها تضطرك إلى العمل وتلتقي عليك مؤنة البحث عن أفضل الأعمال وتثقل كاهلك بتحملك نتيجة عملك وإلقاء المسؤولية فيه عليك.

وقد أبان ويستوفسكي هذا الرأي بإسهاب وتبيين في رواية له ومضمون هذه الرواية أن المسيح ظهر في أسبانيا أيام محكمة التفتيش وأخذ في دعوة العامة والغوغاء فتبعه عدد عظيم منهم كما كان شأنه في جليلة وظهرت على يديه معجزات كثيرة فأحيا ابنة وردها إلى أمها ولما بلغ خبره محكمة التفتيش أمرت بالقبض عليه وحكمت بإحراقه. وقبل الذهاب به إلى موقد النيران زاره رئيس المحكمة وقال له وحتى لو كنت حقيقة المسيح بنفسه فلا بد من إعدام حياتك وإزالة وجهك من على الأرض إلا لا يمكنك أن تزيد شيئاً على ما قلته لو فعلته أيام كنت في جليلة إذ لا حق لك في ذلك فقد نزلت عن كل شيء للكنيسة وخولت لها الحل والعقد والتحليل والتحريم أن ما تبشر به الآن وتنشره بين الناس يفسد عليك عملك الأول الذي خلفته لنا وهي الأساس والبناء فرفعنا أركانه وقومنا أوده نعم إن الفضل في ذلك لتلك السلطة الواسعة التي منحتها إيانا ألست أنت الذي وهبت الناس الحرية وهم لا يستحقونها ما أشد ألم المرء وعذابه من تركه حراً وسلبه ما كان يخضع له ويذعن إليه أنك لا تعرف الإنسان ولا تدري حقيقة أمره وتظن فيه فوق ما يستحقه إن الإنسان ضعيف خوار أأنت الذي تحبه أكثر من نفسك: إلا أنه لا يوجد في قلبك ذرة من الرأفة به والرثاء لحاله. الشك والقلق والشقاء تلك هي الحظوظ التي نالها من جراء آلامك وعذابك فعلى من يرجع باللائمة إذا لم تطق النفوس صبراً على منحك وعجزت عن النهوض بها والقيام بأعبائها! إن من حسن حظ الإنسانية أننا وبيدنا ذلك السلاح القوي وتلك السلطة الواسعة التي خلفتها لنا فأصلحنا خطأك وقومنا بناءك على أساس متين من الرهبة والجبروت وخلب العقول بالمعجزات فأسرع الناس إلينا أفواجاً لائذين بنا مستصرخين مما انتابهم من الجور والأذى فأمرنا بإلقاء الحرية عن كواهلهم فطرحوها تحت أقدامنا ورجعوا خفافاً فرحين مستبشرين وعادوا إلى سيرتهم الأولى من الخضوع والخشوع والإنقياد الأعمى كأنهم قطيع من الغنم وبهذا خلصوا من هبتك الملعونة التي أورثتهم الغم والهم: فسكت المسيح ولم يحر جواباً.

أجل إن من يقطع مرحلة كبيرة من عمره في الأسر والاستعباد ثم يرى نفسه بعد ذلك مرخي العنان مطلق السراح يجد في الحرية حملاً ثقيلاً ينوء به ولا يستطيع النهوض به من اعتاد تسليم غيره ذمام عقله لا يفكر بنفسه ولا يسير خطوة إلا بمشورة سواه وبدون سابق وعيد ونذير يتخلف عنه قواده ومرشدوه ويتركونه وحيداً تجمع به الحرية وتلقيه في الردى ويشعر بألم عظيم وعذاب شديد ولا يجد له مندوحة عن البحث عن سيد آخر ليلقي عن كاهله عبء البحث والاختبار ويحمل عنه تبعة عمله أنه لا يكفي لتحرير الإنسان كسر قيوده وأغلاله ولا يدهشك من سجين قضى حياته موثق الساقين أن يتخاذل في مشيته حين إخلاء سبيله أتأخذه فجأة وعلى غرة من الليل الدامس الذي كان فيه مدة سجنه إلى النور الساطع ثم نقول أنه لا يبصر ولا يرى إلا أن الحرية ليست أمراً سلبياً فقط وليس بكاف لتحرير الناس تخليصهم من الأسر. أن الحرية تضاعف من قوى المرء وتزيد من كفاءته وتجعله يشعر بلذة في العمل ويرى الشرف كله في تحمل أوزار عمله.

لندع الناس أحراراً يعملون على إسعاد أنفسهم بأنفسهم ولا نأخذ على عاتقنا عبء هنائهم وسرورهم ويجب علينا أن نمدهم بمعونتنا ونقرضهم قوانا ومداركنا ولا ندع لنفسنا سبيلاً إلى منافرتهم والأخذ بتلابيبهم وسوقهم إلى السعادة مكرهين بل يجب علينا أن نقف عند حد المساعدة فندعهم وشأنهم يعملون لسعادتهم وسرورهم فما كان الحامل لتلك المظالم الي حلت بالعالم على يد النبلاء ومحاكم التفتيش والأرزاء التي رجم الناس بها الملوك الطغاة المستبدون إلا إسعاد النوع الإنساني والسعي لراحته ورفاهته.